300% زيادة فى عدد المحتجزين داخل أقسام الشرطة و150% زيادة فى عدد السجناء.. و16 مادة معطلة فى الدستور.. وقوانين لا تهتم بحقوق الإنسان صدرت قبل البرلمان ومررها المجلس النيابى مؤخرا.. ومصر فى المرتبة 136 من بين 152 دولة فى مقياس الحرية.. هذه بعض الخطوط العريضة التى يحويها الملف الأكثر إثارة للجدل.. ملف الحريات وحقوق الإنسان فى مصر.. وهو ملف ملتهب، مثير للجدل، والحزن، والخوف على مستقبل مصر ذاتها «ماذا نفعل عند هؤلاء العرب من المحيط إلى الخليج؟..لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن..أعطونا الأحذية واخذوا الطرقات.. أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية.. أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب.. أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد.. أعطونا الحليب المجفف واخذوا الطفولة..أعطونا السماد الكيماوى واخذوا الربيع.. أعطونا الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان..أعطونا الحراس والأقفال وأخذوا الأمان.. أعطونا الثوار وأخذوا الثورة» هكذا عبر الشاعر السورى محمد الماغوط عن واقع الحريات وحقوق الإنسان فى الوطن العربى كله.. وهو بكل المقاييس ملف مثير دائما ومتراجع دوما، وتراجعه هذا يثير الخوف على المستقبل. وبخلاف الخوف هناك أربعة أسباب تجعل احترام الحرية واجبا مقدسا، لا يجوز الحياد عنه، أو الالتفاف عليه.. أول هذه الأسباب أن الحرية حق وليست منحة من أحد، والحق أحق أن يتبع وهذه قاعدة فقهية وإنسانية ثابتة.. والسبب الثانى دستوري، والسبب الثالث. جسده رائد علم الاجتماع ابن خلدون فى عبارة عبقرية تقول «العبيد لا يصنعون حضارة».. والسبب الرابع تاريخى أيضا ويتعلق بانهيار الدول وسقوط الإمبراطوريات، وكلها بدأت فى الضعف بمجرد التضييق على الحريات، ثم زالت تماما عن الوجود بسبب استمرار خنق الحريات. مواد معطلة 16 مادة كاملة من مواد الدستور تنص صراحة على أن الحرية وحقوق الإنسان مكفولة، وبالتالى لا يستطيع كائنا من كان إلا أن ينصاع ويلتزم بما يقوله الدستور، باعتباره العقد الاجتماعى بين الحاكم والمحكوم، فإذا لم يحترمه حاكم، فقد أخل بعقده مع الناس.. ومن يخل بعقده فقد أسقط بنفسه شرعيته، لأنه أخل بما جعله يتقلد منصبه. ولهذا عندما يقول الدستور شيئا فلابد أن يستجيب الجميع..والدستور قال إن الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها (مادة 51 ).. وقال : الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس (مادة 54).. وللحياة الخاصة حرمة وهى مصونة لا تمس (مادة 57).. للمنازل حرمة، ولا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب (مادة 58).. والحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها (مادة 59).. ولجسد الإنسان حرمة، ولا يجوز الاعتداء عليه (مادة60).. وحرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق لكل إنسان (مادة 64).. وحرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر(مادة 65).. وحرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة برعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم(مادة 66).. وحرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والإلكترونى مكفولة (مادة 70).. وللمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية (مادة 73). هكذا قال الدستور، وهكذا أقر كل هذه الحقوق، ونص عليها بشكل وواضح لا لبس فيه، وعندما يقول الدستور كل ذلك فلا بد للجميع، من أكبر رأس حتى أصغر طفل، أن يقول «سمعا وطاعة».. شهادة التاريخ شهادات التاريخ تقدم دليلين على أن التضييق على الحرية وامتهان حقوق الإنسان، هما رأس كل خطيئة سياسية، والأب الشرعى لزوال الأمم، وانهيار الدول، فكل حوادث التاريخ اتفقت على أن العبيد لا يبنون مجدا ولا يمكنهم إقامة دولة قوية، وهو ما عبر عنه بوضوح الفيلسوف ورائد علم الاجتماع ابن خلدون، الذى انتهى فى دراساته وخلاصة معارفه إلى حقيقة واضحة عبر عنها بقوله «العبيد لا يصنعون حضارة»، وبالتالى فعدو الحرية هو أكبر أعداء وطنه لأنه يسد أمامه طريق النهضة والحضارة.. والثابت تاريخيا أيضا أن التضييق على الحريات، وتراجع حقوق الإنسان كان دائما وأبدا متلازما مع انهيار الدول وسقوط الممالك وزوال الإمبراطوريات.. وآخر دلائل ذلك ما حدث مع الاتحاد السوفيتى الذى كان قوة اقتصادية وعسكرية وعلمية رهيبة، ولكن حكامه خنقوا الحريات، واعتمدوا على الاقتصاد وحده، فكانت النهاية سقوطا مدويا وانفراط عقد الاتحاد الذى كان سوفيتيا، وانفصلت دوله، ولم يعد للاتحاد وجود.. نفس الأمر تكرر بسيناريوهات مختلفة فى تونس ومصر وليبيا واليمن خلال السنوات الأخيرة.. فمبارك الذى استهان بالحريات وحقوق الإنسان مستندا إلى قبضة أجهزة الأمن سقط من عرشه، بعد 30 عاما قضاها على رأس الحكم.. وهو نفس ما حدث مع معمر القذافى فى ليبيا وقبله زين العابدين بن على فى تونس وعلى عبد الله صالح فى اليمن. مقياس الحرية إذا كانت الحرية واحترام حقوق الإنسان بهذه الأهمية والخطورة معا، فإن السؤال: كيف حال الحريات فى مصر؟.. والحقيقة أن إجابة هذا السؤال تشهد اختلافا كبيرا بين الفصائل السياسية،.. فأهل السلطة يرون الحريات وحقوق الإنسان فى أحسن أحوالها، وحول رجال السلطة من يقولون إن الحرية زادت وفاضت حتى صارت فوضى، بينما هناك من يقول العكس تماما مؤكدين أننا نعيش أزهى عصور القمع. ومن يطالع تقارير الجهات الدولية عن واقع الحريات فى مصر، سيجد أغلبها ينتقد حال حقوق الإنسان فى مصر..قبل أيام - على سبيل المثال- أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرها السنوى عن حقوق الإنسان، وقالت فيه إن قوات الأمن فى مصر تستخدم القوة المفرطة مع المعارضين، بخلاف الاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي، وأن مصر تحاكم المدنيين أمام المحاكم العسكرية بخلاف وجود حالات الاختفاء والظروف القاسية فى السجون والاعتقالات العشوائية. الانتهاكات التى قالت الخارجية الأمريكية إنها تحدث فى مصر شملت أيضا قيودا على الحرية الأكاديمية والعنف والتحرش والتمييز الاجتماعى ضد النساء والفتيات، ومنها الختان وانتهاك حقوق الطفل والتمييز ضد السجناء والمعاقين والتمييز المجتمعى ضد الأقليات الدينية والتمييز ضد السجناء المصابين بمرض الإيدز. وشهدت الخارجية الأمريكية بأن الحكومة تعاقب أو تحاكم رجال الشرطة المتورطين فى جرائم أمنية، ولكنها قالت «المسئولون الذين ارتكبوا انتهاكات سواء فى قوات الأمن أو فى مؤسسات حكومية أخرى لم تحقق الحكومة معهم بسبب تجاوزاتهم فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وإنما بسبب مخالفتهم للقانون مما يؤدى إلى أحكام بالبراءة، مما يساهم فى بيئة من الإفلات من العقاب». ورغم أن الحكومة المصرية انتقدت تقرير الخارجية الأمريكية، إلا أنها اكتفت فى ردها عليه بالقول إنه يخالف الواقع وأنه يمثل تدخلا فى شئون مصر الداخلية ! والحقيقة أن سمعة مصر الخارجية فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان ملطخ بالاتهامات، لدرجة أن مصر تصنف فى قاع الدول فيما يتعلق بالحرية، وهذا بالضبط ما انتهى إليه 3 معاهد دولية (كاتو، وفريزر، والليبراليين التابع لمؤسسة فريديريش نومان للحرية)، والتى أصدرت فى أغسطس الماضى مؤشرا عن أوضاع الحريات وقوة القوانين فى 152 دولة على مستوى العالم.. وجاءت هونج كونج فى المرتبة الأولى عالميا، تلتها سويسرا ثم فنلندا، فالدنمارك ونيوزلاندا.. بينما حلّت الولاياتالمتحدة فى المركز العشرين...وعلى صعيد الشرق الأوسط، جاءت إسرائيل الأولى، واحتلت المركز ال51، والأردن فى المركز 78، ثم لبنان 87، والبحرين 89، والكويت فى المركز 97، ثم عمان بالمركز 112، تونس 113، و قطر، ثم الإمارات العربية المتحدة فى المركز 117، و المغرب فى المركز 121، وبعدها موريتانيا 127، ثم مصر فى المرتبة 136، وبعدها السعودية 141، فالجزائر 146. شهادة مصرية إن تقارير حقوق الإنسان الصادرة من جهات أجنبية وراءها أشخاص وجهات لا يريدون الخير لمصر وأهلها، ولهذا يكيلون الاتهامات الباطلة للقاهرة لحاجة فى أنفسهم، ولهذا فإن البحث عن شهادة داخلية عن واقع الحريات وحقوق الإنسان، تضيف جانبا مهما فى هذه القضية الجدلية. والشهادة ل «علاء شلبى» أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان الذى قال ل«الوفد» بشكل عام حال الحريات وحقوق الإنسان حاليا أفضل بكثير مما كانت عليه قبل ثورة يناير ولكن لا ينكر أحد أن تحسنا طرأ فيما يتعلق بالدعم الاجتماعى، ولكن فى ذات الوقت هناك ما يشبه «الجلطات» فى 3 قضايا حقوقية أساسية، وهى حق التظاهر، والتضييق على الجمعيات الحقوقية، واستمرار قضايا الحسبة السياسية والدينية، كما أن ملف حقوق الإنسان ليس له من أولويات الحكومة، التى تهتم فقط بالجانبين الاقتصادى والاجتماعى فقط ولا تضع حقوق الإنسان فى حسبانها». وواصل «شلبى»: «الصحافة فى مصر تواجه أزمة الرقيب الداخلى، فالجهات الحكومية لا تتدخل فيها، ولكن داخل كل صحفى يوجد رقيب داخلى، يؤثر على كتاباته، أما الإعلام فيعانى انفلاتا غير مسبوق، لن ينتهى انفلاته سوى بوضع ميثاق شرف إعلامى وقوانين تحكم العمل الإعلامى». وأكد «شلبي» أن كثيرا من القوانين التى صدرت قبل انعقاد البرلمان لم تكن تهتم بإقرار حقوق الإنسان وقال «للأسف البرلمان وافق عليها جميعا، ولكن المتوقع أن يعيد النظر فيها مرة أخرى، لأنه مررها بحكم ضيق الوقت الذى كان مخصصا للنظر فى تلك القرارات بقوانين.. وقال «الدستور المصرى من أروع الدساتير حماية لحقوق الإنسان، ولكنه مواده لم تفعل حتى الآن انتظارا لصدور قوانين تفعيل نصوصه، ولهذا فإن البرلمان مطالب فورا بسرعة إصدار تلك القوانين». وحول التعذيب والاعتقالات والسجون فى مصر قال أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان «هناك 150% زيادة فى عدد السجناء، و300% زيادة فى عدد المحتجزين داخل أقسام الشرطة، وهذه الزيادة تعود لحوادث الإرهاب والعنف التى شهدها المجتمع بعد ثورة 30 يونيو، ورغم هذه الزيادة فإن التعذيب داخل السجون وأماكن الاحتجاز، كاد أن يختفي وفى ذات الوقت، فإن تكدس هذه الأماكن بالمساجين والمحبوسين تسبب فى وفاة 5 مساجين ومحتجزين فى العام الأخير». ويتابع أمين المنطقة العربية لحقوق الإنسان: «يمكن القول إنه لا توجد اعتقالات فى مصر، ولكن فى المقابل هناك توسع فى الحبس الاحتياطي، أما القضايا المعروفة باسم الاختفاء القسرى، فهناك 270 شكوى اختفاء تلقاها المجلس القومى لحقوق الإنسان ردت وزارة الداخلية على 233 منها، وتبين وجود أصحابها داخل السجون محبوسين على ذمة قضايا، ويتبقى 37 لآخرين لا يعرف أحد أين هم، وهؤلاء يعتبرون مختفين، والحقيقة أن التوسع فى الحبس الاحتياطى وراء الترويج لحكاية الاختفاء القسرى، حيث تتم إحالة بعض المتهمين للنيابة دون السماح لهم بالتواصل مع أهلهم أو حتى مع محامين للدفاع عنهم». أسر كاملة تعيش فى 35 متراً دون حياة آدمية الإسكان.. سياسات خاطئة تدفن المواطن فى المقابر والجراجات والعشش غابت النصوص التى تلزم الدولة على احترام الحق فى السكن، عن دساتير مصر حتى ظهرت مادة فى دستور 2012 وبعده دستور 2014 تؤكد هذا الحق الذى ظل منتهكا لعقود طويلة بسبب ممارسة الدولة لسياسات عمرانية واقتصادية وإدارية غير عادلة. فالحق فى السكن ليس مربوطا فقط بالحصول على الأربع حيطان، فبدون الإحساس بالأمان داخل هذه الحيطان خوفا من الطرد أو من أن تنهار فوق رؤوس السكان أو عدم توفر مياه الشرب والصرف والصحى والطاقة، وعدم وجود وسائل مواصلات يتنقل بها السكان بين عملهم أو أماكن دراستهم أو للترفيه، ستصبح الأربع حيطان دون قيمة وربما تشبه السجن. وما يحدث فى مصر الآن من سياسات إسكانية، يعد إهدارا لحق المواطن فى السكن... فمنذ أكثر من ثلاثين عاما، فشلت الحكومات المتعاقبة فى حل مشكلة السكن ما أدى إلى تضخم ظاهرة العشوائيات وظهور أنماط أخرى مختلفة من السكن مثل سكن المقابر والعشش والمراكب والجراجات والدكاكين وكلها أنماط بعيدة كل البعد عن مواصفات السكن المناسب، وتشكل إهدارا للكرامة الإنسانية طبقا لما ورد فى المواثيق الدولية لتعريف الحق فى سكن مناسب. ومع الاتجاه للخصخصة وتضاؤل دور الدولة فى مجال الخدمات العامة والارتفاع الجنونى لأسعار الشقق والمضاربة عليها، كل ذلك أدى إلى صعوبة حصول الفئات الفقيرة فى المجتمع على مسكن وتفاقم مشكلة السكن. ومازالت الهوة تزداد اتساعا بين مساكن الفقراء وأصحاب الدخل المحدود وأصحاب الطبقة المتوسطة وبين مساكن الأثرياء. ونظرة سريعة فى أى مدينة أو محافظة سنضع أيدينا على ألف دليل على ما نقول ونرصد نفس منطقة العشش بشارع السودان، سنجد مثلا مجموعة من المواطنين البسطاء التى اضطرتهم السياسات الإسكانية الخاطئة للحكومات المتعاقبة فى مصر إلى السكن داخل هذه المنطقة العشوائية والمعروفة باسم «عشش شارع السودان» لما يقرب من الأربعين عاما، واستقرت أوضاعهم المعيشية والسكنية داخل هذه العشش فمنهم من تزوج فيها وأنجب صغارا، وألحقهم بمدارس بالقرب من سكنه ومنهم من يعمل ويكسب قوت يومه بمكان قريب من هذا السكن. وفوجئ الأهالى منذ عدة أشهر بحضور مسئولين من حى الدقى ومحافظة الجيزة برفقة قوات من الشرطة وقاموا بإزالة العشش بالقوة دون سابق إنذار وإخلاء السكان منها دون توفير سكن بديل لهم. تلك المأساة التى حدثت من قبل تتكرر كل يوم بسبب سوء التخطيط وترك المشكلة دون تقديم حلول جذرية لها حتى تفاقمت. وبالنظر الى الحال فى مصر حسب إحصائيات لعام 2015 نجد أن نحو 1.3 مليون أسرة تعانى من المعيشة فى بيوت ضيقة تتكون من غرفة واحدة أو غرفتين وتتكدس بخمسة أو ستة أفراد،وتشترك غالبا فى دورات المياه مع غيرها وقد تكون خارج المسكن . كذلك هناك تسعة ملايين أسرة مصرية تعيش دون صرف صحى محسن. أما عن أحوال النظافة فالأمر مخيف، إذ تعيش قطاعات كبيرة بجوار تلال القمامة فى المدن والقرى. نص الدستور الخطير أن الحكومة مازالت تتجاهل نصوص الدستور، وتطرح وحدات سكنية تفوق طاقة أى شاب أو خريج، أو مقبل على الزواج، فالمادة 78 تنص على أن «تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى بما يحفظ الكرامة الإنسانية»، ولكن يظل التساؤل حول تفسير الكلفة وعلى وضع معايير للأمان والصحة. كما تنص المادة 59 على أن «الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن، والطمأنينة لمواطنيها...» وهو ما لا يتوفر لحالات السكن غير الآمن إنشائيا أو الذى يقع فى مناطق ذات خطورة. وتؤكد الدراسات أنه طبقا لاحتياجات المجتمع ان الحد الأدنى الذى تحتاج إليه أى أسرة مصرية لابد أن يشتمل على ثلاث غرف، غرفة مغلقة للأب والأم، وغرفة مغلقة للأولاد وأخرى للفتيات.. لذا من غير المقبول لدى المواطن أن الدولة بعد أن كانت تطرح شققا بمساحات سكنية 90 مترا أن تقلصها مرة واحدة إلى 35 مترا، كما حدث فى العام الماضى بالإضافة إلى أن هذه المساحة لا يستطيع الإنسان أن يعيش فيها مدى الحياة. ومن ناحية أخرى أثبتت دراسات فى مراكز البحوث الاجتماعية أن السكن فى مساحات ضيقة كمساحة 60 مترا يؤدى إلى الإصابة بأمراض التزاحم التى تخلق بدورها تشوهات اجتماعية فى المجتمع المصرى. فإذا كانت هذه الدراسات قد أكدت عدم صلاحية الشقق السكنية المبنية على مساحة 60م للحياة الآدمية فكيف لنا أن نبنى على مساحة أقل منها؟! العيشة المرة الدكتور رشاد عبد اللطيف - أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية – يعترض بشدة على طريقة تفكير أى جهة سواء كانت حكومة أو أفرادا فى البناء على هذه المساحات الصغيرة، معتبرا ذلك إهدارا لكرامة الإنسان وقيمة الإنسان بل إنه يتنافى مع أقل حق من حقوق الإنسان وهو العيش فى سكن مريح وآمن.. مضيفا أن المقارنة هنا بالدول الأوروبية غير مبررة فهذه الدول تختلف عنا تماما، وهناك يعيش فى هذا المسكن الطفل أو الشاب الصغير الذى يترك أسرته مبكرا، فهناك لا توجد ثقافة الانتماء للأسرة حتى سن الزواج. ويضيف: خطورة العيش فى هذه المساحات تكمن فى كثرة المنازعات والمشاحنات الأسرية طبقا للدراسات العملية فنسب الضرب والسب والإساءة للزوجة ترتفع فى هذه المناطق بسبب الاحتكاك المباشر وعدم وجود مكان للهروب من المشكلة كما هو الحال فى المساحات الواسعة. كما يجب ألا تستهين الحكومة بقيمة توفير مسكن مريح للمواطن، لأن ذلك ينعكس على إسعاده وانتمائه للوطن كثيرا. محذرا من تكدس المواطنين فى مساحات ضيقة لأن ذلك يؤكد أن الإرهاب السلوكى قادم كما هو منتشر فى كثير من العشوائيات. كارثة العشوائيات ويرى الدكتور سعيد صادق – أستاذ علم الاجتماع السياسى - ان هناك مليارات الجنيهات التى اتت من الخارج فى شكل منح او قروض او تبرعات فى سبيل تطوير العشوائيات والتى تصل ل75 منطقة، خلال السنوات الأربع الماضية التى أعقبت ثورة 25 يناير، ورغم ذلك لم تستفد الدولة بهذه الاموال ولم يتم توجيهها فى مسارها الصحيح، ومن ثم يمثل ذلك عبئا على الاقتصاد المصرى...مضيفا ان هناك قطاعا كبيرا يمثل حوالى 15 مليون مواطن يقطنون المناطق العشوائية، ومن ثم تهدر الدولة طاقات بشرية هائلة يمكن استغلالها فى تحسين الاقتصاد المصرى وجلب ايرادات من صناعات صغيرة ومتوسطة، بعيدا عن الاقتصاد الموازى أو غير الرسمى الذى يمارسه هؤلاء الافراد خارج نطاق سيطرة الدولة. الشفافية وتوفير المعلومات .. شعار فقط لا يعترف به المسئولون رغم أن الدستور المصرى الحالى 2014 ينص فى المادة 68 على أن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، ومع أن القانون ينظم ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها وقواعد إيداعها وحفظها والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات وإعطاء معلومات مغلوطة عمدا.. إلا أن كل ذلك لم يترجم بعد إلى واقع ملموس، ورغم أن الدستور والقانون ينصان على حق الإنسان فى الفهم والمعرفة والشفافية، إلا أن ذلك لا يعنى الحكومة من قريب أو بعيد ولا تزال مصر شأنها مثل كل الدول العربية والنامية تشهد انتهاكات واضحة لحق الإنسان فى الفهم والمعرفة أو ما يطلق عليه الشفافية ومصداقية البيانات والمعلومات وتتجاهل الحكومة أهمية تداول المعلومات والشفافية، رغم أنها من الضرورات الأساسية لأى مجتمع ينشد التقدم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وللتوضيح فإن حق المعلومات والشفافية يعتبر هو المفهوم المعاصر للتنمية، ومن دونه لن يستطيع المسئولون مكافحة الفساد ولا تستطيع الدولة المضى فى التحول الديمقراطى السليم. وبرز الحق فى معرفة الحقيقة بوصفه مفهوما قانونيا على كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية منذ عدة قرون ويرتبط ذلك الحق بالتزام الدولة بتوفير المعلومات والحقائق لمواطنيها.. ولكن مازال هذا الحق لا تعترف به الدولة ومؤسساتها إلا على الورق فقط وفى التصريحات الاستهلاكية الإعلامية المضللة. الخبراء يؤكدون أن الحقيقة تمنح المجتمعات القدرة على منع تكرار أحداث تضر بالمجتمع والدولة، وتعمل على إعادة البناء السليم ويشيرون إلى أن الحق فى المعرفة ضرورة جوهرية لمعالجة التصدعات والانقسامات التى تحدث فى السياقات المحلية فى الفترة التى تلى إقصاء النظم الشمولية والاستبدادية.. ولكن هل استفدنا من هذه الآراء أو لدينا استعدادا لتطبيقها أو حتى تجريبها؟! إن مصر أصبحت فى حاجة ماسة الآن لإصدار قانون حرية تداول المعلومات وتوفير الشفافية للرأى العام، ليصبح من حق المصريين الحصول على البيانات والمعلومات، وذلك للقضاء على الفساد الذى ينخر فى جسد المجتمع، ويجب على الفور البدء فى إزالة كافة العقبات التى تحول دون ممارسة المواطن لهذا الحق، والعمل على كسر حواجز التعتيم وعدم الشفافية وإزالة البيروقراطية ووضع آليات وبرامج للتنسيق بين مصدر المعلومات والمواطن أو الجهة التى من حقها معرفة المعلومة وفهم الحقائق. كما يجب القضاء على غياب آليات مراقبة جودة البيانات ومدى المصداقية والثقة والشفافية، مع ضرورة تحديث الإطار التشريعي بما يتناسب مع التطور ومعالجة القصور فى برامج إعداد القدرات البشرية وغياب المهارات المطلوبة، هذا بالإضافة إلى دعم فاعلية وكفاءة النظام القومى للإحصاء والمعلومات. وإضافة الى كل ما سبق يرى الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق، أن معرفة المعلومات وشفافية البيانات حق للإنسان مشيرا إلى أن المعرفة هى الأداة الأساسية لتطور الإنسان، فمن خلالها يمكن للإنسان التعرف على ذاته وعلى الآخر وعلى العالم من حوله وأوضح «شاكر» أن المعرفة قوة وبالقوة يصبح الإنسان أفضل، وهذا حق من أهم حقوق الإنسان فى المعرفة والفهم، مشيرا الى أن الدستور نص على ذلك وعلى أشياء أخرى إيجابية لكن من المهم تفعيلها وتعميمها، لافتا إلى أنه مهما تم التعتيم وإخفاء الحقائق ففى النهاية الحقائق تظهر، خاصة أن العالم أصبح قرية واحدة مفتوحة وأصبحت مصادر المعرفة متعددة، مؤكدا أن التعتيم يؤدى إلى زيادة الفضول وحب الاستطلاع والرغبة فى المعرفة، لأن الممنوع مرغوب وننصح «شاكر» بأن تلتزم المؤسسات وكافة الأجهزة بدرجة عالية من الشفافية والصراحة ومن الشعب حقه فى فهم ما يدور حوله وفهم ما تخطط له حكومته حتى يطمئن قلبه، وبالتالى يستقر المجتمع وتنطلق الدولة نحو تحقيق أهدافها الأساسية. ويعتقد الإعلامى حمدى الكنيسى رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، أن حق الإنسان فى الفهم و المعرفة يعد شيئا طبيعيا، خاصة مع الخطوات التى قطعتها مصر على طريق الديمقراطية والمصارحة والشفافية ويطالب «الكنيسى» بسرعة إصدار قانون تداول المعلومات وأن تبادر مؤسسات الدولة فى الإعلان فورا عن كل الإجراءات والمواقف حتى لا يسود الغموض ويستغله أعداء مصر فى الداخل والخارج. ويؤكد الدكتور مدحت الجيار أن المعرفة وفقا للدستور والقانون حق لكل إنسان بصرف النظر عن اللغة أو اللون أو الجنس مؤكدا أن الثقافة والمعرفة جناحان مهمان للإنسان معتبرا حجب المعرفة والمعلومات عن الإنسان جريمة يعاقب عليها القانون. وتحدد الكاتبة فريدة النقاش لهذه القضية شقين أساسيين: الأول أن الصحفيين المصريين والمثقفين بصفة عامة منذ أربعين عاما وأكثر يطالبون بإصدار قانون لحرية تداول المعلومات، ومع ذلك فالحكومات المتعاقبة ترفض إصدار مثل هذا القانون فيصبح الصحفيون مضطرين إلى أن يتعاملوا مع الشائعات ومع الأقاويل المرسلة التى لا تستند إلي أى معلومات أو إلى أى مصادر يمكن الوثوق بها، وإلى أن يصدر مثل هذا القانون سوف تظل مسألة الشفافية قضية شعار فقط وليست حقيقة واقعة فى الحياة السياسية والثقافية فى مصر. أما الشق الثانى فيتعلق بالمؤسسات التربوية فى البلاد، مثل التعليم والإعلام والمؤسسة الدينية والأسرة فجميعها يحجب المعلومات أكثر مما يعطيها حتى الأب أو الأم فى المنزل يعطى الإجابة لابنه ولا يسمح له بالإخوان. وتضيف «النقاش»: جميع هذه المؤسسات تحتاج إلى إصلاح شامل، والإصلاحات الشامل مهمة طويلة المدى لابد أن تتكاتف فيها كل هذه المؤسسات، مطالبة بسرعة إصدار قانون لتداول المعلومات وإصلاح المؤسسات التربوية وعندها فقط تكون المعرفة شفافة وحقيقية وموضعا للمساءلة وليس للتلقى دون سؤال، مؤكدة أن الدستور لا يطبق بذاته وإنما لابد أن يتحول إلى قوانين وهذا ما لا يفعله مجلس النواب حتى الآن ولذا فنحن نطالب البرلمان بتنقية ترسانة القوانين من التشريعات المقيدة للحريات والعمل فورا على إلغائها. 140 تلميذاً فى الفصل الواحد.. و9 آلاف لا يجدون أماكن بالمدارس حق التعليم فى مصر.. حاضر غائب.. وإن شئنا قلنا إنه مهدد مع سبق الاصرار والعمد، والدليل تلك المشاكل التى لا حصر لها، ويعانى منها الطلاب فى جميع المراحل التعليمية المختلفة، والدليل أيضاً أن هناك 9 آلاف تلميذ لا يجدون أماكن فى المدارس الحكومية، ومع أن هذا الحق اصيل فى الدستور والقانون المصرى، الا أنه لا يطبق بالشكل المنشود والذى يتمناه كل مصرى.. والأمثلة على اهداره لا تعد ولا تحصى وهناك 30٪ من طلاب الابتدائية لا يجيدون القراءة و70٪ تقديرهم مقبول. لم تعد الثانوية العامة هى المشكلة الأزلية التى يعيشها الطلاب والآباء، ولكن هناك مشكلة اخرى أشد وأكثر خطرا على حق التعليم، ويشكو منها نحو 20 مليون تلميذ مصرى منتشرين فى 77 ألف مدرسة فى مراحل التعليم المختلفة، من بينهم 10 ملايين و500 تلميذ فى المدارس الحكومية فقط، والمشكلة هى تكدس الفصول التى ضاقت ذرعاً بالأبرياء الصغار، واعترف بها وزير التربية والتعليم عندما اعلن فى أحد تصريحاته أن هناك مدرسة مصرية يوجد بأحد فصولها 140 تلميذاً.. وهناك نحو 45 ألف طفل على قائمة الانتظار للالتحاق بالمدارس. والمشكلة أن الكثافة السكانية ينتج عنها كثافة تعليمية.. ومناهج تعليم هى الأخرى عقيمة وتفرز أجيالاً لا تعرف «الألف من كوز الذرة» كما يقولون. وآلاف الاطفال فى انتظار الالتحاق برياض الاطفال «حكومية أو لغات» ونظراً لعدم توافر أبنية تعليمية لم يجدوا أماكن لهم!! تنص المادة 19 من الدستور المصرى على أن التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز وتلتزم الدولة بمراعاة اهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. كما تتضمن المادة أن التعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالي له، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها. أرقام وزارة التربية والتعليم للعام الدراسى 2014/2015 تشير الى أن عدد التلاميذ على مستوى مصر وصل الى 20 مليون تلميذ، بينهم 10 ملايين و500 تلميذ بالمدارس الحكومية فقط، ونسبة المدارس التى يمثل فيها عدد الطلاب أكثر من 45 تلميذاً بالفصل الواحد بلغ 41٪. وبلغ عدد الملتحقين بالمدارس الخاصة مليونا و737 ألفا و784 طالبا موزعين على 55 ألفا و722 فصلا بإجمالي 6 آلاف و602 مدرسة. وعلى صعيد القطاع الحكومى، بلغ عدد التلاميذ فى مرحلة ما قبل التعليم الابتدائى 839 ألفا و668 تلميذا موزعين على 23.034 ألف مدرسة بإجمالي 82 ألف فصل بنسبة كثافة 34.1٪، وفى المرحلة الابتدائية ارتفع عدد الطلاب الى 9 ملايين و906 آلاف و249 تلميذا موزعين على 231 الفا و196 فصلا بإجمالي 17 ألفا و619 مدرسة بنسبة كثافة 42.85٪. وبلغ عدد التلاميذ فى المرحلة الإعدادية الى 4 ملايين و52 ألفا و923 طالبا موزعين على 97 ألفا و968 فصلا من أصل 9 آلاف و408 مدارس بنسبة كثافة 40.27٪. تسرب طلاب الثانوي وتتعاظم نسبة التسرب التعليمى مع مرحلة التعليم الثانوى ليبلغ عدد الطلاب الملتحقين بنظام الثانوية العامة مليونا و279 ألفا و194 طالبا موزعين على 32 ألفا و657 فصلا، بإجمالي ألفين و51 مدرسة بنسبة كثافة 37.76٪. وأشارت الاحصاءات إلي أن محافظاتالمنياوالقاهرةوالجيزة والاسكندرية والقليوبية والدقهلية والشرقية احتلت المركز الأول فى الفصول الأعلى كثافة. وفى اعتراف صريح على لسان الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم، أكد أن هناك 45 ألف طفل على قائمة الانتظار فى محافظة القاهرة وحدها خلال شهر ونصف فقط من بداية العام الدراسى 2015. مؤكداً أننا نشهد أزمة كثافة الفصول بالمدارس عالية، وحل هذه المشاكل سيكون باهظ الثمن، وللقضاء على أزمة الكثافة السكانية نحتاج 52 ألف فصل بتكلفة 50 مليار جنيه. ونتيجة طبيعية للكثافة الرهيبة التى تشهدها فصول المدارس تأتى النتيجة صادمة بتفريخ أجيال تفتقد الى أبسط حقوق التعليم وهى القراءة والكتابة، فقد وصلت نسبة طلاب المرحلة الابتدائية الذين لا يجيدون القراءة والكتابة الى 30٪ من إجمالي عدد الطلاب بالمرحلة، ال 70٪ المتبقية كما ذكرتها الدكتورة رانا شاهين رئيس الإدارة المركزية للتعليم الأساسي تجيد القراءة والكتابة بشكل مقبول وليس جيدا. الحل 5 محاور أساسية حددها عبد الناصر اسماعيل، رئيس اتحاد المعلمين المصريين، لحصول المواطن على حقه فى التعليم كاملاً لخصها فيما يلى: الاتجاه نحو تدعيم حق الإنسان فى التعليم يأتى التزاما بما ورد بالدستور بتخصيص نسبة الإنفاق الحكومى للتعليم تبلغ 6٪ من إجمالي الناتج القومى، 4٪ للتعليم ما قبل الجامعى ثم 2٪ للتعليم الجامعى، مع تغير سياسة التعليم ليصبح المواطن والمواطنة محور التعليم. ويضيف: ومن حقوقه فى التعليم ايضاً حق التعبير والابداع، فالأطفال من حقهم التعبير عن وجهة نظرهم تماماً مثل الكبار ومن الأمور المعوقة لحصول الطالب المصرى على حقه فى التعليم. تغير البنية التشريعية المتمثلة فى قانون التعليم رقم 39 لسنة 81٪ فهذا القانون يجعل التعليم كله فى يد وزير التعليم، وهو أمر لا يستقيم معه أى تطوير، وتساءل إسماعيل كيف يكون فى يد الوزير 18 مليون طالب و50 ألف مدرسة و27 ألف مبنى مدرسي؟!! تطوير العنصر البشرى «المعلم» بتدريبه ورفع كفاءته العلمية وزيادة راتبه وتحسين ظروفه الاجتماعية، فكيف لنا أن نأمن المعلم على عقول أجيال كاملة ونتحدث عن راتبه وكأنه شيء من المستحيل. التأكيد على أن التعليم حق وليس سلعة، وأن الدولة بمؤسساتها تحمى جميع مواطنيها ولا تفريق بين من يملك ومن لا يملك موضحاً أن التعليم الهادف للربح هو تعليم لتفتيت عقل وروح المواطن بغض النظر عما يتلقاه من نوع تعليم. وأكد اسماعيل أحقية المواطن بتمكينه فى العملية التعليمية حتى يصبح شريكاً أساسياً فى الرقابة التعليمية. 30 مليون مصرى يعانون أمراض السكر والضغط والقلب دائماً ما تطالعنا الحكومة فى كل بيان لها على حق المواطن فى علاج مجانى ومميز، وهو فى حقيقة الأمر مجرد حبر على ورق، بل ربما يتحول فى بعض المستشفيات إلى عقاب للمواطن، الذى أجبرته الظروف على الذهاب إلى المستشفيات الحكومية التى تتبع شعار «الدفع أولاً» فى أقسام الطوارئ والعيادات الخارجية والعناية المركزة. ومع أن المادة 18 من الدستور المصرى أعطت الحق ل90 مليون مصرى الحق فى العلاج، وألزم القرار رقم 1063 لسنة 2014 جميع المستشفيات بمختلف أنواعها «عامة وخاصة واستثمارية» باستقبال الحالات الطارئة بالمجان فى أول 48 ساعة إلا أن العذاب ما زال مستمراً للمرضى المصريين.. والحجة الجاهزة دائماً ميزانية الوزارة لا تكفى، فهى 5 مليارات جنية فقط ومطلوب زيادتها إلى 10 مليارات جنيه.. أكثر من 50 مليون مريض مصرى يخضعون للتأمين الصحى، مصابون بالأمراض المزمنة والمستعصية ولا يلقون الرعاية الصحية السليمة، وليس هؤلاء فقط هم المحرمين من حقهم الدستورى فقط، فهناك 14 مليون مريض بالسرطان منهم 100 ألف حالة سنوياً، بالإضافة إلى 2 مليون و 600 ألف مريض بالفشل الكلوى منهم 35 ألف حالة سنوياً، و30 مليون مريض بالأمراض المزمنة كالسكر والضغط وأمراض القلب.. وبعد كل ذلك تدعى الحكومة أن حق العلاج مكفول؟! نعم الحق فى العلاج حق أصيل لكل مواطن، وذلك وفقاً للمادة 15 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وبنص الدستور المصرى الذى أقر لكل مواطن الحق فى الصحة، وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، ولكن هذه النصوص وتلك المواد لا تطبق على الإنسان المصرى، الذى حرمته الحكومة من حقه الطبيعى فى تلقى العلاج فى المستشفيات والمراكز الحكومية. ورغم أن المادة 18 من الدستور تؤكد أهمية الإنفاق الحكومى على الصحة وتخصيص 3% من الناتج القومى الإجمالى على أن يتصاعد تدريجياً مع المعدلات العالمية، إلا أن نص المادة ما زال هو الآخر حبراً على الورق فقط. كل البدائل والمؤشرات تؤكد أن المصرى لم يحصل على حقه كاملاً فى العلاج والدليل هذا الارتفاع الرهيب فى عدد الإصابات بالأمراض فى مصر حيث وصل عدد المصابين بفيروس «سى» إلى 15 مليون مصرى، وزاد عدد مرضى السكر إلى 8 ملايين مصاب بينهم 14 ألف طفل، فيما بلغ عدد مرضى الفشل الكلوى 2 مليون و600 ألف حالة بمعدل 35 ألف حالة سنوياً منهم 30% يموتون سنوياً فى مصر، فى حين أن نسبة الوفاة العالمية بهذا المرض لا تزيد على 7% حسب الإحصائية الصادرة من الجمعية المصرية للكلى ومنظمة الصحة العالمية ورغم ارتفاع نسبة الإصابة، فإن عدد مراكز الغسيل الكلوى 309 مراكز ما بين حكومى وخاص. وارتفع عدد مرضى القلب إلى 250 ألف مريض سنوياً، أما مرضى ضغط الدم فوصل عددهم إلى 20 مليوناً بنسبة 20٪ من إجمالى عدد السكان، وأغلبهم فى سن الشباب من سن 25 إلى ما فوق. أما عن المصابين بمرض السرطان، فإحصائية السجل القومى للأمراض تشير إلى وجود 14 مليون مريض سرطان منهم 100 ألف حالة جديدة سنوياً موزعة بين الرجال والنساء، وهناك دليل آخر على تعمد الحكومات السابقة إسقاط المريض الغلبان من حساباتها. ففى عام 2007 قرر مجلس الوزراء فى عهد حكومة أحمد نظيف إنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية التى تنتقل إليها كل المستشفيات وأصول التأمين الصحى لتديرها على أساس ربحى ويتيح مشاركة القطاع الخاص للمستشفيات، وهو ما جعل حق المواطن فى العلاج قائماً على أسس ربحية «المال مقابل العلاج». ولكن بعد ثورة 25 يناير بسنوات، وبالتحديد فى عهد حكومة «محلب» صدر قرار العلاج المجانى فى المستشفيات إلا أنه لم يطبق بسبب عدم وجود أموال فى الوزارة لتغطية التكلفة. دكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الحق فى الصحة أكد أن منظومة الصحة فى مصر تحتاج إلى تغيير فالمريض فى مصر يحتاج إلى قرار للعلاج على نفقة الدولة. هذا القرار لا يغطى الأدوية والتحاليل وإنما يغطى الشق الأعلى تكلفة فقط، وهى العمليات الجراحية وهو يميز الخدمة التى تقدمها للدولة فيلجأ الكثيرون إلى الدولة فى تلك الحالة فقط. أما المشكلة التى تقف أمام المواطن فهى العيادات الخارجية بالمستشفيات، وهى أضعف نقطة فى المنظومة فالأطباء يتقاضون مرتبات هزيلة لا تتناسب مع حجم مجهوداتهم، فالطبيب يتقاضى 20 جنيهاً مقابل ساعتين يكشف فيها على نحو 20 مريضاً، ولذلك طالبنا بزيادة ميزانية الصحة ل1. 2 مليار جنيه فى حالة زيادة مرتبات الأطباء. ومن أجل توسيع قاعدة استعادة عامة الشعب والمطحونين من العلاج يطالب د. خليل بأن تبتعد الحكومة عن فكرة الخصخصة بحجة تحسين المستشفيات، ويسعى إلى توحيد منظومة التأمين الشامل للعلاج بجميع وسائله وأنواعه.