ما الذى حدث لتترات دراما رمضان؟ هل أصابها ما أصاب الأغنية من انهيار؟ هل تدخل النفق المظلم مثلما حدث للأغنية المصرية؟ كلها أسئلة تفرض نفسها على الساحة الفنية الدرامية والغنائية لأنها مرتبطة بهما ارتباطا وثيقا. اقتربنا من نصف رمضان ورغم ذلك لم يخطفنا تتر بعينه ولم يغن الشارع لدراما رمضان كما كان يحدث. عندما عرضت ليالى الحلمية كلنا غنينا معها وكذلك الضباب، والمال والبنون والوسية وزيزينيا وأرابيسك ووالليل وآخره، وذئاب الجبل والأيام و«الرجل والحصان» و«مسألة مبدأ» و«مين اللى ما يحبش فاطمة» و«العائلة» و«انا وانت وبابا فى المشمش» غنينا معها هذه الاعمال كما لو انها اغانى منفصلة كما رددنا موسيقى «رأفت الهجان»، و«دموع فى عيون وقحة». منذ سنوات قليلة ولم يعد هناك تتر يوجع القلوب أو يبهجها، وقليل من التترات التى تكون «مرايه» العمل. ما نسمعه الآن اغانى منفصلة اراد بها المنتجون ان يستغلوا شهرة بعض الاسماء التى انتشرت فى سوق الكاسيت مثل إليسا، ونانسى عجرم وآخرين ولكن النجاح فى سوق الكاسيت شىء والنجاح فى عالم الدراما شىء آخر. غناء التترات له مواصفات وهى الاحساس بالعمل والقدرة على التعبير لأنه فى النهاية يكشف عما يدور عنه المسلسل. لذلك نجح الحجار والحلو ومدحت صالح وثروت وانغام وغادة رجب. عن تدهور وضع التتر ولحاقه بركب الأغنية يدور هذا التحقيق:
فى البداية يقول مدحت صالح: التترات بصفة عامة تجد بعضها يعيش والبعض ينتهى سريعا ولكل اسبابه فالمؤلف الموسيقى الذى تجده ممسك بعصب العمل بالتأكيد سوف يصنع عملا جيدا نتحاكى عنه طويلا وكذلك الشاعر. وهناك أسباب متعلقة بالتمهل فى التنفيذ فنجد صناع اعمال يتعاملون وكأنهم فوجئوا برمضان وهو ما يجعل المؤلف الموسيقى يضطر إلى سلق العمل لدرجة ان البعض تحكى له حدودته المسلسل وبالتالى يضع الموسيقى على السمع رغم انه من الضرورى ان يقرأ السيناريو كاملا حتى يستطيع أن يعلم تماما الدراما بيئتها وكل ما يدور فى العمل. هناك ملحن يغطس فى العمل ويذاكرة تماما حتى يعبر عن المشهد وآخر لا يهمه الأمر وبالتالى يقع فى اخطاء لا تغتفر.
واشار مدحت إلى أن الانتاج له دور فى التدهور لأن مؤلف موسيقى مثل ياسر عبدالرحمن او عمار الشريعى او عمر خيرت اسماء تفرق كثيرا مع المنتج لأن شروطهم غير اى ملحن آخر، فهناك منتج يصنع تترا كاملا بأجر واحد من هؤلاء وهناك مطربون ايضا أجرهم يفرق مع المنتج. وقال مدحت يفرق معى كثيرا واضع الموسيقى فى العمل واشعر ببهجة خاصه وانا ذاهب لتسجيل عمل للأسماء التى ذكرتها.
فى حين يرى الموسيقار صلاح الشرنوبى ان زحمة المسلسلات احد اسباب عدم انتشار تتر معين. فهناك تخمة حقيقية نعانى منها إلى جانب ان كل من نجحت له اغنية تصور انه يمكن ان يصنع تترا ناحجا وبالتالى تسرب إلى عالم الدراما اسماء لا تجوز. واشار: رمضان يعنى تترا او اغنية دينية وهناك اسماء أساءت إلى جلال الجملة الموسيقية. لذلك تجد معظم التترات عبارة عن اغنية عادية هذا من جانب الملحن وهذا ليس اسلوبا فالجملة الموسيقية يجب ان يكون لها قوام. على الجانب الآخر تجد كل من كتب اغنية ساخرة تصور انه يصلح لكتابة التتر رغم ان الكتابة للدراما لها مواصفات خاصة فهو يجب ان يكون ملما تماما بالعمل ولديه من المفرادت الكثير التى يمكن ان تعبر عن القضية.
وعن اختيار الاصوات قال هم يختارون الناجح فى سوق الغناء لاستثمار نجاحه وهو خطأ لأن طول عمر الدراما هى صانعة الكثير من الاصوات. الاستهانة بقدر الموسيقى فى الدراما امر أصبح لا يليق بجلال الموسيقى وقدرتها على صنع التأثير الدرامى.
ويرى الموسيقار حلمى بكر ان كل شىء متشابه فى التترات ولم تعد هناك جملة تميز تتر عن الآخر وما تسمعه فى الحفلات تسمعه فى التتر لذلك لم يكن غريبا ان نجد هذه الاصوات المنتشرة فى الكاسيت والحفلات هى التى اصبحت نجوم التترات.
هناك مقومات لهذا العمل كما كان ايضا للفوازير مقومات موسيقية تعتمد على الافيه ورشاقة الجملة الموسيقية.
اضاف حلمى هناك اصوات جيدة ذهبت إلى عالم التترات لكنها لم تكتمل النمو بالتالى لم تؤثر فى المشاهد لأنه هنا لا يغنى فقط لكنه ينقل معنى ومضمونا من خلال صوته وأدائه الغنائى ولهذا المطرب مواصفات لا تتوافر فى اى صوت. كما ان دخول ملحنين ليس لهم دراية بهذا الفن جعل التتر ضعيفا لا يخطف الأذن كما كان يحدث وهناك مسلسلات ذكرتها صنعت ذلك فى الماضى لأن مبدعيها كان لديهم القدرة على صنع عمل يتناسب مع إيقاع الدراما.
ولاحظنا تراجع تترات رمضان هذا العام منذ اليوم الاول ولم نكن فى حاجة إلى الانتظار حتى ينتهى الشهر كى نحكم عنها. التتر الآن يتعرض لما تعرضت له الأغنية من هبوط وسيطرة الضعاف عليه.
المطرب على الحجار يرى ان نجم الموسيقى الرمضانية هذا العام هو موسيقى اعلانين الاول بطولة دنيا سمير غانم والآخر لنانسى عجرم. هذه حقيقة لابد ان نعترف بها. اما عن اسباب تدهور التترات فلها اسباب كثيرة منها الزحمة والذى نجم عنها عدم التركيز. ثانيها اننا فى عصر لم يعد الملحن او المطرب يعرف حقيقة البيئة التى يغنى لها. وللأسف البعض تصور ان نجاحه فى تقديم لحن معناه انه قادر على عمل تتر او تأليف موسيقى تصويرية رغم ان الفارق كبير. الملحن من الممكن ان يصنع جملة ناجحة لكنه لا يصنع موسيقى تصويرية معبرة او عملا دراميا معبرا عن حدث. لذلك نحجت المال والبنون والحلمية والوسية ولم تنجح أعمال أخرى. واتصور ان نجاح ياسر عبدالرحمن او عمار الشريعى او عمر خيرت له اسبابه وهى انهم يعون ماذا تعنى كلمة دراما. وهناك مطربون يغنون تترات لمجرد ان هناك اغنية نحجت لهم بالمصادفة. يعنى نجاح إليسا كمطربة فى سوق الغناء لا يعطيها حق الغناء فى الاعمال الدرامية لأنها غير متفرغة حتى لمعرفة الموضوع التى تقوم بغنائه لذلك هناك فرق بين إليسا فى الكاسيت وفى الدراما فهى غير قادرة على التعبير. وهناك مطرب آخر غنى تترا لمسلسل دينى منذ فترة عاد هذا العام وكنت اتمنى ان يتعامل الملحن مع صوته بشكل احترافى لأنه من الواضح انه تأثر كثيرا بسبب السن وهذا شىء نتعرض له جميعا لذلك يبدو فى التتر وهو غير قادر على أداء النوت العالية.