القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    واشنطن بوست: أوروبا تسعى جاهدة للبقاء على وفاق بينما تُقرر أمريكا وروسيا مصير أوكرانيا    تصاعد التوتر بين واشنطن وبيونغ يانغ وسط المناورات المشتركة    كاشفا المتسبب في الأزمة، هاني أبو ريدة يبرئ حسام حسن من إهانة مصطفى محمد    هل يُسحب لقب دوري الأبطال من بيراميدز بسبب رمضان صبحي.. خبير لوائح يوضح    قمة نارية بالرباط.. الأهلي يصطدم بالجيش الملكي اليوم في ربع نهائي دوري الأبطال    أشرف زكي: النقابة فقيرة ماليًا وغنية بالقيمة.. رسالتنا حل مشاكل الفنانين    في ختام الدورة 18 لملتقى الاقصر الدولي للتصوير| الأقصر.. «متحف مفتوح» يُلهم العالم    ستيف بركات يقدم جولة "Néoréalité" العالمية على مسرح دار الأوبرا المصرية    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    معهد باستور الفرنسي يحذر من جائحة خطرة تهدد العالم أسوأ من كورونا    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    جمعهما الحب والعلم.. زوجان يحصلان على الماجستير فى نفس اليوم ب«إعلام قنا»    هاني أبو ريدة: لا توجد علاقة بين جهاز حسام حسن وطولان.. ولن أعيد تجربة هؤلاء المدربون    الدوري الأوروبي - أستون فيلا يقتحم منطقة الصدارة.. والمغربي يقود روما للفوز    لحظة مقتل شابين فلسطينيين على يد جنود الاحتلال في الضفة رغم استسلامهما (فيديو)    رد المستشار الألماني على الخارجية الأمريكية بشأن الهجرة    مادورو: مناورات عسكرية شاملة في فنزويلا.. والتهديدات الموجهة لنا بلا أساس    متحدث مجلس الوزراء: مدارس التكنولوجيا التطبيقية تركز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية    بين الإبهار الصيني والمشهد الساخر الإيراني... إلى أين تتجه صناعة الروبوتات مؤخرًا؟    رام الله.. إسرائيل تفرج عن طفل أمريكي بعد 9 أشهر من اعتقاله    باختصار..أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ذعر فى شوارع إسرائيل بعد بث شاشات محطات حافلات صوت أبو عبيدة.. بابا الفاتيكان يحذّر من حرب عالمية ثالثة.. وماكرون يفتح باب التجنيد الطوعى للشباب    السنغال تؤكد استقبال الرئيس المنتهية ولايته لغينيا بيساو بعد أيام من الاضطرابات    شعبة السيارات: نقل المعارض خارج الكتل السكنية يهدد الصناعة ويرفع الأسعار مجددًا    وصول هالة صدقى للمشاركة فى مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    أسباب البرود العاطفي عند الزوجة وكيفية علاجه بحلول واقعية    مرشح لرئاسة برشلونة يوضح موقفه من صفقة ضم هاري كيم    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    أخبار كفر الشيخ اليوم.. ضبط 10 آلاف لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء    مديرة مدرسة تتهم والدة طالب بالاعتداء عليها فى مدينة 6 أكتوبر    وزارة الصحة توجه تحذير من حقننة البرد السحرية    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    قفلوا عليها.. سقوط طفلة من الطابق الثاني في مدرسه بالمحلة    هل الصلاة في مساجد تضم أضرحة جائزة أم لا؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    بالأسماء.. إصابة 7 طلاب فى حادث تصادم سيارتين بأسوان    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمص سرجيوس خطيب الجامع الأزهر فى ثورة 19
تميز بروح الدعابة والفكاهة وانعكس ذلك على خطابه الجماهيرى
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 05 - 2012

يبرز اسم القمص سرجيوس (1883- 1964م) كواحد من بين أشهر كهنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى القرن العشرين. لاسيما وأنه كان مهتما بقضية الإصلاح الكنسى، إلى جانب اهتمامه بالكثير من شئون العمل العام، وفى مقدمة تلك القضايا التى اهتم بها قضية الوحدة الوطنية بين المصريين على مختلف انتماءاتهم الدينية، حيث آمن بتلك الوحدة وضرورة تدعيمها.

ولعله ليس من باب المبالغة، وحسب عدد من المؤرخين، أنه كثيرا ما يتم استدعاء شخصية القمص سرجيوس، كرمز تاريخى، وذلك كلما وقعت أزمة فى العلاقة بين أبناء الوطن، ليبرهن على معانى الوحدة والاتحاد بين جموع المصريين.

عمل القمص سرجيوس وكيلا للمطرانية القبطية فى السودان (1912- 1915م)، وهناك لعب دورا مهما مع عدد من العلماء المصريين المسلمين فى عودة روح التآخى والوئام بين المسلمين والمسيحيين فى السودان، حتى استطاعوا أن يعبروا أزمة اغتيال بطرس باشا غالى رئيس الوزراء (1908 1910م) والذى كان قد اُغتيل سنة 1910م، وما تلا ذلك من تأزم العلاقات بين المواطنين المسلمين والمواطنين المسيحيين من أهل مصر وانعقاد المؤتمر القبطى بأسيوط والمؤتمر المصرى (الإسلامى) بضاحية مصر الجديدة سنة 1911م.

ويُذكر أنه أصدر فى السودان مجلة سماها (المنارة المرقسية) بث من خلالها أفكاره وآراءه وجعلها لسانا لحاله، مُعلنا أن الهدف من وراء إصدار هذه المجلة هو «انتقاد أمورنا الداخلية وتقويم الاعوجاج الذى تأصل فينا كأمة وككنيسة».

وقد تضمنت مجلته مقالات ثورية أزعجت البابا آنذاك، الذى قدم سرجيوس إلى محاكمة كنسية أمام مجلس إكليريكى بالقاهرة، وكان من التهم التى وُجهت إليه «إصداره مجلة تدعى المنارة المرقسية، واستعمالها ليس للتعليم والإرشاد ونشر العقائد الأرثوذكسية بل بالعكس جعل دأبه الطعن والتحقير بعبارات شائنة»، أيضا «تشهيره بحضرات الآباء المطارنة والأساقفة والرهبان، وباقى رجال الإكليروس فى المجلة، وفى خطبه ومواعظه». إلا أنه تم تدارك الأمر وعاد القس سرجيوس مرة ثانية إلى السودان، حيث سانده بعض رجال الدين وبعض المدنيين أيضا، ولكنه سرعان ما غادر الخرطوم راجعا إلى مصر فى عام 1915م، تنفيذا لأوامر السلطات البريطانية التى أزعجها نشاطه وبالأخص عقب اندلاع الحرب العالمية الأولى، وتوقفت مجلته عن الصدور، ولم يقدر لها الظهور ثانية إلا فى عام 1928م.

ولما قامت ثورة سنة 1919م، تطالب إنجلترا، بالخروج من مصر ليحصل المصريون على الاستقلال التام، وكان شعارها عاش الهلال مع الصليب، شارك فيها القمص سرجيوس، بل وعُرف بأنه خطيب الثورة، فقد اعتلى منبر الجامع الأزهر خطيبا من أجل استقلال مصر وتحقيق الجلاء مؤكدا وحدة المصريين.. مسيحيين ومسلمين. وهنا يذكر (قاموس التراجم القبطية) أن القمص سرجيوس توجه «إلى الجامع الأزهر حيث لقيه شيوخ الأزهر بالترحاب وأخذ يلقى خطبا وطنية تحض على الوحدة الوطنية تأييدا لسعد زغلول وثورة 1919 واستقلال مصر واستمر على ذلك مدة 59 يوما متتالية. كما ألقى عددا آخر من الخطب الحماسية فى جامع ابن طولون والكنيسة القبطية فى الفجالة مما دفع السلطات الإنجليزية إلى نفيه إلى رفح فى سيناء». لاسيما وأنه واجه ادعاءات الإنجليز الخاصة بحماية المواطنين الأقباط.

ومن جهته يشير الدكتور محمد عفيفى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة فى كتابه (الدين والسياسة فى مصر المعاصرة: القمص سرجيوس، دار الشروق، 2001م) إلى أن القمص سرجيوس قد تميز بروح الدعابة والفكاهة وانعكس ذلك على خطابه الجماهيرى، حيث أدرك سرجيوس بذكاء مدى ولع الجماهير المصرية بهذا الأسلوب، وهو الأسلوب الذى استخدمه الكثير من الزعماء فى مخاطبة الشعب المصرى، ومن ذلك أنه فى إحدى المرات وقف القمص سرجيوس على رأس مظاهرة كبرى فى ميدان الأوبرا، حيث طلبت منه الجماهير الحديث، لكن القمص سرجيوس فاجأ الجميع بهتاف غريب إذ هتف قائلا: «يحيا الإنجليز» وأحدث هذا الهتاف صدمة شديدة فى صفوف الجماهير، وزاد سرجيوس من حيرة الجماهير عندما أصر على ألا يبدأ حديثه، إلا بعد أن تهتف الجماهير معه «يحيا الإنجليز»، وبطبيعة الحال فإن هذا الهتاف لا يتفق مع المناخ السائد أثناء الثورة، وبرغم دهشة الجماهير فقد أصر سرجيوس على ذلك، ولم تجد الجماهير الواقفة بدا من الهتاف: «يحيا الإنجليز»، وهنا بدأ القمص سرجيوس حديثه قائلا: «نعم يحيا الإنجليز، لأنهم استطاعوا بظلمهم واستبدادهم وفجاجتهم أن يجعلوا منا هذه الكتلة الموحدة المقدسة الملتهبة»، وهنا غرقت الجماهير فى عاصفة من الضحك، وهتف الجميع بحياة سعد زغلول والوطن مصر.

يقول الدكتور محمد عفيفى أن القمص سرجيوس أصبح «ظاهرة مهمة فى تاريخنا المعاصر، وأصبح استدعاء الدور التاريخى لسرجيوس عاملا من أهم عوامل مواجهة الفتنة الطائفية، فضلا عن إبراز مدى أهمية التاريخ فى عودة الروح للوطن من جديد».

فى سنة 1928م عاود القمص سرجيوس إصدار مجلته (المنارة المرقسية)، مجلة أسبوعية بمدينة القاهرة، وقد غير اسمها إلى (المنارة المصرية) منذ عام 1935م. وكان لهذه المجلة شأن واضح إذ يُعدها بعض الباحثين واحدة من أهم الصحف التى أصدرها أحد الأقباط خلال النصف الأول من القرن العشرين, إلى جانب جريدتى (الوطن) و(مصر)، فقد جمعت أحيانا بين الدين والسياسة، ومثّلت اتجاها ثوريا إصلاحيا واهتمت بمشكلات الأقباط والعلاقة بين الأقباط والمسلمين فى جرأة وصراحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.