م البربرى والخسيس على المتظاهرين والمعتصمين فى ميدان التحرير.. ليس فقط جريمة حرب، لكنها فضيحة مكتملة الأركان، تكشف لنا أى نوعية من البشر كانت سوف تحكمنا لو قدر لسيناريو التوريث أن يتم ويتحقق على أرض الواقع. بالطبع المطلوب بصفة عاجلة أن نحاكم البلطجية الذين نفذوا الهجوم.. ونعرف منهم بوضوح من الذى دفع لهم، ومن الذى أعطاهم الأوامر.. ونظل نكرر الأسئلة عليهم حتى نصل إلى الرءوس المدبرة الكبيرة الذين خططوا ودبروا لهذه الجريمة التى تكاد تحرق كل مصر. إذا صدقنا فرضا أحمد شفيق بأنه لا يعلم من الذى نفذ ذلك، وإذا صدقنا فرضا أن أجهزة الأمن ليس لها دور، وأن «كارنيهات» الشرطة المضبوطة مزورة، وإذا افترضنا أن حسنى مبارك لم يكن يعلم شيئا.. إذا صدقنا كل ذلك فالبديهى أن حكومة السيد أحمد شفيق ينبغى أن تقول لنا بوضوح من الذى دبر هذه الجريمة. أقسم بالله أن بعض المتظاهرين كانوا قد بدأوا يغادرون ميدان التحرير بعد خطاب مبارك اقتناعا بأن الجزء الأكبر من المطالب قد تحقق، ثم انه ليس كل من خرج لتأييد مبارك يوم الأربعاء كان مأجورا.. هناك من فعل ذلك اقتناعا أو خوفا من فوضى محتملة أو من أى شىء. ينبغى أن نقدر حق كل من تظاهر تأييدا لمبارك سلما.. كان يمكن للجيش أو بقايا الشرطة أو أى قوة رسمية أن تتخذ أى إجراء فى إطار القانون وتفض الاعتصام، لكن أن يتم الهجوم عليهم ومحاولة ذبحهم وحرقهم، فتلك هى الكارثة التي لابد ان نعلم من يقف خلفها. كثيرون يميلون إلى تحميل «شلة صغيرة من رجال أعمال فاسدين ومعهم بعض رجال الشرطة والإعلام» المسئولية الرئيسية عن الهجوم على المعتصمين وأدلتهم فى ذلك كثيرة. الدليل الأول: أن نجاح التغيير سيعنى آليا وقف فساد هؤلاء وربما محاكمتهم. الدليل الثانى: أن رجال الأعمال هؤلاء استثمروا كثيرا فى سيناريو التوريث، وبالتالى فإن سقوط هذا السيناريو يعنى أن كل ما دفعوه قد ذهب هباء. الدليل الثالث: أن بعض قيادات الشرطة التى انهارت فى لمح البصر يوم الجمعة الماضى، تريد الانتقام، كما أنها تعلم أن وزير الداخلية الجديد قد يحاكمهم. لأنه يعرفهم جيدا، ويعرف الدور الذى لعبوه ضده فى الماضى. الدليل الرابع: هو جانب كبير من الإعلام الرسمى و»المتطوع» الذى أثبت غباء منقطع النظير، وجعل معظم المشاهدين ينصرفون عنه إلى قنوات الجزيرة والعربية والحرة والبى بى سى وغيرها. الدليل الخامس والدامغ هو أن بصمات هذا التحالف بنفس شخوصه وادواته على مسرح جريمة التحرير، هى نفس البصمات التى تم رفعها بمعرفة كل الشعب من على مسرح تزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة. المجرمون الذين خططوا لجريمة التحرير، ينبغى اعتقالهم فورا، هؤلاء لا يمانعون فى حرق كل الوطن فى سبيل مصالحهم الخاصة.. ترك هؤلاء أحرار يشبه ترك وحوش كاسرة وسط الشارع.. هؤلاء هم الخطر الأكبر ليس على المتظاهرين فقط ولكن على الجيش وعلى عمر سليمان أيضا وكل من يريدون مصلحة هذا الوطن.