«ستوري بوت» خدمة جديدة تقدمها «بوابة أخبار اليوم» إلى قرائها، حيث نرشح لبرامج الذكاء الاصطناعي موضوع يهم الناس، ونطلب منه كتابة قصة صحفية عنه، دون تدخل من العنصر البشري، قصة اليوم تتحدث عن برنامج «دولة التلاوة» وما أحدثه من ضجة إعلامية واسعة منذ أولى حلقاته، ليس فقط على المستوى المحلي ولكن على مستوى الوطن العربي كله.. سألنا أحد برامج الذكاء الاصطناعي عن لماذا هذا الاحتفاء الواسع بالبرنامج، الذي تجاوز حدود الإعجاب ببرنامج أو مجموعة أصوات، ليصبح تقديرًا لميراث روحي وثقافي أعيد إحياؤه في شكل معاصر وجذاب. إرث صوتي يتجاوز حدود الزمن يُنظر إلى «دولة التلاوة» باعتبارها منظومة فريدة شكّلت الوجدان الديني للمصريين والعرب على امتداد عشرات السنين، ولم تكن مجرد مجموعة من القرّاء، بل مدرسة صوتية وروحية، صنعت ملامح خاصة للقرآن الكريم في الوعي الجمعي، فالاحتفاء الذي قوبلت به يعود إلى الإحساس العام بأن هذا المشروع أعاد تقديم تلاوة القرآن بصورة تليق بتاريخ التلاوة المصرية التي شكّلت عبر العقود معيارًا عالميًا للجمال والدقة والإتقان. لقد رآه الناس امتدادًا لذلك التراث الذي مثّله جيل العمالقة: عبد الباسط عبد الصمد، الحصري، المنشاوي، مصطفى إسماعيل وغيرهم، وما يرمزون إليه من قداسة وجمال وروحانية. اقرأ أيضا: «دولة التلاوة» تعيد الحياة لصوت أول قارئة للقرآن بالإذاعة المصرية مشروع حافظ على الهوية وفي ظل كثرة الأصوات وانتشار التلاوات غير المنضبطة والممارسات التي تخالف أصول التجويد، وجد الجمهور في «دولة التلاوة» مشروعًا يعيد ضبط البوصلة، الاحتفاء لم يكن فقط لأن التجربة حصدت انتشارًا واسعًا، بل لأنها جاءت في وقت يتطلب إعادة الاعتبار لعلم التلاوة وضبط الأداء الصوتي والوقوف على المخارج والأحكام الصحيحة. وأحس المستمعون بأن هذا المشروع يحمي هوية راسخة تتعرض أحيانًا للتشويه، ويعيد الذائقة إلى جذورها: صوت جميل، أداء منضبط، احترام لقدسية النص. التقاء الفن بالروح في قالب واحد أحد أهم أسباب الاحتفاء أن «دولة التلاوة» نجحت في إدماج الجانب الفني في التلاوة دون أن تفقدها روحها، فالقرآن الكريم نزل ليُتلى، وتجويده علم وفن في الوقت نفسه. اعتمد المشروع على أصوات مدربة، وعلى فهمٍ دقيق للمقامات وقوانينها، وعلى إدراك لطبيعة الانتقال بين الجمل القرآنية بما يخدم المعنى ويثري الوجدان، وهذا التوازن بين الروح والفن نادر، لذلك شعر الناس أن التلاوة تلامس قلوبهم وتخاطب إحساسهم الديني في آن واحد. اقرأ أيضا: فخورة بأبنائي من القرّاء المميزين.. قرينة الرئيس تشيد ببرنامج دولة التلاوة تفاعل اجتماعي واسع كشف شغفًا دفينًا واحدة من أكثر الظواهر دلالة هي حجم التفاعل الشعبي، فقد بدا واضحًا أن الجمهور، رغم الانشغالات اليومية وتغير أنماط الحياة، ما زال يحمل شغفًا كبيرًا تجاه قرّاء القرآن. الاحتفاء الجماهيري لم يكن مصطنعًا ولا موجّهًا، بل عفوي، تشكّل من ملايين المشاركات والتعليقات والمشاهدات التي أكدت وجود تعطّش لصوت يبعث الطمأنينة ويلامس الذاكرة. هذا التفاعل أظهر أن التلاوة ليست رفاهية ثقافية، بل حاجة روحية متجذرة في المجتمع المصري والعربي. اقرأ أيضا: دولة التلاوة.. كواليس أضخم مسابقة قرآنية تجدد دماء «المدرسة المصرية» إحياء منافسة شريفة رفعت مستوى الأداء وقدمت «دولة التلاوة» شكلًا جديدًا من المنافسة الإيجابية بين القرّاء، كانت المنافسة في السابق مقتصرة على الإذاعات أو المناسبات الدينية، لكن المشروع أعادها إلى الواجهة في صورة معاصرة: اختبارات، مراحل، تقييمات، ولحظات إبداع حقيقية. هذه الروح أعادت إلى الأذهان أجواء عقود مضت عندما كان الناس يجتمعون لسماع القراء والتعليق على الأداء ونقد المقامات، وكأن المشروع بعث تلك الروح من جديد في ثوب حديث ومتقن. حضور إعلامي احترافي ومقنع البراعة في تقديم المشروع إعلاميًا كانت إحدى ركائز نجاحه، الإنتاج عالي الجودة، والإضاءة المحسوبة، والديكور المصمم بعناية، جعلت التلاوة تتخذ مكانًا يليق بجلالها. كما أن الاهتمام بتوثيق كل لحظة، وتقديم القرّاء في إطار يحترم قدرهم، ساهم في خلق حالة احتفالية راقية. الإعلام هنا لم يكن مجرد وسيلة عرض، بل شريكًا في صناعة التجربة وصياغة صورتها القريبة من قلوب الناس. قدرة المشروع على خلق نماذج معاصرة مُلهمة «دولة التلاوة» كشفت أصواتًا جديدة وموهوبة يمكن أن تحمل الراية لسنوات قادمة، فقد شَعَر المستمعون بأن المستقبل ليس فراغًا، وأن هناك جيلاً قادرًا على الاستمرار في خط التلاوة المصرية والعربية. هذه النماذج الشابة أعادت الثقة في عملية الإعداد والتكوين، وقدمت صورة مشرقة للشباب حين يتجهون لفن راقٍ وملتزم. دعوة غير مباشرة إلى الارتباط بالقرآن على الرغم من الطابع الفني في المشروع، فإن تأثيره كان أعمق بكثير: لقد أعاد الكثيرين إلى تلاوة القرآن، وحفّز البعض على تعلم التجويد أو الاستماع اليومي للتلاوات. كان الاحتفاء الشعبي انعكاسًا لحقيقة أن المشروع لمس جانبًا ربانيًا في النفوس؛ فالقرآن، عندما يُتلى جيدًا، يهز المشاعر، ويثبت الإيمان، ويعيد السلام الداخلي. شعور جماعي بالفخر الثقافي والديني يشعر المصريون والعرب بأن «دولة التلاوة» تجسيد حيّ لقيمة يُحسنون تقديمها للعالم، فالتلاوة المدرسية المصرية تعد مرجعًا عالميًا، ووجود مشروع يبرز هذه القوة الفنية والدينية يخلق شعورًا عامًا بالفخر، وأن الهوية الصوتية للمنطقة ما زالت قادرة على الإبهار والإبداع. وهذا الشعور بالانتماء والجمال أحد أبرز أسباب الاحتفاء الكبير الذي شهده المشروع.