لا تزال توابع أزمة ارتفاع أسعار المحروقات بعد رفع جزئى للدعم عنها تلقى بظلالها على الشارع المصرى، وهو قرار وصفه البعض بالمفاجئ ووصفه البعض الآخر ب"الجريء"؛ لأنه لم يراع عدة أبعاد، منها ارتفاع أسعار الكهرباء في نفس توقيت ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات تباعا، مما شكل حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعى لدى الشارع المصرى. للاطلاع على الصورة كاملة، وتقديم رؤية واضحة للقرار، وتبعاته، حل الدكتور "حسام عرفات"، رئيس شعبة المواد البترولية بالغرف التجارية، ضيفًا على "صالون فيتو". "عرفات" بدأ حديثه بالإشارة إلى أن ما يحدث حاليًا في أسعار المحروقات أمر متوقع في ظل الخطة التي سبق أن أعلنتها حكومة المهندس شريف إسماعيل، المتعلقة ب"رفع الدعم"، نافيا ارتباط الزيادات تلك بالقرض الذي تحصل عليه القاهرة من صندوق النقد الدولى. رئيس شعبة المواد البترولية، لفت النظر أيضًا إلى الأهداف التي ترجو الحكومة تحقيقها من وراء الزيادات المتتالية تلك، كما ألقى الضوء على ما يمكن وصفه ب"الخطة البديلة" للتقليل من الآثار السلبية للزيادة.. وعن تفاصيل الخطة تلك، وأمور أخرى كان الحوار التالى: بداية.. كيف تفسر قرار الحكومة المفاجئ بزيادة أسعار المحروقات؟ ليست هناك مفاجأة لأن الحكومة أعلنت عن خطتها لرفع الدعم كليا عن أسعار الوقود طبقا لخطة 5 سنوات والتي انطلقت في عام 2013 وتم تنفيذها في 2014 عندما حركت الدعم بزيادة جديدة في المحروقات وتوقفت في 2015 حتى عادت إلى رفع أسعاره مرتين في 2017. لكن الزيادة الأخيرة لمرتين متتاليتين مؤخرا بمثابة صدمة للمواطنين لا سيما أن الحكومة نفت منذ شهرين إجراء أي زيادة جديدة في أسعار الوقود؟ في رأيى ليست هناك صدمة على الإطلاق، وكل ما في في الأمر أن الحكومة عند كل زيادة تراعى التوقيت حتى لا يحدث تكدس أو زحام على المحطات وتتعقد الأمور وأقولها بكل صراحة نحن شعب يحب الدلع يكون لديه علم بزيادة الأسعار ويعترض ولا يفكر في ترشيد الاستهلاك. هل قرارات الزيادة في أسعار الوقود مرتين في عام واحد من شروط صندوق النقد الدولى؟ غير صحيح على الإطلاق فالحكومة منذ 2014 رفعت أسعار الوقود قبل أن نعرف صندوق النقد الدولى ونقترض منه. ألا تعتبر الزيادات المتكررة لأسعار الوقود عاملا استفزازيا للشعب؟ علينا أن ننظر إلى الهدف من هذه القرارات وهو إجراء إصلاح مالى وليس إصلاحا اقتصاديا نظرًا لوجود عجز في الموازنة العامة للدولة نتيجة التغيرات في سعر الصرف بعد التعويم، حيث ارتفع الدولار إلى 16 جنيها حتى وصل إلى 18 جنيها مما شكل عجزا ماليا على الموازنة لا سيما أن البترول جهة مستوردة. بمناسبة الاستيراد.. ما قيمة فاتورة استيراد المحروقات من الخارج؟ 1.3 مليار دولار شهريا وفى حالة ضرب هذه الفاتورة قبل التعويم على سعر 8.8 جنيهات للدولار قبل التعويم سنجدها 11.44 مليار جنيه سنويا وبعد التعويم 23.4 مليار جنيه سنويا على سعر 18 جنيها أي للضعف، وبالتالى كان لزامًا على الحكومة رفع أسعار الوقود مرتين خلال هذا العام. وأين الإجراءات الوقائية والحزم الحماية الاجتماعية لحماية الشعب من تبعات تلك الزيادات؟ لا شك أن هناك تقصيرًا من الحكومة في ذلك الأمر ولو أن هناك علاوة 10% سبقت تلك القرارات، ولكن كان يجب عليها التوسع في خدمات النقل الجماعى المدعمة للأفراد والبضائع لحماية الشعب من جشع المواصلات الخاصة. ماذا تقصد تحديدا ب"التوسع في النقل الجماعي"؟ على سبيل المثال تنفيذ خطوط مترو جديدة، فالحكومة بدأت متأخرة في إنشاء خط سادس والذي حاليا تحت الدراسات وعليها أيضا إنشاء خطوط في الأماكن المزدحمة والتي تقع غالبا تحت دائرة الاحتكار من السائقين والتي تتمركز في الهرم وفيصل والمرج وغيرها. ولكن هذه المشروعات تحتاج إلى دراسات وخطط وأموال وفترات طويلة؟ المشكلة تكمن في عدم وجود إرادة سياسية فلو أن هناك إرادة لتم توفير كل شىء وعلينا أن نتعلم ونأخذ العظة من مشروع تنفيذ محور قناة السويس الجديدة، والذي تم تنفيذه في أقل فترة زمنية ولكن أكرر نعانى من نقص الإرادة والقدرة على التحدى. نعود إلى حديثنا عن زيادة أسعار المحروقات.. تفسيرك لرفع سعر بنزين 92 إلى 5 جنيهات؟ في الحقيقة الفجوة السعرية لهذا النوع "92" كبيرة خلال هذه الزيادة والتي ارتفعت بنحو 1.5 جنيه من 3.5 إلى 5 جنيهات والعجيب أن سعر بنزين "95" 6.60 أي أن الفرق جنيه و60 قرشا بين الإثنين وهذا يحتاج إلى تفسير. يقال إن رفع سعر بنزين 92 بنسبة 55٪ سيجبر المستهلكين على التوجه لبنزين 95.. فما رأيك؟ كلام غير منطقي، ليس من الطبيعى أن يتجه المستهلكون إلى بنزين 95 والذي يصل سعره إلى نحو 6.60 جنيهات وهو أغلى من 92، فالمتوقع أن يتجه نحو 40٪ من مستخدمى بنزين 92 إلى بنزين 80 لأنه أرخص عنه بفارق يقدر بنحو 135 قرشا فعلى سبيل المثال لو مليون سيارة تستهلك 92 سيذهب منها نحو 400 ألف سيارة لبنزين 80. ألا تعتبر محدودى الدخل ضحية قرارات الحكومة في كل زيادة في الأسعار؟ علينا أن نحدد في البداية من هم محدودو الدخل.. من هم مستحقو الدعم هل هناك قاعدة ودراسة جدوى لكل ذلك... هل كل ال 70 مليون مواطن في بطاقات التموين يستحقون الدعم، تساؤل على الجهات المعنية بالأمر الإجابة عنه وبعد ذلك نتحدث عن محدودى الدخل. إذن ما هي الحلول التي يتخذها الشعب لمواجهة الأسعار؟ "بالبلدى كده"، بلاش نعتمد على الحكومة في كل حاجة اللى عنده فكرة مشروع حتى لو كشك صغير ينفذه ويحسن دخله بلاش نحط إيدينا على خدنا ونرشد الاستهلاك ونروح نشترى احتياجاتنا من المكان المناسب. وزير المالية أعلن عن رفع الدعم كليا خلال ثمانية أشهر ثم تراجع عن هذا التصريح.. فهل تتوقع رفع الدعم عن الوقود خلال عام 2018 أم 2019؟ بلغة الاقتصاد والرقام.. لن يتم تحديد ذلك الأمر إلا بعد حدوث تغيرات في عاملين أساسين هما سعر الدولار والنفط في السوق العالمي، فلو استمر سعر الدولار على 18 جنيها سيحدث تحريك ربما كليا في 2018 أما لو انخفض إلى أقل من ذلك سيتم تطبيق زيادة جزئية على أن يتم رفعه كليًا في 2019. بعد زيادة 100٪ في البوتاجاز.. الكل يتساءل هل سيصل سعر الأسطوانة إلى تكلفتها الحقيقية بعد انتهاء الدعم؟ كل ذلك متوقف على التغيرات في سعر الدولار وتكاليف الإنتاج، حيث ارتفعت تكلفة إنتاج الأسطوانة بعد وصول الدولار ل 16 و18 جنيها إلى 115 جنيها وتباع للمواطن ب 30 جنيها بفارق تتحمله الدولة يقدر بنحو 85 جنيها. الحكومة أعلنت عن اكتشافات جديدة للغاز الطبيعى وقريبا ستصبح مصر من أول الدول المصدرة للغاز في العالم فهل يسهم ذلك في تخفيف الأعباء على المواطن؟ بالفعل مصر سيتصبح في مقدمة الدول المصدرة للغاز الطبيعى بالتأكيد يسهم ذلك في حل الأزمة لاتجاه المواطنين للغاز الطبيعى كبديل للبوتاجاز، فالتوسع في مشروعات توصيل الغاز للمنازل هدفه تخفيف الضغط على أسطوانات البوتاجاز. يقال إن المستودعات الخاصة هي سبب أزمة كل سنة في البوتاجاز.. تعليقك؟ كلام غير صحيح وشماعة يتعلق عليها فشل الجهة المعنية التي تقول ذلك، فضعف الرقابة ونقص المنتج أسباب تؤدى إلى الأزمة لأن السوق عرض وطلب. ولماذا لم يتم تطبيق منظومة كوبونات البوتاجاز لضمن وصول المنتج لمستحقيه؟ تجربة فاشلة لعدم وجود دراسة جادة وقاعدة بيانات تحدد أنماط الاستهلاك. ولماذا يتصدر الصعيد في المقدمة عند كل أزمة بوتاجاز؟ لأنه مهمش من الحكومة لا توجد مشروعات تنفذ هناك على عكس الوجة البحرى في المدن الكبرى، وأما سبب أزمة البوتاجاز فيرجع إلى عدم توزيع حصص البوتاجاز بالشكل العادل. وما رأيك في تطبيق تجربة الكارت الذكى للبنزين؟ ليس له أهمية وخاصة بعد الزيادة المستمرة في أسعار الوقود، ولذلك أتساءل ما أهمية الكارت وهناك تحريك في أسعار الوقود فنحن كشعبة قدمنا تحفظات للرئيس في عام 2015 كانت تحمل في طياتها معوقات تطبيق المنظومة وبناء عليها تم تأجيل التجربة بقرار من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.