نيكول سابا تنتقد سلوك الجمهور تجاه الفنانين وتروي موقفا شخصيا لها (فيديو)    من 8 صباحا والعودة مفتوحة، فصل الكهرباء اليوم عن 5 مناطق في إسنا جنوب الأقصر    في سابقة تاريخية بالبيت الابيض، متحدثة ترامب تكشف عن "أعظم هدية" في عيد الميلاد    اليوم، انطلاق التصويت بالداخل في جولة إعادة 19 دائرة ملغاة من انتخابات النواب    انفصال بعد 21 عامًا يشعل السوشيال.. داليا مصطفى في صدارة الاهتمام وتفتح صفحة جديدة فنيًا    منها السرطان والخصوبة، النوم بجانب هاتفك يصيبك ب 4 أمراض خطرة على المدى الطويل    افتتاح مسجد «عبد الله بن عباس» بمدينة القصير بتكلفة 7.5 مليون جنيه| صور    هجوم صاروخي روسي يستهدف العاصمة الأوكرانية كييف    عماد الزيني رئيسًا ل "هواة الصيد" ببورفؤاد.. والجمعية العمومية ترسم لوحة الانتصار ب 2025    ضبط 11 محكومًا عليهم والتحفظ على 4 مركبات لمخالفة قوانين المرور    وزير الرى يتابع إجراءات تدريب الكوادر الشابة بالوزارة فى مجال إدارة المشروعات    جاهزية 550 مقرًا انتخابيًا في سوهاج لجولة الإعادة بانتخابات مجلس النواب 2025    "التحالف الوطني" يُطلق مسابقة "إنسان لأفضل متطوع" ويوقع أعضاؤه أول ميثاق أخلاقي مشترك للتطوع في مصر| صور    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يفتتحان مستشفى جامعة بورسعيد    بورسعيد تهدي الوطن أكبر قلاعها الطبية.. افتتاح المستشفى الجامعي| صور    مدرب مالي يهاجم التونسي هيثم قيراط حكم ال VAR بعد التعادل أمام المغرب في أمم إفريقيا    إنذار بحري.. الأرصاد تُحذر من اضطراب ملاحة البحر المتوسط    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    شاهد.. حريق هائل يلتهم أكشاك بمحيط محطة رمسيس| فيديو    صور من الظل إلى العلن.. الديمقراطيون يفضحون شبكة علاقات إبستين    التعليم: واقعة التعدى على طالبة بمدرسة للتربية السمعية تعود لعام 2022    بسبب الميراث| صراع دموي بين الأشقاء.. وتبادل فيديوهات العنف على مواقع التواصل    الصحة العالمية تحذر: 800 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا بسبب تعاطي هذا المشروب    منع جلوس السيدات بجوار السائق في سيارات الأجرة والسرفيس بالبحيرة    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    أمم إفريقيا – مدرب مالي: كنا نستحق ركلة جزاء إضافية أمام المغرب    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    شيكابالا: الشناوي لا يحتاج إثبات نفسه لأحد    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    الأردن يدين الانفجار الإرهابي في مسجد بحمص ويؤكد تضامنه الكامل مع سوريا    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    الشدة تكشف الرجال    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    إقبال كبير من أعضاء الجمعية العمومية لانتخابات الاتحاد السكندري    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    الليلة في أمم إفريقيا.. المغرب يصطدم بمالي في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب مفتوح لحمدين صباحى
نشر في صوت الأمة يوم 19 - 05 - 2014

* قد تندفع حملة حمدين إلى ما لا يرغبه الرجل ولا يعتقد فيه
* لا أحد ينازع فى حق حمدين بالترشح هذه المرة أيضا لكن ما كان لن يكون غالبا
* جماعات شباب مختلطة تحمست لترشحه ودفعته إلى اتخاذ قرار عاطفى مفاجئ
ومن حق السيد حمدين صباحى، وهو أخ وصديق عمر، أن يرشح نفسه، وقد بادر بإعلان ترشحه قبل أن يفتح الباب رسميا، ويملك بالطبع توفير شرط الجدية، وله دوائر أنصار ومحبين واسعة، وقد سبق له أن حقق اختراقا صاروخيا فى انتخابات الرئاسة الأولى، بعد ثورة 25 يناير 2011، وحاز ما يقارب الخمسة ملايين صوت، وحل ثالثا فى الجولة الأولى بعد محمد مرسى مرشح الإخوان واليمين الدينى، وأحمد شفيق مرشح الدولة الفاسدة، وكان صباحى هو الحصان الأسود فى معركة الكبار، برغم أن حملته كانت الأقل مالا والأضعف تنظيما، وبرز اسم حمدين كمرشح أحق بتمثيل الثورة، وكانت جغرافيا التصويت لصالحه هى جغرافيا جماهير الثورة نفسها، ولولا ضعف التصويت لصالحه فى مناطق الصعيد والأطراف الحدودية، لكان حمدين هو الفائز الأول فى الجولة الأولى، ولم يكن بوسع مرسى ولا شفيق ممثلى جناحى الثورة المضادة أن يصمدا أمامه فى انتخابات الإعادة، ولكان حمدين قد أصبح أول رئيس منتخب لمصر بعد ثورتها العظمى، و«لو» حدث ذلك لتغير الكثير مما جرى بعدها، لكن التاريخ للأسف لا يعرف كلمة «لو» (!) .
نعم، لا أحد ينازع فى حق حمدين بالترشح هذه المرة أيضا، لكن ما كان لن يكون غالبا، وليس فى كل مرة تسلم الجرة، والذين صوتوا له بحماس فى انتخابات مضت، قد لا يصوت غالبهم له هذه المرة، فقد جرت فى النهر مياه كثيرة، وظل حمدين فى موقعه راسيا، مجرد عنوان على حلم لم يتحقق، لا يشك أحد فى ثوريته وتاريخه الكفاحى، ولا فى مواهبه البلاغية والخطابية والكاريزمية، وإن لحق الشك بمقدرته على الإبداع والخلق السياسى، خصوصا بعد اختلاط الأوراق من جديد، وخلع حكم الإخوان واليمين الدينى بهبة الشعب الأسطورية فى 30 يونيو 2013، وظهور اسم عبد الفتاح السيسى كقطب مغناطيسى جذاب، وفى صورة بطل شعبى جادت به المقادير، وتحول إليه بندول الولاء الشعبى، وعلى نحو جارف غير مسبوق ربما منذ زمن جمال عبد الناصر، حتى وإن كرهه الإخوان الذين انتهوا إلى عزلة موحشة، أو جادلت نخب فى تقييم جدوى ترشح السيسى للرئاسة، وقد بدا غريبا أن يلتحق حمدين بجدال النخب المعلقة، وهو الرجل ذو الحس الشعبى الفياض، والذى خاض معاركه الانتخابية كلها اعتمادا على صوت الشعب، وعلى مواهبه الفطرية فى التواصل مع القواعد الشعبية الواسعة، فالذى يعرف حمدين وقد أزعم أننى أعرفه يعرف طريقته، فالرجل «معجون سياسة» بالمعنى الإيجابى للكلمة، أو قل إنه «محترف انتخابات» بالدقة، قد يعتز بتأييد قادة أو مثقفين أو نخب، لكنه لا ينخدع ببريق الأسماء، ولا يتوقف عند تقديرهم الذى يعتز به، ولا يخوض معركة انتخابية إلا إذا كان واثقا من احتمال الفوز فيها، وربما تكون هذه أول مرة يخطئ فيها الحساب الانتخابى، ويندفع فيها إلى غير طريقته، فقد تزايل عنه تأييد نخب وأسماء براقة، وقد لا تكون هذه هى المشكلة الكبرى عنده، بل المشكلة فى مكان آخر، المشكلة فى إدراكه الفطرى لانصراف القواعد الشعبية الواسعة إلى تأييد السيسى، أضف من فضلك إحساس حمدين العميق باستحقاق السيسى للشعبية الغلابة، فمشاعر حمدين هى ذاتها مشاعر المواطن المحب للسيسى، والمقدر لدوره المنتصر لعموم الناس، وقد ناقشت حمدين فى هذه النقطة بالذات، ولم أجد عنده اعتقادا ولا شبه اعتقاد، ولا تناقض ولا شبهة تناقض بين السيسى ومعنى الثورة الجارية المتصلة فصولها ومعاركها، وإن وجدت شيئا آخر راسبا فى نفس حمدين، فهو يعرف أن السيسى سيفوز قطعا، وأنه لا فرصة لأحد غيره فى الوصول لكرسى الرئاسة، وكان يتمنى من أعماق نفسه ألا يرشح السيسى نفسه، وأن يظل وزيرا للدفاع وقائدا للجيش الذى يحبه الشعب، وقد عبر حمدين بعد إعلان ترشحه عن هذه الرغبة باللفظ والحرف، وكررها مرارا، ليس عن اقتناع بأن رجلا ذا خلفية عسكرية لايصح له أن يترشح، فحمدين قائد ناصرى بارز، ويؤمن بوحدة الشعب والجيش، وبشراكة الثورة والدولة، ولا يستسيغ عبارات من نوع «حكم العسكر» تطلق لإدانة عبد الناصر نفسه، وليس فى هذا شيء من اعتقاد حمدين، بل هى الرغبة النفسية الضاغطة فى إزاحة رجل كتب له الفوز الانتخابى، ويعيق حلم حمدين فى الوصول لكرسى الرئاسة، وليس من حق حمدين فيما أعتقد أن يصادر على حق السيسى فى الترشح، تماما كما أنه ليس من حق أحد أن يصادر على حق حمدين أو حق غيره، حتى وإن بدت المعركة محسومة سلفا وبامتياز لصالح السيسى .
وقد كنت أفضل ألا يخوض حمدين معركة خاسرة، لا أمل له فيها بالفوز، ولا إحراز تصويت انتخابى يضيف إلى ما كان، ولا وضوح فيها لخلاف جوهرى فى المبادئ والمطالب، فقد يخوض المرء معركة انتخابية بطعم السياسة، ينتصر فيها للمبادئ حتى وإن خسر التصويت، وهو ما لا يبدو متوافرا فى معركة حمدين ضد السيسى، فالرجل أى حمدين لا يرى فى السيسى عيبا سياسيا، بل لا يفتأ يعدد مزايا السيسى العقلية والوطنية والأخلاقية، ويرفض وصف 30 يونيو ثم 3 يوليو بالانقلاب، بل وتقول حملته إنها لا تريد أصوات الذين يصفون 30 يونيو بالانقلاب العسكرى، لا تريد أصوات الإخوان، ولا أصوات غيرهم من أرباب عبارة «حكم العسكر»، وحمدين نفسه يصف معركته مع السيسى بأنها مباراة بين الحسن والأحسن، وهى عبارة طريفة حين تقال فى معركة انتخابية يفترض أن تكون ساخنة، وأن يتحدث فيها المرشح عن مزايا اختياره دون غيره، وهو ما يظهر ارتباكا مرئيا فى دعاية حمدين، فهو يعرف أنه لن يكون من فارق محسوس بين برنامجه وبرنامج السيسى، ولا فى قيم الولاء لثورة 25 يناير 2011 وموجتها الأعظم فى 30 يونيو 2013، ولا حتى فى الإيحاء المؤثر على تصويت الناخبين، فظل جمال عبد الناصر حاضر فى حالتى السيسى وحمدين، ومع فارق حاسم لصالح السيسى الموحى بخبرة ومقدرة لاتتوافر لحمدين، ومع غياب الفارق الملموس فى البرنامج والسياسة والإيحاء، فقد تندفع حملة حمدين إلى ما لا يرغبه الرجل ولا يعتقد فيه، قد تندفع الحملة إلى تمييز وتمايز «شكلانى» تماما، ومن نوع أن حمدين مرشح من خلفية مدنية، بينما السيسى مرشح من خلفية عسكرية، وعلى ظن أن هذا التمييز قد يصلح مبررا لترشح حمدين وحلمه بالفوز، وهو ظن بائس وعظيم الجهل بمزاج المصريين، فالدين والجيش والعدل ثلاث عقائد كبرى تحكم مزاج المصريين، وقصة الخلفية المهنية مدنية أو عسكرية مجرد عنوان جانبى، وتمييز بدائى يتسم بالبلاهة العقلية، وليست ميزة أو عيبا حاسما بالضرورة، وفى لحظة الخطر العاصف التى تعيشها مصر الآن بالذات، ثم أن ظاهرة شعبية السيسى تجاوزت دواعى الخلفيات، وصار السيسى اسم علم مفرد، يثق فيه الناس لشخصه لا لرتبة المشير التى يحملها، وهو ما يدركه حمدين صباحى بحسه الشعبى قبل غيره، ويخشى انزلاق حملته إلى هوس شعارات ضالة من نوع «يسقط يسقط حكم العسكر»، وهو ما لا يعتقد فيه حمدين، والذى يردد فى خطبه شعار «الجيش والشعب إيد واحدة»، وكأنه يرد على جماعات شباب مختلطة تحمست لترشحه، ودفعته إلى اتخاذ قرار عاطفى مفاجئ بإعلان الترشح، وقد لا يشك أحد فى صدق وتلقائية العواطف، وإن كنت لا أثق فى عقلها، ولا فى ثوريتها.
نشر بعدد 689 بتاريخ 21/2/2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.