ربما لا يعرفه البعض، وربما يكون أقل شهرة من المرشد العام للإخوان المسلمين، وأقل ظهورا من مشايخ السلفيين، لكنه دون شك شخصية مهمة، ووجه أكثر تقبلا بين الإسلاميين، على مختلف توجهاتهم. هو مدير مؤسسة «الجسور للتعريف بالإسلام»، المهندس فاضل سليمان، الذى يقر، على عكس غالبية السلفيين وبعض التيارات الإسلامية الأخرى، بأن ثورة يناير ضمت قطاعا كبيرا من غير الإسلاميين «كان هناك ليبراليون واشتراكيون، وغيرهم»، معتبرا أن التعدد هو «عنوان المرحلة المقبلة». سليمان، قال ل«التحرير» إن ظهور التيار السلفى على الساحة السياسية «ضرورى، إذ يسمح لهم بمشاركة فعلية. لكن المشكلة عدم إدراكهم أنهم سنة أولى سياسة، ولا يمتلكون من الخبرة ما يكفى»، وهو ما دفع سليمان إلى نصحهم ب«الاندماج فى أحزاب سياسية، وأن يكون قرارهم السياسى نابعا من تلك الأحزاب، لا من الدعاة». مشيرا إلى أن دخول هؤلاء الدعاة إلى الحياة السياسة «سيزيد من تورط السلفيين، فضلا عن إمكانية اكتساب الخبرة من خلال الاحتكاك بالآخر، مثل العلمانيين واليهود والبهائيين».
وفى توصية موجهة إلى السياسيين جميعا، قال سليمان «مصر ليست إسلاميين فقط أو ليبراليين فقط»، لكنه استدرك «يجب أن يدرك التيار العلمانى مدى قوة الإسلاميين فى الشارع وقربهم من الناس». وبالنسبة لجمعة 27 يوليو الماضية، استنكر سليمان نصائح السلفيين قبل النزول، خصوصا فى ما يتعلق بمسألة «القميص الشرعى»، ووجه كلامه لهم قائلا «أنت عليك علامة استفهام كبيرة جدا، المفروض تعمل لنفسك حملة تشيل من خلالها الصورة النمطية عنك، ولو حتى إنهم يجيزوا التى شيرت استثنائى».
سليمان، كشف عن بعض مخاوف التيار السلفى من الليبراليين والعلمانيين، من الاستفزاز المتعمد، كتهويل الحديث عن «غزوة الصناديق». وأوضح أن مخاوف تطبيق الشريعة الإسلامية لا أصل لها، إذ إن التطبيق لا يعنى فقط عقوبة الجلد وقطع اليد، مستشهدا بما قاله رفيق حبيب نائب رئيس حزب الإخوان «الحرية والعدالة» بأن الشريعة الإسلامية هى الضمانة الحقيقية للمسيحيين. وأوضح سليمان «لو هناك ديمقراطية علمانية فى مصر فلن تبنى كنيسة واحدة، لكن على العكس فإن الشريعة الإسلامية تغل يد الأغلبية عن ظلم الأقلية».
سليمان دافع عن جماعة الإخوان المسلمين، معتبرا أنها بتاريخها، ملك لمصر كلها لا لأعضاء الإخوان فقط، مشيرا إلى أنه رغم أن الجماعة متهمة زورا وبهتانا طوال الوقت فى نياتها فإن أى غلط من الجماعة غير مسموح به، لأنه ضد مصلحة مصر. وفسر تخلى الإخوان عن الترشح للرئاسة وعن الأغلبية البرلمانية بأنهم يعلمون أن وصولهم إلى الحكم سوف يكون ذريعة لمنع المعونات الخارجية، كما يؤثر سلبا على الشأن الإقليمى.
وفى ما يخص المرشحين للرئاسة، قال سليمان إنه لم يستقر على مرشح بعينه، وإن الأولوية تقتضى الاهتمام بانتخابات مجلس الشعب أولا. لكنه فى نفس الوقت يحكى موقفا حدث معه عام 1993 عندما ذهب للعمرة فرأى مبارك ومعه زكريا عزمى، فخاطب نفسه بلسان حال الغاضب من رؤية وجه مبارك فى يوم ربما وافق ليلة القدر، لكن ما إن التفت حتى رأى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فاطمأن ووقع فى قلبه أن الأخير سيحل محل مبارك عند رحيله.
ورأى سليمان أن أفضل نموذج يمكن لمصر محاكاته الفترة القادمة هو البرازيلى والماليزى وكذلك التركى، باعتبارهم نماذج نهضة، مستبعدا الأوروبى لأنه استعمارى يقوم على مص دماء الآخر.
وانتقد أداء المجلس العسكرى، ووصفه بالبطء، لكنه عذرهم لأن ذلك ليس عملهم، معتبرا أن الخطورة فى أن يصر العسكرى على قيادة البلاد. ولكنه عاد ليؤكد ثقته فى أن المجلس العسكرى لن يخون العهد.