سعر الذهب اليوم الاثنين 26 مايو 2025 الجنيه الذهب ب37640 جنيها    أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الاثنين 26 - 5 - 2025    سعر الحديد اليوم الاثنين 26-5-2025.. الطن ب40 ألف للمستهلك    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 26 مايو    ترامب: مستاء من أفعال بوتين ونبحث فرض عقوبات إضافية على روسيا    وزير خارجية إسبانيا: أكدنا مع 20 دولة ومنظمة دولية التزامنا بحل الدولتين    هدد باغتيال ترامب.. إيقاف شخص حاول إلقاء قنبلة على سفارة أمريكا بتل أبيب    الاتحاد الأوروبي يسعى لاتفاق تجاري مع واشنطن قبل 9 يوليو المقبل    صفحة الدورى الإنجليزى تحتفى بمحمد صلاح فى حضور حسام حسن    "توليفة" طولان لكأس العرب    الأهلي يحصل على توقيع صفقة من العيار الثقيل.. كريم حسن شحاتة يكشف التفاصيل    تحريات لكشف ملابسات اتهام الفنانة إلهام عبد البديع لطليقها بمطاردتها    السيطرة على حريق التهم أحد الأكشاك بمنطقة منشية البكرى بالمحلة    تفاصيل استعدادات امتحانات الثانوية العامة.. وموعد إعلان أرقام الجلوس للطلاب فيديو    تعرف على أبرز جوائز قهوة المحطة وظلم المصطبة بحفل توزيع جوائز كأس إنرجى    نجوم الفن يتألقون في دعم تامر حسني بعرض فيلمه الجديد 'ريستارت'    وفاة والد السيناريست إياد صالح والجنازة اليوم من مسجد مصطفى محمود    أبطال فيلم "ريستارت" يدخلون على السجادة الحمراء ب " عربية ربع نقل"    عضو بمركز الأزهر العالمي للفتوى: الحج رحلة للتطهير ولا يصح إلا بمال حلال    وزير الصحة: 15 مبادرة رئاسية قدمت ما يزيد عن 235 مليون خدمة    خناقة في المواصلات.. حبس المتهم بالتعدي على جاره ببنها    ترتيب الدوري الإسباني والمتأهلون إلى دوري أبطال أوروبا رسميا    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال مبابي.. أفشة رفقة أصدقائه.. بنزيما في مران اتحاد جدة    أولى جلسات محاكمة ليلى الشبح بتهمة سب وقذف هند عاكف| اليوم    تحذير من البريد المصري.. حساباتك في خطر في هذه الحالة    «بلاش تتابعني».. كيف ردت داليا البحيري على مطالبات متابعيها بارتدائها الحجاب؟    ساعر: أي اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية سيقابل بفرض السيادة على الضفة    مع اقتراب يوم عرفة.. نصائح للحجاج لأداء المناسك    لاستكمال سماع الشهود.. تأجيل محاكمة سفاح المعمورة لجلسة الثلاثاء    أفكار سفرة مميزة للعزومات في عيد الأضحى 2025    العيد الكبير على الأبواب.. قائمة التسوق الذهبية في عيد الأضحى    وصول جثامين متفحمة لمجمع الشفاء جراء استهداف مدرسة في قطاع غزة بصاروخين    هاني سعيد يهاجم رابطة الأندية: 90% من الفرق خارج حساباتهم وتأجيل مباراة سيراميكا "أصبح مملًا"    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 26-5-2025    ملف يلا كورة.. تصريحات صلاح.. عودة حمدي فتحي.. وقرعة كأس العرب    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مخدرات بواسطة مسيّرتين في جنوب البلاد    قبل أن تُغلق أبواب الخصام.. جنازة حفيد نوال الدجوي تُشيّع اليوم عقب صلاة الظهر (موعد ومكان دفنه)    منها العائد المادي والاعتداء على الأطقم الطبية.. وزير الصحة الأسبق يكشف أسباب هجرة الأطباء    دار الإفتاء توضح حكم تحمل الزوج تكاليف حج زوجته    سعر الفراخ والبيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الإثنين 26 مايو 2025    جيش الاحتلال يعلن الاستعداد لعملية عسكرية في غزة    حُسمت.. الفرق الإيطالية المتأهلة إلى دوري أبطال أوروبا 2025-2026    «تستحمى الصبح ولا بليل»؟ سبب علمي قوي يجنبك فعلها في هذا التوقيت    التعليم تحسم الجدل: مدراء "المبادرة الرئاسية" مستمرون في مناصبهم -(مستند)    مجلس إدارة التعليم المدمج بالأقصر يناقش استعدادات امتحانات الترم الثاني خلال اجتماعه الدوري    كلب شرس يطارد ابن زينة في الشيخ زايد    النائب أحمد السجيني: تحفظات كثيرة على مشروع قانون الإيجار المقدم من الحكومة    لا تتمسك بما لا يخدمك.. برج الجدي اليوم 26 مايو    عمرو أديب عن إرث نوال الدجوي: «قصر واحد على النيل يعيش العيلة في نعيم مدى الحياة»    حدث بالفن | أزمة هيفاء وهبي والموسيقيين والعرض الخاص لفيلم "ريستارت"    معجزة طبية في الفيوم: استخراج فرع شجرة من جسد طفل دون إصابات خطيرة    إنشاء كليات وجامعات جديدة.. أبرز قرارات مجلس الجامعات الخاصة مايو 2025    عاجل- وزارة الكهرباء تُطمئن المواطنين: لا تخفيف للأحمال في صيف 2025    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشيرة لولا!
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 05 - 2013

ما أسهل أن تدغدغ مشاعر البسطاء بالأحلام، وما أسهل أن يصدقوك، لكن ما أصعب أن تنجو من ثمن عدم تحقيقك لأحلامهم عندما تحين ساعة حسابهم لك وتجد نفسك وجها لوجه مع ثمار فشلك وكذبك. كان هذا الدرس الذي تعلمه لولا دي سيلفا من تجربة فشله لأكثر من مرة في الوصول إلى كرسي الرئاسة، لأن البسطاء كانوا كل مرة يتأثرون بالكم الضخم من الأموال التي ينفقها اليمين الذي كان دائما يجد سندا له من بعض الرموز الدينية المستفيدة من بقاء الملايين على فقرها وجهلها، لكن الناس مع الوقت اكتشفت الحقيقة واختارت التغيير، وأحضرت لولا إلى كرسي الحكم، ليس حبا في تاريخه النضالي ولا عشقا لشعاراته، بل من أجل أن يتحول حلم التغيير إلى واقع ملموس، وهو ما أدركه لولا جيدا فاختار أن يبدأ تحقيقه بأفكار شديدة البساطة والإبداع، مراعيا ضرورة أن يكون حذرا فيما يعد به لكي لا يدفع ثمنه غاليا عند فشله في الوفاء به.

كانت الخطوة التالية للولا بعد وثيقة الرعاية الأسرية اللجوء إلى زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاعات التابعة للدولة، لم تكن نسبة الزيادة كبيرة، لكنها شجعت بشكل غير مباشر العمال في القطاعات الأهلية والذين يشكلون أغلبية القوة العاملة البرازيلية على إستخدام الحد الأدنى الحكومي معيارا لتحسين ما يمكنهم الحصول عليه من أصحاب العمل الذين كانوا يقومون بتشغيلهم بأجور غير عادلة، ولم تكن الزيادة التي قام بها مرة وآدي دقني إن تكررت، فقد حرص على زيادة الحد الأدنى للأجور كلما حدث تحسن في الإقتصاد، خصوصا عندما بدأ تصاعد اكتشاف فضائح المحيطين به، ففي عام 2005 وطبقا لدراسة المؤرخ بيري أندرسون بلغت الزيادة الفعلية في الأجور ضعف ما كانت عليه في عام 2004، وفي عام 2006 عام الإنتخابات الرئاسية ارتفعت قيمتها أكثر فأكثر، وبالطبع تلقى لولا سيلا عاصفا من الإنتقادات يتهمه بتقديم رشاوى إنتخابية للفقراء ويشكك في إستمرار هذه الزيادات بعد نجاحه، وهو ما لم يحدث، بل على العكس عندما جاء عام 2010 كان معدل الزيادات المتراكمة في الحد الادنى للأجور قد بلغ خمسين في المئة، وأصبح أكثر من 18 مليون شخص على الأقل مستفيدين بشكل مباشر من زيادات لولا، وعزز تلك المكاسب قانون حماية الشيخوخة الذي تم إقراره في عهده.

لجأ لولا أيضا إلى فكرة تتمثل في منح قروض مصرفية لمشتريات الأسر يتم منحها لمن لم يملكوا حسابا مصرفيا من قبل، ويتم السداد عبر إقتطاع القيمة تلقائيا من الأجور الشهرية والمعاشات، ولأن الفكرة جاءت مع حزمة سياسات إقتصادية متكاملة فقد أدت إلى زيادة الإستهلاك الشعبي وتوسع السوق المحلي الذي شهد أخيرا فرص عمل إضافية بعد فترة قحط طويلة، ليحقق لولا النمو الإقتصادي الأسرع في تاريخ البرازيل ليس بتدليل الأغنياء والمحلسة لرجال الأعمال والإستمرار في سحق الفقراء، بل بإدراك أنه لا خير في معدلات نمو لا تحدث فرقا في حياة الناس، ولذا أدت سياساته الذكية إلى تحقيق أكبر خفض لنسبة الفقر في تاريخ البرازيل، فخلال ست سنوات فقط انخفض عدد الفقراء من نحو خمسين مليون إلى ثلاثين مليون، أما عدد المعوزين فقد انخفض بنسبة خمسين في المئة، ولم يقتصر لولا فقط على رفع الأجور، فقد بدأ منذ عام 2005 زيادة إنفاق الحكومة على التعليم بمقدار ثلاثة أضعاف، وقام بإعفاء الجامعات الخاصة من الضرائب مقابل إجبارها على تقديم منح دراسية لطلاب منحدرين من عائلات فقيرة أو من غير العرق الأبيض، لم يكن لديهم أمل في دخول الجامعات على الإطلاق، ومع أن نوعية التعليم التي قدمتها تلك الجامعات كانت متدنية بل ورديئة جدا حسب وصف أندرسون، فقد أحدثت تغييرا إجتماعيا مدهشا لأنها فتحت أبواب الأمل لطبقات لم تكن تحلم بأي تغيير من أي نوع، فوجدت نفسها أمام فرصة عليها أن تثبت جدارتها لها، في نفس الوقت الذي كان يتم فيه تحسين مستوى تلك الجامعات ومراقبتها بحزم.

عندما تحقق كل ذلك خلال 4 سنوات أصبح لولا متأكدا أن الفقراء الذين جعلهم في المرتبة الأولى من إهتماماته سيكونون نصيره الوحيد ليصنع في فترته الثانية إنجازات يتعب بها من بعده ويريح بها فقراء شعبه، ولذلك وبرغم كل الضربات السياسية الموجعة التي تلقاها من خصومه، فإن تصديق الملايين له جعله يجتاز في منتصف ولايته الثانية محنة إنهيار الإقتصاد الأمريكي في 2008 والتي ألقت بظلالها على الإقتصاد العالمي كله، يومها خرج لولا على شعبه قائلا أن ما حدث قد يكون بمثابة تسونامي في الولايات المتحدة، لكنه لن يمثل سوى موجة صغيرة في البرازيل، ليتلقى هجوما ضاريا من وسائل الإعلام التي اعتبرت كلامه دليلا على جهل إقتصادي متهور وإنعدام حس المسئولية، لكن لولا كان محقا، ليس لأنه كان ساحرا أو راجما بالغيب، بل لأنه اتبع سياسة الدولة القوية في مواجهة الأزمة، فبرغم تراجع عائدات الضرائب رفعت الدولة التحويلات الاجتماعية وقامت بزيادة الإستثمار العام واتبعت سياسات مصرفية محلية اعتمدت فيها قدرا عاليا من الشفافية فحافظت على سمعة البنوك البرازيلية، وعندما رأى شعبه هذه السياسات استجاب لطلب لولا له بألا يخاف، فتواصلت الزيادة على المنتجات البرازيلية ليستقر الإقتصاد، وبحلول الربع الثاني من 2009 تدفقت رؤوس الأموال الأجنبية مجددا لتنتهي الأزمة مع نهاية العام، ومع اقتراب ولاية لولا الثانية من نهايتها سجل الإقتصاد نموا بنسبة تزيد على سبعة في المائة، وعندها كما يقول بيري أندرسون ابتسمت الطبيعة نفسها لحكم لولا لتعطيه هدية مع نهاية حكمه حين تم اكتشاف مخزون ضخم من النفط قبالة شواطئ البرازيل، لم يحدث ذلك في بداية حكم لولا كما يحاول مبرراتية الإخوان أن يصوروا للمصريين ليوهموهم أن نجاح لولا كان سببه الحظ البترولي، فمفتاح نجاح لولا كان ببساطة أنه جعل من الفقراء عشيرته الأولى بالرعاية والدعم والتدليل، ولم يكن طريقه لتحقيق أحلامه مفروشا بالورود أبدا.

نكمل غدا بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.