لم تكن الحرب في السودان مجرد أزمة عابرة، بل محنة كبرى هزّت أركان الدولة والمجتمع، وأجبرت الملايين على ترك ديارهم والنزوح إلى ولايات آمنة أو اللجوء إلى دول الجوار، وعلى رأسها الشقيقة مصر. ومع تزايد الأعباء، وبداية التماسك في بعض المناطق السودانية، بدأت موجات العودة الطوعية تتصاعد رغم كل العوائق، في مشهد يحمل من الدلالة ما يعجز عنه أي خطاب سياسي أو إعلامي. تصوير الأوضاع في السودان على أنها كارثية لكن اللافت في هذا السياق، أن إعلام العدو – وبأشكال مباشرة وغير مباشرة – حاول تصوير الأوضاع في السودان على أنها كارثية وغير قابلة للحياة، في مسعى مكشوف لقطع الطريق أمام السودانيين الذين بدأوا في العودة إلى وطنهم، متجاهلين أن السودان، رغم كل الجراح، ما زال ينبض بالحياة والعزم. هذا الإعلام تعمد تضخيم المأساة، لا من باب إنساني، بل من باب استراتيجي بائس، هدفه شلّ إرادة الناس وتفتيت الأمل في نفوسهم ضمن خطة إفراغ العاصمة بل السودان أجمع. غير أن الواقع جاء على عكس هذه الصورة القاتمة. فالسودانيون، كعادتهم، أثبتوا أنهم أصحاب إرادة فولاذية، وبدأوا العودة، ليس إلى الديار فقط، بل إلى مشروعات التنمية والمساهمة في إعادة الإعمار، في المدن التي استعادت شيئًا من الأمن والهدوء، متحدّين كل التحذيرات الكاذبة، ورافضين أن يكونوا وقودًا لمخططات يراد لها أن تطيل أمد الحرب أو تقطع صلتهم بوطنهم. في الداخل، بدأت ولايات عديدة تستقبل العائدين، مستندة إلى جهود حكومية وشعبية ومبادرات مجتمعية حقيقية سعت لتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات لاستقبال هؤلاء الأبناء. أما في الخارج، فقد كانت التجربة المصرية مثالًا حيًّا للأخوة والمصير المشترك. عودة أبناء الجالية السودانية، فيتو فقد استقبلت القاهرة، منذ الأيام الأولى للحرب، أعدادًا ضخمة من اللاجئين السودانيين، واحتضنتهم كأبناء، وها هي اليوم – وبصورة لا تقل نبلًا – تساعدهم على العودة. وقد بادرت منظومة الصناعات الدفاعية السودانية، بتوجيه من رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، وبدعم مباشر من رئيس المنظومة الفريق ميرغنى إدريس، بتحمل عبء إعادة الآلاف من السودانيين المقيمين في مصر، عبر تسيير رحلات منتظمة بالباصات، بل وتخصيص قطار أسبوعي أخيرا بسعة ألف راكب، غادر منه حتى الآن رحلتان من القاهرة إلى أسوان، حيث تُستكمل الرحلة برًا إلى مدن السودان المختلفة.
ولم تكتفِ المنظومة بهذا الدور اللوجستي، بل اضطلعت بمهام إنسانية شاملة، حيث وفّرت للمسافرين وجبات غذائية، وخدمات إسعاف أولي، وتولت نفقات كل ذلك كاملة دون منٍّ أو أذى، حاملة عن كاهل المواطن – الذي أنهكته الحرب والنزوح – عبئًا كبيرًا، وبات اللاجئون في مصر يتدافعون نحو هذه المبادرة بقوة وثقة. وامتد جهد المنظومة ليشمل حتى السودانيين العالقين في سلطنة عمان (مسقط)، الذين تقطعت بهم السبل، حيث أسهمت بشكل مباشر في عودتهم، ما يعكس التزامًا عميقًا تجاه كل سوداني في محنته، أينما كان. مصر لم تميز يومًا بين أبنائها وضيوفها السودانيين اللافت أيضًا أن مصر، التي لم تميز يومًا بين أبنائها وضيوفها السودانيين، خصصت هذا القطار بتوجيه مباشر من قيادة الدولة المصرية، ممثلة في الفريق كامل الوزير ووزارة النقل، مؤكدين أنهم يعاملون السودانيين تمامًا كالمصريين، في لفتة إنسانية راقية تؤكد عمق الروابط بين الشعبين. هذه العودة لم تكن عادية، ولم تمر بصمت، بل حمل فيها العائدون رسالة عرفان في غاية القوة، تمثلت في شعارهم العفوي: "شكرًا مصر". وهو ليس مجرد شعار يُقال، بل موقف وجداني متجذر في الوعي الجمعي، يحمل الامتنان، ويعكس إدراكًا شعبيًا عميقًا بأن الشدائد تكشف معادن الأخوة الصادقة. اقرأ أيضا: سودانيون في محطة رمسيس يحزمون أمتعتهم استعدادًا للعودة إلى وطنهم (فيديو وصور) لقد أثبت الشعب السوداني – مرة أخرى – أنه يرفض الاستسلام للأكاذيب، ولا يعترف بالإحباط طريقًا. كما أثبتت مصر أن العلاقة بين الشعبين ليست علاقة لجوء واستضافة، بل علاقة وحدة ومصير مشترك لا تهزه الأزمات. وفي الختام، وسط هذا الركام، هناك ما يستحق أن نحتفي به. ليس فقط في مواقف الدول أو المبادرات، بل في إصرار الناس على الحياة، وقرارهم بالعودة إلى الوطن والمشاركة في بنائه، متحدين إعلام الحرب النفسية، ومحبطين رهانات التثبيط. السودان يعود بأبنائه، ومصر تفتح لهم الأبواب حتى النهاية. فهل هناك ما هو أصدق من هذا المشهد؟ هل اقتربت السودان من الاستقرار الأمني والسياسي؟ خبير بالشأن الإفريقي يجيب للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، البرهان يصل إلى الخرطوم
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا