"تحوّل اللواء المتقاعد خليفة حفتر من حليفٍ لكل من الإمارات ومصر، ورصيدًا للمخابرات المركزية الأمريكية، إلى صداعٍ في ليبيا بعد أن صار يقود قوة قتالية في البلاد"، بحسب ما أوردت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية. وقالت الصحيفة، في مقال تحليلي كتبته ميسي ريان، اليوم الخميس، إنّ اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر كان رصيدًا للمخابرات المركزية الأمريكية (سي آي أيه)، لكنه تحوّل إلى صداع في ليبيا، بعد أن صار يقود قوة قتالية في البلاد. وأوضحت الصحيفة، أنّ حفتر كان يعدّ من الأصول لدى المخابرات الأمريكية، وأنّه محارب ضد الإسلاميين، فصار يقف في طريق السلام في ليبيا، مضيفة أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها لا يعرفون ماذا يفعلون بشأن حفتر. وتابعت الصحيفة، أنّ رفض الجنرال حفتر دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية هشة في البلاد، هدّد الآمال المرجوة لتحقيق الاستقرار في البلاد التي تعاني جراء الصراع الجاري الآن. وأشارت الكاتبة في مقالها، إلى أنّ الحكومات الغربية ناضلت من أجل تحديد سياسة فعّالة للتعامل مع حفتر بعد أن برز كشخصية مهمة في 2014، وبعد أن نصّب نفسه مضادًا للمتطرفين، بينما كان يبني سلطته الخاصة، وينأى بنفسه عن العملية السياسية التي توسطت فيها الأممالمتحدة في ليبيا. عائق أمام البيت الأبيض ونسبت الصحيفة إلى الباحث باراك بارفي - من معهد أبحاث أمريكا الجديدة ومقره واشنطن- القول إنّ حفتر يهدد العديد من المبادرات المدعومة من الغرب في ليبيا، ويهدد كذلك عملية إنشاء قوة سياسية معترف بها في البلاد. وأضاف بارفي أنه بالرغم من أن المليشيات المدعومة بالقوة الجوية الأمريكية حققت نجاحات ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، فإنّ حفتر يبقى عائقًا أمام آمال البيت الأبيض في استعادة الوعد الديمقراطي لثورة 2011 التي أنهت الحكم المطوّل للديكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي. وقالت الصحيفة، إنّه كان لحفتر دور مدعوم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، للإطاحة بالقذافي في وقت سابق، وإنّ هذا الدور يزيد من التعقيد في الجهود الأمريكية لإنهاء الأزمة التي تعانيها ليبيا منذ سنوات. ونسبت الصحيفة إلى مسؤول أمريكي كبير سابق - رفض الكشف عن هويته – القول بإنّ اتصالات حفتر عبر الشرق الأوسط وأبعد من ذلك، جعلت من الصعب على إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وضع استراتيجية للتعامل معه. وأوضح المسؤول أنّ الحكومة الأمريكية لم تكن لديها القدرة على تهميش حفتر، وأنها ليست لديها القدرة على استيعابه ودمجه، مما جعله يبقى حرًا. محاولة انقلاب وأضافت الصحيفة، أنّ حفتر بقي مخلصًا للعقيد القذافي حتى 1987، عندما تم إلقاء القبض عليه وعلى أربعمئة آخرين من أفراد القوات الليبية التي كانت تحارب في تشاد، وأنّه انضم إلى الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا التي كانت مدعومة من الولاياتالمتحدة وتخطط للإطاحة بالقذافي. وأشارت إلى أنّ الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريجان، كان قد وافق على عملية سرية للإطاحة بالقذافي، وأن القذافي كانت له علاقات بالجماعات الإرهابية، وأنه كان حليفًا للاتحاد السوفيتي السابق. وأضافت أن رجال حفتر اتصلوا بوكلاء المخابرات الأمريكية بينما كان هو في تشاد، وأنهم تلقوا تدريبات من جانب شعبة الأنشطة الخاصة في المخابرات المركزية الأمريكية، لكن محاولتهم بقيادة حفتر للإطاحة بالقذافي في 1993 باءت بالفشل. وأشارت إلى أن رجال حفتر تشرّدوا بين الدول، وأن القادة الأفارقة لم يرغبوا في استقبالهم، وأنه بعد ستة أشهر من تلك الواقعة نقلت طائرة أمريكية 350 من الثوار الليبيين إلى الولاياتالمتحدة، وأن بعضًا منهم -بمن فيهم حفتر- واصل تدريباته على الأسلحة في فرجينيا الريفية على أمل القيام بمحاولة انقلاب أخرى ضد القذافي. وأضافت، أنّ حفتر الذي كان يعيش في فرجينيا الشمالية عاد إلى شمال أفريقيا بعد ثورة 2011، لكنه فشل في تأمين دعم من قادة الحكومة المؤقتة كي يترأس العمليات العسكرية للثوار ضد القذافي، فأقفل عائدًا إلى ولاية فرجينيا. حلفاء لكن حفتر سرعان ما ظهر مجددًا في ليبيا في 2014، وكشف عن انقلاب عسكري على الحكومة المركزية، وأعلن أيضًا مواجهته الجماعات الإسلامية المسلحة التي نشأت بقوة في البلاد بعد ثورة 2011. وقالت إنّ المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية أصيبوا بالدهشة لما فعله حفتر، لكنه سرعان ما حصل على دعم من الفصائل القبلية والسياسية، حيث أطلق العملية المعروفة باسم "عملية الكرامة" في محاولة لتطهير شرق ليبيا من الجماعات المتشددة، بمن فيهم جماعة أنصار الشريعة، التي كانت متهمة بشن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في 2012. وأشارت إلى أن حفتر حظي بحليفين قويين ممثلين في الإمارات ومصر، اللتين شجعتا حملته في الجزء الشرقي من ليبيا، كما أن قواته كانت تعمل في قاعدة بنينا الجوية التي كان يستخدمها الفرنسيون في بنغازي. ونسبت الصحيفة إلى مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية، القول إنّ حفتر غير مهتم بالديمقراطية أو السلام في البلاد ،وأشارت إلى أنه يستفيد من فشل الحكم في البلاد، ومن فشل المبادرات، وفشل المجتمع الدولي في التوصل إلى حلول قابلة للتطبيق. وقال أحد المتخصصين في مجلس أتلانتيك، محمد الجراح لواشنطن بوست، إنّ حفتر ينوي بموقفه هذا تقديم نفسه على أنّه الرجل الوحيد القادر على إنقاذ ليبيا. وختمت الكاتبة مقالها في الصحيفة بالقول، إنّ حفتر يخشى من أن تؤدي عملية السلام الجارية في ليبيا، وحكومة الوفاق الوطني التي أعلن عنها، إلى تجريده من موقعه العسكري، الأمر الذي دفع ببعض المسؤولين الأمريكيين إلى مناقشة إمكانية إعطاء حفتر دورًا عسكريًا ضمن التشكيل الحكومي الجديد في ليبيا.