لم تكن لافتة "منفذ القوات المسلحة" التى احتمى بها بعض تجار الماشية منقذا من الحملات التموينية أو كما يعتبرونها "هجمات" التموين، ولم ينجح وجود ذلك الشاب ذي الزى الميري، فى منع مرور سيارات فرق التفتيش التموينية. فجأة وبلا مقدمات توقفت السيارة أمام الشادر، لينزل منها رجل عريض المنكبين يدخل مسرعًا، حيث اللحوم المعلقة يمسك بعدة قطع تزن في مجملها أكثر من خمسين كيلو من اللحم الصافي ويتوجه للسيارة مرة أخرى بذات السرعة، ثوان فارقة كانت سببًا في تأخر صعوده للسيارة أتاحت وقتا للباعة وصبيانهم ليحيطوا بالعربة فيمنعوها من التحرك: «مش كل يوم هتعملوا معانا نفس الحكاية خدتوا مرة وسكتنا لكن مش هنسكت تاني»، ثلاثة من أطباء الحملة تتقدمهم سيدة يبدو من شعرها الأبيض تخطيها الخمسين عاما، يناديها الجميع بالدكتورة عزة، في دقائق معدودة قامت الدنيا ولم تقعد. "إحنا بندبح فى المنيب واللحم مختومة وزى الفل ومعانا الوصل اللى يثبت كلامنا يبقي تاخدوا اللحمة ليه؟"، كلمات فاجأ بها المعلم شريف أطباء الحملة، الذين ترجلوا من سيارة التفتيش لمعاينة اللحوم داخل الشادر، بعد أن قام رجال الشادر بإعادتها لمكانها: "يا حاج ده شغلنا ولازم ناخد اللحمة وهناخدها برضاك ونوعدك مانجيش تاني لحد العيد"، الكلمات التي نطقتها الطبيبة الخمسينية دفعت المعلم شريف لتمسكه بموقفه: "مافيش لحمة هتطلع. برضايا ولا غصب عني ولو عاوزين لحمة تاكلوها ادفعوا تمنها"، الإيصالات المختومة بخاتم مدبح المنيب، لم تكن كافية كي تعتبرها الحملة صك براءة التجار من تهمة بيع لحوم غير مختومة، لكنها كانت كافية كي تكون تحميهم من نظرات الاتهام في عيون الزبائن، الذين سارعوا بالوقوف في وجه الحملة لإنصاف تجار الماشية "الناس ماشية عدل إنتوا ليه بتكفروهم في عيشتهم ولا هو نهب و خلاص"، يتحدث أحد الزبائن الذي سارع بالوقوف في وجه الحملة التموينية "الناس ورقها سليم واللحمة زي الفل وبتوع التموين معروف ضمايرهم". وعلى عكس المتوقع، نجحت وقفة التجار فى وجه حملة التموين، فغادرت السيارة المكان فارغة بعد أن أصر التجار على رفض عملية المصادرة العشوائية.