عوكل: خطاب أبو مازن رسالة قوية للمجتمع الدولى لتحريك عملية السلام.. وتنفيذ ما ورد به يتطلب مصالحة فلسطينية.. و«بلومبرج»: الرئيس الفلسطينى يرتكب خطأ استراتيجيًا فرض خطاب الرئيس الفلسطينى محمود عباس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأول، حالة من الغموض على موقف السلطة الفلسطينية من التلكؤ والتعنت الإسرائيلى بخصوص مفاوضات السلام، وما ستتخذه السلطة الفلسطينية من خطوات فى المستقبل القريب إذا استمر هذا الموقف دون تغيير. وقال المحلل السياسى الفلسطينى، طلال عوكل فى تصريحات ل«الشروق»، أمس: «إن ما ورد فى الخطاب رسالة للمجتمع الدولى بأن يتحرك لتحريك الجمود الحاصل فى عملية السلام والذى أدى لإحباط فلسطينى كامل ليس فقط من إسرائيل بل من المجتمع الدولى ككل». وأضاف عوكل أن «هذه الرسالة القوية لن تخضع لعملية تنفيذ بسرعة، فالحال سيبقى على ما هو عليه»، متسائلا:«هل درست السلطة البدائل؟ وما الذى سيفعله الفلسطينيون إذا ماتت أوسلو؟ وما الثمن الذى على الفلسطينيين دفعه فى هذه الحالة؟، هل حضر الفلسطينيون أنفسهم لإعلان حل السلطة الوطنية الفلسطينية التى أسستها أوسلو؟، متابعا: «الإجابة لا، فالتنفيذ يتطلب مصالحة فلسطينية». وحول دوافع الرئيس عباس لإعلان تلك الخطوة فى ذلك التوقيت، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر فى غزة إن الخطاب سبقته إجراءات ومحاولة تتعلق بترتيب الأوضاع فيما يخص المجلس الوطنى، ووصفه بأنه «خطاب يمهد لترك الحلبة السياسية» فالرئيس عباس يريد أن يقدم ملامح استراتيجية جديدة ويحاول تحريك الوضع مرة أخرى حتى يكون خلفه على بينه من جميع الحقائق والدروس المستفادة من تجربة طويلة للمفاوضات كان عباس على رأسها». وطرحت الكاتبة جودى رودرين، تساؤلا فى مقالها بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أمس الأول مفاده «مم كان يتبرأ؟»، قبل أن تقول إن عباس بالأساس كان يتحدث عن اتفاقات أوسلو للسلام، التى وقعها سلفه الرئيس الراحل ياسر عرفات عامى 1993 و1995 مع رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك إسحق رابين. وأوضحت رودرين أن أهمية تلك الاتفاقات تكمن فى أنها «حجر الزاوية فيما يعرف باسم عملية السلام، إذ تضمنت أول اعتراف رسمى المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحددت أن المفاوضات الثنائية هى الطريق الوحيد لإقامة دولة فلسطينية»، مشيرة أيضا إلى أنه تحت مظلة عامة من «أوسلو» جاء بروتوكول باريس عام 1994، الذى أنشأ إطارا للعلاقات الاقتصادية وخلق اتحاد جمركى، بموجبه تحصل إسرائيل الضرائب والرسوم الجمركية نيابة عن الفلسطينيين، ووضع ترتيبات تفصيلية للاستيراد والتصدير من الضفة الغربية وقطاع غزة». وأشارت الكاتبة إلى أنه فى ظل أهمية اتفاقات أوسلو، لم يكن واضحا ما إذا كان إعلان الرئيس عباس سيكون له أى تأثير ملموس عليها، لافته إلى أن «الرئيس عباس لم يعلن أنه سيتراجع عن أيا من الاتفاقات، فعلى سبيل المثال لم يقل إنه سيحل السلطة الفلسطينية، أو أعلن اتخاذ أى خطوات محددة للحد من التنسيق الأمنى والاقتصادى أو المدنى مع إسرائيل». من جانبها، أكدت شبكة بلومبرج الأمريكية فى تحليلها للخطوة الفلسطينية أنه «بغض النظر عما إذا كان للرئيس محمود عباس أسباب للانسحاب (من أوسلو)، فإنه يرتكب خطأ استراتيجى طويل الأجل»، موضحة أنه «الآن وفى المستقبل، سيكون بمقدور الإسرائيليين المشككين فى السلام القول بأن القيادة الفلسطينية لا يمكن الوثوق بها لعقد معاهدة والتمسك بها»، ومتسائلة أيضا: «ما الذى سيمنع حكومة فلسطينية مقبلة من القيام بنفس الشىء بالنسبة لأية معاهدة سلام فى المستقبل؟» وأوضحت الشبكة الأمريكية أن نص اتفاقات أوسلو لم يشر إلى إمكانية الانسحاب المنفرد لأى من الجانبان، ولكن مبادى القانون الدولى واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 وتحديدا الفقرة 1 من المادة 60 من الاتفاقية تخول السلطة الفلسطينية هذا الحق إذا حدث إخلال جوهرى بالاتفاق. وأشارت «بلومبرج» إلى أنه من الناحية النظرية يفترض الرئيس عباس أن إسرائيل خرقت المعاهدة، لافتة إلى ما ذكره فى خطابه من أن إسرائيل تواصل بناء المستوطنات، ولم تفرج عن الدفعة الرابعة من السجناء الفلسطينيين.