فى «وسط البلد».. على الكورنيش.. وفى الشوارع وعلى المقاهى.. أستأنف المصريون حياتهم، غير محظور عليهم التجوال والتحرك فى ساعات لم ينعموا بحرية الحركة فيها، خلال الشهور الثلاثة المنقضية. وعلى الرغم من عودة الحياة إلى طبيعتها بصورة كاملة إلا أن مظاهر اعتادها المصريون فى شهور الحظر تلاشت.. التمركزات الأمنية ونقاط التفتيش حضرت، وغاب الاستيقاف والسؤال عن تصاريح المرور فى وقت الحظر، وغاب كذلك التكدس أمام الأكمنة، وتلك الحوارات المتوسلة ممن ساقته الظروف للخروج بعد المواعيد المقررة للحركة. الملاحظ فى جولات «الشروق» فى أول أيام ما بعد الحظر، أن الغالبية العظمى من المواطنين، ربما اعتادوا الحظر، حيث لم تشهد مناطق اشتهرت بالزحام (فى غير أيام الحظر) مثل مناطق وسط العاصمة، الحركة المعتادة، رغم توافر وسائل المواصلات. وكان التحول الجذرى الفاصل بين الحظر و(اللا حظر) على كورنيش النيل، حيث صدحت الموسيقى المنبعثة من المراكب النيلية، فى ظل إقبال ملحوظ، إيذانا بعودة «السهر» على ضفاف نيل العاصمة.. بينما شهدت محافظات الحظر، هدوءا فى أول أيام ما بعد الحظر، تزامن مع تشديدات أمنية على المواقع الحيوية. «الفرح لازم يخلص على الساعة 11 مساء قبل الحظر ما يبدأ».. الحديث يوجهه صاحب قاعة أفراح لأهالى العروسين، منبها إياهم لضرورة إنهاء حفلة الزفاف التى أقيمت الأربعاء الماضى، قبل رفع الحظر بيوم. وبدلا من أن يطوف موكب الزفاف فى شوارع القاهرة كما كانت التقاليد يسير الموكب باتجاه منزل العروسين قبل موعد حظر التجوال، فضلا عن انشغال «المعازيم» بالتفكير فى رحلة العودة ومدى معاناتهم فى إقناع الجنود فى الأكمنة، بالمرور، ثم فرحة «العبور» أو الغضب من إصرار ضابط الكمين على تنفيذ الأوامر ورفض تمريرهم، عندئذ يضطرون لتغيير مسار العودة والهروب داخل الحوارى الضيقة والشوارع الجانبية، بعيدا عن الدبابات والمدرعات. لكن خلال 24 ساعة الماضية، انقلب الحال ولم يعد الحذر من سريان الوقت هو سيد الموقف ولا الالتزام بساعات معدودة للفرح. لم ينشغل المدعوون برحلة العودة، بل كانت فرحتهم فرحتين: الأولى بالزفاف والثانية بالسهر بحرية كاملة بعد الواحدة صباحا، وحتى طلوع الشمس، والزغاريد تدوى. توجه العروسان هانى وسميرة مع أصدقائهم وذويهم إلى الكورنيش، بعد منتصف الليل، ليكملوا سهرتهم والتقاط الصور على ضفاف النيل، وذلك فور انتهاء المراسم بقاعة الأفراح. الرقص وضجيج الأغانى الشعبية لم ينقطعا، رغم خوف البعض من الكمائن التى أعلنت عنها وزارة الداخلية، لكن سرعان ما تبددت مخاوفهم عندما وجدوا أن الجميع يمر بسلام، دون تضييق. «لم أكن أتوقع إن يتم زفافى بعد رفع حظر التجوال» كلمات قالها العريس واصفا سعادته بتزامن رفع حظر التجوال مع موعد زفافه، ويكمل هانى «لم أكن اعرف ان موعد زفافى بعد رفع حظر التجوال ولكنى قرأت الخبر فى الصحف ولم أصدق أن الحكومة والجيش جادان فى رفع الحظر ولكن قبل انتهاء الفرح بالقاعة طلبت من أحد أصدقائى أن يتجول بسيارته فى الشوارع ليعرف الحال وبعد دقائق معدودة أكد لى صديقى أن أكمنة الشرطة منتشرة ولكن الأمور عادت مثلما كانت عليه قبل الحظر، واتجهنا بعدها إلى كورنيش النيل لنكمل سهرتنا». وعن تأثر قاعات الأفراح برفع حظر التجوال قال كمال إبراهيم مدير إحدى القاعات بأبراج أغاخان فى شبرا «عندما كان الحظر الساعة السابعة مساء فى بداية الأمر، تم إلغاء جميع الأفراح وخسرنا ما يقرب 100 ألف جنيه، وكادت بيوتنا تخرب، حتى تم تخفيف ساعات الحظر وبدأت الأمور تعود لطبيعتها ونتواصل مع العملاء للحجز مرة أخرى، ولكن ظل يوم الجمعة دون أفراح أو مناسبات بسبب المظاهرات وطول ساعات حظر التجوال»، وأبدى إبراهيم تخوفه من عجز الشرطة على فرض السيطرة فى الشوارع بعد سحب أكمنة القوات المسلحة مما يضطر الحكومة لإعلان حظر التجوال مرة أخرى. مؤكدا أن الاختبار الحقيقى لعدم عودة حظر التجوال فى أيام الجمعة وفى ذكرى محمد محمود التى تحل الثلاء المقبل.