علامات استفهام كثيرة أثارتها اتفاقيات التصالح مع المستثمرين، والتى أبرمتها حكومة الدكتور هشام قنديل الأسبوع الماضى، مع كل من رجل الأعمال الإماراتى حسين سجوانى مالك مشروع «داماك» والسعودى فواز الحكير مالك «مول العرب» بالسادس من أكتوبر فى ظل التكتم الشديد حول بنود تلك الاتفاقيات، والأسس التى استندت الحكومة إليها فى التصالح معهما ، فيما استقبلت الأوساط الاقتصادية الإعلان عن تصالح الحكومة مع «سجوانى» و«الحكير» بحالة من الدهشة، خاصة وأن الاتفاقيات جاءت بالتزامن مع أزمة اختطاف الجنود بسيناء . مصدر رفيع المستوى كشف ل «فيتو» أن حكومة «قنديل» استغلت انشغال الرأى العام بقضية اختطاف الجنود بسيناء، لتمرير اتفاقيات التصالح مع المستثمرين، وجاءت تعليمات مباشرة من مكتب الإرشاد لرئيس الحكومة بضرورة إنهاء التصالح مع «سجوانى» و«الحكير»، بهدف مغازلة الإمارات والسعودية لضخ استثمارات فى مصر خلال الفترة المقبلة، بعد فترة من الجفاء، بسبب تزايد تعاون «الجماعة» مع «طهران»، كما استغلت الحكومة انشغال مجلس الشورى بأزمة قانون السلطة القضائية ووقعت تلك الاتفاقيات دون أن يشعر بها أحد، وطلب مكتب الإرشاد من نواب الإخوان بالشورى عدم إثارة أى حديث عن التصالح مع المستثمرين. المصدر الذى رفض الكشف عن هويته أكد أن ملف التصالح مع رجال الأعمال يتولى مسئوليته أعضاء بارزون بجماعة الإخوان المسلمين، على رأسهم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، وحسن مالك رئيس لجنة «تواصل» بين مؤسسة الرئاسة ورجال الأعمال . وفجر المصدر مفاجأة من العيار الثقيل، حينما أكد أن مفاوضات التسوية الخاصة بشركة «داماك» العقارية، وكذلك التسوية الخاصة برجل الأعمال السعودى فواز الحكير تم الاتفاق عليها منذ أكثر من عام إبان حكومة الدكتور كمال الجنزورى، إلا أن المفاوضات توقفت بعد معارضة جماعة الإخوان ، لكن «الشاطر» و«مالك» جددا تلك المفاوضات وتم إنهاؤها منذ سبتمبر الماضى، انتظاراً للوقت المناسب للتوقيع على التسوية النهائية لكلتا الاتفاقيتين . « عدم الشفافية فى إعلان بنود تلك الاتفاقيات» هى علامة الاستفهام الأكبر فى رأى الدكتور حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية الأسبق حول اتفاقيات التصالح مع المستثمرين، مشيرا الى أنه كان على حكومة قنديل أن تعلن للرأى العام فى مصر تفاصيل تلك الاتفاقيات. الببلاوى شدد على ضرورة معاملة المستثمرين – سواء مصريين أو أجانب – معاملة شريفة، على حد وصفه، خاصة وأنه من حق مجلس النواب القادم مراجعة بنود تلك الاتفاقيات، فى إطار دوره الرقابى لأداء الحكومة . وحول ما إذا كانت الحكومة ملزمة فى الوقت الحالى بعرض اتفاقيات التصالح مع المستثمرين على مجلس الشورى، أكد نائب رئيس الوزراء الأسبق أن التصالح مع المستثمرين من اختصاص السلطة التنفيذية، وليس مجلس الشورى . «التصالح مع المستثمرين ليس مرفوضا ولكن بشرط ألا ينطوى على جريمة بحق المال العام «، بحسب الدكتور سامى نعمان أمين سر اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب السابق مرجعاً اعتراض المجلس المنحل على اتفاقيات التصالح مع المستثمرين إبان حكومة الدكتور الجنزورى إلى إبرامها دون الرجوع للمجلس، وكذلك على أسعار وشروط التصالح وكيفية الدفع وليس للمبدأ ذاته . وكشف «نعمان» النائب السابق عن حزب الحرية والعدالة – الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين - أنه من الخطأ إبرام اتفاقيات تصالح مع المستثمرين خلال الفترة الحالية، معتبرا تصالح حكومة الدكتور قنديل مع المستثمرين لن يكون مقبولا إلا إذا ضمت لجان المصالحة ممثلين من مجلس الشورى – والذى يحل محل مجلس النواب - وتوافر العديد من الشروط يأتى فى مقدمتها أن يتم الاتفاق بالأسعار العادلة وأن يكون معلنا وخارج نطاق السرية كما هو متبع . الدكتور محمد جودة عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة أكد على حق مجلس النواب المقبل فى مراجعة تلك الاتفاقيات بأثر رجعى، مرجعاً فى الوقت ذاته معارضة جماعة الإخوان وذراعها السياسية للتصالح مع المستثمرين إبان حكومة الجنزورى إلى استشعارهما إهدار حقوق الدولة من الاتفاقيات التى وقعتها الحكومة آنذاك بنحو 13 مليار جنيه، ما استدعى رفض مجلس الشعب لتلك الاتفاقيات، وتوصيته بوقف التصالح لحين تشكيل حكومة جديدة . واعتبر جودة التصالح فى الوقت الحالى «واجبا وطنيا «، قائلا: «يجب على الحكومة إنهاء كافة المنازعات مع المستثمرين بشرط ألا تضر حقوق الدولة لافتا إلى أن الدستور كفل لحكومة قنديل حق إبرام اتفاقيات تصالح مع المستثمرين دون الرجوع لمجلس الشورى، كما أن رقابة مجلس النواب ستأتى فى وقت لاحق . «التصالح ليس عيبا من حيث المبدأ» هذا ما يراه الدكتور طارق شعلان رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الوطن السلفى مستدركا : كان على الحكومة أن توفر آليات تضمن إتمام العملية بنجاح، وعلى رأسها ما نادى به الحزب من قبل بعمل لجان الحقيقة والمصالحة – على غرار لجان تقصى الحقائق – تضم أعضاء من مجلسى النواب والشورى، بالإضافة لخبراء قانونيين ومحكمين دوليين، على أن تكون مهمتها فتح باب المصالحة وجمع المعلومات واكتشاف المخالفات التى شابت عقود المستثمرين مع الدولة، وتصحيح تلك الانحرافات، وبالتالى تكون قرارات تلك اللجان مدروسة ودقيقة وشرعية وتخضع للرقابة، ويمكن الاستعانة بنواب مجلس الشورى فى تلك اللجان لحين انتخاب مجلس النواب الجديد. وانتقد شعلان إبرام حكومة «قنديل» لاتفاقيات التصالح مع المستثمرين فى الوقت الحالى، وعدم الإعلان عن بنود تلك الاتفاقيات . يذكر أن رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل قد شهد مؤخرا توقيع اتفاق تسوية بيع وتنازل عن أسهم بين 8 أطراف، لتسوية النزاع بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وحسين على حبيب سجوانى «إماراتي» وآخرين، بشأن مشروعى هايدبارك داماك سابقا وبارك أفينيو، وفقا لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار بعد تعديله، واعتماد الاتفاق من رئيس الوزراء ليصبح ملزما للنيابة العامة لقبول التصالح مع «سجواني» فى البلاغ المقدم ضده فى الدعوى الجنائية فى هذا الشأن، كما أعلنت وزارة الاستثمار انتهاء إجراءات التصالح مع المستثمر السعودى فواز الحكير، بعد موافقته على سداد المبلغ المتبقى من ثمن أرض مشروع «مول العرب» بمدينة السادس من أكتوبر، ويقدر بنحو 840 مليون جنيه.