والسلفيون حزبهم غير دستورى مشروع أمريكا الإسلامى انهزم.. ومصر عصية على إرهاب «داعش» انتخابات البرلمان شعارها «اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش» الشاعر القدير سيد حجاب.. لغته البسيطة تمتلك مرادفات كثيرة ل«تحليل الواقع».. لا يتحدث بالنظريات.. يكتفى دائما ب«رصد الواقع».. وبعد فترة طويلة من التأمل، تخرج كلماته لتحلل وتشرح الوضع بكل سهولة ويسر.. يرفض - رفضا قاطعا - الهجوم على 25 يناير.. ويحب 30 يونيو، وما بين الثورتين، يرى أن جماعة الإخوان المسلمين، التي أدارت مصر على مدى عام، لم تنجح في فهم تركيبة وعقلية ونفسية ومزاج الشعب المصري. «حجاب» يؤكد -بما لا يدع مجالا للشك- أن من يتحدثون عن «تقسيم مصر» لا يعرفون أن «المحروسة عصية على التقسيم»، ويؤكد أيضا أن تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الإرهابى لا يتعدى كونه «دمية» في يد الإدارة الأمريكية، وعن تصوره لمستقبل التنظيم الإرهابي، وعلاقته بجماعة الإخوان وقضايا كثيرة كان الحوار التالي: في الذكرى الأولى لرحيل الإخوان.. كيف تفسر ضياع حلم 80 عامًا للجماعة في الوصول لحكم مصر في عام واحد؟ تفسيرى لهذا الأمر هي فكرة العالم الافتراضى والعالم الفعلي، فشبابنا الذي قام بثورة 25 يناير بدأ تصوره للعالم من خلال عالمه الافتراضي، وهذا التصور مبنى على أسس تعكس صورة العالم الواقعي، لذا استطاعوا عمل هذا التغيير العظيم في الثورة، والعكس تماما عند الإخوان، حيث كان لهم عالم افتراضى بمثابة سجن صنعه حسن البنا، هذا العالم صور لهم بأنهم جماعة المسلمين ومن خارجهم غير مسلم، وكذا اختزلوا القرآن الكريم في آية «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل» حيث اختزل البنا الإسلام والمسلمين والقرآن في تلك الجماعة وبنى عالما افتراضيا يجمعهم، وهذا منافٍ للعالم الحقيقي، وعندما خاضوا تجربة العالم الواقعى انكشف خواؤهم وفقرهم وعجزهم وقلة حيلتهم وخيبتهم بشكل عام وبالتالى فشلوا، لأنه إذا كان العالم الافتراضى متسقًا مع الواقع الذي تعيش فيه تستطيع أن تحقق ما تريد وإذا كان وهميًا في إطار الزمان والمكان فالتبعثر والتشرذم لا مفر منهما. وكيف ترى الاستمرار في الأعمال الإرهابية وإصرارهم على أنها أعمال لإعادة «الشرعية المغتصبة»؟ هذا العدوان من جانب الإخوان دليل على انكسار كبير، مثل المٌقامر الذي يخسر على طاولة القمار، فإذا كانت خسارته بسيطة يترك اللعب ويرحل، أما إذا كانت الخسارة ضخمة يستميت في اللعب ظنا منه أنه سيعوض خسارته، ولأنه يخشى الواقع فيما بعد حيث إن تلك الخسارة ستعرضهم إلى محاكمة فكرهم وتاريخهم وسلوكياتهم، لذا هم يخافون من ذلك، الأمر الذي ينقلهم من فشل إلى فشل أكبر. في رأيك هل يدخل تنظيم «داعش» مصر عن طريق جماعة الإخوان الإرهابية؟ أظن أن مصر عصية على التقسيم، فهذا الكيان الذي اسمه مصر وعمره آلاف السنين متناغم، وهناك نوع من التوافق المجتمعى بين مكونات الأمة المصرية، إضافة إلى قدر من الوحدة الوطنية التي تجمعهم فوق كل التقسيمات الدينية والطائفية والمذهبية، أيضا «داعش» في حقيقة الأمر دمية تحركها أمريكا والتي استخدمتها حينما وجدت أن مخططها يخرج عن السيطرة، فظلت تقتل في العراقيين بكل طوائفهم، في ظل صمت تام من جانب دول العالم تجاه تلك الأفعال الوحشية، ولكن حينما اعتدوا على كردستان نواة تقسيم العراق والطفل المدلل لدى أمريكا، ظهرت الإدانات من الأممالمتحدة والتسليح من ألمانيا وأوربا، وفى النهاية علينا أن نفهم أن العدو الرئيسى ليس داعش أو الإخوان، فهم مجرد أدوات في يد أمريكا، تسيرهم حسب احتياجاتها، وهذه القوى أظنها الآن تفكر بشكل مختلف بعدما انهزمت فكرتها في تسليم مصر لمن يسمون بالإسلاميين، انهزمت الفكرة أمام جيش وطنى قوى ووحدة وطنية صلبة، فأمريكا تفكر في أشياء أخرى من المؤكد أن ليس من بينها داعش، لأنها تدرك أن قوة داعش أقل من القوة التي يتحلى بها الجيش والأمة المصرية. هل معنى ذلك أن مقولة «مصر مقبرة الغزاه» حقيقية؟ علينا أن نضيف إليها الآن الثورة المصرية في موجتها الأولى 25 يناير وموجتها الثانية 30 يونيو، حيث كانت بشارة لعالم إنسانى مختلف، فنحن نعيش الآن عصر الرأسمالية المتهالكة والتي سعت إلى تحويل الأوطان إلى أسواق والبشر في العالم بأكمله إلى زبائن، فمشروع الشرق الأوسط بدأ يتراجع وفكرة السيطرة على مجموعة العبيد في الشرق الأوسط للانفراد بخيرات هذه الأرض انكسرت أيضًا. وما تفسيرك للمحاولات الدائمة لتشويه ثورة 25 يناير؟ لأن الإخوان حاولوا الاعتداء على الدولة المصرية ومؤسساتها بدءا من القضاء والشرطة مرورا بالمؤسسة العسكرية والإعلام والثقافة، وليس فقط اعتداءً على المجتمع والهوية المصرية، إذ شنت عدوانها على تلك المؤسسات الجامعة للمصريين، ولكن الدولة انتفضت مع من خرجوا في 30 يونيو، وعلينا أن نفهم أن جزءًا من هذه المؤسسات قد طاله الفساد وارتبط فكرا وسلوكا بالنظام الأسبق وبالتالى هم يرون الآن أن هذه هي فرصتهم لتصفية الحساب مع ثورة 25 يناير لاستعادة النظام القديم. وتقديرى أن من يقول إن 25 يناير مؤامرة أو30 يونيو انقلاب، هو شخص لا يفهم حقيقة ما حدث في مصر، وبعدم فهمه يخدم مصالح القوى الكبرى التي تحاول الالتفاف على ثورة الشعب المصرى ومحاولات هزيمته والقضاء على دولته التي يحلم بها وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى زمن مبارك، وأرى أن كل من يظن أن السيسي مبارك أو سادات يعملون ضد حساب الشعب المصري، وكل من يراه عبد الناصر لا يفهمون طبيعة ما حدث في ثورتى 25، 30، فالشعب الآن لا يبحث عن الزعيم الفرد وإنما عن الدولة التي تحقق أحلامه وطموحاته، لأن الظرف التاريخى والتحديات اختلفت تماما عن السابق. نحن على أعتاب انتخابات برلمانية.. كيف تقرأ خريطة البرلمان المقبل؟ المعركة حتى الآن تدار بعقلية النظام القديم للأسف الشديد، وتوضع القوانين بنفس العقلية، فهذه هي الطريقة المجربة، والتي انبتت طوال السنين تمثيلا مشوها للمصريين تحت المثل الشعبى «اللى تعرفه أحسن من اللى ماتعرفوش» ولكن هذا النمط أوصلنا في النهاية إلى الخراب مع نهاية حكم مبارك، لأنه لم يكن ممثلًا للشعب المصري، الآن نحن نحلم بتمثيل حقيقى في مجلس الشعب القادم، لأنه المنوط إبعاد النظر في منظومة القوانين التي ينبغى أن تتسق مع الدستور الذي توافق عليه المصريون، فلدينا منظومة قوانين تصل إلى 63 ألف قانون بحاجة إلى تعديل من وجهة النظر الدستورية على الأقل، بالتالى يسعى أنصار الأحزاب القديمة من إخوان وحزب وطنى وفلول ساكنة في قلب الدولة العميقة، لخلق تمثيل شائه في المرحلة القادمة، لكن أعتقد أن المصريين الذين أسقطوا رموز نظام مبارك بعد 25 يناير قادرون على إسقاطهم جميعا رغم كل التشوهات الموجودة في قانون الانتخابات. فالشعب المصرى أثبت أنه أقوى من كل الأحزاب والقوى السياسية التي تمثل تقريبا 2٪ وهم يضيعون في بحر الشعب الذي دخل مدرسة علوم السياسة والحياة وأصبح قادرًا على الفرز والاختيار ومواصلة حلم «العيش الحرية العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية». وهل تتفق مع الرأى القائل بأن الشعب غير مؤهل للديمقراطية؟ الأهم من الديمقراطية استقلال الإرادة، فليس علاج الأزمة المصرية الديمقراطية، لأن الأخيرة شكل سياسي لتبادل السلطة، واستقلال الإرادة المصرية أهم بكثير، فلابد أن نستقل عن القوى الأمريكية وهذا ما نحاول أن نفعله الآن، لأنه أهم من محاولة معادلة التأثير الأمريكى الغربى بالتأثير الروسى والصيني، وبالنسبة لمسألة التأهل للديمقراطية فالشعب المصرى قدم الحل الأمثل لمشكلة الديمقراطية في العالم. بعد ثورة 25 يناير حدثت دفقة شعرية وأدبية كبيرة لم نشهدها بعد ثورة 30 يونيو.. فلماذا؟ الوضع بعد 30 يونيو أكثر التباسًا، ففى يناير كانت هناك حالة من الإجماع الشعبى لرفض الفكر القديم، بعد 30 يونيو شارك بعض من أهل الفكر والثقافة القديمة في المشهد وهم الذين يحاولون فض شباب الثورة عنها وبالتالى يرتبك المشهد أمام أعيننا. بعض شعراء الفصحى يرون أن «شعر العامية» آفة الشعر العربى.. فما تعليقك؟ لا أعتقد ذلك، فيكفى أن من قدم ديوانى الأول الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي، فعند الشعراء الحقيقيين الازدواج اللغوى لا يشكل مسألة مهمة، والمهم عندهم جميعا أن يكون ما يكتب أو يقرأ شعرًا حقيقيًا. ولكن من يرى أن شعر العامية آفة فهذا كلام أنسبه إلى أشباه وأنصاف شعراء. وهل يأتى الشعر في مرتبة تالية بعد الرواية؟ سادت تلك المقولة والتي أظنها خاطئة، على يد دعاة ما يسمون الحداثة وما بعد الحداثة، وأن هذا زمن الرواية وليس الشعر، ولكن الحقيقة أنه زمن فكر جديد، يعبر عن نفسه في تجليات وصيغ فنية مختلفة، فاحتياجات الإنسان لكل الفنون ما زال قائما وضروريا لقراءة الحياة وفهمها. في عام 2009 صرحت أن المثقفين خونة إذا انضموا إلى صفوف الدولة.. فما المقصود بذلك؟ المثقف في كل المجتمعات في أزمة حقيقية، لأنه ليس طرفًا مباشرًا في الصراع الطبقي، وبالتالى إذا فاز رءوس الدولة يستطيع أن يعمل، وإذا فاز طبقات الشعب يعمل معهم وهم بحاجة إليه، لأنه بطبيعة انصرافه للعمل الذهنى يصل للمعرفة قبل الآخرين، وحين تتوفر له المعرفة إما يوظفها لحساب ناسه أو لنفسه، وتمنحه قوة ونفوذا، حيث ينتمى لمن بيدهم سلطة الحكم والإدارة. ولذلك رأينا طوال التاريخ عددًا كبيرًا بيقترب من السلطة لخدمة أهداف السلطة للحصول على مكاسب ومغانم شخصية وفى نفس الوقت رأينا فنانين وكتاب شهداء تصل تضحيتهم بحياتهم، لأنهم يضعون ما يعرفون في خدمة الإنسانية. أسماء عندما تسمعها.. ماذا تتذكر؟ «أحمد فؤاد نجم» صوت لعب دورًا هامًا في الحركة الشعبية السياسية المصرية منذ فترة النكسة حتى رحيله وظل طوال تلك الفترة منتميا بفكره وأحلامه للشعب المصري، ومن المؤكد أننا خسرنا برحيله صوتًا هامًا في المرحلة المقبلة. «عمار الشريعى» رفيق مشوار العمر، والذي قلت له في آخر قصيدتى له «وأنا بحضن ابنك مراد.. انحاش وضاع صوتي.. خايف يا صاحبى بموتك.. يبتدى موتي». عمار بالنسبة إليّ كان الجملة الموسيقية لحياتى الشعرية وجمعتنا رؤى وأحلام وعشق للوطن والفن، وحققنا أشياء كثيرة مما حلمنا به. «بليغ حمدي» قلت له في إهداء دواوين الأغانى التي انشرها له، «إلى بليغ حمدى.. كان حلم وراح»، فكان حلمًا عظيمًا لتجديد الموسيقى المصرية ولم يكتمل طريقه بالرحيل المبكر جدا. «محمد مرسي» أتذكر المقولة الشائعة «أنت تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت». «خيرت الشاطر» لا أجد كلمات له سوى أنه «بقال».