عدت إلى منزلى متأخرا، فوجدت المفعوص أبو نص لسان قاعد على كرسى فى ركن الصالة، فألقيت عليه السلام، فرد باقتضاب، وبلا "لماضة" على غير العادة.. فسألت والدته عن سر جلوسه هكذا، فأخبرتنى إنه على هذا الحال منذ ساعات.. فقررت معرفة ما به وقلت له: - شكلك زعلان أو "مأموص" من حاجة! - أبدا يا بابا.. أنا بث بفكر لوحدى شوية! - بتفكر! إزاى يعنى؟ هو انت فيك مخ أصلا؟! - لو ثمحت يا بابا، دا مش وقت هزار. - أكيد الموضوع كبير.. خير يا حبيبى بتفكر فى إيه؟ - بفكر فى حاجة كبيرة زى الطيارة، تشيل الناث اللى عملوا عملية وشالوا مخهم، وأثافر بيهم لكل البلاد اللى فيها حروب ودمار وقتل وتشريد وثراع على الثلطة، زى باكثتان وأفغانثتان والثودان واليمن والثومال.. - إشمعنى؟! - عاوز أخلى كل واحد فيهم يشوف بودنه ويثمع بعينه إيه اللى بيحثل فى الدول دى، وبعدين نثأل كل واحد فيهم.. انت عاوز "أم الدنيا" تبقى زى الدول دى ولا لأ؟ - طيب اللى هيقولك آه هتعمل فيه إيه يا فصيح؟ - ده بقى هنجيبه هو واللى زيه، ونحطهم فى حتة معزولة فى قلب الصحراء، ونحوط عليهم بسلك شايك مكهرب، ونفضل حابسينهم عشرة خمثتاشر ثنة.. ونخليهم كل يوم يِقْروا كتاب أو اتنين عن ثيرة الأنبيا وتاريخ البشرية، والعلوم الإنثانية، والفن والجمال والأخلاق.. عشان يبقوا بنى آدمين من أول وجديد، ويحثوا بالناث الغلابة اللى قلبها على البلد بجد، ومش بتّاجر بالدين عشان تِوْثل لمنثب ولا ثلطة! - والله باين عليك كبرت قبل الأوان يا مفعوص، وبقيت تشيل هَمْ البلد.. لكن تفتكر الخطة الخيالية بتعتك دى هتنفع؟! - ثحيح يا بابا فيه ناث كتير دماغها مليانه فيروثات عباطة وبلاهة وتناحة وتخلف وجهل.. ومحتاجين كورثات علاج مكثفة.. لكن إحنا هنعمل اللى علينا والباقى على الله.. ولو عدى عليهم 24 ساعة يبقوا عدّوا مرحلة الخطر.. ونطلعهم من المنطقة المعزولة، وندمجهم فى المجتمع من جديد. - طيب والناس اللى مش هتستجيب للعلاج، هنعمل فيها إيه؟ - دول بقى هنعذبهم ونعرفهم إن الله حق. - إزاى يعنى؟! - هنخليهم يحرثوا الريث مرثى، وهو يشحططهم معاه فى الرايحة والجاية، صيفا وشتاء.. ربيعا وخريفا.. ولو مرجعوش عن اللى فى دماغهم هنخليهم يثمعوا خُطب الريث، كلمة كلمة، وحرف حرف، لغاية ما يقولوا حق "مثر" برقبتنا. - طيب تعالى يا مفعوص معايا. - على فين ياحج إن شاء الله؟ - هنروح نِجيب تذاكر السفر!!