كنت أتجول بين القنوات الفضائية؛ لأتابع ما وصلت إليه نتيجة الاضرابات التي أصبحت شعار المرحلة الحالية، وفجأة وقف المفعوص أبو نص لسان حائلًا بين الريموت والتليفزيون، حاجبًا الرؤية عني، وبادرنى قائلًا: - بابا. إيه رأيك لو عملت حزب جديد؟ - حزب!، الفكرة دى جت على بالك إزاي؟ وإيه اللى خلاك تفكر فيها أصلاً؟! - عاوز أخدم البلد. - ما كلهم بيقولوا كده في الأول، وبعدين كله بيخدم نفسه بس! - أنا هبقى غيرهم. - طيب وهتسمي الحزب الجديد إيه؟ - أنا جمّعت أثامى كل الأحزاب ولقيت إن معظمها فيها اثم "أم الدنيا" مثر، زى، مثر الفتاة، ومثر الكنانة، ومثر القومي، ومثر العربي الاشتراكي، ومثر 2000، ومثر التنمية، ومثر الثورة، ومثر الحديثة، ومثر الحرة، ومثر الحضارة، ومثر المثتقبل، ومثر، وشباب مثر، وآخرها مثر القوية بتاع عبد المنعم أبو الفتوح. - الله يجازى شيطانك يا أبو نص لسان، انت حفظت أسماء الأحزاب دى إزاى؟ دا أنا يا للي شغال في السياسة مش حافظ أسماءهم. - كله من على النت يا بابا. - وانت هتخلي اسم الحزب بتاعك على اسم مصر برضو؟ - طبعاً! - وهيكون اسمه إيه؟ - اثمه "مثر المأفولة"! - هههههههه، جديدة دى، واشمعنى اخترت الاسم ده. - عشان ده أنثب اثم للمرحلة اللى إحنا فيها دلوقتى. - إزاى؟ - انظر حولك يابابا، هتلاقي كل حاجة في البلد تحمل شعار "الأفل" الطلبة أفلين عقولهم عن الدراثة، وواخدين حبوب منع الفهم، ودكاترة الجامعة أفلين نفثهم على مناهج العقم الفكري، وقنوات فضائية وجرايد كتير اتأفلت، والدوري العام مأفول وفي انتظار التعليمات بالفتح، وبيوت الرياضيين اتأفلت، وكمان المحلات هتتأفل من الثاعة عشرة، وخد عندك كمان، المدارث مأفولة عشان إضراب المدرثين، والمثتشفيات مأفولة عشان إضراب الدكاترة، والشركات مأفولة عشان اعتثام العمال، ومثانع القطن المثرى اتأفلت، ومبقتشى تتنج غير الملابث الداخلية بتاعت"قطونيل"، وبيوت الفقرا مأفولة على نفثها من كُتْر الجوع، والحدود بتاعتنا مأفولة، دا حتى مواقع"الثيكو ثيكو" الإباحية هتتأفل، يبقى فاضل إيه مفتوح في البلد؟! - فاضل باب رحمة ربنا بينا يا مفعوص، وباب السما عمره ما بيتقفل في وش حد، صح ولا لأ؟! - ونعم بالله يا حج!