احتشدت لكتابة سطور اليوم بينما رأسى مضطرب وساخن جدًا جراء أنباء وأحداث جسام باتت تداهمنا بها الست «جماعة الإخوان» و«ذراعها الرئاسية» يوميًّا تقريبًا.. يعنى مثلا، كنت أريد أن أكتب معلقًا على نبأ قيام السيد الرئيس بمنح نفس جنابه أوسمة ونياشين مملوكة للدولة تبلغ قيمتها بضعة ملايين قليلة من الجنيهات، وترتب امتيازات معنوية ومادية هائلة سوف يتمتع بها فخامته طوال عمره، وفى الوقت نفسه لم يكن فى استطاعتى مقاومة الرغبة فى الكتابة عن أحدث أنباء خطة «تمكين» الست المذكورة من مقدرات السيدة «مصر»، أى نبأ سطو جنابها (كما كان يفعل المخلوع وعصابته) على وسائل الإعلام العامة وإهداء الصحف القومية إلى قائمة مدهشة من حاملى لقب «صحفى»، بينما نسبة كبيرة منهم لا يكاد أحد فى هذه الدنيا يعرفهم أو سمع بأسماء حضراتهم، عدا حفنة قليلة من المطلعين على خبايا ما يجرى فى كواليس صاحبة الجلالة، خصوصا ما يتعلق بأبطال فضائح «التعاون» مع أجهزة أمن ومباحث الأستاذ المخلوع، وحصد المال الحرام من جلب الإعلانات، والاستعداد الدائم للنفاق الرخيص ومسح بلاط أى عصابة تقفز إلى السلطة.. كنت مُمزقا بين هذه الأنباء ونبأ جريمة الإرهاب الفاشى التى تعرض لها الزميل العزيز خالد صلاح على يد عصابة تابعة للست آنفة الذكر، حاصرت طوال ساعات ليل الأربعاء حتى فجر الخميس مداخل مدينة الإنتاج الإعلامى، ومارست اعتداءات بدنية متوحشة وصبت سخائم لفظية فاحشة على الزميل وزملاء إعلاميين آخرين، بهدف تخويفهم وإسكاتهم وإجبارهم على نفاق الرئيس وجماعته. بسبب هذه السخونة وذاك التمزق، لم يكن أمامى إلا الهروب إلى حكاية قديمة نشرتها فى هذا المكان قبل نحو عام، وكانت عبارة عن «صفحة» من مذكرات مواطن يعمل «على باب الله» لكنه يعيش على حلم أن تدركه «الفئوية» ذات يوم ويصبح بمقدوره الخروج للتظاهر مع إخوته «الفئويين»، مطالبًا بزيادة راتبه الشهرى التافه، إذ هو الآن لا يعرف يعنى إيه مرتب أصلا.. كانت ذروة الأحداث المحكية فى هذه «الورقة»، نصيحة مخلصة تلقاها أخونا المواطن من رفيق له التقاه فى الميكروباص، خلاصتها أن يجرب مثله كسب الرزق من العمل «كبلطجى حر» فى مؤسسة «الانفلات الأمنى» العملاقة القائمة حاليًّا.. ولأن سطور الورقة كانت انتهت قبل أن نعرف ماذا فعل صاحبنا بالنصيحة، فإننى أستكمل اليوم بما جاء فى الورقة التالية: «.. رغم عودة الخبط والرزع والزعيق الذى نصحو وننام عليه فى حتتنا إلى مستواه الطبيعى مع استمرار الغياب الأبدى للعصافير المشقشقة أو حتى الخرساء، وكذلك موسيقى حفيف الشجر (سألت من قبل يعنى إيه شجر؟) ومع أن مراتى سعدية بقيت كدأبها تصرخ وتهتف وتزعق كلما فتحت بقها، ورغم الأجواء اللزجة الخانقة المعجونة بزن وطنين جيوش الدبان (أى الذباب) فهذا الصباح كان رائعًا فعلا، على الأقل لأن سعدية أفاضت فى الكرم فنفحتنى حتة الجبنة القريش الباقية من ليلة أمس التى كانت ليلة ليلاء بحق، صحيح لم تكن (ليلاء) تمامًا.. لكن لدواعى السفر والحكى الأدبى لا بد من هذه (الليلاء) التى بدأت باستقبال الست سعدية لحضرتى بوصلة زعيق وصوات حيانى غطى تماما على فرقعات وصرخات فضيلة الشيخ السلفى فى ميكروفون الجامع.. فيه إيه يا ولية فهمينى، حد مات لك؟! هكذا هتفت مذعورًا، فردت قائلة: ابنك تامر يا فالح.. ما له؟.. مات؟!. بعد الشر يا اخويا.. ماتبشرش ع الواد.. آمال إيه اللى حصل.. بتصوتى ليه؟! الواد اتسرق.. اتخطف يعنى.. طيب والبهايم اللى خطفوه دول ح يأكلوه منين؟! يا راجل باقولك سرقوه.. سرقوا فلوسه.. كده.. ألف مبروك.. مبروك على إيه يا راجل يا مجنون.. مش بتقولى ابنك كان معاه فلوس واتسرقت.. كويس، بقينا من الناس اللى مع عيالهم فلوس بتتسرق. يا راجل دول التلاتين جنيه بتوع الدرس.. الواد كان ماشى فى الشارع رايح مركز الدروس طلع عليه واحد ابن حرام بمطواة وسرقهم منه وضربه. وضربه ليه.. مش خد التلاتين جنيه؟! كان عايز ياخد النيلة الموبايل.. وهو تامر معاه موبايل كمان؟!! يا راجل ماتستعبطش.. هو احنا لاقين ناكل عشان نجيب موبايل.. الحرامى ضربه عشان ماكانش مصدق أن الواد مامعهوش موبايل.. طيب وعايزانى أعمل إيه دلوقتى.. أجيب له موبايل عشان لما الحرامى يقابله تانى ما يضربوش؟!».