مصدر بالتعليم العالي ينفي إقرار الحد الأدنى للقبول بالجامعات الأهلية 2025    وزير الزراعة يطالب المجتمع الدولي بتجنب فرض قيود مبالغ فيها تؤثر على انسياب التجارة    وزير الزراعة يلتقي مدير عام منظمة الأغذية للأمم المتحدة لبحث تعزيز التعاون المشترك    رئيس الوزراء القطري: نسعى لإطلاق سراح بقية الأسرى المحتجزين في قطاع غزة    ترامب: تقديم قطر طائرة كهدية لفتة رائعة وبادرة حسن نية    بسبب نهائي دوري أبطال إفريقيا.. بيراميدز يخاطب رابطة الأندية لتأجيل مباراة سيراميكا كليوباترا    قد يصبح مساعد مدرب.. ماذا قالت صحف جنوب أفريقيا عن اقتراب ريفيرو من الأهلي؟    مصرع شاب دهسه لودر في حادث سير بالوادي الجديد    مصرع وإصابة 3 أشخاص صدمهم قطار في بنها    الداخلية تكشف ملابسات ضبط البلوجر أم رودينا ووالدتها    طارق فهمى: إطلاق سراح عيدان ألكسندر خطوة جيدة يمكن البناء عليها    بوسي شلبي تنشر مقطع فيديو من عقد قرانها على محمود عبد العزيز    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    الشيخ خالد الجندي: المجادِلون لا يصلون إلى حقائق.. وأشد كلمة عليهم "الله أعلم"    8 نصائح للوقاية من النزلة المعوية في فصل الصيف    وزير الثقافة يشارك في إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية والبرنامج القومي للوقاية من التقزم    بالصور.. الكشف على 3400 مواطن في قافلة طبية لجامعة أسيوط بغرب أسوان    بدء برنامج المراجعات النهائية بالمساجد لطلاب الشهادة الإعدادية بالوادي الجديد    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    طلاب بنها يزورون مجلس النواب لتعزيز الوعي السياسي (صور)    وزيرا الثقافة والخارجية يبحثان دور القوة الناعمة في دعم علاقات مصر الدولية    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    عالم أزهري: تعلُّق القلوب بالله هو النجاة في الأزمات    محافظ الدقهلية يكشف تلاعب فى أسواناط الغاز ويحيل المتسببين للنيابة    عون وعباس والشرع في السعودية خلال زيارة ترامب.. ماذا سيوضع على الطاولة؟    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    الأمم المتحدة: 470 ألف شخص يواجهون جوعاً كارثياً في غزة    بعد إعلانه رسميًا.. جدول امتحانات الصف الخامس الابتدائي بأسوان (تفاصيل)    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    ب9 عروض مجانية.. «ثقافة الشرقية» تستضيف المهرجان الإقليمي الختامي لشرائح المسرح    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    رسميًّا.. 30 فرصة عمل في شركة مقاولات بالسعودية -تفاصيل    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    تقييم صلاح أمام أرسنال من الصحف الإنجليزية    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    حالة الطقس اليوم في السعودية    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    بدائل الثانوية العامة 2025..تعرف على مميزات الدراسة بمدرسة الكترو مصر للتكنولوجيا التطبيقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى أن القيادات لا تصنَّع
نشر في الشعب يوم 23 - 01 - 2015

الصدفة وحدها جمعت بين الخبرين يوم الثلاثاء الماضى (20/1)، إذ أبرزت الصحف المصرية على صفحاتها الأولى خبر اعتزام الرئاسة إطلاق برنامج لتأهيل الشباب لتولى المناصب القيادية. وعلى صفحة داخلية نشر بعضها خبر فصل ستة من طلاب كلية الصيدلة لمدة شهر لأنهم أعدوا لوحة إرشادية لزملائهم دون إذن من الإدارة. الخبر الأول تم إبرازه لأن مصدره كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى صرح به أثناء لقائه مع الصحفيين المصريين الذين رافقوه فى رحلته إلى دولة الإمارات.
ثم ان فكرته جديدة وموضوعه مهم، خصوصا أنه يأتى ضمن محالات علاج الفجوة الحاصلة بين الشباب والنظام القائم. إلا أن الخبر الصغير الذى نشر على إحدى الصفحات الداخلية بدا وكأنه يستدعى الواقع ويسلط الضوء على أحد جوانب الأزمة. ذلك أننا إذا وضعنا الخبرين جنبا إلى جنب فإن ذلك يثير السؤال التالى: كيف تفكر فى تأهيل الشباب للمناصب القيادية، فى حين أننا نمارس بحقهم قهرا جعل إدارة كلية الصيدلة تقرر فصل ستة من طلابها لا لأسباب سياسية ولا لأنهم أحدثوا أى نوع من الشغب، ولكن لمجرد أنهم تطوعوا بإعداد لوحة إرشادية لزملائهم دون أن يحصلوا على موافقة إدارة الكلية (المقصود هو موافقة الجهات الأمنية).
إزاء هذه المفارقة وجدت ان الأمر يستحق مناقشة من زاويتين. واحدة تتعلق بفكرة البرنامج سابق الذكر، أما الزاوية الثانية فتتعلق بطبيعة البيئة التى يتعين توفيرها لاستدعاء دور الشباب وترشيحهم للمناصب القيادية.
لقد بحثت فيما نشرته الصحف المصرية عن شىء من التفصيل بخصوص البرنامج المقترح، فلم أجد أى معلومة مفيدة فى هذا الصدد. لم أكن بحاجة إلى من يدلنى على حسن النية الكامن وراء الفكرة، ولا إلى من يقنعنى بأن هناك أزمة على ذلك الصعيد يراد احتواؤها، إلا أننى لا أخفى اننى لم استرح إلى الفكرة من حيث المبدأ.
أدرى أن من حق أى أحد أن يعترض على كلامى محتجا بأننى انتقد مبادرة غامضة لا يعرف محتواها، وسوف أؤيده فى ذلك لو أننى ناقشت شيئا فى البرنامج المقترح. غير أن مناقشتى لا علاقة لها بمضمون البرنامج ولا بالأهداف الايجابية التى يتوخاها. ذلك ان تحفظى الأساسى ينصب على مبدأ قيام السلطة بكل شىء فى البلد وإلغاء دور المجتمع فى ذلك. وهو ما يجسد مفارقة نلاحظها فى المجال العام خلاصتها اننا فى الخطاب السياسى لا نكف عن الإشادة بالشعب العظيم الذى نكيل له المدائح ونعدد شمائله وأفضاله فى مجالات الصمود والتضحية والفداء، إلى جانب عراقته وتاريخه وحضارته التى تمتد لكذا ألف سنة. وفى حين نتغنى بالشعب المعلم، فإننا فى لحظة القرار وساعة الجد، ندير ظهرنا له ونتوجه إلى السلطة، التى هى فى وعينا الجمعى القوة الأعظم والمعلم الحقيقى. لدينا فى تأييد تلك الفكرة شواهد عدة تمتد جذورها إلى العصر الفرعونى الذى فى ظله وصف الفرعون بأنه الملك الإله، وبأنه واهب الحياة والقابض على مفاتيح الموت.
القضية التى نحن بصددها شاهد آخر. ذلك أن ثمة مشكلة فى علاقة السلطة بالشباب، كما ان هناك عقبات ورواسب عدة قطعت الطريق على تطلعاتهم، وأقنعتهم بأن آمالهم ضعيفة فى المستقبل الذى بدا انه محجوز لغيرهم. وفى مواجهة المشكلة فإن السلطة هى التى تعتنى بالأمر وتطرح مبادرة الحل. وفى وقت سابق استقر فى وعينا ان السلطة هى المسئولة عن الإنتاج والخدمات، وهى التى تتولى توزيع الشباب على الجامعات وتقوم بتشغيلهم بعد تخرجهم، كل ذلك والمجتمع واقف أو نائم يتفرج ودوره مقصور على الاستقبال بعدما جرد من قدرته على الإرسال.
فى تنزيل هذه الفكرة على موضوعنا أرجو أن يكون واضحا أننى لا أناقش المبادرة الرئاسية لكننى أتحدث عن منطلقها وحدود الدور الذى تقوم به الرئاسة، والدور المغيب الذى يفترض أن يقوم به المجتمع. وذلك ينقلنا إلى الزاوية الثانية التى أردت أن أعرضها فى مناقشة الموضوع.
سؤالان يطرحان نفسيهما فى هذا الصدد. الأول هو: هل نعانى أزمة فى ندرة القيادة الشبابية أم مشكلتنا أكبر وأعم بما يدعونا إلى القول بأن لدينا أزمة فى القيادات السياسية بشكل عام. السؤال الثانى هو: هل توفير تلك القيادات يتطلب إعداد برنامج تأهيلى تتقدم به رئاسة الدولة أم أنه يتطلب بيئة مواتية لإفراز تلك القيادات؟ ردى بالإيجاب على السؤال الأول. تشهد بذلك الصور التى نشرت للرئيس السيسى فى لقاءاته الأخيرة بقادة الأحزاب السياسية الذين لا نعرف أسماء أغلبهم. وكان أفضل تقييم لدورهم هو ما أقدم عليه زميلنا رسام الكاريكاتير عمرو سليم فى جريدة «المصرى اليوم» حين قدم لنا ذات صباح مساحة بيضاء خالية من أى رسم، وكتب فى ركن منها أنها صورة للأحزاب المدنية فى مصر.
ردى على السؤال الثانى أن القيادات الحقيقية هى التى يفرزها المجتمع وليست تلك التى تؤهلها أو تشكلها السلطة. ذلك أنه حين تغيب الديمقراطية أو تزور فإن المجتمع يصاب تلقائيا بالعقم، بحيث يحتل المنافقون والمتسلقون والمحاسيب مواقع القيادة التى تصبح حكرا عليهم، من ثم فإذا كنا جادين حقا فى البحث عن قيادات شريكة فى النهوض بالحاضر وفى تأمين المستقبل فلذلك باب واحد لا بديل عنه.
هو إطلاق الحريات العامة والالتزام بقيم وآليات الديمقراطية الحقيقية. فذلك وحده هو ما يكسر الجمود ويعالج العقم السياسى، ويولد الحماس والحراك الذى تشيعه الانتخابات الحرة فى مختلف مجالات العمل العام، فى الأحزاب والمحليات والنقابات والمنظمات الأهلية. وتلك هى البيئة المواتية التى تعبر عن الحيوية السياسية، ومن ثم تستنبت القيادات وتستدعيها، إذ فى هذه الحالة فقط ستبرز القيادات الشبابية وغير الشبابية. أما إذا ما استمر المشهد المتناقض الذى أشرت إليه فى بداية الكلام، فهو يعنى أن أوان الكلام الجاد فى الموضوع لم يحن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.