بين حجب عدد كبير من جوائز الدولة التشجيعية هذا العام، وبين انتقادات طالت الجوائز كلها ومعايير الترشيح، بدا مؤكدًا أن هذه الجوائز تنطوي على أكثر من مشكلة، كما يبدو واضحًا أن الجوائز الثقافية مشكلة عالمية، وليست مصرية فحسب. وحتى على المستوى الإحصائي ولغة الأرقام، فقد حجبت لجان الفحص ست جوائز في الفنون، من بين ثماني جوائز، فضلا عن جائزتين بفرع الآداب، وثلاث جوائز في العلوم الاجتماعية، وأربع جوائز في العلوم الاقتصادية.
وإذا صح ما تردد عن اعتراض عدد كبير من أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، على حجب العديد من جوائز الدولة التشجيعية، وانتقاد لجان الفحص، معتبرين أن ما حدث «يعبر عن خلل في هذه اللجان» فإن الأمر يعيد للأذهان ما حدث في الولاياتالمتحدة، عندما حجبت جائزة الرواية هذا العام في أهم الجوائز الأمريكية، وهي جوائز «بوليتزر» التي تمنحها جامعة كولومبيا في نيويورك.
ويبدو أن حالة الصدمة التي تسود الساحة الثقافية والروائية الأمريكية منذ الإعلان عن حجب جائزة «البوليتزر» في الرواية، تبرر ولو على نحو غير مقصود حالة الغضب التي اعترت الكثيرين، جراء حجب عدد كبير من جوائز الدولة التشجيعية في مصر، هذا العام.
وفي عام 2010، كانت الناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا، قد أعلنت انسحابها من لجنة تحكيم الدورة الثالثة ل«جائزة البوكر العربية» قبيل إعلان القائمة القصيرة التي ضمت ست روايات، احتجاجًا على آلية التصويت في هذه الجائزة المستعربة وعدم اعتماد معايير نقدية واضحة.
فيما كان الكاتب والناشر السوري الأصل، رياض نجيب الريس، قد استقال من مجلس أمناء جوائز «البوكر» العربية اعتراضًا على الطريقة التي تدار بها، ووصف زملاءه في المجلس بأنهم «مجموعة من شهود الزور».
وإذا كان البعض في مصر قد ذهبوا في سياق التعليق على جوائز الدولة، بأنها «تضيع الموضوعية وتسقط المعايير»، وفي نهاية المطاف تفقد الجوائز قيمتها وجدارتها، وعامًا بعد عام تتكرر الحكاية ذاتها، ويتضاعف السخط من هذا التردي والسقوط في مستنقع المجاملات، والتصويت لمن لا يستحقون.
وإذا كان الأمر كذلك، وإذا كانت الجوائز الثقافية والأدبية تثير كل هذا الغضب في كل مكان، فلعل هؤلاء الذين يقولون، إن المتلقي أو القارئ هو الجائزة الحقيقية لأي مبدع لم يجانبوا الصواب!