وصول الإخوان إلى الحكم، كان أفضل ما حدث، فى تاريخ مصر الحديث كله، فقبل أن يصلوا إلى الحكم، كانوا يخدعون الشعب الطيب بكلمات معسولة، ومَسْكنة يهودية، وكهنوت ماسونى، مغلِّفين كل هذا باسم الدين، دين الصدق والرحمة والسماحة والحكمة والموعظة الحسنة، ومع خداع استمر سنوات طوالًا، نجحوا فى جذب جزء من الشعب المصرى، بمسكنتهم وتباكيهم، وتنمية روح التطرُّف فى صفوف المهمَّشين والأميين وضعاف العقول والنفوس، وعقب ثورة قتلوا شبابها وغدروا برجالها، وأشاعوا الفوضى فى الوطن، مستعينين بغير المصريين، لتدمير مصر، رفعوا شعارات سلبية، وروَّجوا لشائعات حقيرة، كان الهدف منها الحد من ارتباط الشعب بالجيش، وشيطنة كل ما ينتمى إلى النظام الأسبق، وركّزوا هجومهم على الفريق أحمد شفيق، عندما أدركوا أنه أكبر وأقوى وأخطر منافس لهم، على الرغم من كل ما فعلوه، ونسبوا إلى الرجل كل مساؤى الدنيا، ورفعوا عليه عشرات القضايا، التى برأته منها المحاكم. المؤسف أنهم بمؤامراتهم الدنيئة هذه، قد نجحوا فى خداع عدد من أفضل عقول مصر ومفكِّريها، ودفعوهم لتأييدهم، متصوّرين أنهم بهذا يناصرون الثورة، أو يشترون رضا الميادين، وفى أعماقهم غضب نمّته فيها جماعة الإخوان، وعاصفة من الانفعالات، التى غيّبت العقول المفكّرة، وأغشت العيون المبصرة، وختمت على القلوب الغاضبة. ومع كل هذا، ومع الخداع والدسائس والجرائم والخيانات، لم يفز مرسى إلا بفارق ضئيل، وإن تعامل وجماعته مع ذلك الفارق كأنهم معبودو الجماهير، فى طول مصر وعرضها وبسرعة، نزعت الجماعة عن وجهها القبيح ذلك القناع الزائف، ونفضت الذلة والمسكنة، وأسفرت عن حقيقتها الوحشية الإرهابية الخائنة المستبدّة الطغيانية المتكبّرة المتجبّرة. وبسرعة أكبر، نبذت الشعب كله، فى ما عدا أهلها وعشيرتها، واستخدمت طرطورها، الذى وضعته على مقعد الحكم، لتنفذ أكثر مخططات الأرض حقارة وسفالة وخيانة، مخطّط محو هُوِيَّة مصر، وتحويلها من دولة إلى إمارة صغيرة، فى حلم وهمى كبير، ملأ نفوسهم المريضة، وتصوّروا أنهم باتباع أساليب الشياطين، قادرون على رفع راية الخلافة الإسلامية، بحفنة من الإرهابيين والمجرمين والجهلاء وأرباب السوابق، ولكنهم يمكرون ويمكر الله سبحانه وتعالى بهم، وهو عزّ وجلّ خير الماكرين، وضعوا مخطّطهم الحقير، بغطرستهم المريضة، التى صوّرت لهم أن جيش مصر سينحنى أمام محاولاتهم لمحو الدولة، وإسقاط الوطن، وأنه سيؤدّى لهم فروض الطاعة والولاء، فقط لأن طرطورهم يحكم. لم يضعوا فى حساباتهم أن لمصر جيشًا وطنيًّا قويًّا، جيشًا لا ينحنى لأحد غير الله سبحانه وتعالى، جيشًا يحارب دوما أعداء الوطن، فى الخارج والداخل، جيشًا هو درع الوطن وسيفه، ولكنكم الآن عرفتموهم، كشفتموهم، فضحتموهم، أزلتم قناع المسكنة عن وجههم القبيح، وما دمتم عرفتموهم، فاحذروهم، احذروهم، احذروهم ألف مرة.