يتناول الكاتب الجزائري جمال حمود في كتاب له عنوانه "المنعطف اللغوي في الفلسفة المعاصرة .. برتراند راسل نموذجا" ما يصفه بأنه اتجاه أضحى حركة فلسفية قوية ظهرت في القرن العشرين. وقد جاء الكتاب في 320 صفحة متوسطة القطع، وصدر عن منشورات الاختلاف في الجزائر وعن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت.
ورد الكتاب في خمسة فصول واشتمل كل منها على عدد من العناوين الفرعية. كان عنوان الفصل الأول "مكانة اللغة في فلسفة التحليل المعاصرة" وعنوان الثاني هو منهج التحليل عند راسل، مفهومه، أدواته ومميزاته". أما عنوان الفصل الثالث فكان "التحليل الفلسفي للغة عند راسل في 1903".
عنوان الفصل الرابع كان عن نظرة الفيلسوف البريطاني المعاصر إلى اللغة وجاء كما يلي "التحليل المنطقي للغة عند راسل". الفصل الخامس حمل عنوان "المعرفة والدلالة في اللغة الكاملة منطقيا عند راسل".
وجاء عن "المنعطف اللغوي" في المقدمة القول "المنعطف اللغوي حركة فلسفية قوية ومؤثرة ظهرت في القرن العشرين. ولعل السمة الأبرز في تلك الحركة هي النظر الى اللغة على انها موضوع الفلسفة المفضل. وفي هذا الصدد فقد ادرك راسل ان دراسة الفكر مهما كانت لابد ان تمر بدراسة اللغة باعتبارها رداء الفكر.
"كما أدرك تأثير اللغة على الفلسفة سواء بمفرداتها أو بتراكيبها ونبه إلى مخاطر استعمال اللغة في مجال الفلسفة والعلم."
وتحدث عن بعض الصعوبات الهامة والخطيرة التي اعترضت سبل التأسيس المنطقي للعلم الرياضي وكان على رأس هذه الصعوبات تلك التي تتحدث عن رد "العدد" الى مفهوم "الفئة".
وقد لاحظ راسل "ان الفئة تكون احيانا عضوا لذاتها واحيانا اخرى لا تكون" والدليل على ذلك كما يقول هو ان "فئة الرسائل الجامعية -مثلا- ليست رسالة جامعية اخرى تضاف الى سائر الرسائل ولكن فئة الاشياء التي ليست رسائل جامعية هي شيء من الاشياء التي ليست رسائل جامعية. وهكذا نجد ان الفئة تكون عضوا ولا تكون عضوا لذاتها وفي هذا تناقض واضح."
وقد ارتبط المنعطف اللغوي عنده في منهجه ومفاهيمه الدلالية والمنطقية بمشروعه في بناء لغة "الفلسفة العلمية".
وأضاف أن أهمية المنعطف اللغوي عند راسل ترتبط "بأهمية ومكانة هذا اللأخير في الفلسفة المعاصرة، فقد كان عالم رياضيات ومنطق وفيلسوفا عاش قرابة القرن وقضى حوالى ثمانين عاما يكتب في مجالات الفكر المختلفة من رياضيات ومنطق وفلسفة وأخلاق وسياسة وغيرها فاستحق هذا لقب "فيلسوف القرن العشرين".
وخلص الكاتب في الخاتمة الى نتائج منها "ان فلسفة التحليل مبحث جديد في الفلسفة لم تتضح معالمه الا في القرن العشرين وقد نتجت عن اهتمام الفلاسفة والمناطقة بمسائل اللغة والمشكلات التي تثيرها في الفلسفة والمنطق.
"وقد ارتبط بحث راسل في مسائل اللغة باكتشافه في الاعوام الاولى من هذا القرن لبعض الصعوبات التي أعاقت تأسيس لغة الرياضيات وإليه يرجع فضل بيان أن تلك الصعوبات لا ترجع إلى أخطاء في الاستدلال، وإنما ترجع الى غموض في اللغة، مما جعل اللغة تصبح جزءا أساسيا في العمل الذي يقوم به المنطقي والرياضي.
"لقد رأى راسل أن استبعاد تلك الصعوبات لا يتم الا عن طريق لغة دقيقة هي التي يوفرها المنطق الحديث الذي يمدنا بأدوات فعالة يمكن استخدامها بفائدة كبيرة في توضيح لغة الرياضيات.
"وكان للنتائج الهامة التي نتجت عن استخدام المنطق الحديث في تأسيس لغة الرياضيات اثر واضح في محاولة راسل استخدامه في تأسيس لغة للفلسفة تتجاوز غموض اللغة العادية وتحقق الوضوح في الفكر كما تحقق للفلسفة علميتها وتميزها عن العلوم الطبيعية".
ويطرح المؤلف أسئلة فيقول "لكن تبقى هناك أسئلة لم نجد لها اجابات في فلسفة التحليل عند راسل منها: هل كل عمل الفلسفة هو تحليل اللغة؟ وهل فعلا يمكن بناء لغة كاملة منطقيا؟ وما الجدوى من هذه اللغة اذا كانت لا تصلح للتواصل مع الاخرين؟ وهل المنطق هو كل الحياة في الانسانية؟".