يحتفل العالم، باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في 29 من نوفمبر من كل عام، وهو اليوم الذي صدر فيه قرار التقسيم الظالم لأرض فلسطين عام 1947. السينما كانت دائما الفن الأكثر مباشرة في تناول الأحداث السياسية الجسيمة التي يشهدها العالم العربي، بدءا من حرب 1984، أو ما يمكن تسميته بالحرب العالمية الأولى ضد إسرائيل، كدولة اغتصبت أرض فلسطين، فصار من كرامة العرب أن يتجمعوا معا في حرب واحدة، إلا أن الجيوش العربية مُنيت بالهزيمة، وولدت المأساة ظلالها السياسية، وبدأ الحديث عن أسباب الهزيمة وصفقة الأسلحة الفاسدة التي رعاها الملك فاروق، وسرعان ما راحت السينما تعزف هي الأخرى على أوتارها، حتى أصبحت حرب فلسطين حدثا رئيسيا في الأفلام التي تناولت قيام ثورة 23 يوليو 1952، وتلك الحقبة من التاريخ العربي. هذه كانت البداية فقط، ومنذ ذلك الحين ولم تتوقف السينما المصرية عن تناول القضية الفلسطينية، ولكن المفارقة أنه كلما مرّت السنوات، أصبح التناول هامشيًا، حتى وصلنا إلى فترة حالية نعيشها ندُر فيها الحديث عن قضية فلسطين بالسينما، وفي السطور التالية نتعرض لذلك: فتاة من فلسطين (1948) فيلم للمخرج محمود ذو الفقار، هذه كانت البداية فقط، ومنذ ذلك الحين ولم تتوقف السينما المصرية عن تناول القضية الفلسطينية، ولكن المفارقة أنه كلما مرّت السنوات، أصبح التناول هامشيًا، حتى وصلنا إلى فترة حالية نعيشها ندُر فيها الحديث عن قضية فلسطين بالسينما، وفي السطور التالية نتعرض لذلك: فتاة من فلسطين (1948) فيلم للمخرج محمود ذو الفقار، عن قصة يوسف جوهر، وسيناريو وحوار عزيزة أمير، وهو أول الأفلام العربية التي تناولت القضية الفلسطينية، وقام ببطولته ذو الفقار نفسه وإلى جواره سعاد محمد، وحسن فايق، وصلاح نظمي، وعزيزة أمير. تدور قصة الفيلم حول ضابط طيار مصري يستبسل في الدفاع عن الأرض الفلسطينية ضد العدو الصهيوني، ويحدث ذات غارة جوية أن تسقط طائرته في قرية فلسطينية، وتعثر عليه فتاة مصابًا في قدمه فتستضيفه في منزلها وتعمل على تطبيب جراحه، مما يقرب بين القلبين المصري والفلسطيني. نادية (1949) يعود الكاتب يوسف جوهر بقصة جديدة عن القضية الفلسطينية في العام التالي لفيلمه "فتاة من فلسطين" مباشرةً، لكن هذه المرة من إخراج فطين عبد الوهاب، وبطولة اثنين من أبطال الفيلم الأول، هما عزيزة أمير، ومحمود ذو الفقار، وإلى جوارهما سليمان نجيب وشكري سرحان. تدور قصة الفيلم حول "نادية" وشقيقها "منير" الطيار على خطوط المواجهة مع العدو الصهيوني في حرب فلسطين، والذي يستشهد في المعركة وتتعرض شقيقته لأزمة نفسية حتى إنها تحاول الانتحار ويمنعها زميله، ويخبرها أن موت أخيها لا يعني الاستسلام، بل مواصلة النضال بالاشتراك في الحرب كممرضة، وبالفعل تتطوع في الهلال الأحمر. أرض الأبطال (1953) فيلم من سيناريو وإخراج نيازي مصطفى، وبطولة زوجته كوكا، جمال فارس، لولا صدقي، وغيرهم، وعُرض لأول مرة في 27 إبريل عام 1953، أي أنه تم إنتاجه فور قيام الثورة. وتدور قصة الفيلم في أجواء حرب فلسطين 1948، حيث يُصدم أحد الشباب عندما يعلم أن والده الثري قرر أن يتزوج الفتاة التي يُغرم بها، فيتطوع في الجيش، ويشترك في الحرب، وفي مدينة غزة يلتقي فتاةٍ فلسطينية، ويتحابان ويقرران الزواج، فيقوم الأب بتوريد أسلحة فاسدة إلى الجيش، تكون سببًا في فقدان الابن بصره خلال إحدى العمليات. الله معنا (1955) فيلم من سيناريو وإخراج أحمد بدرخان، عن قصة "الله معنا" للأديب إحسان عبد القدوس، من بطولة فاتن حمامة، عماد حمدي، ماجدة، محمود المليجي، حسين رياض، وغيرهم. تدور قصة الفيلم حول ضابط يشارك في حرب فلسطين بعد أن يودع خطيبته ابنة عمه التاجر الثري، يصاب ويتم بتر ذراعه، يعود مع عدد من الجرحى والمشوهين، وهذا يؤدي إلى حركة تذمر بين رجال الجيش وأن هناك رجالًا وراء توريد الأسلحة الفاسدة للجيش منهم والد خطيبته. أرض السلام (1957) فيلم للمخرج كمال الشيخ، ومن تأليف حلمي حليم وسيناريو وحوار علي الزرقاني، ويعد هذا الفيلم هو الأول من نوعه، الذي يتم تصوير أحداثه بالأراضي الفلسطينية، وهو من بطولة عمر الشريف، فاتن حمامة، وعبد السلام النابلسي. تدور قصة الفيلم حول فدائي مصري يختفي داخل قرية فلسطينية، وهنا تتعاون معه إحدى الفتيات، ويصور الفيلم معارك الفدائيين من أجل تحرير فلسطين والصعوبات العديدة التي يلاقونها من نسف خزانات الوقود، وبعد انتهاء أي عملية يعود الفدائي والفتاة دون أن يتمكن الإسرائيليون منهما، وعلى هامش ذلك تنمو علاقة صداقة ثم حب بينهما تنتهي بالزواج. ناجي العلي (1992) فيلم للمخرج عاطف الطيب، من تأليف بشير الديك، من بطولة وإنتاج نور الشريف، وإلى جانبه ليلى جبر، محمود الجندي، وقد تعرض الفيلم لحملة مهاجمة له في وقت عرضه بسبب بعض المواقف السياسية للراحل ناجي العلي، مثل موقفه الرافض لاتفاقية كامب ديفيد، حتى تم منع عرض الفيلم. وتدور قصة الفيلم حول واقعة الاغتيال الشهيرة التي تعرض لها الفنان الفلسطيني ناجي العلي في العاصمة البريطانية لندن في عام 1987 ودخوله لغرفة العناية المركزة، ويعود الفيلم بأحداثه إلى الوراء حيث يسترجع المحطات التي مر بها العلي في حياته بدءًا من نزوحه إلى لبنان وإظهار ويلات الدمار والتهجير، ثم عمله في الكويت، ثم عودته إلى لبنان مجددًا خلال فترة الحرب الأهلية، وينتهي الفيلم بتوقف نبضات قلب ناجي، في إشارة إلى أن القضية تموت بموت أحد المدافعين عنها. صعيدي في الجامعة الأمريكية (1998) فيلم للمخرج سعيد حامد، والكاتب مدحت العدل، من بطولة محمد هنيدي، منى زكي، أحمد السقا، طارق لطفي، هاني رمزي، غادة عادل، فتحي عبد الوهاب والذي جسد شخصية شاب جامعي يشارك بالمظاهرات المنددة بالاحتلال الإسرائيلي، ويريد أن يكون شباب جيله على نفس القدر من الوعي، إلا أن تناول القضية الفلسطينية في الفيلم كان هامشيًا وسطحيًا للغاية خاصةً أن الفيلم يدور في إطار كوميدي. أصحاب ولا بيزنس (2001) فيلم للمخرج علي إدريس، ومن تأليف مدحت العدل، وبطولة مصطفى قمر، هاني سلامة، نور، عمرو واكد، وتدور أحداثه حول شابين مصريين يعملان بالإعلام، يُضطر أحدهما للذهاب لفلسطين لتغطية الانتفاضة، ليدخل خط درامي جديد، من خلال شخصية "جهاد" الفدائي الفلسطيني، الذي لم يجد حلًا سوى تفجير نفسه. بركان الغضب (2002) فيلم للمخرج مازن الجبلي، من تأليف أحمد الخطيب، من بطولة تامر هجرس، فيدرا، شريف عبد المنعم، جيهان قمري، وتدور أحداثه بين مصر ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان، من خلال فدائي فلسطيني يسعى إلى حل عملي وجذري للقضية الفلسطينية، فيتوجه إلى مصر لعقد صفقة سلاح، ويتعرض في رحلته لصعوبات عديدة، ولكنه يتخطاها جميعا، لتنتهي أحداث الفيلم بتوجيه رسالة مفادها أن الفلسطينيين في حاجة إلى سلاح، ولن يتحقق ذلك إلا بيد كل العرب بعد أن يوحدوا صفوفهم. باب الشمس.. الرحيل والعودة (2004) قدّم المخرج يسري نصر الله، ثنائية باب الشمس "الرحيل العودة" والذي اختارته مجلة "تايم" الأمريكية من بين أفضل 10 أفلام أُنتجت عام 2004، حيث يأتي في صورة أكثر واقعية عن القضية الفلسطينية، ومدى ارتباطها بدول الجوار والأمة العربية ككل، بالإضافة إلى تأكيده أنها ليست قضية خاصة، وذلك من خلال شاب فلسطيني "باسل خياط" يرقد في غيبوبة تامة ويروي ذكرياته مع حبه للفتاة شمس "حلا عمران"، ومن خلالها يتعرف المشاهد على المآسي التي خلفها الحصار. السفارة في العمارة (2005) فيلم للمخرج عمرو عرفة، والمؤلف يوسف معاطي، من بطولة الزعيم عادل إمام، وداليا البحيري، ويتناول قضية هامة ضمن أحداث فيلم ذي طابع كوميدي، حيث تدور قصة العمل حول علاقة مواطن مصري بالسفارة الإسرائيلية التي تقبع بجوار شقته، وإلى جوار ذلك يتم إدخال خط درامي موازِ لطفل فلسطيني يستشهد بعد ذهابه لفلسطين، ومن خلال رصده لعائلة يسارية ترفض التطبيع مع الكيان المحتل. ليست هذه الأفلام فحسب التي تطرقت إلى القضية الفلسطينية، فمثلًا الفنانة نادية الجندي قامت ببطولة عدد من الأفلام الاستخباراتية والتي تطرقت للصراع العربي الإسرائيلي، ومنها "48 ساعة في إسرائيل" أو "مهمة في تل أبيب"، إلا أنه من الواضح تمامًا ابتعاد السينما المصرية عن تناول تلك القضية في السنوات الأخيرة، في ظل اتجاه عام من قِبل المنتجين لاعتبار الأفلام مصدرًا اقتصاديًا للربح وليست سلاحًا فكريًا ونضاليًا.