محافظ سوهاج يتفقد لجان انتخابات اليوم الأول لمجلس النواب بدار السلام والمنشاة وسوهاج    النقل: إقبال كبير من المواطنين على القطار الكهربائي الخفيف LRT | صور    حافز جديد من الحكومة لتشجيع بناء وإنشاء المنشآت الفندقية    القسام تعلن موعد تسليم جثة أحد أسرى جيش الاحتلال تم العثورعليها شمال قطاع غزة    "القاهرة الإخبارية": إسرائيل ترسل وفدا سياسيا إلى لبنان لأول مرة وسط ضغوط أمريكية    مدرب الزمالك يستعين بقطاع الناشئين قبل كأس عاصمة مصر    بالدي: نجحنا في الرد بشكل مميز بعدما تلقينا هدفا أمام أتلتيكو    ماركو سيلفا: كنا نستحق التعادل أمام مانشستر سيتي    مدرب منتخب فلسطين: فخورون بإسعاد شعبنا وبالأخص في غزة    القبض على 4 عمال بمطعم في الشيخ زايد بتهمة سرقة مجند خليجي    الطقس غدا.. تغيرات فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة والصغرى بالقاهرة 18 درجة    الداخلية تضبط طالبًا طمس لوحات سيارته فى البحيرة    محافظ الجيزة يتفقد أعمال تطوير حديقتي الحيوان والأورمان (صور)    تشغيل بوابات إلكترونية وماكينات حجز ذاتي في المتاحف والمواقع الأثرية    زينة: "ماشوفتش رجالة في حياتي وبقرف منهم"    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    فحص أكثر من 6.1 مليون طالب للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس الابتدائية    افتتاح غرفة عناية مركزة للأطفال بدمياط تنقذ 26 حياة وتغير واقع الصحة    الحكومة: 6.3 مليون مواطن يستفيدون من خدمات التأمين الصحي الشامل حتى يونيو 2025    الصين: خطة أوروبا لاستخدام الأصول الروسية تنتهك القانون الدولي    الصليب والهلال الأحمر الدولي: فيضانات جنوب شرق آسيا كارثة إنسانية تتطلب دعما عاجلا    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    في عيد الكاريكاتير المصري الخامس.. معرض دولي يحتفي بالمتحف المصري الكبير    الرئاسة الفلسطينية: تصويت الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال انتصار للشعب الفلسطيني    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا وجاهزون لفلسطين    تحذير من انتشار «التسويق القذر»| أمين الفتوى يوضح مخاطره وأثره على الأخلاق والمجتمع    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    محافظة الجيزة ترفع 500 حالة إشغال خلال حملة بشارع عثمان محرم.. صور    مصر السلام.. إيديكس 2025.. رسائل القوة بقلم    مراسل إكسترا نيوز: 18 مرشحا يعودون للمنافسة فى الفيوم بعد قرار الإلغاء    كولومبيا تطرد أعضاء من الطائفة اليهودية المتشددة ليف تاهور إلى أمريكا    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    ضبط عامل يوزع كروت دعاية انتخابية على رواد أحد المخابز بالبحيرة قبل بدء العملية الانتخابية    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    التشكيل المتوقع لمباراة بايرن ميونخ ويونيون برلين في كأس ألمانيا    ضبط سيدتين بحوزتهما كروت دعاية انتخابية بمحيط لجنة في دمنهور قبل توزيعها على الناخبين    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. انتصار السيسي: وجودكم يضيف قيمًا وإنسانية وجمالًا لا يُقدّر بثمن    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    وزير قطاع الأعمال: الروابط الراسخة بين مصر والإمارات ركيزة أساسية للتنمية والاستثمار    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    تفاصيل جريمة غسل أموال بقيمة 30 مليون جنيه    وزيرا التخطيط والمالية يناقشان محاور السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألا ليت بالي لا يبالي
نشر في صوت الأمة يوم 19 - 10 - 2018

بالرغم من أن سفر السياحة غايته الترفيه والانفصال عن أرض الواقع والمتعة لكن هيهات هيهات فهناك من لا يستطيعون إيقاف عقولهم عن التفكير وهناك من يحملون هموم أوطانهم في القلب والعقل أينما حلوا فيرون مالا يراه الآخرون وتكون لهم مشاهداتهم الخاصة وأفكارهم وخيالهم الذي تتجه بوصلته دائما إلى الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين حتى وإن لم تكن زياراتهم لتلك المدن هي الأولى لكن في كل مرة يرون الأمور بعين مختلفة ويكتسبون الجديد ، وحين أسافر دائما ما أتمنى ألا يبالي بالي كي استمتع فقط وأنسى كل ما يُكَدِرني سواء في الشؤون الخاصة أو العامة ولكن هذا أمر مستحيل وتحضرني عادة كلمات أغنية الراحل سيد درويش ( هاتجن ياريت يا خواننا مارحتش لندن ولا باريس ... دي بلاد تمدين ولطافة وذوق ونظافة وحاجة تغيظ ) فعلى الرغم أن مصر لا تقل جمالا عن تلك الدول بل قد تزيد إلا أن ما ينقصها فقط هو الاهتمام من الجميع حكومة ومواطنين .
في السفر الخارجي تحديدا يلتقي الإنسان بشعوب أخرى ويتعامل مع ثقافات مختلفة ، وبالتالي يتعرف على مختلف العادات والسلوكيات وعليه أن يختار منها المفيد ويحاول أن ينقله إلى وطنه كي يسمو كما سما غيره .
في رحلة أخيرة قصيرة لكل من باريس وروما كنت أنظر لكل شيء نظرة مقارنة و غِيرَة من هؤلاء الذين كنا في عصور ماضية نسبقهم ونتفوق عليهم علميا وحضاريا وثقافيا ، فنقلوا هم عنا وطوروا والتزموا ، وتدهورنا نحن وهجرنا ما كنا نتميز به وبدأنا في اقتباس السيىء منهم وترك المفيد ، وللأسف فأهم ما تنقله شعوب العالم العربي ولا أستثني نفسي عن شعوب الدول المتقدمة هو الموضة وبعض وسائل التكنولوجيا الترفيهية فقط.
وللأمانة فإن أكثر ما يميز الدول الأوروبية المتقدمة عن غيرها هم المواطنون الذين اهتمت دولهم بتنشئتهم بشكل صحيح واعتبرتهم ثروتها الحقيقية وبالفعل فالأغلب الأعم منهم يحب وطنه وينتمي إليه ويحافظ عليه ويحترم قوانينه ، أعلم أن الكثير سيعتبر أن تطبيق القانون بحزم هو ما يؤدي لاحترامه وهي حقيقة لا جدال فيها ، لكن مع الوقت يصبح احترام القانون عادة وليس فقط خوفا من العقاب .
وسأبدأ ببعض الملاحظات والأمثلة البسيطة التي يستطيع أي مسافر أن يستشعرها منذ لحظة وصوله لأية دولة أوروبية أو متقدمة ، فأغلبية المواطنين هناك لا يلقون بورقة خارج صندوق القمامة بالرغم من عدم وجود عقاب يقع على أحد إن قام بمثل هذا الفعل ، ولا تجد من يبصق في الشارع أثناء سيره ، ولا تجد من يقرر أن يقضي حاجته في الطرقات وقتما أراد ، وذلك مع قلة التواجد الأمني أو ندرته ففي الغالب يتركز رجال الشرطة في الأماكن الهامة والسياحية والدينية فقط لتأمينها وليس ( تنظيمها ) ، وتجد أن من يخترق تلك القواعد في الأغلب هم من أبناء الجنسيات الأخرى الوافدين على تلك الدول .
أما بالنسبة للمرور فهناك احترام ذاتي من المواطنين للمرور ، فتستطيع في روما مثلا أن تجد الأغلبية تحترم قواعد المرور وتلتزم بها برغم الازدحام المروري الشبه دائم ، وتشابك الطرقات وتعدد وسائل المواصلات وضيق الكثير من الشوارع التي تعد حارات وتسير بها السيارات ، وبالرغم أيضا من عدم وجود رجال مرور في معظم الأماكن ولا كاميرات مراقبة ، لكن الجميع سواء سائقين أو مشاه يعرفون تماما متى يتحركون ومتى يتوقفون مع التزام شبه كامل بإشارات المرور ، وضرورة ترك مسافة بين السيارات ، وبالطبع هناك قلة غير ملتزمة فالتعميم يخالف الصواب ، ولكن في المجمل هناك احترام لقواعد المرور .
إن أكبر دليل على أن تلك الشعوب هي التي تلتزم ذاتيا وليس القانون هو من يجبرها هو عدم الالتزام من قبل بعض الجنسيات الأخرى وعلى رأسهم الأفارقة وخاصة في الأماكن السياحية الهامة فمثلا تجدهم في باريس بجوار برج إيفل وفي محيط متحف اللوفر يفترشون الساحات والأرض لعرض بضائع بشكل عشوائي والاقتراب من السائحين بسخافة والإصرار على ترويج بضائعهم دون أن يردعهم قانون أو يمنعهم رجل أمن ، ناهيك عن ظهور التوكتوك مؤخرا في محيط تلك الأماكن الهامة مع اصدار أصوات للموسيقى الصاخبة وهي ظاهرة أصبحت منتشرة أيضا في شوارع لندن السياحية ، أضف إلى ذلك افتقار مترو أنفاق باريس للنظافة وانتشار النشالين والمجرمين أيضا الذين لا ينتمون من الأصل للدولة لذا فلا ولاء ولا اهتمام من قبلهم بالحفاظ عليها وعلى وجهها الحضاري ، والحقيقة الظاهرة للجميع أن من يخترق القواعد الحضارية والذوقية هناك أفراد جاءوا من عالم آخر بثقافاتهم وسلوكياتهم ولم يواجهوا بتطبيق القانون عليهم ، وهناك استياء شديد من المواطنين الأوربيين مما يحدث في بلدانهم فعندما تتحدث معهم تجد منهم اشمئزازا من تلك السلوكيات وشكاوى من عدم وقوف الحكومة في وجه هؤلاء المخترقين وهو ما يفند مقولة إنها دول قانون صارمة وحازمة ، وفي نهاية الأمر بما أنهم ليسوا الأغلبية فمازالت تلك الدول محافظة على وجهها الحضاري المنظم والنظيف إلى حد كبير بفضل التزام شعوبها وحفاظهم عليها ، لكن من وجهة نظري إن استمر الوضع هناك على هذا الحال ولم تقف تلك الدول في وجه تلك الممارسات سواء بتثقيف هؤلاء أو ردعهم بالقانون فسيصلون تدريجيا إلى ما وصلنا إليه فبدون مواطن وإنسان واع ينحدر الوطن إلى القاع .
ومع العودة لأرض الواقع وهو ما أحمل همه دائما فمن المؤسف حقا أن نجد الجميع في مصر يشكون من سوء السلوكيات وهم أنفسهم يقومون بمثل ما يعيبون عليه ، فعلى سبيل المثال قائدو السيارات يشكون ويتذمرون وكل منهم يُعتَبر أحد أطراف المشكلة فأغلبنا إن لم نكن مراقبين بكاميرا سنكسر الإشارة ، وإن تأكدنا من عدم وجود (وِنش) أو رجل مرور سنقف بساراتنا صفا ثانيا مخالفا دون مراعاة للغير ، والجميع يشكون من مشكلة القمامة مع أنهم هم من يلقون بها في الشوارع وتكون الحجة الدائمة عدم وجود سلال وصناديق قمامة مع أن لو كل سكان مبنى جمعوا مبلغا لشراء صندوق قمامة لوضعه أسفل منازلهم سيحلون جزءا كبيرا من المشكلة هذا إن أرادوا حقا أن يحيوا في بيئة نظيفة ، ولنقس على ذلك مشكلات وقضايا كثيرة نعاني منها ونحن شخصيا من أسبابها الرئيسية ولو أننا أردنا حقا أن نحيا حياة محترمة سهلة وسليمة فلنبدأ بأنفسنا سواء طبق القانون أو لم يطبق ، وحتى إن إختفى الرقيب فكفى بنفسك عليك رقيبا .
في النهاية ولن أمل من تكرار الحديث حول تطوير وبناء الإنسان وضرورة تنمية وعيه فإذا أرادت الدولة حقا إحداث تقدم وتغيير إيجابي فعليها البدء بالمواطن منذ نعومة أظافره ، لذا أتمنى من وزارات الثقافة والتربية والتعليم ومن وسائل الإعلام الاهتمام بنشر قيم حسن السلوك والنظافة والحفاظ على الوطن ، والاهتمام بغرس تلك القيم خاصة في النشأ والأجيال الصغيرة عن طريق إضافتها في المناهج ، وإنتاج تنويهات و أفلام وبرامج أطفال متنوعة تهدف لتهذيب السلوك وإنتاج مواطن صالح في النهاية ، فإن كان الأمل ضعيفا فيمن ترعرع على العشوائية فالأمل مازال موجودا وكبيرا في الأجيال القادمة ، المهم هو أن نبدأ في اتخاذ الخطوات الصحيحة كي نجني الثمار الطيبة ، وإلى أن نصل لتلك النتيجة فلابد من تطبيق القانون بشكل صارم وبشتى الطرق حتى يصبح الالتزام عادة سلوكية متأصلة في الأنفس نابعة من رغبة الإنسان في الحفاظ على وطنه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.