كشفت صحيفة "الجارديان" عن طبيعة العلاقة القديمة بين حفتر والمخابرات الأمريكية قائلة "تحت السماء الصافية وشمس الصحراء الحارة جدا، قام فريق من سي أي إيه بوضع القائد العسكري الليبي في المنفى على خطواته الأولى، وقدموا له مع عصابة من المقاتلين دورات بطرق التخريب وأساليب الحرب، كان هذا في الثمانينات من القرن الماضي حيث حلموا بالعودة يوما والإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي". وقال كاتبا التقرير "كريس ستيفن" و"إيان بلاك" تحت عنوان : (الجنرال السابق يتسبب في اضطرابات في ليبا) أو Khalifa Haftar: renegade general causing upheaval in Libya ، إن "صلات حفتر مع سي أي إيه بدأت تلاحقه، حيث أخذ أعداؤه يشجبونه ويتهمونه بالعمالة لأمريكا، وفي الجو السياسي الليبي المشحون اتهامات كهذه مسمومة، وقد تكون مضللة أو أخبارا قديمة، مع أن الولاياتالمتحدة نفت دعمها له، ونفى هو أي اتصالات مع واشنطن". وسبق أن كشف الكاتب البريطاني "ديفيد هيرست" أيضا في موقع "هافينغتون بوست" 13 مايو الجاري أيضا أنه "بالتنقيب في تاريخ حفتر، نجده قد أمضى العقدين الماضيين في ضواحي ولاية فرجينيا مقربا من وكالة الاستخبارات المركزية " . وقالت "الجارديان": "أن حملة خليفة حفتر ضد الحكومة التي حلت محل القذافي ناجحة، فقد قام بالهجوم على مواقع الإسلاميين في بنغازي والمؤتمر الوطني في طرابلس، وفي أقل من اسبوع استطاع حشد قبائل وأحزاب سياسية وكتائب إلى جانبه " . لكن ومع حلول يوم الخميس الماضي بدأ التوتر يطفو على السطح عندما هددت الكتائب المسلحة والقوية في مصراتة بنشر قواتها في وسط العاصمة طرابلس، حيث يراقب المعنيون تحركات الجنرال المرتد بشكل قريب في داخل ليبيا وخارجها . محاربة للإسلاميين هي شهادة اعتماده ونقلت الصحيفة مزاعم عدد من المسئولين الأمنيين الأمريكيين عدم معرفتهم بشكل مباشر بعملية حفتر، ولا يعتقدون أن الولاياتالمتحدة تقوم بدعم حفتر ، وعوضا عن هذا يقولون إن الحملة التي يقوم بها حاليا يجب أن تكون "بروفة" للمستقبل "فبإظهاره القدرة على مواجهة الإسلاميين والانتصار فهو يقدم نفسه كشخص لا يمكننا تجاهله". وعلق مسئول أمريكي بالقول : "هو نوع من الرجال الذين لا لون لهم، وفي العادة ما يسيئون تقدير قوته، فهو رجل عجوز صعب ويمكنه الانتصار بأي ثمن في ليبيا" ، وتشير الصحيفة لرحلة حفتر للسلطة التي مشى إليها مع عشرين ضابطا في انقلاب عام 1969، فهو مثل القذافي بدوي ويؤمن بالجيش كوسيلة لتحرير ليبيا، ولكن البلاد انحدرت نحو الديكتاتورية والحرب عندما غزا القذافي تشاد، فقد انتهت "حرب التويوتا" التي خاضها القذافي بكارثة. وفي عام 1987 شن الجيش التشادي المدعوم من الفرنسيين والمخابرات المركزية الأمريكية هجوما في أثناء الليل على القاعدة الجنوبية الليبية، وقتلوا 1700 جنديا وأسروا 300 جندي كان منهم الجنرال حفتر . وفي المنفى وبعد أن تخلى عنه القذافي شعر حفتر بالمرارة وقبل عرضا من الأمريكيين بتحريره مقابل الانشقاق عن نظام القذافي، والعمل مع "الجيش الوطني الليبيي" الذي دعمته المخابرات الأمريكية . ونقلت الصحيفة البريطانية عن المعارض السابق عاشور الشامس قوله : "كان حفتر جنديا مجربا وكان انشقاقه يعني الكثير لنا ، وكان على "حفتر" وجماعته مغادرة تشاد بعد نهاية الدور الأمريكي، والانقلاب الذي حدث في نجامينا وجاء بنظام موال للقذافي ، وبعد الثورة ضد القذافي عام 2011 عاد حفتر إلى ليبيا حيث أرسلت فرنسا وبريطانيا ودول الخليج قوات خاصة لتدريب المقاتلين، ولتوجيه عمليات الناتو، ووجد حفتر نفسه في المرتبة الثانية في القيادة بعد عبد الفتاح يونس، وزير الداخلية الذي انشق عن النظام . ويقول التقرير إن سمعته كقائد خدم في مرحلة ما بعد القذافي، كانت وراء مغامراته الاخيرة ، حيث دخلت ليبيا أزمة بعد أزمة ، وقام هو في فبراير الماضي بانقلاب علي شاشات التلفزيون. حفتر علي خطي السيسي ويقارن نقاد حفتر ما يقوم به بالجنرال عبد الفتاح السيسي الذي أطاح العام الماضي بمحمد مرسي ، ويقال إن حفتر يحظى بدعم حماسي من دولة الإمارات العربية، ومن حليفه محمود جبريل المقيم في أبو ظبي، بل قام حفتر بإنشاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة مثل الجيش المصري . لكن الجيش الليبي لا يتمتع بنفس تماسك الجيش المصري ، ويقول جيسون باك من موقع "ليبيا- انلاسيس.كوم" : "لا احد ينخدع عندما يقول حفتر إنه يقود الجيش الوطني الليبي، فهو ميليشيا أخرى". وقد يغير حفتر الوضع؛ فعملية الكرامة التي أعلن عنها والتي جلبت إليه ميليشيات وجنودا سابقين وسياسيين قد تنجح لكن النصر غير مؤكد كما تقول الجارديان ، وهناك الكثير من المخاطر التي تواجهه، فحفتر كما يقول جورج جوفي، الباحث في شؤون ليبيا حتى لو لم يكن رجل المرحلة لكنه ربما استجاب للمزاج الشعبي الذي يسمح له بمواصلة العملية، والخوف من أن العملية قد تنزلق لحرب أهلية". نفط ليبيا هو المطلوب وبحسب مسئولين أمريكيين فإن واحدة من القوى الدافعة لحفتر وداعميه الماليين ، هم عدد منهم من الأثرياء الليبيين في مجال صناعة النفط وأجانب ممن يريدون الحصول على عقود تجارية، وإشراك الولاياتالمتحدة في ليبيا ويشعرون بالغضب على حادث القنصلية في بنغازي عام 2012 والتي تركت أثارا سياسية دفعت بإدارة أوباما للتخلي عن ليبيا. ومن بين الذين يعرفون حفتر ، "ماري بيت لونغ" رئيسة مجموعة شركات أمريكية، وقد قادت لونغ بإدارة عمليات سي أي إيه عندما كان حفتر في فيرجينيا، وبعد ذلك عينت مساعدة لدونالد رمسفيلد وأصبحت مستشارة للحزب للمرشح الجمهوري ميت رومني لشؤون الشرق الأوسط أثناء حملته الإنتخابية عام 2012. وحتى نجاح حفتر ، عبرت الولاياتالمتحدة عن مخاوفها من زيادة قوة الجهاديين، مع أن الكونغرس الأمريكي أقر في يناير ميزانية 600 مليون دولار لتدريب قوات 6.000 جندي ليبي ، وحدث خطأ في صفقة أسلحة وبيع 347 دبابة همفي والتي وقع بعضها في يد "أنصار الشريعة" التي تتهمها واشنطن بالوقوف وراء مقتل سفيرها كريستوفر ستيفنز في بنغازي . وتقول الصحيفة إن موقف الإدارة قد يتغير حالة نجح حفتر بهزيمة الإسلاميين، حيث تقوم الولاياتالمتحدة بمراقبة الأمور عن كثب ، مع أن السفارة تعمل في الوقت الحالي على إبقاء قنوات الاتصال مع الإخوان المسلمين . ويقول محلل ليبي : "لا أعتقد أن شيئا يحدث في ليبيا لا تعرف الولاياتالأمريكية عنه"، مضيفا "أعتقد أن الأمريكيين يريدون قوة الدفع التي سيحدثها حفتر والمدى الذي سيمضي فيه.