رغم الارتفاع العالمي.. مفاجأة في سعر الذهب اليوم الأربعاء    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    مدير المخابرات الأمريكية يزور إسرائيل لاستكمال مباحثات هدنة غزة اليوم    الأردن وأمريكا تبحثان جهود وقف النار بغزة والهجوم الإسرائيلي على رفح    ميدو: عودة الجماهير للملاعب بالسعة الكاملة مكسب للأهلي والزمالك    شريف عبد المنعم: توقعت فوز الأهلي على الاتحاد لهذا الأمر.. وهذا رأيي في أبو علي    المتحدث الرسمي للزمالك: مفأجات كارثية في ملف بوطيب.. ونستعد بقوة لنهضة بركان    إعادة عرض فيلم "زهايمر" بدور العرض السينمائي احتفالا بعيد ميلاد الزعيم    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    بسبب آثاره الخطيرة.. سحب لقاح أسترازينيكا المضاد لكورونا من العالم    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «الجميع في صدمة».. تعليق ناري من صالح جمعة على قرار إيقافه 6 أشهر    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من تحول حالة الطقس اليوم وتنصح بضرورة توخي الحذر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه لفلسطين المحتلة لاستكمال مباحثات هدنة غزة    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    3 أبراج تحب الجلوس في المنزل والاعتناء به    "ارتبطت بفنان".. تصريحات راغدة شلهوب تتصدر التريند- تفاصيل    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة ريال مدريد والبايرن    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    جريشة: ركلتي جزاء الأهلي ضد الاتحاد صحيحتين    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    تأجيل محاكمة ترامب بقضية احتفاظه بوثائق سرية لأجل غير مسمى    هل نقترب من فجر عيد الأضحى في العراق؟ تحليل موعد أول أيام العيد لعام 2024    ضبط تاجر مخدرات ونجله وبحوزتهما 2000 جرام حشيش في قنا    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    أبطال فيديو إنقاذ جرحى مجمع ناصر الطبي تحت نيران الاحتلال يروون تفاصيل الواقعة    اعرف تحديث أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 8 مايو 2024    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    حسن الرداد: إيمي شخصيتها دمها خفيف ومش بعرف أتخانق معاها وردودها بتضحكني|فيديو    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    اليوم، تطبيق المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال بجميع المحافظات    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    سليمان جودة: بن غفير وسموتريتش طالبا نتنياهو باجتياح رفح ويهددانه بإسقاطه    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي النمنم يكتب: تفاصيل منح جوائز الدولة من ضغوط الوسطاء إلى فساد الترشيحات
نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 07 - 2010

المرشحون يمارسون حملة إلحاح تؤدي إلى استسلام أعضاء لجان التصويت أحياناً.. وعضو بالمجلس الأعلى للثقافة صرخ: «وزير الأوقاف محمد على محجوب هاتفني 6 مرات»
أحد أعضاء لجان التصويت احتج على فوز «المحجوب» .. ورمزي الشاعر فكر بالاستقالة فقال له زميله: لو استقلت ستنقلب الجوائز كلها للوزراء السابقين وترزية القوانين
فاروق عبد القادر
يصعب أن نضع قاعدة جامعة مانعة لجوائز الدولة في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، لكن يمكن القول بوضوح إن حال الوضع الثقافي والفكري والأدبي في مصر وكذلك الوضع الأكاديمي في الجامعات المصرية ينعكس تماماً علي الجوائز.
قيل في وقت من الأوقات إنها جوائز تمنحها السلطة أو يمنحها فاروق حسني نفسه لمن يصطفيهم، وكان من الصعب قبول ذلك. ذلك أن هناك ستة من كبار الكتاب هم من مؤسسي حركة كفاية ونالوا الجائزة، وفي مقدمتهم الروائي الكبير بهاء طاهر، الذي نال جائزة مبارك في العام الماضي، والراحل محمد سيد سعيد، وهذا العام نال التقديرية د. نصار عبدالله وهو من أشد منتقدي وزير الثقافة فاروق حسني، وكان وزير الأوقاف د0 زقزوق مرشحا لجائزة مبارك هذا العام من قبل أربع جامعات هي القاهرة والمنيا والأزهر وحلوان، ومع ذلك لم ينل سوي صوتين فقط، وليس معني هذا أنها جائزة للمعارضين لكنها تمنح وفق الإنجاز الأدبي والفني والفكري للمرشح، ووفق قدرة المرشحين علي الضغط المعنوي بالإلحاح العنيف علي من لهم حق التصويت.
قيل من قبل أيضاً إن من لهم حق التصويت هم في النهاية مجموعة من «الموظفين» ينتظرون ما يملي عليهم، وتم مواجهة ذلك الأمر بزيادة أعداد أعضاء المجلس الأعلي للثقافة من الشخصيات العامة بين المثقفين والكتاب، ومع ذلك مازالت هناك مشاكل تواجه الجوائز، وأبرزها ما أطلقت عليه قبل ذلك فوضي الترشيحات، والواقع أن هذه الفوضي بلغت مداها هذا العام.. الجامعات المصرية أو معظمها قصرت الترشيح علي عدد محدود من أساتذتها، بل إن جامعة سوهاج التي سبق وأن رشحت بهاء طاهر وجمال الغيطاني، قرر رئيسها عدم ترشيح أحد من خارجها لأي من الجوائز، والواقع أن ذلك يضع شخصيات كبار المبدعين من خارج الجامعة في موقف حرج، فلن يتم ترشيحهم للجائزة، لقد تساءل كثيرن عن فوز فاروق عبدالقادر بجائزة التفوق، كان فاروق يستحق منذ سنوات جائزة الدولة التقديرية، لكن أحداً لم يرشحه فتقدم بنفسه للتفوق، ومازلنا نذكر أن جامعة عين شمس لم تقم بترشيح كل من د0 عبدالرحمن بدوي ود0 فؤاد زكريا للجائزة، لكن أكاديمية الفنون هي التي فعلت ذلك، مجالس الجامعات تقوم بترشيح من ترضي عنه، حتي لو لم يكن إسهامه العلمي يؤهله لذلك.. مثلاً هذا العام رشحت جامعة إقليمية عميداً سابقاً بها للجائزة التقديرية، ومن حسن الحظ أنه لم ينل أي صوت، وذلك أنه معروف بتاريخه الطويل في السرقة العلمية والسطو علي أعمال الآخرين، وفي جائزة التفوق رشحت جامعة أستاذاً مثبتاً في التقارير العلمية أنه تقدم للترقية إلي الأستاذية بأبحاث بعضها مسروق.
انغلاق الجامعة علي ذاتها علي هذا النحو يعني أنها تنعزل عن حركة المجتمع، وبعض الجامعات ترشح للجائزة بمنطق غير علمي، تأمل مجلس جامعة الإسكندرية، لقد رشح هذا العام د. محسن زهران لجائزتي التفوق والجائزة التقديرية ولم يحصل في التفوق علي نسبة الفوز، لكنه فاز بالتقديرية، الطريف أن نفس حيثيات الترشيح للتفوق ذكرت كما هي للتقديرية، وهذا يثير تساؤلاً عن مدي الفارق بين الجائزتين، والواضح أن القانون ليس قاطعاً في ذلك، هناك حالة هلامية بين الجوائز، ولا يوجد طابع مميز لكل مستوي من مستويات الجوائز، بل إن هناك من رشح للتفوق ونالها ثم تقدم للتقديرية بالإنتاج نفسه، دون زيادة أو إضافة.
في صياغة الجامعات للترشيحات تجد كلمات التبجيل التي لا تليق بمجالس علمية، إحدي الجامعات في تقديمها للمرشح كررت كلمة «سيادته» في كل جملة تقريباً.. نال سيادته.. حصل سيادته.. سعي سيادته.. شارك سيادته وقد تكتب مثل هذه الكلمات في طلبات إدارية، أما في تقرير يفترض أنه علمي، فذلك أمر معيب تماماً.
والواقع أن ما تقوم به معظم الجامعات، تقوم به بعض الجهات الأدبية والعلمية التي لها حق الترشح، وهذا ما يكشف أن بعض الأسماء ترشح لجائزة مبارك، يتم ترشيحها سنوياً، ولا ينالون أي أصوات تذكر.. كذلك فإن بعض الجمعيات قصرت الترشيح علي أعضاء مجالس إدارتها، وفي مثل هذا المناخ لا يكون أمام كثيرين سوي التقدم بأنفسهم لجائزة التفوق، كما فعل الراحل فاروق عبدالقادر،الذي نال التقديرية من هم دونه بمراحل ومسافات كبيرة، وبيننا اليوم أسماء وقامات كبيرة لا تجد من يرشحها، والأسماء عديدة، في مجال الإبداع الروائي عندنا صنع الله إبراهيم ومحمد البساطي وسلوي بكر ومحمد ناجي وغيرهم ومن الشعراء أبوسنة ومحمد سليمان وعبدالمنعم رمضان وبين الباحثين هناك د. عبدالخالق لاشين ود. إمام عبدالفتاح إمام ود. سمير نعيم ود. نور فرحات، وغيرهم وغيرهم، هؤلاء لن ترضي عنهم الإدارات الجامعية ولا إدارات الجمعيات الأدبية والثقافية، وهنا يمكن أن نتساءل لماذا لم يرشح أتيليه القاهرة أو اتحاد الكتاب فاروق عبدالقادر ولا رشحته دار الأدباء ولا نادي القصة ولا.. لأن الأماكن كلها والمواقع محجوزة.
أما أصحاب الشلل والتربيطات، فبعضهم يتباهي أنه رشح من ثلاث أو أربع جهات، وكأن ذلك سوف يرهب أو يخيف الذين يصوتون للجائزة.
وفي كل الدنيا يجب أن يكون هناك قدرمن السرية حول المحكمين للجوائز، تجنباً لوضعهم تحت حرج الإلحاح، والضغوط المعنوية.. قال لي أحد الذين لهم حق التصويت أن مكتبه قبل اجتماع المجلس الأعلي كان أشبه بمكتب انتخابات، كل متقدم أو مرشح جاء بوسطاء إليه، وبعضهم يستخلفه بأغلظ الأيمان حتي أنه قال لأحدهم بالحرف «أحلف لك علي المصحف»، ومن أسف أن ذلك الإلحاح يؤدي إلي الاستسلام أحياناً، أحدهم كان يقول لكل عضو من أعضاء المجلس إنه يريد صوته، حفاظاً علي ماء وجهه أمام زوجته!!
هذه الضغوط شكا منها وزير الثقافة نفسه هذا العام، وظهرت أثناء التصويت، خاصة في جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية، فمن التصويت الأولي كان واضحاً أن معظم المرشحين ليسوا بالمستوي اللائق للجائزة، وتكرر التصويت دون فوز أحد، وكان الأعضاء قد ملوا.. وتحدث د.نور فرحات مطالباً بمراعاة أن يتم التصويت لمن أضافوا للعلوم الاجتماعية وإلي قيم الحرية والعدالة بمصر، وحدثت همهمة بين الأعضاء حول اسمين، الأول هو وزير الأوقاف السابق د. محمد علي محجوب، والثاني د. رمزي الشاعر، فقد تقدما علي كل المرشحين، لكن دون تحقيق الفوز في المراحل الأولي، وإذا بأحد الأعضاء يقول بصوت واضح عن د. المحجوب: لقد هاتفني ست مرات، وفتحت هذه العبارة الباب لنقاش حول الإلحاح والضغوط المعنوية التي يتعرض لها الأعضاء، وبسبب فوز د. المحجوب ود. رمزي الشاعر، خرج أحد الأعضاء من القاعة مغاضبا زملائه، وفكر جدياً في الاستقالة من المجلس، لولا أنه استمع إلي رأي بعضهم بأنه لو استقال، فإن الجوائز سوف تذهب جميعاً إلي الوزراء السابقين أوترزية القوانين أو..!!
ظهر في اجتماع المجلس اتجاه لتغليب المشاعر الإنسانية علي القانون وروحه، ففي التصويت علي جائزة الدولة التقديرية للفنون، لم يفز د. فاروق إبراهيم.
وقال وزير الثقافة فاروق حسني في كلمة عابرة، لقد توفي صباح هذا اليوم، وهنا صاح أحد الأعضاء، مطالباً بإعادة التصويت مرة ثانية لأنها الفرصة الأخيرة أمام اسم د. فاروق إبراهيم، وساند هذا المطلب عدد آخر، بدعوي «لم نكن نعرف أنه مات» ونحن ندرك جيدا الضعف الإنساني أمام الموت، لكن الوزير أصر علي عدم خرق القانون، فالتصويت علي الجائزة انتهي والفائز تم تحديده ومعني إعادة التصويت سحب اسم الفائز واستبداله باسم جديد.
تكرر هذا المشهد بشكل آخر عندما أعلن فوز د. محسن زهران بالتقديرية في الفنون، فقد طالب د. فاروق الرشيدي ومعه بعض الأعضاء بمنح التفوق في الفنون لمحمد السيد عيد، وكان عيد قد حصل هو وزهران في التفوق علي 27 صوتاً، مما أدي إلي حجبها، ورأي مناصرو عيد أن ينالها، ولم يوافق أحد علي ذلك الاقتراح، كان ترشيح عيد لجائزة التفوق في الفنون والآداب قد أثار استنكار بعض الأعضاء باعتبار أنه كاتب وليس فناناً، ولكن وزير الثقافة أوضح أن كتاب السيناريو يدخلون في مجال الفنون.
جوهر المشهد.. تكرر في الأزمة المتفجرة الآن حول جائزة الدولة التشجيعية في الرواية، فقد قررت لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة منح الجائزة للقاص طارق إمام عن روايته البديعة «هدوء القتلة»، وفور إعلان الفوز، تساءل عدد من الصحفيين في المؤتمر الصحفي: هل يجوز منح الجائزة لعمل سبق أن فاز بجائزة في مسابقة أخري؟ والإجابة القانونية بالنفي، فلا يسمح قانون الجائزة التشجيعية بذلك، وقد تبين أن طارق تقدم بروايته إلي جائزة ساويرس الأدبية للشباب، وفاز بالموقع الثاني فيها، وأعلن ذلك في حفل كبيرا بدار الأوبرا المصرية في يناير 2010، وهنا ظهر رأي بعدم منحه الجائزة، خاصة أن المستشار القانوني للمجلس الأعلي للثقافة أفاد بعدم أحقية طارق في الجائزة.. احتج طارق بأن لجنة القصة أدخلت في العام الماضي، رواية مكاوي سعيد «تغريدة البجعة»، رغم أنه كان قد تقدم بها لجائزة البوكر، وكان الرد من داخل المجلس أنه حتي لو أخطأت لجنة القصة في العام الماضي، وهي أخطأت بالفعل، في إدخال رواية مكاوي، فلا يجب أن تكون تلك قاعدة، فضلاً عن أن القانون يحمي الجائزة من الطعن عليها بعد مرور ستين يوماً علي منحها، ومن ثم لا يمكن قانونا سحب جائزة مكاوي، الذي لم يتقدم إليها.. طارق تقدم بالتماس إلي أمين عام المجلس الأعلي للثقافة في اليوم التالي مباشرة جاء فيه أنه لم يكن قد تقدم لجائزة ساويرس حين تقدم للتشجيعية، وهناك توقيعات من بعض الكتاب والمثقفين لصالح فوز طارق، وفي الطرف الآخر اعتبر بعض الكتاب ذلك ضغطاً علي وزير الثقافة قبل أن يتخذ قراراً، وهدد بعض الذين تقدموا للجائزة ولم ينالوها باللجوء إلي القضاء ضد مقرر لجنة القصة وضد المجلس الأعلي إذا منح طارق الجائزة، ويشجعهم علي ذلك أن عدداً من أعضاء لجنة القصة أعلنوا أنهم نبهوا مقرر لجنة القصة الروائي الكبير خيري شلبي مبكراً إلي أن طارق فاز بجائزة ساويرس، وطال خيري شلبي رذاذ كثير من الهجوم بعد أن عرف أن صوته كان المرجح لفوز طارق في اجتماع لجنة القصة.
نحن إزاء مشكلة تتعلق بالإجراءات والوصول إلي حل واضح فيها سهل، ذلك أن تاريخ تقدم طارق للجائزة يمكن الوصول إليه وتاريخ تقدمه لجائزة ساويرس كذلك يمكن الوصول إليه، ونصوص القانون واضحة، لكن المشكلة أن أحداً لا يريد أن ينتظر كلمة القانون، وسارع كل فريق إلي تحركاته في الضغط علي المجلس الأعلي.
مشكلة هذه الجائزة ولجنة القصة تجدد ما أثاره صلاح عيسي في اجتماع المجلس الأعلي من أنه لا يليق بأعضاء المجلس أن يصادقوا علي جوائز الدولة التشجيعية، دون دراستها، فإما أن يدرسها أعضاء المجلس ويقرروا فيها أو تترك كاملة للجان المجلس المشكلة أن دراستها فيه ضغط زائد علي أعضاء المجلس، وتركها للجان المجلس أمر غير محبذ، مع اتهام متزايد من بعض المتابعين إلي عدد من اللجان بالكسل أو التعسف مع الأجيال الجديدة، فالقانون يمنح اللجان إدخال أعمال لم يتقدم بها أصحابها، لكن اللجان كسلا لا تعمل هذا الحق وتتوسع في الحجب خاصة في التخصصات ذات الطابع الأكاديمي، في بعض مجالات الفنون والقانون والاقتصاد، وقد شكا عدد من الباحثين الشبان من أن بعض مقرري اللجان يقصرون الفوز بالتشجيعية علي تلاميذهم ومريديهم من الدارسين، فإذا جاء باحث من خارج تلك الدائرة يتم رفض عمله، أما إذا قدم رأياً جديداً مغايراً أو مناقضاً لرأي مقرر اللجنة وأعضائها، فلن يتمكن من الفوز، وربما يفسر ذلك إحجام عدد من الباحثين الشبان عن التقدم بكتبهم وأعمالهم إلي جائزة الدولة التشجيعية، وشكا بعض الباحثين من أن تخصصات بعينها لا يتم إدراجها ضمن الجوائز التشجيعية، لجنة الفنون مثلاً تتجاهل فن الباليه والدراسات النقدية حوله، فمنذ سنوات بعيدة لم يتم إدراجه في الجوائز.
الجوائز كلها «كوم» وجائزة التفوق «كوم»... هي تستغرق في التصويت عليها وقتاً يتجاوز كل الجوائز، فهي جائزة غريبة الوضع والشكل، كان الهدف منها أن تصبح جائزة وسطي بين التشجيعية والتقديرية، ينالها من حالت قدراته العلمية والأدبية دون الوصول إلي التقديرية، أو مازال في الطريق إليها، ولكنها لم تصبح كذلك فقد صارت ملجأ لمطاريد التقديرية، أي الذين يرون أنهم يستحقون التقديرية لكن لم يجدوا جهة ترشحهم، وهي كذلك محطة لبعض المغامرين الذين لم يتحققوا بشكل كامل في مجالتهم، وهي مفتوحة لترشيح الهيئات والجهات مفتوحة كذلك كي يتقدم الأفراد إليها بأعمالهم، وهذا العام، كما هو كل سنة نجد من يتم ترشيحه للتقديرية وللتفوق، لكن الجديد هذا العام هو تقدم أحدهم بعمل إلي التشجيعية ثم التقدم إلي التفوق.. ولأن من يتقدم للتفوق يقدم نفسه كما يحلو له، نقرأ بعض الطرائف دون أحدهم قائمة بعناوين عدد من التحقيقات التي أخذ رأياً فيها بعدد من الصحف، ومعظمها صحف تصدر بالمحافظات.
كتب أحدهم أنه حين صار والدا اكتشف مدي الألم الذي سببه لوالده وهو شاب!، وكتب أنه أدي فريضة الحج بدعوة من الأمير فيصل بن فهد، وكتب أحد المتقدمين أنه يعد سيرته الذاتية في مسلسل تليفزيوني وأن هذا المسلسل سوف يتعرض لعدد من الفنانات والفنانين والمنتجين، وأنه يتوقع بمجرد عرض المسلسل، الذي لم ينته من كتابته بعد، وليست هناك جهة لإنتاجه ولا.. ولا أن ترفع عليه عشرات الدعاوي القضائية ولكنه «بطل لا يهاب» وهكذا وهكذا، كلام إنشائي، به أوهام ومبالغات، وإلا كيف نفهم أن يكتب أحدهم عن نفسه أن مواهبه بدت بمجرد ولادته!!، مما دعا أمين عام المجلس د. عماد أبوغازي إلي المطالبة بألا تتجاوز صفحات من يقدم نفسه عن عشر صفحات، الآن تصل إلي 30 صفحة، ولكن الكاتب الكبير أنيس منصور طالب بألا تزيد الكلمات عن 400 كلمة في ال CV.
عمر جوائز الدولة 52 عاماً، فقد تأسست سنة 1958، ودار الزمان دورته، وبات من الضروري إعادة النظر في التشريعات والقواعد التي تحكم هذه الجوائز لحمايته من فوضي الترشيحات والتصويت تحت ضغط الإلحاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.