أعد الملف: عبدالرحمن عباس - مصطفى جمال - عصام هادي - سمر حسن - إيمان الحديدي «أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله»، كانت تلك الجملة الأشهر في السيرة النبوية، والتي قالها النبي الكريم لأسامة بن زيد الذي أقدم على قتل كافر في أحد الحروب، فما كان من الأخير إلى أن نطق الشهادتين ورغم ذلك فقد قتله «أسامة». ذلك المثال كان الدليل القاطع أنه لا وصاية لأحد في نيته، ولا يحق لفرد أن يُخرج آخر من الملة، تلك هي القاعدة التي كان أول خروج عنها في عهد الإمام على بن أبي طالب حين أخرجه الخوارج من الملة بسبب واقعة التحكيم، فما كان من الإمام على إلا محاربتهم بالعقل أولا ثم بالسيف، ملتزمًا في الوقت ذاته عدم الانزلاق في نفق التكفير، وقد كان سهلًا عليه. هذا المنهج الإسلامي كان هو الخط الذي سارت عليه مؤسسة الأزهر الشريف في عدم تكفير أي من الجماعات الإرهابية خاصة، داعش، وفي كل عملية إرهابية تنطلق دعوات تطالب الأزهر بأن يُكفر هذا التنظيم ويكون الرد ب«لا» لماذا لا يُكفر الأزهر داعش؟ ما الفائدة؟ كان الرد الأبرز للدكتور عبدالفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، الذي أوضح أنه في حالة تكفير الأزهر للجماعات الإرهابية التي ارتكبت الجرائم وأفسدت في الأرض فهذا لن يحل المسألة ولن ينهي تواجدها من الأساس. وأضاف «العوارى» في حديثه ل«فيتو» أن التكفير لا يعطينا رخصة في محاربتهم، لأنهم مفسدون في الأرض، وبالتالي جزاؤهم أن «يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ» لافتا إلى أن هذا هو الحكم الذي يقضى على النزاع وينهى المسألة، ويكون سببا لتأمين المجتمعات واستقرار الأوطان. ولكن ما المانع؟ «العواري» يوضح وجهة نظر الأزهر بقوله إن مسألة التكفير لا يملكها إنسان أو مؤسسة وإنما مردها إلى القضاء وحده كنواب لولى الأمر، ولايجوز للمؤسسة كانت ما كانت أن تحكم على إى إنسان بالكفر طالما أنه يقول: "لا إله إلا الله". وتابع عميد أصول الدين بجامعة الأزهر: أن فتح باب التكفير، يدفع كل من يختلف مع الآخر إلى تكفيره، وفى نفس الوقت سيخرج من يهاجم الأزهر ويقول بأنه تكفيرى ويكفر البشر، وأنه جهة تصدر أحكام التكفير ضد الناس، وتابع قائلا «وما نُصب الله الأزهر أو غيره من المؤسسات ليكون رقيبا على ضمائر الناس وإنما ضمائر العباد بيد الله» حالات الإباحة ويأخذنا الدكتور محمد شحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى نقطة أخرى، وهي أنه لا يوجد أي حالات تبيح تكفير أي شخص، لأن مسألة التكفير هي مسألة عقائدية وليست مسألة فقهية، وأنه لا يستطيع أحد أن ينفى عن إنسان آخر صفة الإيمان، وأنه ثبت لدى أهل السنة والجماعة أنه لا يجوز تكفير أي شخص مادام يشهد " ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" وأن كونه عاصيا كالجماعات المتطرفة مثل "داعش وغيرها" فإنه يطبق عليه أحكام القانون في ذلك ويطبق عليه حد الحرابة. السلفيون يتفقون وإن كان ذلك رأي مؤسسة الأزهر الشريف، فإن الأمر لا يختلف كثيرًا عن التيار السلفي، فيوضح القيادي السلفي، سامح عبد الحميد، أن قرار رفض تكفير الجماعات الإرهابية صحيح 100%من الناحية الشرعيه، فهولاء ارتكبوا جرائم القتل ويستحقون القصاص كقتلة لكنهم ليسوا كفار من الناحية الشرعية فهم مسلمين خوارج عصاة ومفسدين في الأرض يستحقون العقاب. وإذا كانت تلك هي القاعد الشرعية فيبدو السؤال الأهم: ولماذا تلك المطالبات من الأساس، وهل هناك مكاسب سياسية يمُكن تحقيقها من وراء هذا التكفير؟ الدكتور كمال حبيب، الباحث في شئون التيارات الإسلامية، يوضح في البداية أن الأزهر لا يتصرف وفقًا للمكاسب والخسارة، وإنما يحكمه موقف علمى مستمد من الشريعة الإسلامية، باعتبار أن موقف الأزهر يؤخذ به في معظم دول العالم الإسلامي، وبالتالي لا يخضع للنظريات والهوى السياسي. تلك الرؤية يدلل عليها العميد محمود قطرى الخبير الأمني، الذي أوضح أن تكفير الداعشيين لن يفيد الأجهزة الأمنية في القضاء عليهم، كما يعتقد البعض، مؤكدًا بأن عقيدة الشرطة المصرية قائمة على الجميع سواسية أمام القانون، لا يفرق بين دين آو آخر أو لون أو جنس، وموضحًا أن الطابع الإجرامى لا يرتبط بالدين، وأشاد برفض مؤسسة الأزهر الشريف تكفير العناصر الإرهابية حتى لا يفتح الباب لكن من يريد أن يكفر أي شخص كيفما شاء، فالدين لله. ما رأي الشارع وللمواطنين رأيهم أيضًا الذي اتفق مع رأي مؤسسة الأزهر فقال «محمد» إن ما يحدث من هجمات إرهابية حرام شرعا، مضيفا أن مسألة التكفير وعدمها لا نستطيع الحكم بها، قائلا:«إحنا مش ملائكة عشان نحكم على بني آدم إنه كافر» وأشار إلى أنه ليس مع مبدأ تكفير الإرهابيين، ولكن ما يفعلونه من جرائم يعد "حراما"، وتابع عبد الله إن من يرتكبون هذه الجرائم يعتبرون بغاة وليسوا كفرة. زيادة العمليات الإرهابية الدكتور عادل فهمي أستاذ بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الاعلام جامعة القاهرة، يرى في نفس السياق أن موقف الأزهر بعدم التكفير قد حمى مصر من زيادة العمليات الإرهابية، مؤكدا أن التطرف والتكفير يسلب الحريات، ويكون سببا للقتال والإرهاب، وهو ما يعني مزيدًا من العمليات الإرهابية وذلك ما يعيه الأزهر والإمام الطيب جيدًا. البرلمان النائبة أمانى عزيز، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، أوضحت موافقة النواب على موقف الأزهر الشريف، مؤكدة أن مواجهة هؤلاء سيكون بالقانون لا بالتكفير.