"الخلاف بين مصر وإسرائيل حول اتفاقيات الغاز الطبيعي يهدد خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الطموحة، والمثيرة للجدل في الوقت ذاته، لتحويل بلاده إلى مركز للوقود الأحفوري، وتصدير الطاقة في الشرق الأوسط، فضلاً عن استغلال دبلوماسية الطاقة".. هكذا استهلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرًا لها نشرته على موقعها الإلكتروني أمس الخميس. وقالت الصحيفة: "مصر جمَّدت خططًا لاستيراد الغاز الإسرائيلي بعد حكم دولي يدين شركات الطاقة المصرية ب1,76 مليار دولار لشركة الكهرباء الإسرائيلية، وطالبت الأخيرة بالتنازل عن هذه القضية، وقضية تحكيم أخرى حول الغاز، غير أنَّ حرص نتنياهو الغريب على إتمام الاتفاق يظهر في إعلانه أنه سيرسل مبعوثا خاصا إلى مصر للتوسط في الخلاف، على اعتبار أنَّ حل هذا الأمر يصب في المصلحة الاستراتيجية للبلدين حسب اجتماع لجنة برلمانية بثته الإذاعة الإسرائيلية العامة". ووفقًا للصحيفة، يعكس النزاع مدى صعوبة الأمر علي إسرائيل، لكي تصبح دولة مصدرة للغاز الطبيعي في المنطقة، حيث تعاني الدولة اليهودية من "ندرة الأصدقاء"، فضلا عن أنه خلافا للنفط، الذي يمكن نقله إلى جميع أنحاء العالم بيسر يصعب نقل الغاز الطبيعي لمسافات طويلة، والمعتاد بيعه في الأسواق الإقليمية حيث يمكن للسياسة أو ما يعرف بدبلوماسية الطاقة أن تحدث فرقا في شروط الصفقة. مسؤول حكومي: إسرائيل بحاجة لمصر ونقلت الصحيفة عن شخص مقرب من الحكومة المصرية "لم تذكر اسمه"، قوله: "إسرائيل تحتاج إلى مصر.. ستكون مشتر كبيرًا، وهي الباب إلى أسواق أخرى في أوروبا، لذلك يمكن لمصر استخدام هذا كورقة لتجنب دفع التعويضات"، مشيرًا إلى أن مصر تريد من إسرائيل التنازل عن التحكيم الدولي. وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف أزعج محاولات إسرائيل طرح اثنين من اكتشافات حقول الغاز الطبيعي الضخمة في البحر الأبيض المتوسط إلى أسواق التصدير، وبالنظر إلى أنَّ سعتهما 25 تريليون قدم مكعب، فإنهما يستطيعان تلبية كثير من احتياجات الطاقة المحلية في إسرائيل مع فائض يكفي للتصدير إلى مصر والأردن وفلسطين، ودول أخرى لعدة سنوات، إذا تمكنت تل أبيب من نقل الغاز إليها. وكانت "مجموعة بريتش غاز"، وهي شركة نفط وغاز بريطانية، و"يونيون فينوسا" للغاز، وهي مشروع مشترك بين شركتي إسبانيا للغاز الطبيعي، و"إيني" الإيطالية، قد وقَّعت اتفاقيات العام الماضي، لاستيراد 9,5 مليار متر مكعب سنويًّا من الغاز الطبيعي، لشركاتها في مصر من حقول إسرائيل لمدة 15 عامًا. وأيضًا، وقَّعت شركة "دولفينوس القابضة"، وهي الشركة التي تمثل المستهلكين غير الحكوميين، والصناعيين والتجاريين في مصر، الشهر الماضي أيضا اتفاقًا مبدئيًّا لاستيراد قرابة أربعة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي لمدة تصل إلى 15 عامًا. غير أنَّ هذه الاتفاقيات تعثرت الأسبوع الماضي، عندما حكمت غرفة التجارة الدولية، في باريس، لصالح إسرائيل ضد مصر في قضية التحكيم التي يعود تاريخها إلى ثلاث سنوات. خبير دولي: مصر السوق الوحيد المتاح لإسرائيل في هذا السياق، نقلت الصحيفة عن روبن ميلز، رئيس قسم الاستشارات في شركة "منار" للطاقة ومقرها دبي، قوله إنَّ إسرائيل لديها القدرة على التصدير إلى دول أخرى مثل تركيا وأوروبا أيضًا، ولكن ليس هناك أي طرق عملية حاليًّا لنقل الغاز. وأضاف خبير الطاقة الدولي: "في الواقع السوق الوحيد المتاح في الوقت الراهن هو مصر، وهذا يبدو معضلة لإسرائيل"، غير أن متحدثا باسم نتنياهو رفض التعليق على الأمر. وفي الوقت نفسه، تعد مصر مستهلكا ضخمًا للغاز الطبيعي، ولديها بالفعل بنية تحتية مستعدة لقبول غاز إسرائيل، إلا أنَّها تستورد حاليًّا منتجات الغاز والغاز الطبيعي المسال من الجزائر وروسيا. نتنياهو يواجه معارضة حول مخطط تطوير حقول الغاز ولفتت الصحيفة إلى أنَّه قبل الخلاف مع مصر، واجه نتنياهو معارضة شديدة لتنمية حقلي " لفياثان" و"تامار". والشهر الماضي، استقال وزير الاقتصاد الإسرائيلي آرييه درعي، بعد رفضه التنازل عن قواعد مكافحة الاحتكار الإسرائيلي لصالح اثنين من حملة الأسهم الرئيسيين في الحقول، هما "نوبل إنرجي" الأمريكية وشريكها الإسرائيلي "مجموعة ديليك المحدودة"، وقضت "سلطة مكافحة الاحتكار" في ديسمبر الماضي بأنَّهما تهيمنان على سوق الغاز. وفي الكنيست، يواجه نتنياهو اتهامات من جانب المعارضة، بالاتفاق على مخطط لتطوير حقل "لفياثان" الذي سيحدد أسعار الغاز عند مستويات مرتفعة جدًا، ويعطي المستثمرين في الحقل امتيازات كثيرة للغاية. ومؤخرًا، كتب زعيم المعارضة يتسحاق هرتسوغ، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، منتقدًا نتنياهو: "مَن الذي تحميه بصفقة الغاز الطبيعي؟ بالتأكيد ليسوا مواطني إسرائيل". واختتمت الصحيفة، بالقول إنَّ رغبة نتنياهو بالمضي قدمًا في الصفقة مع مصر بأي ثمن أثارت أيضًا تساؤلات حول ما إذا كان مقربًا للغاية من قطاع الشركات.