عندما تطلق وزارة الأوقاف المصرية بالشراكة مع جهة إعلامية كبرى برنامجا مثل دولة التلاوة، فإنه لا يكون مجرد مسابقة تلفزيونية بل مشروع وطني ثقافي وروحي. هذا البرنامج الذي انطلق رسميا في نوفمبر، يسعى لاكتشاف المواهب في ترتيل وتجويد القرآن الكريم من مختلف محافظات مصر، ويعد خطوة محورية لإحياء تراث التلاوة المصري الأصيل الذي رسخ مكانة البلاد على خريطة القراء في العالم الإسلامي. لطالما كانت مصر موطنا لصفوة القراء من الشيخ محمود خليل الحصري إلى المنشاوي وعبد الباسط وغيرهم من أعمدة مدرسة التلاوة. هذه المدرسة الصوتية جمعت الأداء الجمالي كما مثلت أيضا رسالة حضارية وروحية.
والحقيقة أن برنامج دولة التلاوة يراعي هذا التراث العميق من خلال إعطائه منصة معاصرة تجمع بين الأصالة والابتكار.. كما أن إطلاق مثل هذا البرنامج من قبل وزارة الأوقاف يعكس رغبة واضحة في دعم المواهب القرآنية، وتعزيز الهوية الدينية الوسطية، وتوظيف القوة الناعمة في إطار ثقافي معتدل.
إضافة إلى ذلك، يأتي البرنامج في سياق توجه إعلامي أعمق نحو الإعلام الهادف، كما وصفه بعض المسؤولين، كجزء من رؤية أوسع لتعزيز القيم القرآنية في المجتمع.. برنامج دولة التلاوة يعرض على عدة قنوات ومنصات، منها قنوات الحياة، CBC، الناس، إضافة إلى منصة البث الرقمي Watch It، وذلك يومي الجمعة والسبت في تمام الساعة التاسعة مساء. في أولى مراحله، تقدم أكثر من 14 ألف متسابق من مختلف المحافظات لاختبارات التصفية الأولية، ما يدل على إقبال جماهيري واسع ورغبة حقيقية من الشباب والمجتمع في الاشتراك في تجربة دينية صوتية. وقد تم اختيار 32 موهبة للتنافس في الحلقات النهائية، تحت إشراف لجنة تحكيم علمية تضم خبراء في الأصوات والتجويد.
من بين أعضاء لجنة التحكيم الشيخ حسن عبد النبي وكيل لجنة مراجعة المصحف بالأزهر الشريف، والدكتور طه عبد الوهاب خبير المقامات الصوتية، والداعية مصطفى حسني، إلى جانب القارئ الشيخ طه النعماني.
كما يضم البرنامج ضيوف شرف من كبار العلماء والقراء من داخل مصر وخارجها، مثل وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، فضيلة الدكتور علي جمعة، والقراء العالميين مثل القارئ المغربي عمر القزابري والقارئ البريطاني محمد أيوب عاصف.
إحدى أبرز ميزات البرنامج هي القيمة المادية العالية لجوائزه تصل إلى 3.5 مليون جنيه إجماليا، وهو أمر محمود ومطلوب إلى جانب التقدير الأدبي.. الفائز في فرعي الترتيل والتجويد يحصل على مليون جنيه، كما سيسجل المصحف كاملا بصوت الفائزين، وسيتم بثه على قناة مصر قرآن كريم. وأيضا، فرصة مميزة للفائزين تشريف بإمامة صلاة التراويح في مسجد الإمام الحسين خلال شهر رمضان المقبل، ما يمنحهم مكانة روحية واجتماعية بارزة. بالإضافة إلى ذلك، أول حلقة تميزت بتكريم تاريخي، حيث كرم البرنامج الشيخ محمود خليل الحصري، أحد أعظم القراء في التاريخ المصري والإسلامي، ما يدل على ارتباط بين الماضي والحاضر في رؤية البرنامج.
إن برنامج دولة التلاوة لا يكتفي بعرض التنافس، بل يشيد بيئة روحانية. حضور علماء ودعاة مثل مصطفى حسني إلى جانب قراء كبار يضفي بعدا تربويا إنه ليس مجرد استماع، بل تفاعل روحي يثير التأمل والخشوع.
تصدر هاشتاج البرنامج منصة X بين مستخدمي وسائل التواصل في مصر والعالم العربي، ما يدل على أن البرنامج نجح في جذب انتباه الجمهور ليس فقط كمسابقة، بل كحدث ثقافي يلامس وجدان الناس.
كما يراه البعض نموذجا ناجحا للإعلام الهادف كمشروع يدمج بين الأداء الفني والتربية الروحية، ويسهم في بناء وعي ديني معتدل بعيدا عن التطرف، من خلال إبراز الأصوات القرآنية الموحدة والمتقنة.
من جهة أخرى، فإن إعادة إحياء القراء القدامى التراثيين مثل الحصري تعد رسالة قوية للأجيال الجديدة: هو جسر بين الماضي العريق والحاضر الديناميكي، بين الأصالة والتطور. رغم كل هذا، لا يخلو المشروع من تحديات، فمن المعتاد أن تكون المواهب القرآنية موزعة في مناطق نائية أو محافظات بسيطة قد لا تحظى بفرصة قوية لظهورها، لكن الإقبال الكبير (14 ألف مشارك) يبين أن البرنامج نجح في اجتذاب طيف واسع.
وبعد اكتشاف الأصوات، يبقى التحدي في دعم هؤلاء القراء من خلال تدريب فني، تدريب صوتي وتجويدي حتى يستمر عطاؤهم بعد نهاية البرنامج.. والسؤال: كيف يمكن للبرنامج أن لا يكون موسميا فقط، بل أن يتحول إلى مؤسسة قرآنية دائمة؟ كيف يمكن ربطه بهيئات قرآنية وتعليمية طويلة الأمد؟ وهناك فرصة كبيرة لأن يعزز البرنامج دور مصر دوليا، ليس فقط كمصدر للقراء، بل كمنارة عالمية لدراسات التلاوة والتجويد، وربما يستقطب مشاركات من دول إسلامية أخرى مستقبلا.
برامج مثل دولة التلاوة استثمار في التراث القرآني، وفي المواهب الصوتية، وفي الهوية الوطنية. في بلد مثل مصر، التي حملت على مدى عقود لقب أرض القراء، كان من الضروري وجود منصة تضخم هذا الإرث وتخلق جيلا جديدا من القراء الموهوبين الذين يرتلون آيات القرآن بإتقان وروحانية.
إن نجاح هذا البرنامج، أو حتى استمراريته، ليس فقط مقياسا لتنافس المواهب، بل مقياسا لمدى ارتباط المجتمع بالقرآن، ومدى قدرته على حماية تراثه الصوتي، وإعادة تقديمه للأجيال القادمة. بروفيسور طعمية رسالة من عامل مصري بنى الهرم إلى كل يد امتدت، وكل عقل خطط، وكل قلب آمن بأن صوت القرآن يستحق منصة تليق بجلاله.. إلى القائمين على برنامج دولة التلاوة من وزارات وهيئات، ومن لجان علمية، ومن مخرجين ومنتجين، ومن فرق تقنية تضيء الكواليس، ومن محررين ومعدين يتتبعون التفاصيل الصغيرة ليخرج العمل في أبهى صورة.. إليكم جميعا، تحية تقدير صادقة. لقد صنعتم برنامجا يليق بتاريخ مصر وبمدرسة تلاوتها العريقة. منحتم الموهوبين بابا واسعا، وفتحتم للجمهور نافذة تعيد وصل القلوب بالقرآن. حملتم على عاتقكم مشروعا لا يكتفي بالعرض، بل يبني وعيا، ويرفع روحا، ويعيد الاعتبار لفن التلاوة بوصفه أحد أنبل الفنون الإنسانية. شكرا لكل من آمن بأن مصر أرض القراء تستحق منصة تبرز جواهرها. وشكرا لكل من جعل هذا المشروع ممكنا؛ فكرة، وتنظيما، وتنفيذا، ورعاية. بوركت جهودكم ودام عطاؤكم وجعل الله ما تقدمون في ميزان الحسنات. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا