لماذا الانانية؟ الى متى سيظل الفلاح اخر ما تفكر فيه حكوماتنا؟ استهل هذا الموضوع بتساؤلات كثيرة لاتنتهي عن دور الحكومات السابقة في تهميش وضياع حق الفلاح على الرغم من اننا دولة زراعية الى حد كبير ولا نجيد الى الان غير ما يقوم به الفلاح. الفلاح الذي يعاني الكثير ولا يلتفت له ولمطالبة الكثير. يكد الفلاح بامانه في زراعته ولا يجني الا الفتات الذي بالكاد يكفي ويسد حاجاته . طوال العام يظل الفلاح في الطين ينتظر بفارغ الصبر ما سيجنيه في نهاية الموسم ولا يحزنني اكثر من قول الكثير من المدنيين بان االفلاح هو الاكثر حظا ويحسدونه على قوت يومه بانه يحصل على كل شئ من غيطه. هل وصل بنا الامر الى هذا الحد. فلننظر الى الظروف المعيشية في حياة الفلاح البسيط: يزرع الفلاح نوعان او ثلاثة على الاكثر من المحاصيل الزراعية في العام ويعاني الامرين حتى يجني ثمار محصوله. فلم تعد الحياة بالسهولة التي يتخيلها الكثيرون، فبعد ان كان الري يعتمد على الدابة وتتوفر المياه بكثرة تبدل الحال ولم يعد هناك مياه واجبر على دق مواسير المياه الارتوازية مما يعني شرائه للسولار"الجاز" وطلمبات المياه. ولك انن ان تتخيل هذه التكلفة. على جانب اخر زادت الاعباء بزيادة قيمة المخصبات الصناعية والاسمدة الكيماوية والتي ظلت في ارتفاع بغيض لا يتحمله اي احد. فبعد هذا كله- كيف يعيش الفلاح ويكفي حاجة اسرته!؟. انها معادلة صعبة جدا، فبعد انتظاره لنصف العام لكي يجني ثمار تعبه ويغطي تكلفة ما انفقه؛ تجد ان سعر المحصول زهيدا ولكنه لم يتذمر ابدا او يقم بتظاهرات واعتصامات وانما يكمل حياته بتفاؤل وتفاني لعل الله يعوضه في المحصول التالي. ويهذا الدخل الزهيد لك ان تتخيل حياة اسرة الفلاح التي لا دخل لعائلها سوى الزراعة والتي قد يكون اطفالها في مراحل تعليميه مختلفة ومنها الثانوية العامة والتي تعد العبء الاكبر لكافة الاسر فمن اين سيوفر لابنائه اثمان الدروس الخصوصية. وكيف لنا ان نقضي على الامية؟؟ واذا مرض احد افراد هذه الاسرة البسيطة – كيف يوفر لهم عائلهم اسعار الادوية ناهيك عن اسعار الاطباء هذه الايام. ناهيك عن بيت الفلاح الطيني البسيط الذي يغطى سقفه بالحطب وجذوع النخيل والتي لاتحميه واسرته برد وامطار الشتاء. وتجد مياه الامطار تتناثر من جميع اركانه. ولا يغيظني اكثر من ان كلمة فلاح اصبحت مسبة يستخدمها الاميون الذين يظنون انهم متحضرون فبدلا من تقدير الفلاح والاخذ بيده نجدهم ينعتون من لا يواكب اذواقهم بأنه فلاح وكأن الفلاح من كوكب اخر وشخص غير هادف ويقوم باكبر واهم دور في الحياة وهي توفير اقواتنا. من ناحية اخرى، يهتف الجميع بان هناك تعديات على الاراضي الزراعية ببناء الفلاح بيتا له او لابنه. ضاربين عرض الحائط بقيم وعادات القرى المصرية. هل يريدون قلع الفلاح من جذوره وانتمائه لقريته وارضه وهل نسينا ان الارض زي العرض. اين يقطن الفلاح ان لم يكن بجوار اهله وزويه؟ ومن سيزرع ارضه؟ وهل نضيف الى اعبائه تحمل تكلفة المواصلات لكي يصل الى ارضه من المدينة التي سيؤجر فيها منزلا لانه و بالتاكيد لن يملك المال لشراء منزلا. وفي بادئ الامر لابد وان نقتنع من داخلنا بان الفلاح يرتبط ارتباطا عاطفيا بارضه وزراعته ولم يكل ولن يكل ابدا مهما عانى او كثرت عليه الاعباء. ويجب علينا حين نسن القوانين"السكاكين" ان نأخذ في الاعتبار كافة الجوانب والا نكون انانيين في حساباتنا ونفكر في قوتنا الذي يقدمه لنا الفلاح على طبق من فضة غير مراعين معاناته وضيق حاله. وفي النهاية: عزيزي الفلاح ، انت فوق رؤوسنا جميعا وبارك الله في عملك ولو اتقن وتفانى كل عامل كل في مجاله عشر ما تقوم به لاصبحت مصر ارقى الدول. ارفع رأسك أنت جمايلك مغطيانا!