القضية الفلسطينية، في السينما المصرية وقعت ما بين كونها مادة للاستهلاك الدرامي، أو استدراج ساذج لعواطف الشارع العربي، فقبل ثورة يوليو نحن أمام معالجة ميلودرامية يسيطر عليها المبالغة الشديدة وثغرات درامية وسذاجة في التناول للصراع العربي الإسرائيلي بما يخدم أغراض السوق التجاري للسينما مع توليفة من الأغاني. الطريف ان العملين لم يتعمقا في طبيعة الحرب العربية - الإسرائيلية. وظهر هذا جلياً في فيلمي «فتاة من فلسطين»، سنة 1948، إخراج محمود ذو الفقار، وإنتاج عزيزة أمير، وبطولة سعاد محمد، ومحمود ذو الفقار، و«نادية»، سنة 1949، فالفيلم الأول تدور أحداثه حول ضابط طيار مصري يستبسل في الدفاع عن الأرض الفلسطينية ضد العدو الصهيوني، وأثناء غارة جوية تسقط طائرته في قرية فلسطينية، ويكاد يفقد حياته. ثم جاءت ثورة يوليو واستهلت مناقشتها للقضية الفلسطينية بقرار من الرئيس عبدالناصر بإنتاج فيلم «أرض الأبطال»، للمخرج نيازي مصطفي، في سنة 1952، وتلي ذلك فيلم «أرض السلام»، للمخرج كمال الشيخ (1957)، من بطولة: عمر الشريف وفاتن حمامة، واللهجة المستخدمة في الفيلم هي اللهجة الفلسطينية والفيلم يتخذ من فلسطين مكانا للأحداث ويصور حياة مناضلين من أجل الحرية يحاولون تحرير قريتهم من سيطرة الإسرائيليين. عمر الشريف يؤدي دور مناضل مصري ينتهي به المطاف في هذه القرية حيث يلتقي سلمي وهي فتاة من القرية، ومعا يحاولان انقاذ الفلسطينيين وينجوان من المخاطر. تتطور علاقة صداقتهما إلي قصة حب ومن ثم يتزوجان. أما فيلم «الله معنا» 1953، فقد تناول حرب 1948 وضياع فلسطين من خلال البطل عماد حمدي الذي فقد ذراعه نتيجة الخيانة والفساد، ثم جاءت مرحلة نكسة 1967، وظهرت «جماعة السينما الجديدة»، «خيري بشارة وداود عبدالسلام، وعلي عبدالخالق»، لتطرح رؤية حقيقية للقضية الفلسطينية. ففي فيلم «أغنية علي الممر» للمخرج علي عبدالخالق «1972»، فنحن أمام فكرة المقاومة، من خلال مجموعة من الجنود الذين تبقوا في سيناء أثناء حرب يونيو توكل إليهم مهمة الدفاع عن أحد الممرات العسكرية في سيناء وعدم تسليمه للقوات الإسرائيلية مهما كانت الظروف، هذا الفيلم يُعد واحدا من أهم الأفلام العسكرية في تاريخ السينما المصرية وتقريبا هو الفيلم الوحيد الذي تدور أحداثه كلها أثناء حرب 1967 ويقترب من القضية الفلسطينية، أما فيلم «ظلال علي الجانب الآخر» (1973)، للمخرج غالب شعث من خلال شخصية طالب فلسطيني يدرس في القاهرة. وبعد حرب أكتوبر 1973، وخروج أنور السادات عن فكرة التيار القومي، وترسيخ فكرة ان الحرب انتهت إلي غير رجعة، جاء طرح القضية الفلسطينية، علي انها قضية الشعب الفلسطيني، ولكن هناك أفلام جادة خرجت عن هذا الإطار وهي «كتيبة الإعدام» 1989، و«سواق الأتوبيس» 1983 ولكن الفيلم الذي عزف بقوة علي وتر القضية كان للمخرج عاطف الطيب، فيلم «ناجي العلي»، الذي دار حول اغتيال ناجي العلي، فاغتياله وقعت مسئوليته ما بين الموساد الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية وقامت الشرطة البريطانية، التي حققت في جريمة قتله، باعتقال طالب فلسطيني يدعي إسماعيل حسن صوان ولم تعرف الجهة التي كانت وراء الاغتيال علي وجه القطع. واختلفت الآراء حول ضلوع إسرائيل أم منظمة التحرير الفلسطينية أم المخابرات العراقية أم أنظمة عربية رجعية كسوريا. ولا توجد دلائل ملموسة تؤكد تورط هذه الجهة أو تلك، ويتهم البعض إسرائيل بالعملية وذلك لانتمائه إلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي قامت إسرائيل باغتيال بعض عناصرها، ويتهم آخرون منظمة التحرير الفلسطينية لقيامه بانتقادات لاذعة وجهها لقادة المنظمة، ومع بداية التسعينيات، جاء تناول القضية الفلسطينية، بشكل غير مباشر في فيلم «صعيدي في الجامعة الأمريكية»، إخراج سعيد حامد (1998)، بطولة محمد هنيدي، ومني زكي، وأحمد السقا بحرق العالم الإسرائيلي، ومواجهة قوات الأمن للطلبة الثائرين. فيلم «أصحاب ولا بيزنس» (2001)، إخراج علي إدريس، ليصور الفدائي الذي يري أن الحل الأمثل للقضية هو الهجوم الانتحاري، أما فيلم «باب الشمس» وهو الأضخم - إنتاجاً فيما أنتجته السينما المصرية والعربية عن القضية الفلسطينية. وهو من إخراج يسري نصر الله، وتمويل قناة «ARTE» الفرنسية الألمانية، التي أنشئت بدعم الاتحاد الأوربي، مع «أمير بلزان» صاحب شركة. والفيلم عمل ملحمي، وهو فيلمان منفصلان، (الرحيل، العودة)، فكل جزء يطغي عليه قصة حب تربط الشخصيات والوقائع والمرامي السياسية. في الجزء الأول باب الشمس - الرحيل تطالعك قصة حب يونس ونهيلة، وتتم اللقاءات العاطفية بينهما في مغارة «باب الشمس»، بين «الجليل» حيث تعيش نهيلة ولبنان التي رحل إليها يونس مع رجال المقاومة والجزء الثاني يربطه كذلك قصة حب أخري بين خليل ابن يونس بالتبني و«شمس» الذي يري في وجهها وجه الوطن المسلوب.