«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صغير الزواج العرفي مش إبن حرام.. حق الأم في قيد طفلها بموجب عقد زواج غير رسمي
نشر في صوت الأمة يوم 05 - 07 - 2018

«الزواج العرفى».. مصطلح له مردود سلبي على الآسر المصرية نتيجة مناقشة الدراما التلفزيونية للظاهرة في وقت من الأوقات، إنتشرت فيه وقائع «الزوج العرافي» حتى وصل الأمر إلى حرمانية مسالة «الزواج العرفى» على الرغم من أن أرجح الأقوال في المذهب الحنفي بالنسبة له ركن أساسي وهو الإيجاب والقبول.
شروط الانعقاد
والمعلوم أن «الزواج العرفي» له شروط لانعقاده تتمثل في أن يكون طرفي العقد عاقلين، وألا يرجع الموجب عن إيجابه قبل القبول، وأن يكون الإيجاب والقبول بمجلس واحد دون فصل بينهما، متلازمين متوافقين، كما أن شروط صحته تتمثل في أن تكون المرأة محلا للنكاح أي غير محرمة على الزوج، وألا يكون النكاح مؤقتا، وأن يكون الزوج كفؤا للمرأة التي يتزوجها، وحضور شهود لهذا العقد- بحسب المحامي والخبير القانوني محمد أحمد عبد التواب.
شروط النفاذ
وبالنسبة لشروط النفاذ، أكد «عبد التواب» أن لهذا العقد شروط نفاذ بأن يكون المتعاقد أهلا لإبرامه بأن يكون بالغا عاقلا حرا، وأن يكون العاقد ذا ولاية على إنشاء عقد الزواج و شروط لزوم من كفاءة الزوج وخلو عقد النكاح من التغرير وكمال مهر المثل وخلو الزوج من العيوب التي تحول بينه وبين معاشرة زوجته معاشرة، فإذا ما توافرت كافة الشروط المذكورة سلفا في عقد الزواج صار العقد صحيحا.
كيفية الاثبات
أما عن كيفية إثبات عقد الزواج، أجاب: فيجوز للزوجة اللجوء للمحكمة وإقامة دعوي إثبات عقد زواجها العرفي وهنا إما أن يحضر الزوج ويقر بالزواج، ذلك وفقا لنص المادة 17 فقرة 2 من القانون 1 لسنة 2000 من أنه: «لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج ما لم يكن ثابتا بوثيقة رسمية».
فإذا ما انتفى الإنكار للزوجية بين طرفيه انتفى بالتبعية معه شرط وجوب ثبوت الزواج بوثيقة رسمية و يجوز من ثم إثبات هذا الزواج بإقرار الطرفين بالزواج، أما إذا أنكر الزوج الزواج فيمكن الإثبات بأي طريقة من طرق الإثبات الشرعية ومنها شهادة الشهود، وفقا ل«عبد التواب».
مدى أحقية الأم في قيد طفلها بموجب عقد الزواج العرفي
إلا أن الإشكالية الأهم التى تواجه الآسر المصرية تتمثل فى مسألة مدى أحقية الأم في قيد طفلها بموجب عقد الزواج العرفي وضوابط ممارسة هذا الحق، حيث أن المشرع في القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار «قانون الطفل» قد حرص على ضبط عملية قيد الأطفال وحمايتهم بنسبة الطفل إلى والديه باعتباره أحد حقوق الطفل الدستورية التي تدعم حقه في الحياة الآمنة في بيئة اجتماعية ودينية صالحة – فأوجب الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ حدوثها وحدد حصرياً الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة ومنهم والد الطفل إذا كان حاضرا أو والدته شريطة إثبات العلاقة الزوجية.
اقرأ أيضا: اسمه الطلاق للضرر.. مدى أحقية الزوجة في طلب التطليق لزواج زوجها بأخرى وشروطه؟
اللأئحة التنفيذية للقانون
وأبانت اللائحة التنفيذية للقانون الإجراءات الواجب أتباعها في حال عدم قيام الأم بإثبات تلك العلاقة، وتتمثل فى تقديمها إقرار كتابي منها بأن الطفل وليدها وبشهادة القائم بالتوليد بواقعة الميلاد، ويتم في هذه الحالة قيد المولود بسجلات المواليد ويدون اسم الأم فى الخانة المخصصة لذلك، ويثبت للمولود اسم أب رباعي يختاره المسئول عن القيد، ولا يعتد بهذه الشهادة في غير إثبات واقعة الميلاد، مع إثبات ذلك بمحضر إداري يحرره المسئول عن القيد ويرفق بنموذج التبليغ، على النحو الذي يصدر به قرار من وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة حسبما تقضى اللائحة التنفيذية لقانون الطفل المشار اليه والتى حددت البيانات التي يجب أن يشملها الابلاغ عن واقعة الميلاد والتي يتم إدراجها في النموذج المعد لذلك، ويتم هذا الإبلاغ إلى مكتب الصحة في الجهة التي حدثت فيها الولادة إذا وجد بها مكتب أو الجهة الصحية فى الجهات التي ليس بها مكتب صحة او العمدة أو شيخ البلدة في الجهة التي ليس بها مكتب صحة أو جهة صحية وفى هذه الحالة يرسل العمدة أو شيخ البلدة التبليغات إلى أقرب مكتب صحة أو أقرب جهة صحية وفقا ل«عبد التواب».
تلك الجهات تقوم بإرسال التبليغات بالميلاد والمستندات المرفقة بها إلى قسم السجل المدني، والذي يقوم بدوره بمراجعة بيانات التبليغات والمستندات المرفقة بها واعتمادها وإرسالها إلى مركز المعلومات المختص الذي تولى مراجعتها وتسجيلها، ثم أعادتها إلى السجل المدني المختص الذي يقوم بتسليم شهادة الميلاد إلى صاحب الشأن، ولم يجز المشرع لأمين السجل المدني إثبات اسم الوالد أو الوالدة أو كليهما على حسب الأحوال عند قيد واقعات الميلاد ولو طلب منه، في أحوال محددة عددتها المادة (35) من اللائحة التنفيذية المشار إليها ويقوم أمين السجل المدني في تلك الحالات باختيار اسم بديل لما لا يجوز ذكره.
العقود ألفاظ
ومتى كان من المستقر عليه أن الزواج في الإسلام عقدٌ قوليٌّ بين رجل وامرأة خاليين من الموانع الشرعية، شأنه كشأن سائر العقود التي تصح بتوافر شروطها وأركانها وانتفاء موانعها، وإذا كان من المقرر في الفقه الإسلامي أن «العقود ألفاظ» فإذا حصلت من كامل الأهلية في التصرف مستكملةً لشروطها وأركانها مع انتفاء موانعها فإنها عقود صحيحة، تستتبع آثارها وما يترتب عليها من أحكام، فهناك فارق كبير بين عقد الزواج الشرعي ووثيقة الزواج الرسمية، فإذا كان العقد هو الإيجاب والقبول بأركانه وشروطه السابقة، فان التوثيق الرسمي هو شيءٌ زائدٌ على حقيقة العقد وماهيته، ارتأى المشرع اللجوءَ إليه حفظًا للحقوق وخوفًا من التناكُر في عقد الزواج، وإذا كان المشرع قد اشترط في الفقرة الأولى من المادة ( 17 ) من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية لقبول دعوى الزوجية عند الإنكار أن يكون الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية، فان هذا المنع قاصر على الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج ذاته فلا يمتد إلي الدعاوى الناشئة عن النزاع في ذات الزواج أو في وجود الزوجية عند الإنكار أو وجود نزاع فيها ولو لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية، وبالتالي فلا تأثير لهذا المنع من سماع دعوي النسب التي ما زالت باقية علي حكمها المقرر في الشريعة الإسلامية من حيث ثبوت النسب – في الفقه الحنفي – بالفراش والبينة والإقرار، كما انه من المستقر عليه أنه لا يشترط في إثبات عقد الزواج العرفي تقديم العقد ذاته بل يكفى أن يثبت حصول الزواج بالبينة وحصول المعاشرة الزوجية في ظله باعتبار أن البينة الشرعية هي إحدى طرق الإثبات-بحسب «عبد التواب».
اقرأ أيضا: لماذا رفض القانون تنفيذ حكم رؤية الأب لأبناءه فى السجن؟
وعلى هدي من المبادئ الدستورية سالفة البيان التي ساوت بين حقوق المرأة والرجل في الحياة الاجتماعية، والتي تعد رابطة الزوجية أبرز مظاهر ممارسة هذا الحق، والذي يرتبط في جوهره بحقوق الأبناء المصونة دستوريا نتاج العلاقة الزوجية بين المرأة والرجل، ولا مشاحة في أن كل تلك الحقوق إنما تعد فرع من الحرية الشخصية للإنسان والتي تعد ملاك الحياة الإنسانية كلها ومن ثم لا تخلقها الشرائع بل تنظمها ولا توجدها القوانين بل توفق بين شتى مناحيها ومختلف توجهاتها تحقيقا للخير المشترك للجماعة ورعاية للصالح العام، فلا تتقبل من القيود ألا ما كان هادفا إلى هذا الغاية مستوحيا تلك الأغراض.
بداية الخلاف
فإذا ما دبت الخلافات بين طرفي العلاقة الزوجية المنعقدة بموجب عقد الزواج العرفي، وبلغت مداها بإنكار احد أطرافها لانعقاد تلك العلاقة ذاتها فان اثر ذلك ينبغي أن يظل محصورا بين الزوجين، دون أن يمتد اثر تلك الخلافات إلى الأطفال ثمرة عقد الزوج العرفي متى توافرت مظاهر ودلائل جدية على انعقاد هذا الزواج، وهو زواج شرعي على النحو السالف بيانه، ومقتضى ذلك أن يظل عقد الزواج العرفي سندا صحيحا ومنتجا لأثاره بحسبانه قرينة كافية بذاتها على قيد الأطفال في سجلات مصلحة الأحوال المدنية ومنحهم شهادة ميلاد مثبتا بها نسبهم إلى والديهم في هذا العقد، وهي قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس، بل أن تلك القرينة تقوم كذلك حتى في ظل عقد الزواج الموثق رسميا.
وقرينة نسبة الأطفال إلى والديهم بموجب عقد الزواج - وآيا كان هذا العقد سواء كان عرفيا أو موثقا رسميا - هي قرينة مؤقتة بطبيعتها لا يزعزعها مجرد وجود منازعات قضائية بين الزوجين حول انعقاد العلاقة الزوجية أو حتى في نسبة الطفل المولود إلى طرفي تلك العلاقة طالما لم يصدر حكم قضائي نهائي من الجهة القضائية المختصة ببطلان هذا النسب، وهو ما ينصرف بأثره على قيد الطفل المولود بموجب عقد الزواج في سجلات الأحوال المدنية منسوبا إلى والديه فيه أخذا في الاعتبار أن ذلك القيد لا ينشئ بذاته مركزاً قانونياً لأن هذا المركز أنشئ بالفعل بمجرد تحقق واقعة ميلاد الطفل, فالقيد ما هو إلا تقرير لواقع ومركز قانوني تكامل قبل القيد ليعبر عن حقيقة الواقع, إعلاناً للغير بتلك الحقيقة حتى يمكن للطفل أن يمارس حقوقه المصونة دستوريا واجدرها التمتع باسم يميزه عن غيره والحصول على حقه في التعليم والتنشئة الصحية والتربوية السليمة بما يكفل له الحياة الكريمة بين اقرأنه في المجتمع، فالقيد على هذا النحو يقوم في حقيقته على شواهد ومظاهر جدية - يعد أبرزها عقد الزواج سواء كان موثقا رسميا أو عرفيا - تفيد نسبة المولود إلي والديه في عقد الزواج، فإذا ما ثبت عدم اتفاق القيد مع الواقع كان باطلا ومنعدما، وهو ما أكد عليه المشرع في القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية حينما خلع في المادة (12) منه على البيانات الواردة بسجلات مصلحة الأحوال المدنية وما يستخرج منها من صور رسمية حجية لا تسقط إلا بصدور حكم قضائي من المحكمة المختصة ببطلانها أو تزويرها.
اقرأ أيضا: علشان ما تستعملهاش بعشم.. هل تلف منقولات الزوجية بالاستخدام جريمة تبديد؟
وفي هذا السياق فقد استقر قضاء محكمة النقض على أن شهادة الميلاد بمفردها ليست حجة في إثبات النسب، وإن كانت تعد قرينة عليه، إذ لم يقصد بها ثبوته وإنما جاء ذكره فيها تبعا لما قصد منها ووضعت له، ولأن القيد بالدفاتر لا يشترط فيه أن يكون بناء علي طلب الأب أو وكيله، بل يصح بالإملاء من القابلة أو الأم.
(حكم محكمة النقض في الطعن رقم 155 لسنة 58 ق - أحوال شخصية - جلسة 30/5/1989).
حق الأب فى قيد طفله دون عقد زواج
وإذا كان المشرع في قانون الطفل المشار إليه قد كفل للزوج الحق في قيد طفله في سجلات مصلحة الأحوال المدنية دون تعليق ذلك على تقديمه عقد زواج رسمي أو عرفي مكتفيا بإقراره بواقعة الميلاد ونسبة المولود إليه، وقرر في ذات الوقت حق الأم في قيد طفلها في تلك السجلات عند تقديمها عقد الزواج الرسمي، كما منح الأم الحق في قيد مولودها حتى ولو لم يكن بيدها ما يفيد ثبوت العلاقة الزوجية على إطلاقها رسميا أو عرفيا وعهد في هذه الحالة بمسئول القيد بتسمية الأب في وثيقة الميلاد، ألا انه في المقابل قد سكت عن بيان حق الأم في قيد طفلها بموجب عقد الزواج العرفي وضوابط ممارسة هذا الحق، ألا أن ذلك لا يعني إهدار حق الزوجة في عقد الزواج العرفي في قيد طفلها منسوبا إلى أبيه في ذلك العقد بحسبان أن حقها في ذلك من الحقوق وثيقة الصلة بحريتها الشخصية والتي لا توجدها القوانين في الأصل، وهذا الحق تباشره تحت رقابة قضاء المشروعية والذي يجسد الرقابة القضائية الفعالة التي تكفل للناس حقوقهم الطبيعية وحرياتهم العامة في أطار من الضوابط والقواعد التي يستنبطها من المبادئ التي تنطق بها نصوص الدستور بحسبانه القانون الأعلى الذي يسمو على جميع القوانين بما يكفل في النهاية تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة وهو ما ينصرف بأثره إلى تكريس مبدأ العدالة في ربوع المجتمع.
حق الطفل على أسم يميزه
والقضاء الإداري بذلك لا يعتدي على السلطة التشريعية فهو لا يضع قانونا ولا يتعدى كذلك على جهة القضاء المختصة بالفصل في منازعات الأحوال الشخصية، وغاية الأمر انه يوازن بين ممارسة الحقوق لكل من المرأة والرجل في عقد الزواج العرفي في قيد طفلهما ثمرة هذا الزواج، وكذا حق الطفل ذاته في الحصول على أسم يميزه ويضمن عدم امتهان كرامته الإنسانية، وبيان أيا من تلك الحقوق أولى بالرعاية في نظر الدستور القائم وبمراعاة القواعد الإنسانية التي استقرت في وجدان المجتمع لا يحدها في ذلك ألا تحقيق الصالح العام، وقضاء المحكمة في هذا الشأن هو قضاء كاشف مقصور على المنازعة محل الدعوى ذاتها فى ضوء تقديرها لوقائع المنازعة المطروحة عليه وأدلتها، دون أن تتقيد محكمة أخرى بهذا القضاء، بل ودون أن تتقيد هي نفسها به في قضية أخرى تنظرها بعد ذلك.
الحق فى الحصول على شهادة ميلاد
وأن التصاق الطفل بأمه هو التعبير الصادق عن العلاقة الربانية بين كائنين متصلين حسيا احدهما في قيد الحياة والأخر في الأحشاء، وذلك الاندماج الوجداني والجسدي هو الذي جعل المشرع الدستوري يلزم الدولة بتوفير الحماية والرعاية للأمومة والطفولة، وليس ذلك تقليلا من الأب ولكن تعظيما لشأن الأم ودورها الحيوي والجوهري في تنشئة الأطفال ورعايتهم، وليس أدل على ذلك من أن المشرع منح الأم الأفضلية في الحضانة على الأب والزم الأخير بتوفير مسكن الحضانة الملائم للام وأطفالها، كما منح الأم الأفضلية في التبليغ عن طفلها عن جميع أهل الزوج إذا قدمت الزوجة ما يثبت انعقاد العلاقة الزوجية رسميا، وإذا كان انعقاد تلك العلاقة شرعيا هو أمر منفصل عن توثيق عقد الزواج ذاته، فلا يلزم لشرعية الزواج أن يكون موثقا رسميا بل يكفي أن يكون زواجا عرفيا على النحو السالف بيانه، ومن ثم فان مقتضى ذلك أن تتساوي الزوجة مع زوجها بموجب هذا العقد في حق الإبلاغ عن طفلها والحصول على شهادة ميلاد مثبته لشخصيته ونسبته إلى والده في عقد زواجها العرفي منه، والقول بغير ذلك يهدم كل معاني المساواة في الحقوق المدنية والاجتماعية بين الرجل والمرأة التي حرص الدستور على تأكيدها بالمادة (11) منه، وإذا كان المشرع الدستوري قد ألزم الدولة بكافة أجهزتها الإدارية والتنفيذية والتشريعية تغليب مصلحة الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتخذ حياله، والتي يأتي على قمتها حقه أن يكون له الاسم الدال على شخصيته القانونية، وذلك تقديرا منه أن الاسم ليس مجرد بطاقة شخصية أو رقم قيد، وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة.
اقرأ أيضا: الطلاق عبر الأثير.. 5 حالات يقع فيها اليمين
وبهذه المثابة فان حرمان الأم المتزوجة عرفيا من أن يكون لطفلها وثيقة ميلاد بموجب عقد زواجها العرفي يعد نوعا من الإيذاء البدني والنفسي للام وعدوانا على اخص ما منحه لها الدستور من حقوق، كما أن حرمان الطفل من حمل شهادة ميلاد تثبت فيها البيانات الخاصة به، دون أن يرد بها ما يحقر من شأنه أو يتسبب له في المهانة على المستوى الشخصي والاجتماعي، هو أعظم هدراً لحقوقه المصونة دستورياً، ومن ثم فإنه لا يجوز الاحتجاج بعدم وجود عقد زواج موثق رسميا لحرمان الأم التي التصق بها طفلها من حقها الطبيعي في رعاية طفلها بل وحرمان طفلها من حقه الدستوري في تمتعه بأدلته الثبوتية لشخصيته، حتى ولو كان هذا الزواج العرفي موضوع لخلافات بين الزوجين من حيث انعقاده، فلا يجب أن يتخذ من ذلك سبيلا لحرمان الطفل في أن يكون له وثيقة ميلاد دالة على إنسانيته وتضمن له ممارسة حياته الطبيعية في المجتمع، طالما لم يثبت بدليل قاطع عكس ما تدعيه والدته من نسبته لأبيه في عقد زواجها العرفي وذلك بموجب حكم نهائي صادر من المحكمة المختصة بحسبان أن قيد الطفل المولود في ذاته ومنحه شهادة الميلاد الدالة على ذلك لا يعد في ذاته حجة في أثبات النسب وإنما مجرد قرينة بسيطة عليه قابلة لإثبات العكس على النحو السالف بيانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.