رغم إعلان المجلس العسكرى إجراء تعديلات على مشروع قانون الانتخابات الرئاسية، استجابة إلى ملاحظات المحكمة الدستورية العليا، التى كانت قد رفضته فى وقت سابق، لا يزال العوار الدستورى يطارد انتخابات الرئاسة، لكن هذه المرة، بسبب نص المادة 28. «مادة إلهية» هكذا أطلق عدد من أساتذة القانون على المادة 28 من الإعلان الدستورى، استنادا إلى منحها أعضاء اللجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة حصانة غير مسبوقة فى دساتير العالم، مما يعيد إلى الأذهان – بحسب تأكيد الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى- المادة المثيرة للجدل (76)، التى كان قد تم تعديلها فى دستور 71، من أجل خدمة مشروع التوريث، وكانت أحد أسباب قيام الثورة ضد نظام مبارك. الإسلامبولى أشار إلى أن المادة 28، تنص على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية، رئاسة اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة، مما يحول -فى رأيه- دون حق الطعن على أى من قراراته، ويمنع المرشحين من حقهم الطبيعى فى مقاضاة أعضاء اللجنة، ويفتح الباب أمام محاباة أحد المرشحين على حساب الآخر، بالإضافة إلى تعارض نص المادة إجمالا مع نصوص دستورية أخرى، وإخلاله بمبدأ حق المساواة وتكافؤ الفرص، مشيرا إلى أنه كان من الأولى انتداب رئيس مجلس الدولة لرئاسة اللجنة. الفقرة الثالثة من المادة 28، كانت هدفا رئيسيا لانتقادات القانونيين، وسببا رئيسيا لاعتراضاتهم، سواء عند إقرارها للمرة الأولى ضمن تعديلات المادة 76 أو بعد تضمينها الإعلان الدستورى، حيث تنص تلك الفقرة على أن «تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأى طريقة وأمام أى جهة، كما لا يجوز التعرض إلى قراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة فى اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنة»، مما يعلق عليه أستاذ القانون فى جامعة عين شمس الدكتور حسام عيسى، بأن النص يتعارض بشكل واضح مع نص المادة 21 من الإعلان الدستورى ذاته، التى تشير إلى أن التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، علاوة على أن الفقرة الأخيرة من المادة تنص بوضوح على أنه «يحظر النص فى القوانين تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء». عيسى يرى أن النص الأخير يعد أصلا دستوريا، لا يجوز الحياد عنه، لأنه يحفظ حق التقاضى للجميع. بينما المادة 28 تتجاوز ذلك الحق وتحتاج بذلك إلى إعادة نظر ويسهل الطعن عليها، فمن غير المعقول منح كل تلك الصلاحيات الإلهية لأعضاء اللجنة، فكيف تكون خصما وحكما فى ذات الوقت عندما تفصل فى اختصاصاتها، وكيف لا يتم التعرض إلى قراراتها إذا حادت عن القانون أو النصوص الدستورية؟ يشار إلى أن المادة ذاتها كانت محل اعتراضات أخرى من المحكمة الدستورية العليا نفسها، تتعلق بإجراءات تشكيلها وهيكلها الإدارى، لكن تلك الاعتراضات لم تتطرق إلى ذلك العوار الذى نبه إليه أساتذة القانون وباحثو الدستور.