تبدأ ب 40 ألف جنيه، أرخص 7 سيارات مستعملة في مصر (صور)    أوستن يدعو جالانت إلى وضع آلية لتفادي التضارب بين العمليات الإنسانية والعسكرية في غزة    من يعوض غياب معلول أمام الترجي؟.. حسن مصطفى يجيب    استحملوا النهارده، ماذا قالت الأرصاد عن طقس اليوم ولماذا حذرت من بقية الأسبوع    برقم الجلوس والاسم، نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة بورسعيد    والد إحدى ضحايا «معدية أبو غالب»: «روان كانت أحن قلب وعمرها ما قالت لي لأ» (فيديو)    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    وأذن في الناس بالحج، رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا للركن الأعظم (صور)    تريزيجيه: الأهلي بيتي وتحت أمره في أي وقت    ارتفاع عدد الشهداء في جنين إلى 11 بعد استشهاد طفل فلسطيني    صدمة تاريخية.. أول تحرك إسرائيلي ردا على دولة أوروبية أعلنت استعدادها لاعتقال نتنياهو    خبير ب«المصري للفكر والدراسات»: اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين يعد انتصارا سياسيا    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 39    أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 23 مايو 2024    رئيس الزمالك: شيكابالا قائد وأسطورة ونحضر لما بعد اعتزاله    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    مواعيد مباريات اليوم الخميس 23- 5- 2024 في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    محللة سياسية: نتنياهو يريد الوصول لنقطة تستلزم انخراط أمريكا وبريطانيا في الميدان    مفاجأة، نيكي هايلي تكشف عن المرشح الذي ستصوت له في انتخابات الرئاسة الأمريكية    نتيجة الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2024 برقم الجلوس والاسم جميع المحافظات    والدة سائق سيارة حادث غرق معدية أبو غالب: ابني دافع عن شرف البنات    الزمالك يُعلن بشرى سارة لجماهيره بشأن مصير جوميز (فيديو)    بالأسم فقط.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2024 (الرابط والموعد والخطوات)    المطرب اللبناني ريان يعلن إصابته بالسرطان (فيديو)    قبل ساعات من اجتماع «المركزي».. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    4 أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.. بينها بر الوالدين وجلسة الضحى    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23 مايو في محافظات مصر    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    الداخلية السعودية تمنع دخول مكة المكرمة لمن يحمل تأشيرة زيارة بأنواعها    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    تأكيدًا لانفراد «المصري اليوم».. الزمالك يبلغ لاعبه بالرحيل    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    "وطنية للبيع".. خبير اقتصادي: الشركة تمتلك 275 محطة وقيمتها ضخمة    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    رغم فارق السنّ.. «آلاء» والحاجة «تهاني» جمعتهما الصداقة و«الموت غرقًا» (فيديو)    طالب يشرع في قتل زميله بالسكين بالقليوبية    حظك اليوم| برج الحوت الخميس 23 مايو.. «كن جدياً في علاقاتك»    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة «الدرويش الكافر».. الرصاص لم يقتل «هيكل».. وقامته طالت بعدما وقف على أطنان الشتائم.. أطلقنا عليه لقب الكاتب الكبير والأستاذ فاكتفى بقوله «فقاعات منفوخة بالهواء لا تصنع قيمة ولا تؤكد مكانة»
نشر في فيتو يوم 01 - 05 - 2015

«هيكل» ينتمى ل«زمن اليشمك».. ويصر على إغراقنا في «الماضي البعيد»
لم أستوعب علاقات أبنائه المترابطة والمتشابكة ب«ولاد مبارك».. وحكايته مع قطر «لغز».
«عادل حمودة» يكتب -أخيرًا- عن الأستاذ محمد حسنين هيكل تحت عنوان «هيكل.. الحياة – الحب - الحرب»، الخبثاء خرجوا ليتحدثوا عن «مسح الجوخ»، لكن الودعاء منا تلقفوا كلماته، وحفظوا مقدمة الكتاب «عن ظهر قلب» لا لشيء إلا أننا ظننا أن «حمودة» يعلمنا كيف يكون «رد الجميل»، ولم يمر على أذهاننا أن الدكتور «جيكل» يتجلى في كتاب «الحياة - الحب – الحرب» وأن «مستر هايد» ينتظر الفرصة ليمارس نزواته وصفقاته وأفعاله القبيحة.
14عامًا بالتمام والكمال، والأمور بين «هيكل» و«حمودة» «سمن على عسل»، الأول يتحدث والثاني ينقل عنه، ونحن نبدي فرحتنا ل«القاصي والداني»... نحمل كلمات «حمودة» في قلوبنا ونوزع محبته ل«هيكل» على أنفسنا؛ لأن اليوم سيأتي -من المؤكد- ل«رد جميل حمودة»، ولو بفصل في كتاب، أو مقال، وذلك أضعف الإيمان...!
«إن ما يلفت النظر في التاريخ المهني لهيكل، أنه ظل قائمًا مستمرًا.. فاعلاً ومؤثرًا.. رغم اختلاف النظام السياسي.. واختلاف طبيعة العمل الصحفي.. واختلاف الظروف.. لقد بدأ عمله الصحفي في ظل النظام الملكي.. وحصل على جائزة الملك فاروق الصحفية.. وارتبط بجمال عبدالناصر وأصبح لسانه وعقله في كثير من الأحيان.. وبعد شهر عسل بينه وبين أنور السادات، وقع الخلاف والانفصال.. وفي كل هذه الأحوال لم يخفت هيكل.. وواصل صعوده وهو محرر صغير ورئيس تحرير شهير وكاتب من بيته.. ولم تجد معه كل الحجارة التي ألقيت عليه.. ولم يقتله الرصاص الذي طارده معظم سنوات عمره.. بل العكس وقف على أطنان الهجوم والشتائم فطالت قامته».
الفقرة السابقة لا تتعدى كونها جزءٍ من مقدمة كتاب «هيكل.. الحياة – الحب - الحرب» للكاتب الصحفي عادل حمودة.. حاول فيه وفقًا لما حاول ترويجه وقتها، رد الجميل ل«أستاذه» في بلاط صاحبة الجلالة، وأكمل بقوله: على مقعد ثابت، عريض، مصنوع من شرائط الخشب، على الطراز المنتشر في الحدائق العامة يحرص محمد حسنين هيكل على متابعة هذا المشهد الرومانسي الناعم للغروب الذي يشعرك أن الكون كله في حالة صلاة، وهو يتابع هذا المشهد ويندمج فيه يوميًا في أيام الصيف الطويلة التي يقضيها على شاطئ بيته البعيد عن القاهرة بنحو 250 كيلو متر، في قرية تسمى (الرواد) بناها عبدالحكيم عبدالناصر، أحد أبناء صديق عمره جمال عبدالناصر.
ولا يتردد هيكل في التعبير عن انزعاجه لضيوفه المقربين لو فاته هذا المشهد لسبب أو لآخر، وهو ما حدث معي أنا شخصيًا عندما رحت أطارده بأسئلة لا تتوقف، جعلته لا ينتبه، إلا متأخرًا، إلى أن فاتنا الغروب، وأغلب الظن أن هذه مفاجأة لكل من يتصور أن الكاتب السياسي هو قلم بلا قلب، أو قلم بارد القلب، أو أنه شخص مصنوع من الصلب والألومنيوم، يثير المتاعب دون مشاعر، ويفضل العواصف على العواطف، وهو خطأ شائع.
«جورنالجي» بامتياز إن كثيرًا من الكتاب السياسيين الكبار الذين مشوا في طريق الصحافة ذاقوا جنة الأدب قبل أن يحترقوا بجحيم السياسة والصحافة، هيكل نفسه واحد من هؤلاء، فهو يحفظ 10 آلاف بيت من الشعر العربي، ولا يتردد في استخدام بعض أبيات حافظ إبراهيم وأحمد شوقي في إجاباته أو تعليقاته على بعض الأحداث أو المواقف الجارية، كما أنه يهوى سيد درويش وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب والتواشيح الدينية والموسيقى الكلاسكية التي تملأ مكتبه ويحركها في مكتبه بالقاهرة بالريموت كنترول، كما أنه يحرص في كثير من الأحيان على حضور مهرجان (موتسارت) السنوي هو وزوجته.
وأتذكر أن الكاتب الساخر محمود السعدني كان قد دعا مجموعة من السياسيين والصحفيين، منهم الدكتور أسامة الباز (المستشار السياسي للرئيس حسني مبارك) وإبراهيم نافع (رئيس تحرير الأهرام) والدكتور مصطفى الفقي (مدير مكتب الرئيس للمعلومات ثم سفير مصر في فيينا ثم مندوب مصر في الجامعة العربية) ودعاني أنا.
وعلى ضوء ليلة قمرية في النادي النهري للصحفيين المطل على النيل عند الجيزة كان الحوار ساخنًا، متشعبًا، متداخلاً حول إسرائيل والسلام وإيران والسودان والخليج وشيخوخة السلطة في العالم العربي، وفي وسط هذه السخونة، التي عكست التناقض الواضح بين الصحافة والسياسة، فوجئنا بهيكل يثني على ما كتبه محمود السعدني عن مشاهير قراء القرآن في مصر، في كتابه (ألحان السماء).
وفي مناسبة أخرى عرفت أن هيكل يتابع أيضًا مشاهير النجوم في الفن، إن هناك مناسبة يحرص عليها هيكل في كل رمضان، وهي قبول دعوة إفطار لها مذاق خاص عند صديق بدأت علاقته الحميمة به في السجن هو الدكتور ميلاد حنا، وفي هذه الدعوة تجد عادل إمام ولينين الرملي وفاروق الفيشاوي، ويحاول الفنانون من جانبهم جر هيكل إلى السياسة، ويحاول هيكل من جانبه جرهم إلى الفن، وبين الشد من هنا والجذب من هناك يكون الحوار مثيرًا، لكن أهم ما فيه هو أن هذا الكاتب السياسي الذي شغل الدنيا متابع لما يجري في عالم الفن، ربما بكل ما فيه من كواليس وشائعات ونميمة، وهو ما يؤكد أنه نموذج مثالي للمخبر الصحفي الذي لا يفوته أي شيء يجري في المجتمع، مهما كان بسيطًا أو صغيرًا.
إن الصحفي لا يموت لو ترك منصبه، ولكنه يموت لو ترك مصادره، ولهذا السبب يفضل هيكل لقب (الجورنالجي) أنه الوصف الأثير له، أما تلك الأوصاف التي أعطيناها لأنفسنا أو خلعناها على بعضنا البعض من نوع ووزن (الأستاذ الكبير) و(الصحفي الكبير) فكلها كما يقول هيكل بنفسه: (فقاعات ملونة منفوخة بالهواء لا تصنع قيمة ولا تؤكد مكانة).
ويستطرد: (إن كل صحفي يجب أن يكون بالدرجة الأولى (جورنالجي) يتعامل مع الأخبار باعتبارها المادة الرئيسية لصناعته، وهو يستطيع أن يحسن العرض، ويجيد اللغة، ويزيد في التفاصيل، ويهذب، ويصقل، ولكنه وهو بفعل ذلك لا ينبغي له أن ينسى مادته الرئيسية الأولى).
لكن يبدو أن السلطة السياسية في مصر لا تصدق أن (الصحفي) أو (الجورنالجي) يمكن أن يولد بعيدًا عنها، أو يمكن أن يعيش وينمو ويكبر ويزدهر لو خرج من رحمها أو رحمتها.
دون أي مقدمات.. خرج «مستر هايد».. أعلن عادل حمودة عصيانه على «هيكل»، قال «أسطورة شاخت في موقعها»، قال إنه ظل طوال «السنوات السمان» كان كاظمًا غيظه؛ لأنه لا يهوى «الضرب تحت الحزام»، وبعد أن كان «هيكل» _وفى واحدة من المفارقات التاريخية_ هو «الجورنالجي الأول» و«أنه ظل قائمًا مستمرًا.. فاعلاً ومؤثرًا.. رغم اختلاف النظام السياسي.. واختلاف طبيعة العمل الصحفي.. واختلاف الظروف.. وفي كل هذه الأحوال لم يخفت هيكل.. وواصل صعوده وهو محرر صغير ورئيس تحرير شهير وكاتب من بيته.. ولم تجد معه كل الحجارة التي ألقيت عليه.. ولم يقتله الرصاص الذي طارده معظم سنوات عمره.. بل العكس وقف على أطنان الهجوم والشتائم فطالت قامته».
فجأة انتقل «هيكل» من خانة «الأستاذية» ل«مربع الانتهازية».. من «إمبراطور الصحافة» ل«تاجر الأفكار».. والنقلة لم تكن إلا بيد «لاعبه الأول»، الذي أتحفنا لسنوات طويلة ب«لمسات هيكل.. كلمات هيكل.. تحليلات هيكل» ولولا «الملامة» لقال عنه «ما ينطق عن الهوى»...!
أصبح «هيكل» قويًا... مسنودًا... محميًا... يدور في حلقة ذكره دراويش ومريدون يمدحون مآثره.. ويتلمسون البركة بالقرب منه.. ويلقون بتهمة الكفر على كل من يعارضه.
البعض حاول وصف «انقلاب حمودة» على «هيكل» بأنه لا يتعدى كونه «صراع أجنحة» في نظام 30 يونيو، فالجميع يعرفون تفاصيل العلاقة التي تربط «حمودة» بتلك الأجهزة، غير أن القراءة المتأنية التي طالب بها «حمودة» قُرَّاءَه تكشف أنه «في الأمور أمور»، وأن «الغلبة» التي كانت دائمًا تكتب ل«هيكل» بدأت تراود «حمودة»، والألقاب التي منحها ل«أستاذه» راضيًا مرضيًا، أصبحت «حلمًا» يسعى التلميذ لاستخلاصه من بين أنياب أستاذه، متجاهلاً حقيقة وحيدة وأكيدة وهى أن «الدفاتر القديمة» لا تحتوي _فقط_ على ما يشين «هيكل» لكنها تضم أيضًا ما يكشف أكذوبة «كبيرنا الذي علمنا السحر»، الذي كتب عن «هيكل» قائلاً:
لابد أنك مثلي، توقفت عند دعوة رجل تجاوز التسعين من عمره ينتمي إلى ماضٍ بعيدٍ عاصر فيه انغلاق اليشمك ليتحدث عن مستقبل قادم.. يسيطر عليه انفتاح الجينز.
يوم الخميس 10 أبريل 2014 كان هيكل ضيف حوار على لميس الحديدي ليتحدث عن تصوره لما سيحدث.. لكنه.. كالعادة أغرقنا فيما حدث.. طلبت منه أن يتحدث عن الغد القريب فإذا به يعود إلى ماضٍ بعيد.
في ذلك اليوم كشف هيكل عن جريمة سياسية خطيرة.. ولكنه.. نسبها إلى رجل ميت.. هو مليس زيناوي، الرئيس السابق للحكومة الإثيوبية.. واتهم بارتكابها رجلاً ميتًا أيضًا هو عمر سليمان، المدير الأسبق للمخابرات العامة.
كان هيكل (حسب روايته) في إيطاليا (لم يحدد المدينة والتاريخ) وقابل في مصعد الفندق (لم يحدد اسمه) شخصًا راح يحدق فيه.. وعندما وصلا إلى أحد الطوابق سأل هيكل: هل أنت مستر هيكل؟.. وعندما أجابه بنعم أضاف الرجل: إن زيناوي هنا يعالج لأنه مريض.. واستطرد: هل لديك مانع لمقابلته؟ وبالطبع لم يكن لدى هيكل مانع.. وبعد يومين اتصلوا به.
هنا.. أتساءل: لو كان رجل زيناوي هو الذي طلب المقابلة فلماذا انتظر يومين ليحدد موعدًا عاجلاً لهيكل؟ لماذا لم تجر المقابلة في وقت أسرع؟ من أدراه أن هيكل سيبقى يومين؟ أليس الأقرب للاحتمال أن يكون هيكل هو الذي طلب وهو على كل حال أمر مشروع ولكنه يخلو من الغرور؟
جلس هيكل وزيناوي ومعه أحد مساعديه في ألتراس بجوار صالون الجناح الذي يقيم فيه زيناوي، وبدأ يشكو مما صنعته به مصر.. ومنها محاولة اغتياله ثلاث مرات في عهد مبارك من خلال خطط السيد عمر سليمان.. وعلق هيكل على ذلك بشعوره بالخجل.. وبوصفه الأمر بالخطير.
قصة مثيرة.. بالفعل.. انتظر زيناوي المصاب بمرض ميئوس منه صدفة مقابلة هيكل ليدلي بالسر العظيم.. وكأنه يخصه بوصية.. أو كأنه يخلي ذمته من الدنيا قبل أن يطير إلى الآخرة.. وهنا نتساءل: لو لم تقع تلك الصدفة فهل كان زيناوي سيرحل عن عالمنا دون أن يكشف ما يخبئه في صدره ويموت عليه، خاصة أننا لم نسمع تلك القصة من مسئولين إثيوبيين آخرين بمن فيهم من يكرهون مصر؟
ويزعم هيكل أنه تحرى الأمر بنفسه.. ولكنه.. لا يريد الخوض فيه.. دون أن يبرر إحجامه عن ذكر التفاصيل.. فجريمة اغتيال رئيس دولة مثل إثيوبيا تمد مصر بنحو 85% من مياه النيل جريمة سياسية من الطراز الأول.. لا يجوز السكوت عنها.. لا يجوز أن يذكرها هيكل بكل هذه السرعة والخفة وهو الصحفي الذي علمنا أهمية التفاصيل.. إن هذه الجريمة قبل أن تكون موجهة إلى شخص زيناوي موجهة ضد مصالحنا الحيوية في مياه النيل.. المشكلة الصعبة التي نحتار في حلها.
وليس من عادة هيكل أن يفجر كارثة بهذا الحجم ويمضغها في كلمات قليلة.. إنه كاتب التفاصيل الدقيقة.. ولو طبقنا هذه الواقعة على أسلوب هيكل في الكتابة لتوقعنا منه أن يتحدث عن شكل الثياب التي كان يرتديها زيناوي ونوع المشروب الذي قدمه وشكل المكان من حولهما.. لكن.. هيكل أكل الواقعة المفزعة في كلمات قليلة عابرة على غير عادته وكأنها لم تحدث.
إنها بالفعل.. جريمة خطيرة لا يجوز السكوت عليها.. بل.. ويجب التحقيق فيها.. فربما كانت سببًا قويًا في استفحال الأزمة الحادة بيننا وبين إثيوبيا.. كما أنها جريمة تمس نظام مبارك.. فهل كان نظامًا يعتمد أسلوب قتل الخصوم إذا ما تفرقت المصالح وتباعدت السبل؟
والسؤال: لماذا سكت هيكل حتى مات زيناوي وحتى مات سليمان؟ لماذا لم يتكلم إلا بعد أن تأكد أن جسديهما أصبحا جزءً من أديم الأرض؟ هل خشى النفي.. ولا أقول التكذيب؟ أم أن القصة كلها مصنوعة من دخان؟
ومن جانبي سأستند أنا أيضًا إلى شهادة رجل توفاه الله هو عمر سليمان.. كل كلمة أسندها إليه سجلتها على لسانه.. وهنا يمكن التشكيك فيما أقول.. فأنا ألجأ أيضًا لشاهد لم يعد موجودًا بيننا.. وهذا صحيح.. لكن.. الصحيح أيضًا أننى سأدعم شهادته بشهادة مسئول سابق في المخابرات كان ذلك الملف تحت يديه.. هو اللواء عمر قناوي، الرئيس الأسبق لجهاز الخدمة السرية.. وهو متخصص في الشأن الأفريقي منذ بداية عمله السري.. وكان صديقًا شخصيًا لزيناوي.. ونجح في إقناعه كما قال لى بزيارة مصر ثلاث مرات.. ولم يمانع في نشر اسمه.. وقبل ذلك وصف ما قال هيكل بالخرافة.. ولكن.. بجانب شهادة النفي التي قدمها سأعتمد أيضًا على معلومات يصعب الشك فيها.. وسألجأ إلى منطق يستحيل على رجل مثل هيكل خبير بما يدور في العوالم الخفية لأجهزة المخابرات أن ينكره.
وهنا نكرر.. أن التحقيق فيما قال هيكل ضرورة حتى لا يستخدم تبريرًا من جانب الإثيوبيين في مزيد من العداء ضد مصر ويمنحهم حجة إضافية للعبث بمصالحنا المائية.. التحقيق يحدد قوة هيكل في الحصول على معلومات لم يعرفها غيره.. أو يدينه في تهمة تمس الأمن القومي.. وتتسبب في جوع مائي لمصر.
والسؤال الآن: لماذا يفرقع هيكل القصة الوهمية لاغتيال زيناوي في هذا التوقيت الحرج الذي يتضاعف فيه التوتر بين مصر وإثيوبيا؟! هل أراد المزيد من الوقيعة بينهما؟ هل هذه هي الوطنية على طريقة هيكل؟
وبعيدًا عن حكاية «العودة من الماضي» والإصرار على الغرق في التفاصيل، والإشارة إلى أن «هيكل» ارتكب جريمة «خيانة عظمى» بحديثه عن «محاولة اغتيال زيناوي» فإن «أيام الخصام» كشفت ل«حمودة» أن «ولاد الأستاذ» لهم في «البيزنس»، ليس هذا فحسب، ولكنهم أيضًا وضعوا أيديهم في «يد النظام» الذي لا يكل «أبوهم» عن مهاجمته، والمثير أن «حمودة» لم يشرح لنا، أو يبرر، حتى لا نقع في فخ «بعض الظن إثم» قبل أن ينقلب على «هيكل الأب»، خاصة أن «البيزنس» بين «ولاد الأستاذ» و«ولاد الرئيس وأصحابهم» ممتد منذ سنوات طويلة، قبل أن يطلق «حمودة» نيران مدفعيته الثقيلة على «قلعة أبيهم».
فهاهو يكتب تحت عنوان «كاتب وملك وسبعة رؤساء والبقية تأتي» منتصف يناير من العام 2014 قائلاً: بعد ثورة يناير.. توقفت طويلاً عند إبراهيم المعلم.. فهو شريك أحمد هيكل.. وفى الوقت نفسه كان الناشر المفضل لسوزان مبارك.. في علاقة لم أستوعب تشابكها وتناقضها.. هيكل يعارض مبارك.. وابنه شريك الناشر المفضل لسوزان مبارك.. لكنني.. لم أشغل نفسي بحل اللغز.. فكل شخص في تلك العلاقة له إرادة مستقلة.. مهما كانت صلاته العائلية.. أو صلاته السياسية.. كما أن للبيزنس أحكامه التي تتجاوز كل الاعتبارات والتفسيرات الأخرى.
إن المعلم شخصية محورية في حياة هيكل.. فهو ناشر كتبه.. وشريك ابنه.. والواجهة التي يعمل من خلفها.. فقد أسس المعلم شركة وقعت نيابة عن هيكل مع قناة الجزيرة ليتحدث هيكل على شاشتها تحت عنوان «تجربة حياة».. بجانب أحاديث مباشرة يجريها في أوقات مختلفة تفرضها سخونة الأحداث.
وقع المعلم مع «الجزيرة» ووقع هيكل مع المعلم وتسلم منه الأموال المحولة من قطر بطريقة غير مباشرة.. ليحمي نفسه من تهمة القبض يدًا بيد من العائلة القطرية مالكة القناة.. منتهى الذكاء.. ومنتهى الذكاء أيضًا أنه توقف عن بث أحاديثه في «الجزيرة» فور أن تقاطعت المصالح وتفجرت المتاعب بين القاهرة والدوحة.
وحسبما سمعت منه، فإن أمير قطر السابق حمد بن خليفة همس له ذات مرة بأنه قام بتمويل ثورة يناير بالمال دعمًا للديمقراطية.. ولم يسأله هيكل عن مفهومه للديمقراطية.. لكنه.. نفى له أن يكون ذلك قد حدث.. قائلاً: إن المال ذهب في الغالب إلى السماسرة والوسطاء.. فالشباب الذي فجر الثورة بريء في غالبيته من تهمة التمويل الخارجي.
لكن.. تلك القصة تؤكد بشهادة هيكل أن قطر تلقى أموالاً في مصر.. إما لمساندة الإخوان وإما لتخريب البلاد.. في حالة غير مسبوقة.. لم يشأ هيكل أن يتورط في تفسيرها رغم أنها ضاغطة وملحة وتحتاج رأيه.
ولو كان هيكل قد توقف عن أحاديث «الجزيرة» فإنه لم يقطع صلته بالعائلة الحاكمة القطرية التي وصفها في حديث تليفزيوني مؤخرًا بأنهم أصدقاؤه.. وإن انتقدهم.. ومست الجملة أحزان وأوجاع الكثير ممن سمعها.. وتعجب منها.. فكيف يظل «الأستاذ» صديقًا لدولة تتآمر على بلاده.. وتهددها وتهاجمها وتحرض عليها ليل نهار.. وتمول الإرهاب فيها.. وتأوي رموزه على أرضها؟ وهل يكفى أن يبرر ذلك التواصل المثير للدهشة بأنه «ينتقدها»؟ هل يقبل من رجل يضعه المصريون في خانة الخبرة والوطنية مثل هذا التصرف؟
المصادر
مقال «كاتب وملك وسبعة رؤساء والبقية تأتي» 9 يناير 2014 - مقال: هيكل.. أسطورة شاخت في موقعها 19 أبريل 2014 - كتاب «خريف هيكل»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.