الذهب يواصل الاستقرار.. استقرار سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 فى مصر.. واستمرار تراجع أسعار الدولار    يواصل التراجع.. استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 2-8-2025 مع بداية تعاملات الأسبوع بعد الهبوط العالمي    ترامب: سأفرض عقوبات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حرب أوكرانيا    القنوات الناقلة مباشر لمباراة العين ضد إلتشي الودية    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    التحريات تكشف ملابسات العثور على جثة عم الفنانة أنغام داخل شقته بالجيزة    بيان مهم بشأن تغير حالة الطقس اليوم: استقبال أمطار وكتلة هوائية معتدلة    محمد رمضان يحيي حفلاً جديدًا في الساحل الشمالي (فيديو)    رسميًا.. سون يعلن رحيله عن توتنهام هوتسبير    رئيس الترسانة لمصراوي: لدينا مشروع صعود للدوري الممتاز خلال عامين    البرازيل تجهز ردا على فرض الرسوم الجمركية الأمريكية    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    مسئول إسرائيلي: الاتفاق الشامل في غزة غير قابل للتطبيق    فلسطين.. جيش الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة قلقيلية من مدخلها الشرقي    "تيسلا" مطالبة ب 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت    الهضبة يوجه رسالة خاصة إلى عمرو مصطفى في حفله بالعلمين ومحمد لطفي يقتحم المسرح (فيديو)    من قلبي بغني، محمد حماقي يلهب حماس جمهور جرش في الليلة قبل الأخيرة للمهرجان (فيديو)    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. هل يوم الإثنين إجازة رسمية؟    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    3 أرقام مقلقة من وديات الزمالك قبل أسبوع من انطلاق الدوري    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب أفغانستان    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    تشميع محال وإحالة الواقعة للنيابة.. محافظ سوهاج يتخذ إجراءات رادعة بعد مشاجرة "حي شرق" – صور    يونس: محمد شحاتة قادر على التطور.. وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    نجاح علاج انسداد الشريان الحرقفي بمستشفى شرق المدينة بالإسكندرية    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    بينهم طفل.. إصابة أسرة كاملة في انقلاب دراجة نارية بالوادي الجديد    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    إصابة 5 عمال في مشاجرة بسوهاج لتنافس على الزبائن    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    "ظهور نجم الأهلي".. 10 صور من احتفال زوجة عماد متعب بعيد ميلاد ابنتهما    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    2 جنيه زيادة فى أسعار «كوكاكولا مصر».. وتجار: «بيعوضوا الخسائر»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العظماء يرحلون فى أغسطس
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 09 - 2009

إنها حالة حداد، فلنجهز العيون للدموع والقلوب للوجع، والأكف للضراعة، والصدور للخفقان اضطرابا، والعقول للاعتماد على النفس، واليوم لمستقبل بلا آباء، يمر الموت مرة، فيخطف من الأحبة ما يشاء، ويتركنا باشتياقنا للقريبين وقد راحوا بعيدا، يدركوننا ولا ندركهم يرونا ولا نراهم يلوحون لنا ولا نلمح أكفهم يبتسمون لنا فلا يضاء لنا طريق ولا تبهجنا ابتسامة. لا أعرف هل أنعى بهذه السطور "أبي" الذى توفى قبل أيام؟ أم "كاتبي" الذى توفى أمس الأول؟ أم أنعى حفنة من الأدباء والكتاب العظام الذى رحلوا مؤخرا؟ أم أنعى قيما سامقة غابت وتوارت وسادت فى غيابها ما هو أدنى؟ أم أنعى وطنا أراه يترنح وهو يفتقد بوصلة الحق والخير والجمال؟ أم أنعى كل هذا فى شخص محمود عوض؟ أم أنعى محمود عوض وفيه كل هذا؟
يتساقط الأحبة، واحدا تلو الآخر، كما تتساقط الأسنان من فم المسن، ويتساقط الشعر من رأس المريض، وتتساقط أوراق الشجر فى الخريف، وإن قلنا إن البلاد كالسنين، لكل منها فصول للازدهار وأخرى الانحدار، فبلا شك تعيش مصر الآن فى خريفها الممتد منذ أعوام، أشعر بالغبار يملأ الحلوق، والصفار يملأ الوجوه، والغربة تسكن الملامح، والقهر يملأ القلوب، وكما تفسد السمكة من رأسها، تشيخ البلاد من رأسها أيضا فيخطف الموت رموزها وكتابها وضميرها كأننا فى موسم للجفاف، وكأن الصيف هو "حانوتى" مصر القمىء، يأتى الصيف فكأنما تستعد القبور للزائرين ويستعد المودعون للتلويح، وكأننا اعتدنا على الوداع، واستعذبتنا الدموع التى تخرج صافية سالكة طريقها المعلوم.
فى كل صيف من كل عام يأتى الموت حاملا مفاجآته المريرة، واضعا فى قائمته كثيرون مما عشقناهم وعشنا معهم فأعطوا لحياتنا طعما ولونا وشكلا وقيمة، كانت آخر مقالاتى باليوم السابع عن صلاح عبد الصبور الذى رحل فى أغسطس قبل ثمانية وعشرين عاما، وقبلها كانت مقالتى التى كتبتها فى الذكرى السنوية الأولى لمحمود درويش، وتتسع قائمة موتى أغسطس لتشمل عبد الوهاب مطاوع الذى رحل فى العام 2004 والقيادى العمالى إبراهيم شكرى الملقب بالشهيد الحى، وأيضا قبل ثلاث سنوات رحل أديب نوبل نجيب محفوظ فى الثلاثين من أغسطس، وقبله رحل يوسف إدريس ولويس عوض، وفى الماضى البعيد رحل أيضا فى أغسطس كل من سعد زغلول ومصطفى النحاس، وفؤاد سراج الدين، ووفى صيف العام الماضى رحل كل من يوسف شاهين ورءوف عباس، وألبير قصيرى، وسامى خشبة، ونالت الصحافة المصرية أكثر طعناتها إيلاما برحيل كل من رجاء النقاش وكامل زهيرى وعبد الوهاب المسيرى ومحمود أمين العالم وصلاح الدين حافظ، وأبى صيف هذا العام أن يرحل دون أن أودع أبى، وبعده بأيام محمود عوض.
لا أتخيل شكل الصفحة الأخيرة من اليوم السابع بدون "محمود عوض، والآن أتذكر أيام ما قبل صدور العدد الأول فى الرابع من أكتوبر من العام المنصرم، وقتها كنا نجرى الاستعدادات النهائية للخروج إلى النور، ولا أنسى شكل "خالد صلاح" وهو يزف لى مبتهجا خبر الاتفاق مع محمود عوض على الكتابة معنا، ووقتها كان اليوم السابع غير معروف لقاعدة كبيرة من الناس، فكنت حينما يسألنى أحد عن جريدتى الوليدة أقول متندرا: يرأس تحريرها خالد صلاح وأنا ومحمود عوض نكتب فيها، وحينما صدر العدد الأول من اليوم السابع كانت الصفحة الأخيرة تتزين بقلمه وصورته، صارت كل مقالة يكتبها بالنسبة لى درسا من دروس الصحافة، وفى كل مرة أحسده على سعة أفقه وعمق رؤيته واتساع ثقافته وشمولية متابعته، ما من صغيرة ولا كبيرة فى أحوال السياسة والثقافة والاقتصاد فى العالم العربى إلا وأحصاها وربطها بأسلوب صحفى شيق ورشيق، وهو الوحيد من بين كتابنا الصحفيين الذى كنت أرى أن كتاباته تخاطب كل العرب، حتى وهو يتناول أشد الموضوعات محلية وخصوصية مثل تصفية القطاع العام أو مشاكل مصانع النصر للسيارات، كنت أرى الوجه العروبى الأصيل فى كل كتاباته ألمح هذا الوجه ببساطة وفطرية نادرة، وهنا أدركت مدى تمكنه من فن الكتابة الصحفية العالمية التى تصلح لأن تكون وجها صادقا للمجتمع الذى يحيا فيه الكاتب، وكأنه "شاهد المذبحة وشهيد الخريطة" حسبما يقول محمود درويش، فى كل مرة كنت أقرأ فيها مقاله كنت أعتزم مكالمته إلا أن الحياء كان يمنعنى، وحينما كتب عن تجربته فى إنشاء جوائز نقابة الصحفيين لم أستطع أن أمنع نفسى من مهاتفته والثناء على دوره التاريخى النزيه، إعمالا بقول صلاح جاهين "الحلو أقوله يا حلو فى عيونه" فطلبت رقمه من الأستاذ سعيد الشحات وكلمته، كان هادئا ورصينا استنزف منى الكلمات دون رد، وحينما انتهيت من كلامى ظل يستجوبنى عن حالى ومواقفى وكتاباتى وتعليمى ثم فاجأنى فى آخر المكالمة بسؤالى عن رقم تليفونى، وكأنه يريد أن يحافظ على اتصاله الدائم بأبنائه الصحفيين حتى ولم يرهم ولا مرة فى حياته.
"حال الدنيا" هكذا اختار محمود عوض عنوان مقالاته ليؤكد على فكرة أن الصحفى الأمين هو الذى يتابع الأحوال ويراها ويحللها ويتوقع مستقبلها، معتمدا على خبرته الماضية ورؤيته الحاضرة، واستشرافه لما هو آت، ويحسب لمحمود عوض أنه خرج بالصحافة المصرية إلى الفضاء العربى الكبير وكانت مقالاته أشبه بتاريخنا القادم مؤكدا فى كل كتاباته على أن الكتابة قيمة، والكتابة حياة، والكتابة رسالة والكتابة نجاة والكتابة فخ والكتابة صيد والكتابة فريسة، والكتابة فريضة، وكأنه يقول فى كل مقال "حى على الحياة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.