المتابعة الجيدة لمقالات زميلنا مجدي الجلاد رئيس تحرير « الوطن » ، ستكشف أنه أصبح مثالاً حياً للطاقة المتجددة التي لا تنضب ولا تعاني من شُح في المعلومات أو ثبات علي موقف بعينه ، فالرجل الذي كتب منذ سنوات قليلة مجموعة مقالات – أو رسائل كما كان يحلو له أن يطلق عليها – تحت عنوان « ابن جيلي » قدم فيها خبراته العالية وخدماته الجليلة للوريث السابق « جمال مبارك » ، وهو أيضا الذي كتب خلال الأيام الماضية « فانتازيا شفيق رئيسا » ، لو توقف عند هذا الحد ، لأصبحت الأمور علي ما يرام ، ولظل « الجلاد » واحدا من أبناء المعسكر الليبرالي في مواحهة التيار الديني و«يا دار ما دخلك مجدي»، ولكن لأنه صاحب شعار « نحن نختلف عن الآخرين» ، فقد كتب الأربعاء الماضي الموافق 27 سبتمبر المنقضي مقالا حمل عنوان « مرسي ...رجل الإطفاء » ، « رمي ورا ضهره » قبل أن يكتبه كل ما خطته يداه طوال تاريخه المهني، وانبري معددا مسئوليات ومهام الرئيس محمد مرسي وصبره وقوة تحمله ل «مناكفات» الخصوم وألاعيبيهم الرخيصة التي حذره منها «الجلاد» بقوله : ما أسوأ أن تتحول إلى رجل مطافى.. تجلس طوال اليوم ويدك على قلبك.. يا ترى الحريق اللى جاى هيكون فين؟ هل سيأتى مدمراً أم سأتمكن من محاصرته؟ تخيل نفسك رئيساً لشركة فيها 910 موظفين وعاملين.. تذهب صباحاً لتتلقى أول تقرير «ع الريق»: «15» موظفاً أضربوا عن العمل.. «25» عاملاً أطفأوا الماكينات.. «20» موظفاً قطعوا الطريق المؤدى للمصنع.. وباقى العاملين يتفرجون على المضربين والمعتصمين والمحتجين.. والمطلوب منك «إطفاء» هذه الحرائق، بينما عجلة العمل والإنتاج تدور كيف؟! ولأن زميلنا العزيز يدرك تماما المثل القائل « الأهم من الشغل ..ضبط الشغل « لم يوفر جهده لمقالات أخري علي غرار « مرسي ..رجل إسعاف « و « مرسي ...رجل شرطة « ويتحفنا بسلسلة من الأعمال التي يتقن عملها الرئيس ، لكنه دخل في الموضوع صراحة وقال: ولأننى مسئول عن 450 صحفياً وموظفاً، ولا أتصور نفسى رئيساً لتحرير جريدة مشتعلة بالاحتجاجات 24 ساعة يومياً، أشعر بالشفقة على رئيس الدولة وحكومته الحالية.. هى كلمة حق يفرضها علىَّ ضميرى الوطنى والمهنى الآن.. فإذا كان محمد مرسى لم يكمل مائة يوم، وحكومة «هشام قنديل» لم تكمل 60 يوماً، فكيف لكليهما أن يعملا بينما 91 مليون مصرى يحتجون ويتظاهرون ويعتصمون ويقطعون الطرق؟! الكل يريد أن يحصل على سقف مطالبه فى أيام معدودات، بينما تؤكد الإحصاءات أن متوسط عمل الفرد لا يزيد على 22 دقيقة يومياً.. نهتف ونصرخ للمطالبة بحقوقنا ولا أحد فينا يؤدى واجبه، وكأن السماء سوف ترسل لنا الذهب والفضة.. وتلك آفة تأصلت بداخلنا على مر التاريخ! « وصلة المدح « لا بد أن تصاحبها وصلة « تقريع « للطرف الآخر الذي « يفسد حدائق الكروم « ويعيث فسادا محاولا تكسير همة الرئيس « المطافي» لهذا أكمل الزميل «الجلاد» قائلا: أعرف أن البعض سيغضب.. لكنها الحقيقة المؤلمة.. لقد نجحت الثورة فى تغيير أشياء كثيرة فى مصر إلا الإنسان نفسه.. هدمت نظاماً استبدادياً وشيدت قاعدة تداول السلطة باعتبارها المبتدأ والمنتهى فى الديمقراطية، لكننا ننظر دائماً إلى الآخر دون أن ننقد أنفسنا.. لم نسأل بعضنا البعض: هل تغيرنا للأفضل؟ هل نحن مستعدون للبناء، أم ما زلنا نهدم ونهدم، ثم نطالب الرئيس والحكومة بأن يمنحانا علاوات وزيادات فى الأجور، من بين أنقاض الهدم ورماد الحرائق؟ لم نسأل بعضنا البعض: ماذا قدمنا لمصر نهاراً لننام قريرى الأعين ليلاً؟! !