السعودية تتأهل لكأس العالم للمرة السابعة على حساب العراق    عمر جابر يعود للتدريبات الجماعية للزمالك    فصل الكهرباء عن عدة قرى بالرياض في كفر الشيخ غدًا لمدة 5 ساعات    سميح ساويرس: الاستثمار السياحي والعقاري لا يمكن فصلهما عن بعض    متحدث الري: التغيرات المناخية تؤثر بشكل واضح على قطاع المياه في كل العالم    جيش الاحتلال: الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثامين أسرى إسرائيليين جنوب غزة    لاتفيا ضد إنجلترا.. هجوم نارى لمنتخب الأسود الثلاثة في تصفيات كأس العالم    أحرج مسؤولًا عربيًا وقال ل أردوغان «تحياتي لزوجتك».. 10 مواقف غريبة ل ترامب كسرت قواعد البروتوكول    وزير الاستثمار: الحكومة المصرية ملتزمة بتعزيز الشراكة مع مجتمع الأعمال الأمريكي    ياسين منصور يكشف سبب ترشحه نائبًا في الأهلي بدلاً من الرئيس    بعد ظهوره في مصر.. تقرير يكشف آخر تطورات إصابة عمر مرموش    أسامة كمال: قمة شرم الشيخ يوم هُزم فيه المشككون وكُسرت شوكة من راهنوا على فشل مصر    طارق مصطفى يتحرك قانونيًا ضد أحمد ياسر بسبب تصريحاته    الجنايات تقضي بالسجن المؤبد على تاجر شابو في قنا    ارتفاع عدد ضحايا حادث سقوط تروسيكل أسيوط إلى خمسة طلاب    السجن المشدد 3 سنوات ل متهم بحيازة أسلحة نارية في المنيا    باسم يوسف: أكل عيش أني أعارض دايمًا.. والشهرة وجعت دماغي    زي بتاع زمان.. الطريقة الأصلية لعمل الفطير المشلتت    «مكنتش أعرف إنها مخالفة».. الراقصة «ليندا» في المحكمة غدًا بتهمة نشر فيديوهات خادشة    حجازي: قمة شرم الشيخ لحظة فخر لمصر وتجسيد لنجاح دبلوماسيتها    السفير صلاح حليمة: الاحتجاجات في مدغشقر تطورت إلى استيلاء على السلطة بحماية النخبة    إنستجرام: حماية المراهقين بقصر مشاهداتهم على المحتوى بي جي-13    وزيرة البيئة ومستشار رئيس الجمهورية ومحافظ القاهرة يفتتحون أعمال تطوير حديقة المسلة التراثية    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    رئيس وزراء الكويت: قمة شرم الشيخ للسلام وضعت حدا لمعاناة الفلسطينيين في غزة    سعر مواد البناء مساء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    خبر في الجول - الزمالك يعتذر عن عدم المشاركة في البطولة العربية لسيدات الطائرة    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    أكرم حسنى ل اليوم السابع: ما حدث فى شرم الشيخ ينم أن لدينا قيادة حكيمة    لطيفة: شكرا للقائد الحكيم فخر الأمة الرئيس السيسى فى إنجاز هذا الحدث التاريخى    وكيل شباب ورياضة الجيزة يتابع تطوير مركز شباب الديسمي لخدمة المتضررين من السيول    «منتصف النهار» يبرز الإشادات الدولية بدور مصر في وقف الحرب على غزة    مواصفة امتحان مادة الدين فى اختبارات الشهر للمرحلة الابتدائية    تناولت مادة مجهولة.. مصرع طالبة في الصعايدة بقنا    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    «عيب تسلم اللاعبين للجمهور».. أسامة حسني يوجه رسائل نارية لمدرب منتخب مصر    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    محافظ البحيرة تتفقد عددًا من المشروعات الخدمية بقرية الأبعادية بدمنهور    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    وكيل صحة المنيا يفاجئ وحدة أبو عزيز ويحيل طبيبة للتحقيق بسبب الغياب    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    خالد الغندور: مصر زعيمة الأمة العربية ولها دور فعال فى إنهاء الحرب بغزة    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا تدفع ثمن الفشل فى سوريا وليست الولايات المتحدة
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 11 - 2015


بسمة قضمانى
هو ذا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وقد استشعر الضعف فى مواقف القوى الغربية، يقرر أن سوريا هى منطقة هيمنة طبيعية لروسيا، ويبدو أنها لا تقل عن أوكرانيا، كإقليم تعرضت فيه مصالحها الحيوية للخطر. وسواء أكان قد نشر ترسانته فى سوريا لمحاربة داعش أو لدعم الأسد، فإنه بفرضه وجودا عسكريا مكثفا فى سوريا قد جعل نفسه اللاعب الوحيد الذى يحسب حسابه والقادر على فرض الشروط. ورغم أنه لا يملك استراتيجية لإنهاء النزاع، لكنه الوحيد الذى فكر بضمان الوجود الروسى فى هذا البلد المحورى، فى حين أن الغرب ليس لديه أى استراتيجية لمواجهته.
فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، بقى الأوروبيون مصطفين خلف القيادة الأمريكية فى الشأن السورى. لقد كان بعضهم مستعدا للتحرك ضد الأسد بعد استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين. والفرنسيون التزموا جديا بخط أوباما الأحمر، إلا أن كيرى ولافروف وجدا المخرج بالاتفاق حول ترسانة الأسد الكيماوية، الأمر الذى رحب به الجميع واعتبروه انفراجا. ورغم الخيبة من أن ما جرى فى الواقع كان إنقاذ الأسد والإبقاء على قدراته العسكرية، اعتقدت الدول الأوروبية، أنها تستطيع التعايش مع هذه المشكلة. ولم تك داعش آنذاك مصدر قلق كبير إذ كان يستطيع بعض المقاتلين الشجعان من الجيش السورى الحر التعامل معها. إلا أن هذا التقاعس فرض تبعاته التى باتت جميع أنحاء أوروبا تعيها وتحسها تماما.
ومنذ ذاك الحين، يدور النقاش فى أوروبا حول كل «الأسباب الوجيهة» للإبقاء على الأسد واحتواء الصراع. فقد ساد الاعتقاد بأنه مع تشديد التدابير الأمنية فى الداخل واستمرار القصف على الأراضى العراقية والسورية، يمكن السيطرة على الأعداد المتزايدة من الجهاديين الذين يتحركون جيئة وذهابا للانضمام إلى داعش. كان لا يزال بالإمكان القول للرأى العام، إن سياسة الاحتواء قد تنجح.
•••
وقد حذرت الوكالات الدولية من أن أوضاع اللاجئين فى تركيا والأردن ولبنان، أصبحت لا تحتمل بنسب متفاوتة. وإن رقم ال 4.5 مليون لاجئ الذى أعلنته مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين هو فى الحقيقة يقارب سبعة ملايين، وبينما ترتفع أعداد اللاجئين فإن المساعدات تتضاءل وتتناقص. فقد اللاجئون الأمل وبدأوا فى الفرار إلى أوروبا. بعضهم يموت فى البحر، ولكن معظمهم يتمكن من الوصول إلى الشواطئ الشمالية. لقد فر نحو ربع اللاجئين من المناطق التى تسيطر عليها داعش، فى حين أن نحو 70% يبحثون عن ملجأ من البراميل المتفجرة التى تقصف بها قوات الأسد مناطق المدنيين كل ساعة. لقد وجد رؤساء بلديات المدن فى جميع أنحاء أوروبا الآن أنفسهم أمام فشل سياسة الاحتواء. فهم مطالبون بإسكان اللاجئين بشكل عاجل وتأمين احتياجاتهم الحيوية. كما قد أصبح سكان المناطق الريفية المنعزلة من السويد وألمانيا وفرنسا ودول أخرى مضطرين للتعامل مع أولئك الذين فروا من سوريا. وتقع الحكومات تحت ضغط الجماعات اليمينية المتطرفة التى وجدت القضية المثالية لشن حملاتها ضد الحكومات وكسب الشعبية.
ليس هناك ما يوحى بالاعتقاد بأن هذا التدفق سيتوقف. وبالتأكيد، سيؤدى التدخل الروسى إلى زيادة القتال وفرار عدد أكبر من المدنيين، الذين يوشكون على تضخيم أعداد اللاجئين المتدفقين إلى أوروبا.
لقد ارتكب الرئيس أوباما خطأ تاريخيا بتقليله من شأن الصراع السورى. وعندما يقال إن الفوضى تفتك بالمنطقة وإن سوريا تنحو بشكل كبير لتصبح مزيجا من رواندا والصومال وأفغانستان، فالحقيقة هى أن الولايات المتحدة ما زالت تملك خيار أن تقول إنها تفضل الانسحاب وترى الهيمنة الروسية على سوريا أقل إضرارا بمصالحها الخاصة. ستتلطخ فترة رئاسة أوباما بالمأساة السورية، لكن فى النهاية، لن تضطر الولايات المتحدة للتعامل مع جموع اللاجئين على حدودها. كما أن المخاطر الأمنية المتزايدة للمتطرفين الغربيين الذين يقاتلون بين صفوف داعش تبدو أكثر بعدا عن الولايات المتحدة منها عن أوروبا.
لقد أصبحت سوريا سرطانا ينخر مصداقية أوروبا. وحل الصراع معقد بلا شك. إذ لا يمكن اتخاذ قرار متسرِع بالذهاب إلى حرب من أجل تغيير النظام كما حدث فى ليبيا. ولكن الاستمرار فى تصوير المسألة باعتبارها معضلة للاختيار بين التسرع فى الحرب دون خطة لتحقيق الاستقرار، وبين التجاهل المنهجى لمسببات صراع مسموم مستمر منذ خمس سنوات – ستتفاقم تبعاته فقط أمر يتعذر فهمه.
ينبغى أن يدرك الأوروبيون أن مصالحهم ليست هى نفسها مصالح الولايات المتحدة. وأزمة اللاجئين هى البرهان الأكثر سطوعا على أن أوروبا لا تستطيع الانفصال عن منطقة الشرق الأوسط، وإن القادة الأوروبيين ليس بمقدورهم تحمل مغبة تجاهل هذا الصراع. فسوريا لا تقل أهمية عن البلقان بالنسبة للمصالح الأوروبية، ومن حق الأوروبيين الضغط على الولايات المتحدة فى قضية تهدد استقرارهم الداخلى. التصريحات العلنية لن تكون كافية. يجب أن يطرحوا مقترحا أوروبيا واضحا يمتاز بالواقعية والجرأة فى الوقت عينه.
يجب أن تشير أوروبا بوضوح إلى أن المسئولية فى أزمة اللاجئين تقع بمعظمها على الأسد، وأن تصرح بما لا لبس فيه بأنه لن يكون له أى دور فى الترتيبات الانتقالية. ففى خضم حملة عسكرية شرسة تشنها القوات الروسية، والإيرانية، وقوات الأسد، من شأن اللغة الناعمة التى تقترح التسوية دون أن تأخذ باعتبارها ما يكنه الآخرون فقط أن تضعف موقف الحكومات الغربية، وتعزز تعنت النظام وترسخ عناصره، وتزيد من يأس الفصائل المسلحة المعتدلة، فضلا عن ملايين السوريين العاديين الذين يريدون أن يروا بعض الإنسانية تعود إلى بلادهم. إن الضعف الغربى سيؤدى إلى إطالة أمد الصراع.
•••
والآن أكثر من أى وقت مر فى السنوات الأربع والنصف الماضية، هناك حاجة ملحة لحماية المدنيين. ففى حين كانت تركيا قد عملت لأكثر من عامين على إنشاء منطقة حظر طيران غير معلنة على شريط ضيق من الأرض على طول حدودها، تم الآن القضاء على هذا الشريط من قبل القوات الجوية الروسية التى تحدت هذه المنطقة العازلة التى تحمى الحد الأدنى للمصالح التركية وبضعة عشرات الآلاف من الأسر السورية.
إن حماية السوريين من القنابل الجوية العشوائية للنظام هو العامل الوحيد المهم لتغيير قواعد اللعبة والذى سيجعل الحل السياسى ممكنا. يتفق الخبراء العسكريون على أن منطقة آمنة يمكن فرضها بواسطة سفن بحرية أو من الأراضى التركية، دون الحاجة إلى حملة جوية واسعة النطاق تقوم بتدمير نظام الدفاع الجوى للنظام. هذه المنطقة الآمنة من شأنها أن تكون الخطوة الأولى لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة والآثار المترتبة عنها. كما أنها ستقوم بإنقاذ الأرواح، وإبطاء نزوح اللاجئين، وستتيح للبنى المدنية المعتدلة بأن توطد جذورها وتنشأ وتتطور، كما أنها ستكسر دائرة التطرف.
إن تصاعد التدخل الروسى يعطى خيار المنطقة الآمنة قيمة استراتيجية مضافة، على عكس ما يمكن ظنه من أنه قد جعل فكرة المنطقة الآمنة أمرا عفا عليه الزمن. وعلى أوروبا والولايات المتحدة أن تحاججا الرئيس بوتين بأن النظام السورى سيدفع ثمنا عسكريا نتيجة الدعم الروسى المباشر إلى أن تدخل روسيا والنظام فى مفاوضات حقيقية حول المرحلة الانتقالية. وقد تفتح المنطقة الآمنة آفاقا لم تكن متصورة حتى الآن عن الترتيبات العسكرية والأمنية على الأرض والتى قد تسبق المفاوضات السياسية. إن المعارضة السورية بشقيها السياسى والعسكرى تعى فعليا الخطر المتزايد الذى تمثله داعش كونها «المعارضة» أولى ضحايا جرائمها. وقد يمكن فى ظل ظروف معينة، حين تلتزم القوى الغربية جديا بحماية المدنيين وإنهاء اللعبة دون الأسد، أن يتم إقناع المعارضة المسلحة بالموافقة على تجميد جبهات المعارك ضد قوات النظام، كى تقوم بتوجيه سلاحها ضد داعش باعتبارها أولوية، مع قيام الجيش الموالى بنفس العملية فى المناطق الخاضعة لسيطرته. كما أن تقاسم الأعباء بشكل فعلى قد يؤدى إلى خلق القوة البرية الضرورية لقتال داعش.
•••
لا أحد فى سوريا يرغب أن يرى داعش تُستبدل بجبهة النصرة، إذ تُدرك قوى المعارضة المعتدلة أن السبيل الوحيد لخلق القدرات المحلية من أجل تحقيق استقرار البلاد يتم بجعل الجيش السورى الحر وما تبقى من وحدات عسكرية من الجيش «الموالى» البعيدة عن الميليشيات الدموية، والتى لم تشارك فى قتل المدنيين، تعمل فى نفس الاتجاه. مما يمهد الطريق لإعادة بناء الجيش والأمن السورى الوطنى، الأمر الذى يُعد شرطا مسبقا للتسوية السياسية كى يكون هناك أى أمل بتحقيقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.