حتى مقابر الموتى وصلتها الصراعات السياسية، فالإخوان يرفضون دفن موتاهم فى قبور «الفلول» وأعضاء الحزب الوطنى «المنحل» ردوا بإقامة مقابر خاصة لهم، هذه ليست قصة خيالية، وإنما واقع ملموس وصراع حقيقى داخل مركز «نبروة» بالدقهلية، وتحديداً داخل قرية «طيبة» التى لا يتعدى عدد سكانها 04 ألف نسمة. الحاج جبر شعبان «08 عاماً» من أهل القرية يقول رغم الكثافة السكانية المحدودة لهذه القرية إلا أننا نجد بها خمس مناطق للمقابر وكل مقبرة تخص فريقاً سياسيا معينا، فكل فريق يرفض الآخر ليس فى الدنيا فقط ولكن فى الآخرة. وحول بداية الصراعات يقول الحاج شعبان إن المقابر القديمة للقرية والتى تقع وسط المنطقة السكانية لم تعد تتسع لأعداد الموتى، فكان لزاماً البحث عن مقابر أخرى، مشيراً إلى أن عبد السلام الجمال - عضو سابق بالمجلس المحلى للمحافظة- أخذ على عاتقه إنهاء جميع التراخيص للمقابر الجديدة، وبالفعل استطاع تخصيص 8 أفدنة تقع شرقى القرية، كما حصل أيضاً على جميع الموافقات من الجهات المختصة بدءاً من اعتماد الخريطة المساحية للمقابر حتى موافقات المسئولين فى الصحة والرى والكهرباء والبيئة، وبذلك أصبح للقرية مقابر رسمية فى منطقة تسمى «الحنيشة» وبدأ القائمون على تنفيذ المقابر تحصيل 007 جنيه من كل فرد بالقرية لتخصيص مقبرة له داخل تلك المساحة، مؤكداً بأن الأمور كانت تسير على ما يرام حتى قامت ثورة 52 يناير، فتغيرت الخريطة السياسية فى مصر، وأصبح للإخوان والسلفيين الكلمة العليا فى كل مكان، حتى المقابر لم تسلم من فتاواهم، وأجبروا الأهالى على عدم دفع المبلغ المطلوب بحجة أن هذه المقابر تخص حزب «الفلول» الذى نهب مصر وأذلها، فضلاً عن أن هذه المقابر تقع شرق القرية وفى مساحة تتخفض بنحو مترين عن مستوى الأراضى، ولذلك لا تتوافر بها شروط إقامة الجبانات، وأن التراخيص التى سبق الحصول عليها جاءت مجاملة لعضو «الفلول». الحاج شعبان مؤكداً أن الإخوان لم يكتفوا بذلك، بل طالبوا أهالى القرية، بالانضمام لمقابرهم حيث قاموا بتبوير 52 فداناً قبلى القرية من ناحية «المشروع» وأنشأوا عليها مقابر، وزعموا بأن هذه المقابر الخاصة بهم تتوافر فيها الشروط الصحية والبيئية السليمة. فهمى فكرى - من مواطنى القرية التقط أطراف الحديث من الحاج جبر وقال: الأهالى عندما وجدوا الصراع محتدماً بين الإخوان والفلول بخصوص المقابر وكل طرف يخون الآخر، فقد قام عدد منهم بالاعتداء على قطعة أرض زراعية وأنشأوا عليها مقابر خاصة بهم، ناهيك عن انضمام بعض العائلات داخل عزبة عبد القادر وقرروا إنشاء مقابر لهم ليصبح إجمالى الجبانات داخل القرية خمسة مقابر، فكرى مضيفاً: أن جميع الأطراف لم يكتفوا بذلك، بل قام كل طرف منهم بتجميل مقابره لشد الانتباه وضم أكبر عدد من أهالى القرية إلى صفوفه، فمثلاً الأعيان حولوا مقابر «المشروع» إلى قصور يبيعون القيراط فيها ب 03 ألف جنيه. أما عزت البدرى - عمدة قرية الطيبة - فيشخص ما وصلت إليه القرية بعد الثورة بقوله: هناك أشخاص لا يريدون الهدوء للقرية ويسعون للكسب المادى والسياسى وإشعال الفتنة بين المواطنين متساءلاً: كيف يصفون مقابر الحنيشة بأنها مقابر غير صالحة وجاءت الموافقة عليها بالفساد، ألم يكن الإخوان قبل الثورة كغيرهم من أهالى القرية يحلمون بهذه المقابر ويتمنون وجودها؟ البدرى مضيفاً: إن هذه المقابر شرعية ولكن ما قام به الإخوان من تبوير للأراضى الزراعية فيه مخالفة للقانون وهناك محاضر عديدة تم تحريرها ضد أصحاب هذه المقابر، لكن الكل يخشى تنفيذ الازالة بعد أن توحش الإخوان وسيطروا على كل شيء فى مصر.