شاء قدر الطفل "ع .ر" صاحب ال 13 عاماً ببنى سويف، أن يتم نقله فى أسرع وقت إلى أقرب صيدلية، نظراً لبُعد أقرب مستشفى عن المكان الذى أُصيب فيه قدمه، بعدما اخترقت "سرنجة متروكة في الشارع" حذائه لتصل إلى باطن القدم، وهو ما تسبب فى ألم شديد للطفل وصراخ مستمر من جانبه، فقامت والدته على إثر ذلك بتخليص "السرنجة" من الحذاء والقدم، وحمله للصيدلية التى أرشدهم من بها إلى الذهاب للمستشفى فوراً، وأخذ حقنة تيتانوس ضد التسمم تحسباً لأن تكون "إبرة السرنجة" مسممة فتصيب الطفل. ماحدث لهذا الطفل ببنى سويف، تكرر ويتكرر مع الصغار والكبار بالشوارع وخلال النبش فى القمامة، نتيجة للتخلص غير الآمن من النفايات الطبية لبعض الصيدليات والمستشفيات بالشوارع ومع القمامة العادية للمنازل والمحلات التجارية، فى حين أن هذه النوعية من النفايات، حدد القانون طريقة خاصة للتخلص منها، غير إلقائها فى القمامة العادية، وشدد المٌشرع على عدم التخلص منها فى غير المكان المخصص والمُحدد لها، وهى محارق النفايات الطبية أو محارق المخلفات الطبية.
القمامة والنفايات الطبية
فرق شاسع مابين القمامة العادية التى تتبقى من الإنسان بعد تناوله للطعام والشراب من خضروات وفاكهة ولحوم وأسماك وغيرها، وكذلك الزجاج والبلاستيك والكرتون والورق و الفوارغ والعلب الخاصة بحفظها والنفايات أو المخلفات الطبية، التي تنتج من المواد المستخدمة خلال فحص وتشخيص المرضى وعلاجهم و العناية بهم، سواءً كانت هذه العمليات داخل المؤسسة ( مستشفى أو وحدة صحية أو صيدلية ) أو المكان الصحي الخاص بالعلاج أو خارجه، وتشتمل هذه المخلفات على أنواع عديدة من النفايات مثل الحقن، والقطن، والشاش، وبقايا العينات الملوثة بالدماء والسوائل الخارجة من المرضى، ومخلفات الصيدلية والمخلفات الكيميائية والمشعة، ومخلفات العمليات الجراحية من أعضاء بشرية وغيرها. وتعتبر هذه النفايات، من أخطر أنواع المخلفات على البيئة وعلى صحة الإنسان، نظراً لما تحويه من بكتيريا وفيروسات وفطريات وغيرها من مسبّبات الأمراض، ولكون مصدرها المريض الذى يتم علاجه، وما يتم استخدامه فى العلاج، لذلك فهي من أكثر مسبّبات ظهور الأمراض والأوبئة التي تفتك بأرواح الناس.
النفايات المُشعّة
وعلى الرغم من أن النفايات الطبية عموماً ،تشكل خطراً داهماً على الإنسان والبيئة، إلاّ أن هناك نوعيات أشد خطراً وبلاءً، حيث يمكن تقسيم النفايات الطبية إلى نوعين هما، النفايات العادية: وهي التى لا تشكل خطورة على صحة الإنسان، و من أمثلتها الورق، الزجاجات الفارغة غير المحتوية على مواد خطرة، وبقايا الأدوية غير الخطرة. وهناك النفايات الخطرة ، وهى تلك التى تشكل خطورة كبيرة على صحة الإنسان وعلى البيئة ، وتنقسم إلى نفايات باثيولوجية، وهي عبارة عن مخلفات العمليات الجراحية من أعضاء بشرية و دماء وسوائل المرضى وغيرها، نفايات ملوثة، وهى التى تشمل مستلزمات الجراحة وملابس المرضى والإبر والحقن وغيرها، و النفايات المشعة، وهي عبارة عن بقايا غرف الأشعة والمحاليل المشعة، والمختبرات المتخصّصة، وغيرها من المخلفات الإشعاعيّة، ونتيجة لخطورة هذه النفايات ، فقد تم تقنين عدة طرق للتخلص منها، مثل الردم بحيث يتم اختيار مكان بعيداً عن السكان وردم وطمر النفايات فيه بحرص شديد حتى لا يتسرب شىء منها للخارج، كما يتم التخلص منها كذلك بالحرق، بعد اختيار مكان معين من قبل الجهات المختصة طبياً وبيئياً وقانونياً، وعليه يتم وضع النفايات في هذا المكان ليتم حرقها بعد ذلك. ثم التخلص الحراري، وتعتمد هذه الطريقة على تسليط الأشعة على النفايات من أجل التخلص منها، وتعتبر هذه الطريقة من أكثر الطرق تقدماً في هذا المجال كما تعدّ من أفضلها حفاظاً على الإنسان والبيئة.
الحكومة والقانون بالمرصاد
لاشك أن المُشرع المصرى كان سبّاقاً كعادته فى درأ خطر هذه النفايات ،على الإنسان والبيئة منذ سنوات طوال، فسنّ القوانين ووضع العقوبات لمن يخالف فى هذا المجال الحيوى والخطير، بل كانت وستظل يد الحكومة بالمرصاد لمن يلقى مثل هذه النفايات والمخلفات الطبية سواء من المستشفيات أو الوحدات الصحية أو الصيدليات فى غير المحارق المخصصة لهذا الشأن، ومن يتصفح اللوائح والقوانين التى تنظم هذا المجال ، يجد 6 تشريعات هامة تنظم شؤونها، غير أن المثل الشعبى والعامى يقول ( خير الكلام ما قلّ ودلّ )، ولذلك سنوجز فى هذه القوانين، حيث تنص المادة ( 85 ) من قوانين البيئة على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد (30) ،(31)( 33) ، كما نصت المادة (88 )على أن " يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على أربعين ألف جنيه كل من خالف أحكام المواد (29) و (32)و(47 )من هذا القانون، كما يلزم كل من خالف أحكام المادة (32) بإعادة تصدير النفايات الخطرة محل الجريمة على نفقته الخاصة ». كما نصت المادة (95 )على أن " يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشرة سنوات كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال المخالفة لأحكام هذا القانون إذا نشأ عنه إصابة أحد الأشخاص بعاهة مستديمة يستحيل برؤها، وتكون العقوبة السجن إذا نشأ عن المخالفة إصابة ثلاثة أشخاص فأكثر بهذه العاهة، فإذا ترتب على هذا الفعل وفاة إنسان تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وتكون العقوبة بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا ترتب على الفعل وفاة ثلاثة أشخاص فأكثر»، كما أعطى المُشرع المصرى للعاملين فى رقابة أعمال هذا النوع من النفايات ، صفة الضبطية القضائية.