برلماني يطالب بقانون جديد لمزاولة مهنة الصيدلية    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    الاستعداد لتنفيذ قانون الرقم القومي العقاري بعد تصديق الرئيس السيسي    وزيرة البيئة: استكمال تنفيذ البنية التحتية لمنظومة المخلفات الجديدة بكفر الشيخ    كامل الوزير: دراسة أي طلب للحصول على الرخصة الذهبية قبل العرض على مجلس الوزراء    تداول 14 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    فرح حذر في غزة.. صفقة ألكسندر تفتح باب الأمل لوقف إطلاق النار بالقطاع    مستشار أوكراني: روسيا لا ترغب في السلام وتواصل هجماتها    الجامعة العربية: بنود القمة العربية التنموية أولويات المواطن في ظل التحديات    بمشاركة 13 دولة.. انطلاق منافسات البطولة الأفريقية لمضمار الدراجات    سيناريو وحيد يضمن تتويج الاتحاد بالدوري السعودي اليوم    حسام المندوه يكشف تفاصيل الوعكة الصحية لحسين لبيب    "معلومة مش توقع".. مجدي عبدالغني يفجر مفاجأة بشأن مصير الدوري المصري    ضبط 8 أطنان دقيق مدعم قبل استخدامه في إنتاج «العيش السياحي»    مصرع طالب ثانوي غرقًا في نهر النيل بقنا    ضبط تجار مخدرات وأسلحة نارية في حملات أمنية موسعة بأسوان ودمياط    ننشر مواصفات امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي 2025    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط قضية غسيل أموال ب150 مليون جنيه    «السويس تاريخها العمراني وتراثها المعماري».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    ورشة لتدريب مثقفي القاهرة والجيزة على التوعية بمرض «الثلاسيميا»    هيئة التأمين الصحي بأسوان تطلق حملة «تأمين شامل .. لجيل آمن»    الصحة: فريق الحوكمة يتفقد عددا من المنشآت الصحية بجنوب سيناء ويتخذ إجراءات فورية    هدية "القصر الطائر" من قطر لترامب تثير جدلًا دستوريًا في أمريكا    وزير العمل يعلن فرص عمل بالمقاولات فى السعودية بمرتبات تصل ل6500 ريال شهريا    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    إعلان الجوائز.. ختام مهرجان الفنون المسرحية لطلاب جامعة الإسكندرية- صور    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    غرق شقيقان أثناء لهوهما في قناية صرف زراعي بوادي النطرون    تغير المناخ يهدد زراعة الموز في العديد من البلدان    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    النواب يحيل 33 تقريرا إلى الحكومة لتنفيذ توصياتها    هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إسرائيل ستوفر ممرا آمنا لإطلاق سراح عيدان    عرض ومناقشة فيلم "سماء أكتوبر" في مكتبة المستقبل    مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد ختام العرض المسرحي «الطائر الأزرق»    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    وزير الإسكان: تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع «جنة» للفائزين بمدينة القاهرة الجديدة    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    سوريون يضرمون النار بمواد غذائية وزعتها قوات إسرائيلية    وزير الخارجية والهجرة يُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني    شون وصوامع المنيا تستقبل 266 ألف طن من القمح ضمن موسم توريد 2025    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    قرار عاجل من الأهلي بشأن عماد النحاس.. مدحت شلبي يكشفه    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    السعودية تواجه الأردن وديًا استعدادًا لمواجهتي البحرين وأستراليا    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القادمون إلى القيادة
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 09 - 2015

لا يوجد مشروع واحد فى التاريخ اكتسب قيمته خارج سياقه.
السياق أولا وثانيا وعاشرا.
أول الأسئلة فى «البرنامج الرئاسى لإعداد الشباب للقيادة» هو:
إلى أى حد يساعد فى حلحلة أزمة الدولة مع شبابها؟
هنا صلب التحدى كله.
وهو يطلق مبادرته من جامعة قناة السويس استبعد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أى احتمال لانكسار الأجيال الجديدة فى مصر.
بأى معنى تاريخى هذا صحيح.
غير أنه يصعب إنكار هزيمتها فى أحلامها ورهاناتها الكبرى.
الهزيمة غير الانكسار.
الأولى يمكن ردها، والثانى حكم نهائى.
بقدر عمق تجربة «يناير» يستحيل حذفها من خريطة المستقبل.
القادمون إلى القيادة فى المستقبل هم أبناء «يناير»، بكل أحلامها وأهدافها وتضحياتها وإحباطاتها.
القيادة لا تولد بقرار من سلطة أو فى قاعة درس وتأهيل.
عندما يختل السياق تأخذ التفاعلات مسارا آخر.
آخر ثلاثة أجيال ولدت فى الميادين العامة.
جيل (1946) هو ابن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية ونداءات التحرر الوطنى والعدل الاجتماعى.
وقد جاءت ثورة يوليو من بين تفاعلاته وأفكاره، أصابت وأخطأت بقدر ما حلمت وطمحت.
وجيل السبعينيات ولد من رحم الهزيمة العسكرية عام (1967)، هو ابن الحرب والتمرد والتطلع إلى المشاركة السياسية.
انتفض لتسع سنوات متصلة فى الجامعات وحارب لست سنوات فى الخنادق الأمامية وقاد انتفاضة الخبز عام (1977).
هزم تقريبا فى أغلب معاركه، لكنه لم ينكسر.. وأعطى الحياة السياسية المصرية روح المقاومة فيها لنحو نصف قرن تقريبا.
وجيل «يناير» هو ابن ثورة المعلومات والتطلع إلى نظام سياسى جديد تستحقه مصر.
هذه هى قضيته التى لا يمكن القفز فوقها.
أى تضاد مع الحقائق خسارة مؤكدة.
اللافت أن برنامج القادة لم يثر أى حوار يستحقه بالاتفاق أو الاختلاف.
وهذه إشارة تستحق التوقف عندها.
الحملات الممنهجة على «يناير» وإهانة دستور (2014) أحد أسباب العزوف العام عن أى نقاش.
نزع السياسة عن الانتخابات النيابية واليأس شبه العام من الإفراج عن الشباب المتهمين وفق قانون التظاهر رغم الوعود الكثيرة التى بذلت سبب جوهرى آخر.
تناقض الوعود مع السياقات أخطر ما يتهدد البرنامج الرئاسى لإعداد قادة المستقبل.
بتعبير الرئيس هو خطوة أولى، لكنه يحتاج إلى ما يعزز الثقة فيه حتى يكتب النجاح.
وثانى الأسئلة التى تعترض البرنامج الرئاسى:
ما قضية الأجيال الجديدة بالضبط؟
بكلمة واحدة: الحرية.
هذه صياغة «يناير» التى استدعت ثورتها ووجدت تعبيرها المنضبط فى الدستور.
عندما سدت القنوات السياسية والاجتماعية كانت إطاحة «حسنى مبارك» محتمة.
بعدد آخر من الكلمات: بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
هذه صياغة «يونيو» التى استدعت ثورة جديدة لاستعادة ما اختطف على يد جماعة الإخوان المسلمين.
فى أى تقدم للمستقبل لا بد من ردم الفجوات بين الدولة وشبابها.
وذلك يستدعى احترام القواعد الدستورية، فلا مستقبل بلا قواعد.
بقدر احترام الدستور يمكن الحديث عن تأهيل الشباب للقيادة.
أى نوع من التأهيل؟
إنه ثالث الأسئلة.
وفق ما هو متاح من معلومات يستهدف البرنامج الرئاسى إكساب المتدربين الشبان معارف أساسية فى العلوم السياسية والاستراتيجية والاجتماعية والإدارية والمالية والإعلام والرأى العام وشىء من الخبرة فى أصول البروتوكولات والمراسم.
رغم أنه لا ينفى الثقافة السياسية فإن طابعه العام أقرب إلى رفع مستوى الذين يتصدون للإدارة العامة.
قادة إداريون لا سياسيين.
هذا لا يمكن التهوين من شأنه، لكنه يقصر عن إجابة سؤال رابع:
أى قادة نراهن عليهم؟
توجد فى مصر مراكز عديدة من مثل هذا النوع الإدارى بتاريخ أعرق وتقاليد أرسخ مثل «مركز إعداد القادة».
كيف نبنى الدولة من جديد ونؤهل شبابها لتولى عبء القيادة فى المستقبل القريب؟
هذا سؤال خامس.
لا نجاح ممكنا إذا لم تكن خرائط الإصلاح المؤسسى واضحة.
كل الملفات مفتوحة لأن كل الأزمات حاضرة من بنية الدولة المهدمة إلى تراجع هيبة مؤسساتها العامة إلى جفاف المجال العام.
بحسب الرئيس فإن البرنامج المقترح يستهدف تأهيل (2500) شاب وشابة سنويا، وهذا رقم يعتد به.
كل دورة تستغرق نحو ستة أشهر.
وبحسب ما تسرب فالبرنامج من اقتراحات المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى.
جهة الاقتراح تنبئ عن طبيعة البرنامج.
رفع مستوى لا إعداد لقيادة.
الاقتراح نفسه مستوحى من برنامج أمريكى يحمل الاسم نفسه فى تصميمه وأسلوبه وطرق الانضمام إليه.
فى (8) يوليو الماضى شارك الرئيسان السابقان «بيل كلينتون» و«جورج دبليو بوش» فى تخريج دفعة أخيرة جديدة من البرنامج الأمريكى.
لم يشارك الرئيس الحالى «باراك أوباما» فى هذه الاحتفالية لأنه ليس طرفا مباشرا فى البرنامج والإشراف عليه.
بعدما يغادر موقعه وينشىء كأسلافه مؤسسة بحثية تحمل اسمه وتعتنى بتوثيق حقبته فإنه يحق له الانضمام للبرنامج كأحد رعاته.
التجربة المصرية تختلف، فلا توجد مؤسسات من مثل هذا النوع، وآخر رئيسين فى السجن والإشراف الكامل عليها للرئيس الحالى.
يبدو البرنامج الأمريكى أكثر اتساقا مع طبيعة نظامه السياسى.
فهو يستهدف بناء «نوع معين من القادة» قادر على التصدى للتحديات المستقبلية بمستوى أعلى من الكفاءة، والعملى يغلب النظرى.
بمعنى آخر ما هو نظرى يخدم ما هو عملى.
الفكرة الجوهرية التعلم من تجارب الماضى وخبرات الرؤساء السابقين والمسئولين فى الوظائف العليا.
أكثر النقاط لمعانا فى البرنامج الأمريكى أنه يفتح ملف الأزمات الكبرى التى اعترضت الرئاسات المتعاقبة ويخضعها لمناقشة مفتوحة بلا حواجز.
فى المراجعة تتوافر للمتدربين الشبان معلومات ثمينة عن قدرة كل رئيس فى إدارة الأزمات التى تعرض لها.
كيف أدارها وأين كانت الأخطاء؟
مثل هذه المراجعة وبعضها مع الرؤساء أنفسهم تُكسب المتدربين قدرات قيادية من الاحتكاك والتفاعل وحرية النقاش العام.
التفاعل لا التلقين قاعدة أساسية لبناء أى قدرات قيادية.
السياسيون لا الموظفين وحدهم القادرون على الاضطلاع بالمهمة.
إذا ضاق المجال العام بالحريات الدستورية يصعب الرهان على أى نجاح محتمل للبرنامج المصرى.
التوجه العام فى التجربة الأمريكية لاكتشاف المواهب القيادية ليس مجانيا على أى نحو.
البرنامج يستهدف مباشرة ضخ دماء جديدة من المواهب المدربة فى الحزبين الكبيرين الديمقراطى والجمهورى وشرايين الكونجرس، فضلا عن مراكز التفكير والأبحاث.
إلى أين يذهب المتدربون فى مصر؟
هذا سؤال سادس.
أسوأ خيار ممكن أن يتولوا مهام شكلية كنواب لوزراء أو محافظين، فقد كانت التجربة سلبية للغاية.
كل ما هو مصطنع تذروه رياح النسيان وكل ما هو طبيعى يرسخ فى الأرض لحقب طويلة مقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.