مضى اكثر من شهرين على المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التى عادت إلى الحياة بعد توقف دام حوالى خمس سنوات، لكن أية بادرة على حدوث تقدم فى هذه المفاوضات لم تظهر بعد. ويقول مفاوضون فلسطينيون إن المواقف الإسرائيلية فى هذه المفاوضات تشهد تراجعا عما كانت عليه فى مفاوضات عمان الاستكشافية التى عقدت لمدة شهر فى نهاية العام 2012. وطالب الوفد الإسرائيلى فى هذه المفاوضات بفترة انتقالية جديدة مدتها 40 عاما، تبقى فيها إسرائيل سيطرتها على الحدود الفلسطينية مع الأردن، وعلى المعابر بين الأردن وفلسطين، وعلى الاغوار التى تشكل 28 فى المائة من مساحة الضفة الغربية. وطالب أيضا ببقاء محطات الانذار المبكر الاسرائيلية المقامة على سلسلة السفوح الشرقية للضفة. وعرض الوفد الاسرائيلى أيضا إبقاء السيادة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية فى الضفة الغربية، وعلى المرافق الخاصة بها من مناطق زراعية وصناعية وطرق وحواشى طرق وغيرها. ●●● ويقول المفاوضون الفلسطينيون بأن اسرائيل تتذرع بالأمن من أجل مواصلة السيطرة على هذه المناطق الواسعة، وأن السبب الحقيقى وراء ذلك هو استيطانى استعمارى اقتصادى وليس أمنيا. وقال الدكتور صائب عريقات رئيس الوفد الفلسطينى المفاوض: «وصلت ارباح إسرائيل من الانتاج الزراعى من مستوطنات الاغوار العام الماضى إلى 612 مليون دولار، وهذا هو السبب وراء مساعى إسرائيل للبقاء فى هذه الأرض». واضاف: «عندما يقول نتنياهو إنه يريد البقاء فى هذه المناطق 40 سنة أخرى، فهو يعنى الاقتصاد وليس الأمن، وهو ربما ينوى البقاء هنا 400 سنة أخرى وليس فقط 40». وتقيم إسرائيل فى الاغوار 37 ألف مستوطنة، يقطنها عشرة آلاف مستوطن. وقال عريقات: «هذه مستوطنات استثمار وليس استيطانا، فما نراه هنا ليس مستوطنين وإنما شركات استثمارية، وشاحنات ضخمة تأتى إلى هنا كل يوم لتحمل البضائع، وتتجه بها إلى ميناء حيفا من أجل التصدير للخارج». وقدم الوفد الإسرائيلى فى المفاوضات الجارية مطالب تؤدى، فى حال قبولها، إلى التوصل إلى اتفاق انتقالى شبيه باتفاق اوسلو. ولا يشمل مشروع الاتفاق المعروض من الجانب الإسرائيلى القدسالشرقية واللاجئين والمياه، وهى الملفات التى أبقاها الوسيط الأمريكى خارج المفاوضات، ورهن الشروع بالتفاوض عليها بتحقيق تقدم فى ملفى الأمن والحدود الجارى التفاوض عليها لتسعة شهور. ويتوقع الوفد الفلسطينى أن تنحصر المفاوضات مع الجانب الإسرائيلى فى اتفاق انتقالى جديد يؤدى، فى حال قبوله، إلى توسيع حدود سلطة الحكم الذاتى الحالية لتتحول إلى كيان اكبر من حكم ذاتى وأقل من دولة. لكن المقلق للجانب الفلسطينى فى هذه المفاوضات هو أن أى حل انتقالى قادم سيتحول إلى نهائى. وقال أحد المفاوضين بأن الوفد الفلسطينى طلب الاتفاق اولا على حدود الدولة الفلسطينية، مبديا استعداده لإظهار مرونة عالية فى التطبيق. ●●● ويخشى الفلسطينيون أن يلقى اقتراح اسرائيلى بشأن الدولة ذات الحدود المؤقتة ترحيبا امريكيا بسبب عدم وجود خيارات أخرى. وقال مسئول فلسطينى: «نحشى ما نخشاه أن تأتى الإدارة الأمريكية غدا لتقول لنا اننا امام خيارين لا ثالث لهما، وهما: إما الانفتاح على الاقتراح الاسرائيلى والعمل على تطويره، أو الاعلان عن فشل المفاوضات، ما يفتح الطريق امام حدوث انفجار ومواجهة بين الجانبين». وخصص الرئيس محمود عباس مساحة مهمة من خطابة الاخير فى السادس والعشرين من سبتمبر فى الأممالمتحدة للإعلان على رفضه لفكرة الاتفاق الانتقالى الجديد مع اسرائيل. وقال: «إن الهدف من المفاوضات هو التوصل إلى اتفاق دائم وشامل» وأن الدخول فى ترتيبات انتقالية يحمل مخاطر تحولها إلى نهائية». واعتبر عباس أن هذه الجولة من المفاوضات ستكون الأخيرة محذرا من «أن الوقت ينفد، ونافذة الأمل تضيق، ودائرة الفرص تتقلص».