ناجي سليم حسين العلي.. هو رسام كاريكاتير فلسطيني، ولد عام 1937، وتوفي في 29 اغسطس 1987، يعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين وتميز بالنقد اللاذع في رسوماته، له أربعون ألف رسم كاريكاتوري، وقد توفي إثر تعرضه لحادثة اغتيال من شخص مجهول بلندن عام 1987. لا يُعرف تاريخ ميلاده تحديدا، ولكن من المُرجح أنه ولد عام 1937 في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، وبعد إعلان إسرائيل لنفسها كدولة هاجر مع أهله إلى جنوب لبنان عام 1948، وعاش في مُخيّم عين الحلوة، ثم هاجر منه وهو في العاشرة من عمره. ومنذ ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مُخيّم عين الحلوة بجنوب لبنان، اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو مازال صغيرا لنشاطاته المعادية للاحتلال، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها، وقد قام الجيش اللبناني باعتقاله أيضا أكثر من مرة وكذلك كان يرسم على جدران السجن، ثم سافر إلى طرابلس وحصل هناك على شهادة هندسة ميكانيكا السيارات. وحينما رأى الصحفي والأديب الفلسطيني غسان كنفاني ثلاثة أعمال من رسوم ناجي في زيارة له في مُخيّم عين الحلوة نشر له أولى لوحاته وكانت عبارة عن خيمة تعلو قمتها يد تلوّح، ونُشرت حينها في مجلة "الحرية" عام 1961. وبعدها سافر ناجي إلى الكويت ليعمل محررا ورساما ومُخرجا صحفيا فعمل في عدة صحف ومجلات منها: الطليعة الكويتية، السياسة الكويتية، السفير اللبنانية، القبس الكويتية، والقبس الدولية. ابتدع ناجي العلي شخصية حنظلة وهي تمثل صبيا في العاشرة من عمره، وظهر رسم حنظلة أول مرة في جريدة السياسة الكويتية عام 1969، وأدار ظهره في سنوات ما بعد سنة 1973 وعقد يداه خلف ظهره، ومنذ ذلك الحين أصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته. وقد ولد حنظلة في 5 يونيو 1967، ويقول ناجي العلي عنه أن حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية، واشتهر هذا الرسم ولاقى صاحبه حب الجماهير العربية كلها وخاصة الفلسطينية لأن حنظلة هو رمز للطفل الفلسطيني المُعذب والقوي برغم كل الصعاب التي تواجهه فهو أصدق شاهد على الأحداث ولا يخشى أحد. كان لدى ناجي شخصيات أخرى رئيسية تتكرر في رسوماته منها: شخصية المرأة الفلسطينية التي أسماها ناجي فاطمة في العديد من رسوماته؛ وهي شخصية لا تُهادن، رؤياها شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية وبطريقة حلها، بعكس شخصية زوجها الذي ينكسر أحيانا، ويأتي رد فاطمة قاطعا وغاضبا في العديد من الكاريكاتيرات، أما شخصية زوجها الكادح والمناضل النحيل ذي الشارب، كبير القدمين واليدين مما يوحي بخشونة عمله، ومن ضمن شخصياته أيضا شخصية الجندي الإسرائيلي طويل الأنف الذي في أغلب الحالات يكون مرتبكا أمام حجارة الأطفال, وخبيثا وشريرا أمام القيادات الانتهازية. وفي لندن أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي، وتمت العملية بتاريخ 22 يوليو عام 1987، فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أغسطس 1987، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مُخيّم عين الحلوة بجانب والده وتم ذلك نتيجة لصعوبة تحقيق مطلبه. واكتنف الغموض اغتيال ناجي العلي وقامت السلطات البريطانية بالتحقيق في حادث الاغتيال حيث اتهمت الموساد الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية بمسئوليتها عن الحادث نتيجة لرسمه بعض الرسومات التي تمس القيادات، لكن حينها لم توجد دلائل ملموسة تؤكد تورط هذه الجهات فجاء اغتياله أشبه بعملية التصفية. دُفن الشهيد ناجي العلي في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن، وأصبح حنظلة رمزا للصمود والاعتراض على ما يحدث وبقي بعد ناجي العلي ليذكّر الناس به إلى الأبد. وقد قام الفنان نور الشريف بعمل فيلم له باسم ناجي العلي أثار ضجة في وقتها وطالب بعض المحسوبين على الحكومة المصرية بمنع الفيلم، بسبب انتقاده للنظام المصري آنذاك. ويُعد حنظلة هو أشهر الشخصيات التي رسمها ناجي العلي في كاريكاتيراته، وهو يمثل صبيا في العاشرة من عمره أدار حنظلة ظهره للقارئ وعقد يديه خلف ظهره، وأصبح بمثابة توقيع ناجي العلي كما أصبح رمزا للهوية الفلسطينية. وأشار ناجي أن الصبي ذا العشرة أعوام يمثل سنه حين أجبر على ترك فلسطين ولن يزيد عمره حتى يستطيع العودة إلى وطنه، وإدارة الظهر وعقد اليدين يرمزان لرفض الشخصية للحلول الخارجية، لبسه لملابس مرقعة وظهوره حافي القدمين يرمزان لانتمائه للفقر. ويقول ناجي عن حنظلة: "ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء"، أما عن سبب تكتيف يديه فيقول: "كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه للمشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبع". وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: "عندما تصبح الكرامة العربية غير مُهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته".