يبدأ التسريب بالمواطن نفسه، يقدم للحوار «الذى سجلته جهة مجهولة» قائلا: .. رغم عودة الخبط والرزع والزعيق الذى نصحو وننام عليه فى حتتنا إلى مستواه الطبيعى، مع استمرار الغياب الأبدى للعصافير المشقشقة أو حتى الخرساء، وكذلك موسيقى حفيف الشجر (فى الحقيقة لست أعرف يعنى إيه شجر أصلا)، ومع أن مراتى سعدية بقيت كدأبها تصرخ وتهتف وتزعق كلما فتحت بقها، ورغم الأجواء اللزجة الخانقة المعجونة بزن وطنين جيوش الدبان (أى الذباب) فإن هذا الصباح كان رائعا فعلا، على الأقل لأن سعدية أفاضت فى الكرم فنفحتنى حتة الجبنة القريش الباقية من ليلة أمس.. تلك الليلة كانت ليلة ليلاء بحق، صحيح لم تكن ليلاء تماما.. لكن لدواعى السفر والحكى الأدبى لا بد من هذه الليلاء التى بدأت باستقبال الست سعدية لحضرتى عندما عدت إلى جحرنا العشوائى السعيد، بوصلة زعيق وصوات حيانى، غطى تماما على فرقعات وصرخات وتجشؤات فضيلة شيخ الجامع اللى جنبنا فى ميكروفونه، الذى هو أكبر من الجامع نفسه.. المهم هتفت أنا بصوت جاهدت أن يكون أعلى من صوتها، وافتتحت هذا الحوار العميق، بالقول: فيه إيه يا ولية فهمينى بتصرخى وتلطمى ليه ع المسا، حد مات لك؟! ابنك تامر يا فالح.. ماله؟! مات؟.. بعد الشر يا أخويا.. ماتبشرش ع الواد.. أمال إيه اللى حصل.. بتصوتى ليه؟! الواد اتسرق.. اتخطف يعنى.. طيب والبهايم اللى خطفوه دول ح يأكلوه منين إن شاء الله.. إطمنى ح يرجعوه دلوقتى حالا؟! يا راجل بقولك سرقوه.. سرقوا فلوسه يعنى.. كده.. ألف مبروك.. مبروك على إيه يا راجل يا مجنون.. مش بتقولى إن ابنك كان معاه فلوس واتسرقت.. عال قوى، بقينا من الناس اللى عيالهم معاها فلوس بتتسرق. يا راجل دول التلاتين جنيه بتوع الدرس.. الواد كان ماشى فى الشارع رايح المركز بتاع الدروس الخصوصية طلع عليه واحد ابن حرام بمطوة وسرقهم منه وضربه. طب وضربه ليه.. مش خد التلاتين جنيه؟! كان عايز ياخد النيلة الموبايل.. وهو تامر معاه موبايل كمان؟!! يا راجل ماتستعبطش.. هو إحنا لاقيين ناكل عشان نجيب موبايل.. الحرامى ضربه عشان ماكانش مصدق إن الواد مامعهوش موبايل.. طيب وعايزانى أعمل إيه دلوقتى.. أجيب لتامر ابنك موبايل عشان لما الحرامى يقابله مرة تانية ما يضربهوش؟!! آه يا غلبى يانا.. بقولك فلوس الدرس اتسرقت وانت قاعد تهرج.. اتصرف يا راجل.. اتصرف!! اتصرف إزاى يا ولية؟! ما انتى اللى وش فقر.. بعد الثورة (يقصد ثورة يناير) رفضتى بإباء وشمم أنى أعمل زى باقى الصيَّع اللى فى حتتنا واشتغل معاهم فى الانفلات الأمنى ، ودلوقتى برضه بترفضى إنى ألقط رزقى مع المقاطيع اللى بيطلعوا بالأجرة فى مظاهرات الإخوان.. طيب، أعمل لك إيه، واجيب لك انت وابنك منين؟!! لا يا خويا، بلاش إخوان وزفت أزرق.. شركة الانفلات الأمنى اللى كنت عايز تشتغل فيها أحسن، أهى برضه فى الأول وفى الآخر شركة محترمة.. هى فعلا كانت شركة يا أم مخ ضلم، بس للأسف ماكنتش محترمة قوى زى ما انتى فاهمة.. يعنى شوية بلطجة على خلق الله، وشوية سرقة بسيطة وكان الحال ح يمشى.. يمشى!! يمشى إزاى؟! بالبلطجة والسرقة؟!.. يا ولية، ماهيه دى شغلانة الانفلات الأمنى.. أمال إنتى فاهمة إنى كنت ح اشتغل مهندز فى هذا الانفلات.. كنت ح ابقى حرامى زى اللى سرق ابنك بالظبط. يعنى عايز تفهمنى أن الشركة اللى كنت بتقول عليها دى، بتشغل حرامية بس.. أيوه.. ثم أنا ماقلتلكيش أصلا إنها شركة ، قلتلك إنها هوجة وكتير من الغلابة اللى زينا استفادوا منها؟! لا يا اخويا ربنا يكفينا شر الحرام.. بس برضه لازم تتصرف وتجيب فلوس الدرس بتاع الواد.. أجيبهم إزاى دلوقتى.. أنزل أعربد فى الشارع مع مقاطيع الإخوان؟! بلا إخوان، بلا زفت أزرق.. اشتغل سلفى أرحم.. أولا، الزفت لونه إسود مش أزرق.. ثانيا يعنى إيه اشتغل سلفى يا ولية؟! يعنى تنزل دلوقتى تدور على حد ابن حلال تستلف منه التلاتين جنيه لغاية لما ربنا يفرجها.. (انتهى التسريب).