ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أنه عقب الحرب العالمية الأولى أوجدت بريطانيا وفرنسا الشرق الأوسط، الحديث من خلال تقسيم ما كان يعرف بالإمبراطورية العثمانية؛ وتم وضع حدود دول جديدة مثل سوريا والعراق بما يحفظ مصالح واحتياجات بريطانيا وفرنسا. وأضافت الصحيفة البريطانية فى مقال تحليلى أوردته على موقعها الإلكترونى اليوم، الأحد، أنه تم تجاهل رغبات السكان المحليين فى منطقة الشرق الأوسط إلى حد كبير. وأشارت الصحيفة إلى أنه ولأول مرة منذ أكثر من 90 عاما لم يعد العبور بين الحدود الخارجية لبعض دول المنطقة يشهد من الصعوبة كالتى كانت فى الماضى، بينما أصبح المرور بين التقسيمات الداخلية فى بعض الدول أكثر صعوبة وتعقيدا. ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة السورية، على سبيل المثال، لم تعد تسيطر على الكثير من نقاط العبور بين سوريا وتركيا والعراق؛ وتتمكن المعارضة السورية المسلحة من عبور الحدود الدولية للبلاد دون وجود عائق، بينما يقاتل المسلحون اللبنانيون الشيعة والسنة مع الأطراف المتنازعة فى سوريا؛ وفى الوقت ذاته، تتمكن إسرائيل من قصف سوريا كيفما تريد. وأوضحت الصحيفة، أن هذا الأمر لا يعنى بالضرورة انهيار وتفكك الدولة السورية، إلا أن سهولة عبور حدودها، يعنى أن الرابح فى الحرب الأهلية السورية سيحكم على دولة ضعيفة، يصعب عليها الدفاع عن نفسها، لافتة إلى أن هذا السيناريو ما هو إلا مجرد تكرار لسيناريو العراق. وأكدت الصحيفة على ضرورة، أن يهتم العالم بمن يقاتل من فى البلدات والقرى الفقيرة فى الريف السورى، نظرا لأن المنطقة بين الساحل السورى على البحر المتوسط والحدود الغربية لإيران، كانت على مدار التاريخ منطقة صراع وحروب بين الإمبراطوريات، حيث قاتل الروم ضد الفرس والعثمانيون ضد الصفويين، والبريطانيون ضد الأتراك. ورأت الصحيفة أنه على الرغم من تهوين المعارضة السورية من شأن المقارنة بين سوريا والعراق، إلا أن هناك أوجه شبه كبيرة وتنذر بالخطر بين البلدين؛ فقد يكون صدام حسين حاكما لا يحظى بالشعبية فى العراق وفقا للصحيفة، ولكن الذين أيدوه أو عملوا معه لم يرضخوا لمحاولة تحييدهم عن السلطة أو معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية بدون قتال. وشددت الصحيفة على أن خطط الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا الخاصة بمستقبل سوريا، قد تؤدى إلى كارثة كما كان الحال فى خططهم عام 1916 اتفاقية سايس بيكو وعام 2003 فى العراق، مشيرة إلى أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى والتى تفيد بأن الأسد يجب ألا يلعب دورا فى الحكومة السورية المقبلة، لم يأخذ فى الاعتبار وقتها أن حكومة الأسد لم تفقد السيطرة، إلا على مدينة واحدة كبيرة، سقطت فى أيدى مسلحى المعارضة. وخلصت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إلى أنه لا يمكن فرض مثل هذه الشروط إلا على طرف منهزم أو يكاد أن يهزم، وهذا لن يحدث إلا إذا تدخل الغرب عسكريا فى سوريا نيابة عن المعارضة المسلحة كما حدث فى ليبيا، ولكن عواقب ذلك على المدى البعيد قد تكون وخيمة.