تحتل شبه جزيرة سيناء موقعا متميزا فى الفكر الإسرائيلى بمكوناته الدينية، التاريخية والاستراتيجية، بحيث تبدو سيناء لدى عديد من القوى السياسية الإسرائيلية أكثر أهمية من نواحٍ مختلفة، مقارنة بعديد من أنحاء الضفة الغربية، وقد اختصر وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق موقع سيناء بالقول «إن احتفاظ إسرائيل بمدينة شرم الشيخ أكثر أهمية لها من التخلى عن هذه المدينة مقابل توقيع معاهدة سلام مع مصر». أيضا أُصيب مناحم بيجن باكتئاب شديد بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر، فاعتزل الحياة السياسية وانزوى مكتئبا إلى أن مات، فقد شعر بالحزن الشديد لأنه وقع بيده على الاتفاق الذى أعاد شبه جزيرة سيناء إلى مصر. فمن الناحية التاريخية ارتبط اليهود بشبه جزيرة سيناء، ففيها تاه اليهود أربعين عاما بعد الخروج من مصر، وعلى أراضيها المقدسة الطاهرة تسلم موسى النبى لوحَى الوصايا العشر، ومن هذه الزاوية ترى تيارات دينية يهودية أهمية عظمى لشبه الجزيرة. ومن الناحية الاستراتيجية تبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 61 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يتجاوز ضعف مساحة فلسطين التاريخية البالغة نحو 26 ألف كيلومتر مربع، منطقة شاسعة تحتوى على كنوز من الآثار وثروات طبيعية هائلة، تشرف على قناة السويس وبها مناطق سياحية متميزة كشرم الشيخ. سعت إسرائيل وعلى نحو متكرر إلى السيطرة على سيناء، تحقق لها ذلك عام 1956 إبان العدوان الثلاثى على مصر، واضطرت إلى الانسحاب بسبب الضغوط التى مارسها الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت دوايت إيزنهاور على الغزاة الثلاثة فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، لإقدامهم على غزو مصر دون التنسيق مع واشنطن، أو بمعنى أدق دون أخذ إذنها أو الضوء الأخضر منها. ودانت لها السيطرة على شبه الجزيرة مرة ثانية فى عدوان يونيو 1967، واستمرت فى احتلال شبه الجزيرة لمدة أكثر من ست سنوات، حتى شنت مصر حرب السادس من أكتوبر 1973، وجاءت مبادرة السادات بزيارة القدس فى نوفمبر 1977، لتنتهى بتوقيع معاهدة السلام فى 26 مارس 1979، وتبدأ عملية انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء حتى المتر الأخير بالانسحاب من طابا. دخلت واشنطن بقوة فى العلاقات المصرية الإسرائيلية، وأعلنت بوضوح أن سياستها فى المنطقة تستند إلى ركيزتين، الأولى هى أمن إسرائيل، والثانية هى ضمان تدفق النفط من الخليج بأسعار معقولة، وبدأت تعمل بقوة على تكريس إسرائيل باعتبارها القوة الرئيسية فى المنطقة. من جانبها وضع صناع القرار الإسرائيلى شبه جزيرة سيناء فى سياق البحث عن تسوية سياسية للقضية الفلسطينية، هناك من دعا إلى طرد الفلسطينيين إلى شبه الجزيرة، وهناك من أكد أن مساحة شبه الجزيرة تسمح باقتطاع جزء منها يكون محلا لتسوية سياسية شاملة. فى هذا السياق وضع مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى للشؤون الاستراتيجية، الجنرال جيورا إيلاند، خطة متكاملة لتسوية شاملة نهضت على أساس قيام مصر بتقديم جزء من أرض شبه جزيرة سيناء، عبر توسيع قطاع غزة جنوبا على شواطئ البحر المتوسط، وإلى الجنوب على حساب مدينة العريش، منح الفلسطينيين مساحة تقترب من مساحة الضفة الغربية، أى نحو خمسة آلاف كيلومتر مربع، وإقامة الدولة الفلسطينية هناك، فتحصل إسرائيل على كامل الضفة الغربية بما فيها القدس، وبموجب الخطة تقدم الدول الغربية لمصر حزمة من المساعدات تقدر بنحو 70 مليار دولار تستخدمها فى حل مشكلاتها الاقتصادية، وتبدأ عملية نهضة اقتصادية على غرار النمور الآسيوية. سمعنا كثيرا عن مشروعات للنهضة، وحملت لنا الأنباء خبر زيارة سرية لرئيس المخابرات العسكرية القطرية، وهناك من قال إن للزيارة علاقة بتأجير قناة السويس لدولة قطر مقابل مليارات الدولارات تستخدم فى مشروع النهضة، والسؤال هل جرى فى الاتصالات بين واشنطن والإخوان بحث فكرة منح الفلسطينيين قطعة من قلب مصر من أرض الفيروز مقابل عدة مليارات من الدولارات؟