17.7% هي نسبة الديون الخارجية قصيرة الاجل من إجمالي ديون مصر الخارجية حتى الربع الثالث من العام المالي 2012- 2013، بحسب تقرير البنك المركزي الصادر الأسبوع الماضي، وهو المؤشر الذي قفز قفزة كبيرة عن معدلاته قبل ثورة يناير التي كانت تدور حول 8%، ويمثل عاملا ضاغطا على الوضع المالي المصري لسرعة المطالبة بسداد التزاماته، فهل يسير الوضع المالي الخارجي لمصر في مسار يزيد من مخاطر قدرة الدولة على سداد التزاماتها في الفترة المقبلة؟ في عام 1999، بعد نحو عامين من الأزمة المالية العنيفة في جنوب شرق آسيا، أعلن محافظ البنك المركزي السابق في الولاياتالمتحدة، ألان جرينسبان، عن قاعدة اقتصادية جديدة وضعها مع نائب وزير المالية السابق في الأرجنتين، باولو جويدوتي، تتلخص في ضرورة أن تحافظ الدول على احتياطات من النقد الأجنبي تساوى قيمة الديون قصيرة الأجل، وذلك حتى تكون الحكومات قادرة على مواجهة مخاطر الانسحاب القوى لرءوس الأموال الأجنبية في البلاد، وهو السيناريو الذي تسبب في أزمة آسيا. وفي مصر، شهدت نسبة الديون قصيرة الأجل للاحتياطات الأجنبية صعودا قويا بعد ثورة يناير في ظل تراجع مستويات الاحتياطي من جهة واتجاه الدولة للاعتماد بقوة على الديون الخارجية لتدبير احتياجاتها من النقد الأجنبي مع ضعف الاستثمارات الخارجية ونشاط السياحة، وفي هذا السياق وبعد أن كانت نسبة الديون قصيرة الأجل للاحتياطي عند مستوى 8.4% عام 2010، أخذت مسارا صعوديا حتى بلغت 50.8% في الربع الثالث من العام المالي 2012-2013. ويعتبر صندوق النقد الدولي أن مؤشر الديون قصيرة الاجل للاحتياطات الأجنبية أكثر المؤشرات أهمية عن كفاءة الاحتياطي للدول التي لديها آليات للتعامل مع أسواق المال، ولكن غير يقينية. لا أفضل قياس الوضع في مصر على قواعد عالمية معممة، فلكل اقتصاد خصائصه كما يقول مصدر حكومي بالمجموعة الاقتصادية طلب عدم ذكر اسمه، لكن مخاطر الديون الخارجية بمصر تتركز في أن أي توفير للنفقات الحكومية بالنقد الأجنبي لتدبير الموارد الدولارية يمس نفقات لها حساسية شعبية في مجال الدعم. ولا يعتبر المصدر الحكومي أن وضع الديون الخارجية مقلقا، فحتى الآن تمكنت الحكومة من سداد كل التزاماتها الخارجية في توقيتاتها بدون تأخير. وبحسب المصدر الحكومي فإن حكومة هشام قنديل قامت بتشكيل لجنة لإدارة الدين الخارجي، في ضوء التطورات الأخيرة في الوضع المالي، ولا تزال مستمرة في عملها لدراسة التزاماتنا القادمة، والحرص على ترتيب قروض مصر الخارجية الجديدة بشكل لا يراكم علينا هذه الالتزامات، هذا إلى جانب الجهود التي يقوم بها المركزي بشكل منفرد. كانت احتياطات مصر الأجنبية في شهر يوليو قد صعدت إلى 18.9 مليار دولار مقارنة ب14.9 مليار في الشهر السابق، بفضل المساعدات الخليجية التي تدفقت إلى مصر لدعم الحكومة في المسار السياسي الجديد بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وهو الارتفاع الذي قد يحسن من موقف الاحتياطات الأجنبية في مواجهة الديون قصيرة الأجل في البيانات الجديدة التي سيصدرها البنك المركزي. المعايير العالمية لمخاطر الاستثمار لا تنطبق على مصر بسبب المساندة القوية من السعودية والكويت والامارات، كما قال عماد موستاك، المحلل الاستراتيجي بنواه للخدمات المالية ببريطانيا، ل«الشروق»، مشيرا إلى أن قيمة الأصول السيادية لدول الخليج تصل إلى تريليون دولار لديها الموارد الكافية لتغطية العجز المصري خلال السنوات القصيرة المقبلة، والحفاظ على استقرار الاحتياطيات عند المستويات الحالية حتى تصبح السياسية أقل تذبذبا. مخاطر الديون الخارجية مستمرة طالما أنه لا توجد تدفقات من النقد الأجنبي عن طرق كالاستثمارات الأجنبية أو السياحة وليس الاستدانة، كما تقول الخبيرة الاقتصادية ريهام الدسوقي. وتقدر آخر البيانات المتاحة من البنك المركزي صافى الديون الخارجية المصرية عند 38.3 مليار دولار، بينما قالت مصادر حكومية في تصريحات سابقة ل«الشروق» إن قيمة الديون الخارجية ارتفعت إلى 45 مليار دولار حتى يونيو 2013، وهو أعلى معدل لها منذ مطلع التسعينيات، ومن المتوقع أن ترتفع بمعدلات أكبر مع تدفق مساعدات من السعودية والكويت والإمارات لمساندة الوضع المالي، والتي تشتمل على منح لا ترد، وتصل إجماليها إلى 12 مليار دولار.