اختار الان دو بوزيلاك رئيس شركة الخدمة الفرنسية العالمية للإذاعة والتليفزيون، وهى الشركة التى تضم قنوات فرنسا ال24 التى تبث إرسالها بالفرنسية والانجليزية والعربية، وراديو مونت كارلو، وراديو فرنسا العالمى، وقناة TV5 الدولية، القاهرة لتكون مكانا للاحتفال بزيادة ساعات إرسال قناة 24 الاخبارية باللغة العربية إلى عشر ساعات يوميا. ومن على ضفاف النيل أعلن عن أهمية دخول الإعلام الفرنسى مجال البث التليفزيونى باللغة العربية، وقال إن 300 مليون نسمة من سكان العالم يتحدثون اللغة العربية، وأن 6 ملايين مواطن فى فرنسا من أصول عربية، ومن هنا تأتى الخدمة العربية ضمن أولويات شركته التى ترى فى اقتحام مجالات الإعلام العربى بعدا استراتيجيا. الشروق: سألناه عن تأخر قرار إطلاق قناة فرنسية ناطقة بالعربية؟ الان دو: فأجاب: بعد حرب الخليج أدركت فرنسا أن الإعلام يمكن أن يلعب دورا مهما فى المنطقة، وأن الإعلام الفرنسى يمكن أن يتحدث لغات أخرى غير الفرنسية ليكون أكثر تأثيرا فى المناطق التى يخاطبها، ومنطقة الشرق الأوسط تعتبر من المناطق المهمة جدا بالنسبة لفرنسا. وعلى قدر الإمكان نحاول نقل النظرة الفرنسية للأمور، والسعى لتلاشى الصدام بين الإسلام والغرب باعتبارها من القضايا التى أصبحت مثارة وبقوة فى الفترة الأخيرة، ونحن منذ عام 2006 ندرس مشروع قناة ناطقة بالعربية، وقد بدأنا فى أول أبريل بإطلاق البث بالعربية لمدة أربع ساعات وها نحن فى نفس الشهر نمد البث إلى عشر ساعات. الشروق: اختيار موعد البث فى ظل الأزمة المالية العالمية ألا تراه سيرا فى عكس الاتجاة مع قنوات تخفض إنتاجها؟ الان دو: لدينا دراسات اقتصادية دقيقة تشير إلى إمكانية زيادة تحقيق دخل من خلال وسائل متعددة مثل النواقل الجديدة على أجهزة المحمول والانترنت إضافة إلى الإعلان المباشر كمصدر للدخل، وأحب أن أشير هنا إلى أن الميزانيات المرصودة للقناة حاليا تغطى من 3 إلى 5% فقط من إنتاج البرامج التى كانت تذاع على مدار أربعة ساعات للبث، وسنقفز بالميزانيات إلى مابين 20 و30% مع زيادة ساعات البث وسيكون التمويل من خلال الإعلانات. الشروق: وما هى الجهات التى تمول القناة بشكل أساسى؟ الان دو: نحن مؤسسة مستقلة ولكنها تمول من خلال الحكومة الفرنسية، ونرصد ميزانية 20 مليون يورو فى العام على البث العربى لقناة فرنسا 24 ونتوقع عائدا قدرة 50 مليون يورو، ومن هنا أقول إن القناة لها عائدات اقتصادية إلى جانب دورها الاستراتيجى. الشروق: هناك تجارب سابقة لقنوات ناطقة بالعربية لم تحقق نتائج مرضية، فكيف تجنب فرنسا 24 إخفاقات القنوات الأخرى؟ الان دو: كما قلت لدينا دراسات دقيقة تؤكد أن نسبة المشاهدة لقناة فرنسا 24 فى المغرب تصل إلى 80% وفى تونس والجزائر 73%، بينما تصل نسبة المشاهدة فى مصر إلى 30%، ورغم أن النسبة تعد قليلة بمصر إلا أن الدراسات تؤكد أن 10% تتابع القناة بانتظام، وهذه مؤشرات مرضية، وفى اعتقادى أن سبب فشل قنوات مثل البى بى سى والحرة وغيرها فى الوصول إلى الناس بالمنطقة العربية هو أن تلك القنوات لم تنفصل عن سياسة الدول التابعة لها. الشروق: وهل تستطيع فرنسا 24 تحقيق هذه المعادلة فى ظل تمويلها من الحكومة الفرنسية؟ الان دو: الرئيس ساركوزى هو الذى اختارنى لرئاسة الشركة، وكان اختياره لى بناء على النجاح الذى حققته شركة السمعيات والمرئيات التى كنت أشغل فيها منصب الرئيس. وهى واحدة من أكبر خمس شركات فى العالم بهذا المجال، ومن هنا فإن الاختيار كان على أساس مهنى وليس لأسباب سياسية، وعملنا بقناة 24 ليس له أى صلة بالحكومة، ولا يوجد أى شخص يمكنه أن يقول لنا قولوا كذا ولا تقولوا كذا. الشروق: أى القنوات الموجودة فى المنطقة العربية تراها منافس قوى؟ الان دو: الجزيرة هى أكثر القنوات الإخبارية الناطقة بالعربية انتشارا، وتحظى باهتمام المشاهد العربى وهى تمثل وجهة نظر عربية، وإلى جانب الجزيرة يذهب المشاهد للحصول على وجة النظر الأخرى من البى بى سى، ونحن ندخل فى المعادلة بتقديم خدمة لمن يريد وجهة نظر مختلفة. الشروق: وماهى العناصر التى تراهن عليها القناة للوصول للمشاهد؟ الان دو: نحن نراهن على عنصر الاختلاف وأننا سنقدم النظرة الفرنسية فى القضايا المطروحة على الساحة، لأننا فى فرنسا نؤمن بالتعددية الثقافية، وهناك رؤية تتقبل اختلاف الثقافات. وهذا يجعل لقناة فرنسا 24 مذاقا خاصا، ولدينا فريق من الشباب العربى الذى عاش فى فرنسا وامتلكوا المقدرة على إيجاد صياغة تناسب المجتمعات العربية والفرنسية فى آن واحد، وإلى جانب نشرات الأخبار التى تعتمد على شبكة مراسلى راديو مونت كارلو حول العالم والمدربة بشكل رائع على تقصى الأخبار بمنتهى الدقة والحرفية، وهناك مساحات للرأى عبر البرامج الحوارية، وكما قلت إننا نتقبل كل الآراء. الشروق: هل ستنفتح فرنسا 24 أمام نقل صورة واضحة عن وجهة النظر العربية للعالم؟ الان دو: بالتأكيد سيكون هناك ترجمات للحوارات والبرامج المهمة وإذاعتها على القناتين الفرنسية والانجليزية، وأود الإشارة هنا إلى أن حوار الإعلام العربى كان من جانب واحد لفترة طويلة، وآن الآوان لأن يكون هناك حوار كبديل للصدام المحتمل بين الشرق والغرب.