قال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار والخبير المالي: "إن الانخفاض في احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي جاء نتيجة لسداد الحكومة المصرية لأقساط و فوائد الديون الخارجية، بالإضافة إلى سداد مستحقات تخص مديونيات نادي باريس بالنسبة للديون المصرية، وأثر العطاءات اليومية للبنك المركزي، من خلال الآلية الجديدة، التي طرحها البنك المركزي لتداول الدولار في السوق، وأثر تمويل عمليات السلع البترولية والغذائية من الخارج، خلال الفترة الماضية". كان البنك المركزي المصري، أعلن أمس، عن تراجع حجم احتياطات النقد الأجنبي، خلال يناير الماضي، بنحو 1.4 مليار دولار، لتصل إلى 13.61 مليار دولار مقابل 15.014 مليار دولار، في نهاية ديسمبر الماضي، بتراجع نسبته 9.3%..
أشار عادل، إلى أن الأحداث الجارية لها تأثير سلبي على موارد النقد الأجنبي، والتي تمثلت بالأساس في تراجع الدخل من قطاع السياحة، نتيجة تردي الأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى انحسار الاستثمارات الأجنبية المباشرة كليًا خلال العامين الماضيين والخروج الكامل لاستثمارات الأجانب في أوراق الدين الحكومية، لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري وحالة عدم الاستقرار السياسي، وأضاف قائلا:"تمثل أرقام الاحتياطيات الأجنبية اليوم باعثًا للقلق، وتسلط الضوء على إمكانات صانعي السياسة المحدودة لدعم الجنيه".
كما أوضح الخبير المالي، أن تراجع الاحتياطي نتج عن قيام البنك بتوفير النقد الأجنبي للحكومة، لاستيراد المواد الغذائية والمواد البترولية، وسداد الديون الخارجية المستحقة على الحكومة وخروج المستثمرين الأجانب من الأذون والسندات، التي استحقت على الحكومة، خلال الفترات الماضية، موضحًا أن التراجع يحد من قدرة مصر على دعم الجنيه، ويبرز حاجتها لإبرام اتفاق قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف "إن انخفاض الاحتياطي ليس مفاجأة، فالإجراءات الأخيرة مثل زيادة فوائد الإيداع (بالجنيه المصري) في البنوك المحلية، قد تساعد على إبطاء أو وقف التراجع في الاحتياطيات في فبراير، لكن الأمر يعتمد على المشهد السياسي."
من جانبه، توقع عادل، عودة الاحتياطي للنمو خلال الفترة المقبلة، مدعومًا بزيادة التمويلات الخارجية، التي تقدم من مؤسسات ودول خارجية، بالإضافة إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة وإلى الموارد المتوقعة من قروض دولية؛ يجري التفاوض عليها حاليًا .
وتوقع نائب رئيس الجمعية المصرية للاستثمار والتمويل، تحسن حجم الاحتياطي حال نجاح استراتيجية الدولة في الحصول على حزمة تمويلية دولية بقيمة 14.5 مليار دولار، بالإضافة إلى ترشيد الانفاق والحد من الواردات، وتعزيز عمليات التصدير، بالإضافة إلى طروحات الأراضي بالنسبة للمصريين العاملين بالخارج، والحصول على قروض دولية منخفضة التكلفة من المؤسسات الدولية، منوهًا لأهمية إنعاش الاقتصاد، وزيادة معدلات الصادرات مرة أخرى .
أضاف، أن الاحتياطي يقف الآن على حافة حد الأمان، مؤكدًا على أن الوضع الحالي لن يستمر فترة طويلة، وسينتهي مع انتهاء عملية الإصلاح السياسي، مشيرًا إلى أهمية عقد مؤتمر اقتصادي؛ يضم كافة الخبراء الاقتصاديين المصريين بالداخل والخارج، لوضع استراتيجية قصيرة الأجل للمرحلة الانتقالية، إلى جانب ضرورة توضيح محافظ البنك المركزي والمسؤولين بالحكومة الجديدة للرأي العام حقيقة الموقف الاقتصادي الحالي لمصر، خلال المرحلة المقبلة وتداعياتها.