هل تنادى على «داعش»؟ نعم أيها الإخوانى الذى ما زال مؤمنًا بتنظيمه وجماعته وبأنه من «الفرقة المؤمنة» التى تحارب من أجل الإسلام، هل تهتف فى مظاهراتك مناديًا «داعش» لتنقذك؟ إنه «اللا وعى» يتكلم، فالرجل الذى صعد على منبر مسجد فى الموصل وسمى نفسه «خليفة المسلمين» ليس سوى تحقيق الخيال المريض الذى تربيت عليه، ولم تجد فى نفسك قوة لمقاومته، أو للهرب منه، لتعود إلى الحياة وتكتشف أنك مجرد رقم فى «قطيع». هل تحب «الخليفة»؟ هل تابعت قصص الهاربين إلى «داعش»؟ هل لمعت فى رأسك فكرة استعراض القتل بالسكاكين لتشعر بأنك بطل ومجاهد وصحابى يرسى دولة الإسلام؟ لهذا فإنك قد ابتسمت وجماعتك تعود إلى ألعابها الخشنة، وتعلن فى بيان كاشف عن تثمين مظاهرات 28 نوفمبر، لأنها معركة «الهوية» ونصرة الدين. سترفع المصاحف يومها، هذا جيد جدًّا لكن فى وجه مَن؟ السيسى ونظامه يحاولون كل يوم إثبات أنهم فى حرب للدفاع عن صورة الإسلام الصحيح، ويبررون كل ما يفعلون على أنه «دفاع عن الدين».. هل هذه حرب الهوية؟ هل تتصورون أن هذا الحل سيعيدكم إلى الحكم؟ أم أنه عقاب للمجتمع الذى رفض حكمكم وتعتبرونه كافرًا وترفعون فى وجهه المصاحف وتنادون عليه تلك النداءات المستهلكة «انصر دينك.. وحرر بلدك»؟ إنها إذن معركة «الهوية» تخرجونها من مخازنكم ملونة هذه المرة بألوان حمراء، وفى هذا تعبير عن اليأس الكبير (إلى درجة أن هناك من يتصور أن كل هذه الضجة من صنع أفكار مخابراتية تريد نشر الرعب من الإرهاب، أو للحشد الشعبى فى لحظة تتناقص فيها الثقة فى السيسى، وأخيرًا من أجل أن تكون إعلاناتكم المثيرة للرعب والمهددة بالحرق والقتل رد السيسى على انتقادات خاصة بانتهاك الحقوق والاعتداء على الحريات). هل تصدق نفسك أم تؤدى دورًا فى استعراض سخيف؟ هل تتصور أن طائفية «انتفاضة الشباب المسلم» ورفع المصاحف يمكنها أن تستفيد من الاستعراضات الهزلية الدموية التى يؤديها «داعش» كل يوم، باعتبارها تفسير حلم كل منتظرى «الخلافة» (فيديوهات الدعوة إلى الانتفاضة للهوية الحمراء تبدو كأنها سخرية مما تدعو إليه بأداء مسرحى مفتعل، وتمثيل لأنواع من الشباب حسب اللحية، أما التمثيل النسائى فكان بين الحجاب والنقاب، وكلتاهما طبعًا لم ترتدِ قمصانًا مطبوعة بشعارات الانتفاضة، ولم يكن أى كوميديان سيفعل أكثر مما فعلوه هم). المهم عزيزى: هل تريد منافسة «داعش» أو الحصول على توكيل علامتها التجارية؟ أم أنكم تتصورون أن النظام الذى يحاول أن يبنى سلطويته على أنقاضكم وصل إلى مرحلة ضعف يمكنه فيها إعادة تقاسم السلطة معكم؟ هذه الأسئلة لن تشغلك عزيزى الذاهب إلى آخر الاستعراض، إلى آخر الطريق، إلى الحافة. فأنت رهينة تنظيمات الابتزاز الكبرى والمنتظرين للخلافة، ونحن الآن فى قلب الجحيم نفسه، حيث نرى كوابيس السكاكين على الهواء مباشرة، وترفع أعلام تنظيمات مرتزقة آكلى الدول فى القاهرة، باعتبارها مناهضة للنظام الحاكم، ويظهر الإخوان فى بيان متهتك يعتبرون أن قضيتنا هى «الهوية» لا السلطوية السياسية، ولا القتل باسم مصالح عليا (الدين أو الوطن)، ولا السباق على خنق أحلامنا فى دولة ديمقراطية بلا وصاية. لن أطالبك عزيزى بنزع الغمامة من على عينك، أو بتوفير طاقتك فى وضع غمامة كبرى على أعين الناس لكى لا يروا أزماتهم أو أسئلتهم، وينشغلوا بالدفاع عن وهم كبير اسمه الهوية، وَهْم غرقنا فى عفنه وأوحاله قرونًا. لن أطالبك إلا بالسير قدمًا لتؤدى فقرتك فى استعراض الجحيم الأرضى، الذى نعيشه صوتًا وصورة ومشاعر، كما لم يتح لغيرنا من جماهير التاريخ، نعم إننا جميعًا نحيا فى التاريخ، لكنك اخترت أن تؤدى فقرتك، بينما هناك من يرفض فقرته فاذهب إلى جحيمك.